عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أحمد عادل زيدان يكتب : من وحي القلم

أحمد عادل زيدان يكتب : من وحي القلم
أحمد عادل زيدان يكتب : من وحي القلم

في رائعته المستوحاة من الحياة الاجتماعية المعاصرة له في ثلاثينيات القرن الماضي، قدم الأديب الراحل مصطفى صادق الرافعي فيض من خواطره رسمت لنا صورة حية عن واقع عصره، حوت قدراً وافياً من المعاني والبيان عكست براعته اللغوية وذوقه الأدبي وخلفيته الإسلامية فتجلى ذلك في عمله الأدبي النفيس "وحي القلم "



بين ثنايا ذلك الإبداع الذي خلفه لنا الرافعي قدم في إحدى مقالاته وصفاً لمشكلة عضال لازمت عصره ولازالت قائمة ولا يبدو أن غيومها ستنقشع عن فضائنا العربي قريباً، وهي مسألة نهضة الأقطار العربية، خاض الرافعي في بحر يعج بالهموم ليخرج لنا لآلئ منثورة من الحكمة.

قدم الرافعي وصفه، إجابة لبعض الأسئلة التي وجهتها إليه إحدى المجلات العربية وكانت تدور في فلك "هل تعتقد أن نهضة الأقطار العربية قائمة على أساس وطيد يضمن لها البقاء، أم هي فوران وقتي لا يلبث إلا أن يخمد؟ - هل تعتقد بإمكان تضامن الأقطار العربية وتآلفها؟ ومتى؟ وبأي العوامل؟ - هل ينبغي لأهل الأقطار العربية اقتباس عناصر المدنية الغربية؟ و بأي قدر؟"

في الحقيقة كانت إجابة الرافعي بلسماً صالحاً لزمانه و زماننا ولمن بعدنا، فالألم كان ولا زال بل صار أشد ضراوة من ذي قبل، فند الرافعي أسباب النهضة الصحيحة ومقدار بعدنا عنها، وأن الحديث عن النهضة لا يأتي بالكلام وفنونه بل ينبع من مبدأ ثابت مستمر قائماً على أربعة أركان : إرادة قوية، و خلق عزيز، و استهانة بالحياة، و صبغة خاصة بالأمة.

يرى الرافعي أن أساس نهضة الشرق دعامتان خالدتين هما الدين الإسلامي واللغة العربية، وقوامها الشباب والعلم، و ما ينقصنا لنهضة حقيقية الحاجة إلى المبادئ والأخلاق والعمل بهما يقيناً، كما يرى أنه لا ينبغي للعرب بالاقتباس من المدنية الغربية اقتباس التقليد بل اقتباس التحقيق، فالتقليد لا يكون طبيعة إلا في الطبقات الدنية، كما أن التقليد والمسخ فرعان من أصل واحد، و ما قلد المقلد بلا بحث ولا روية إلا أخذ من المقلد شئ من ملكة الابتكار وانتقص شئ من منظومته العقلية، وليكن أخذنا من الغرب إلا بما يتفق مع الأصل الراسخ لدينا في كل المجالات حتى لا نتحول إلى مسخ بلا روح ولا هوية.

تلك رؤية الرافعي لنهضة العرب سنة 1934 م، في عهد زخر الوطن العربي بالمبدعين في كافة المجالات ولا زالت مآثرهم نعيش على أطلالها حتى اليوم، كانت الأمة في ذلك العهد تحتفظ وتفخر بهويتها وروحها العربية الأصيلة.

يدور في مخيلتي تساؤل، ماذا لو كان الرافعي بيننا الآن، في عصر يشوبه المسخ والإسفاف وانحطاط الأخلاق، وطلب منه أن يستكمل ما كتبه قبل اثنان وثمانون عاماً، فبما يجيب ؟؟؟

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز