عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

غادة حامد تكتب : حارب تخاريف الكتابة

غادة حامد تكتب : حارب تخاريف الكتابة
غادة حامد تكتب : حارب تخاريف الكتابة


 إن ميلاد الأحرف علي الورق لا  يعني على الإطلاق أن مخلوقا جميلا قد ولد، و لا أن عبقرية فذة وضعته.  إن ميلاد الاحرف علي الورق، هي عملية ولادة  يحدث مثلها الاف المرات كل يوم. وليس بالضرورة أن يولد  في كل مرة مولود  يشبه الأطفال المرسومين علي علب الحليب، بل يولد الاف المواليد العادية، الذين تري مثلهم كل يوم دون أن تميز ملامحهم، ويولد العديد من المواليد المزعجين الذين قد تتمنى للحظات أن يختفوا من أمامك ، ويولد نسبة من المواليد المشوهة أيضا الذين لا تستطيع تمييز ملامحهم. وكذا يكون الحال في كل ما يضعه الأفراد علي الورق  في الكتابات التي  نقرأها على صفحات المجلات و الجرائد ، وفي الإعلام الجديد.




فإذا أخذت تتعمق في أصل فكرة الكتابة ، تجد أنها اخراج لأفكار أو لتخاريف الكاتب علي الورق , هي أفكار تدور برأس كاتبها ، فيذهل الاخرون من إبداعها ، أو أفكار يراها الاخرون إنها مجرد تخاريف! الكتابة هي حالة تنتاب الكاتب و تتملكه لا يستطيع كبتها ولا يستطيع الشفاء منها إلا عندما يضعها علي الورق  فالأديب أو الكاتب حينما يمسك بالقلم ، تكون لديه فكرة استوحاها نتيجة رؤية أو أو معلومة  أو تأمل أو حالة ما يعيشها، و تتكاثر الكلمات منه علي الورق بشكل قد لا يمكنه السيطرة عليه إلا مع نهاية الحالة التي انتابته   ولكن  .. ليس كل معاناة في الولادة تنتج مواليدا عبقرية او سليمة. 


 و إذا نظرت للكتابة من هذه الزاوية، فعليك  يا عزيزي أن تعيد التفكير في مدى جدوى سعيك وراء أي مولود  يرى النور  و الانبهار بكل ما ينشر.  عليك أن تفكر جيدا "ماذا أقرأ" و "لماذا أقرأ"  و "ماقيمة ما أقرأ؟" " هل أقرأ ابداعا و أدبا راقيا؟ " "هل أقرأ حقائقا موثقة؟" " هل أقرأ رأيا مبنيا على دراسة و فهم ؟"  أم "أقرأ أدبا مبتذلا ينحط بذوقي؟ " أم "أقرأ حقائقا مخلوطة بآراء فلا أميز فيها الحقيقة من الرأي كتبت لتجرفني في اتجاه ما؟ "أم "أقرأ رأيا شخصيا  يحتمل الصواب و الخطأ ،وإن كتبه عالم أو مؤرخ ، لدوافع قد أجهلها؟" ناقش نفسك فيما قرأت و جادل الكاتب بينك و بين نفسك، قيم المحتوى الذي قرأت بميزان الذهب الحساس ، قبل أن تتركه يؤثر في أفكارك أو آراءك أو معتقداتك أو حتي قبل أن تسمح له أن يغير مزاجك. فنحن نقرأ لنعرف أكثر ، فيجب أن نميز اذن الحقيقة من الرأي ، و ننبذ كل من يخلطهم ليضللنا، أو نقرأ لنستمتع بأدب عال، فيجب ألا نسمح لأحد أن يدس لنا اسفافا يشوه لحظات الاستمتاع الراقية. إنبذ كل ما هو مسف حتى ينقرض من تلقاء نفسه، أو هاجمه لتقض عليه ، فتمنعه من اصابة من هم أقل مناعة منك. دقق يا عزيزي فيما تقرأ ، فوقتك  أغلى بكثير من  أن تضيعه   لتقرأ تخاريف الاخرين .  تفحص جيدا  كل ما يولد أمامك، و ميز المولود المشوه من المولود السليم .  فلا تترك  حواسك رهن مواليد مشوهة  فتصاب بالرغبة في هجر القراءة أو تكره كل المواليد!.. 
   حارب تخاريف الكتابة و لكن انتبه ألا تحارب الأفكار فتقضي على الكتابة بدلا من أن تقضي على الفيروس الذي  قد يحقنه كاتب في عقلك ليتلوث بأفكارا مشوهة تشيع و تتغلغل في داخلك . حارب تخاريف الكتابة يا عزيزي كما تحارب الامراض و الأوبئة في الجسد. حاربهم واقرأ لترتقي و لتستمتع  بالقراءة و تنعم  بالأدب  الرفيع الذي يحلق بروحك في السماء ، اقرأ لتستنير  بالمعلومة  الموثقة التي تساعدك على تكوين رأي سديد ، اقرأ فقد أمرنا الله أن نقرأ،  و لكن اقرأ أيضا ما بين السطور و لا تأخذ بظواهر الأمور.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز