نعيمه عاكف..ملكة الاستعراض

كتب - ناريمان عصام

 

تستمر مشاهدتنا للأفلام الاستعراضيه ولكن دون انبهار بالرغم من تقدم الامكانيات وتوفرها فلا يمكن مقارنتها باللوحات الأستعراضيه فى أفلامنا القديمه رغم بساطتها لكن عند الحديث عن اللوحات الاستعراضيه لابد من ذكر أسم "نعيمه عاكف" الفنانه الأشهر فى أفلامنا القديمه .

لم تكن "نعيمه عاكف" راقصه استعراضيه فقط لكنها كانت تجمع بين  فنون الرقص والغناء والمونولوج والتمثيل وتقدمهم جميعهم ببراعه كما كانت ضمن أمهر لاعبي السيرك في مصر .

فهى من مواليد 7 أكتوبر عام 1929م وكان لوالدها سيرك يقدم عروضه خلال ليالي الاحتفال بمولد السيد البدوي، فتربت وسط الحيوانات والألعاب البهلوانية حتى تعلمت مبادئ الأكروبات وأصبحت النجمة الأولى للفرقة وهي لم تتجاوز الخامسة من عمره وكانت تنال أعجاب الجمهور فكثيرا ماكانت نعيمة تحصل على هدايا من المتفرجين من قبيل الإعجاب إضافة إلى الهدايا التي كانت تحصل عليها من والدتها فقد قدم لها رجلا ريفيا ميسور الحال  يبدو أنه كان من الأعيان ذات مره علبه أنيقه من خلال سيده ريفيه فعندما فتحت العلبه وجدت بها عروسه ذات خمسة مفاتيح وكل مفتاح له رقصة تختلف عن رقصة المفتاح الآخر، وكلما أدارت مفتاحا عزفت موسيقي شرقية جميلة، ورقصت عليها العروسة رقصة بديعة .

لكن لم تستمر حياتها فى السيرك طويلا فعندما بلغت العاشره من عمرها تزوج والدها من أخرى غير والدتها التى اضطرت إلى الانتقال مع بناتها الأربعه لتستقر بشقة بسيطة في شارع محمد علي و وجدت نعيمه نفسها هى المسئوله عن الأسره و هي المنقذ الذي بأمكانه  أبعاد شبح الجوع عن الأسرة، فكانت  تسير في الشوارع هى وأخواتها ليعملن حركات أكروبات رائعة ليكسبن بعض الملاليم.

أستطاعت نعيمه لفت الأنظار حتى ذاع صيتها كبهلوانية تتمتع بخفه الدم واستعراضاتها المبهرة حتى طلب منها الفنان "علي الكسار" أن تعمل هي وشقيقاتها في فرقته، كما انضمت بعد ذلك إلى فرقة "بديعة مصابني" وقدمت معها لأول مرة رقصة "الكلاكيت" التي عكفت على تعلُمها بنفسها بعد أن فشلت في الذهاب لمدرب الرقص الذي بالغ في الأجر وأستطاعت بالفعل أتقانها و أبهار الجمهور بها.

لم يقف طموح نعيمه عند هذا الحد فقد أستطاعت أقتحام مجال السينما عندما انتقلت إلى ملهي "الكيت كات" الذي كان يرتاده معظم مخرجي السينما، فالتقطها المخرج "أحمد كامل مرسي" وقدمها لأول مرة كراقصة في فيلم "ست البيت"، ومنه اختارها المخرج "حسين فوزي" لتشارك في بطولة فيلم "العيش والملح" عام 1949م ومن هنا كانت انطلاقتها الفنيه لأبواب الشهره والنجوميه لتصبح نعيمه "النجمه الأستعراضيه الأولى" فعقب نجاح فيلمها  تعاقد معها "حسين فوزي" على احتكار وجودها في الأفلام التي يخرجها لحساب "نحاس فيلم"، وقامت بأول بطولة سينمائية لها من خلال فيلم "لهاليبو".

تبدلت حياه نعيمه تماما بعد الشقاء في عام 1953 عندما تزوجت المخرج الشهير "حسين فوزي" فسكنت في فيلا فاخرة وامتلكت سيارة وأصبح لها رصيد في البنوك، وشعرت بأنها لم تحصل على قسط كاف من التعليم لأن عملها في السيرك كان يمنعها من الاستقرار في كتاب أو مدرسة فاستعانت بمدرسين تلقت منهم دروسا في العربية والإنجليزية والفرنسية وبذلك أصبحت تتحدث ثلاث لغات .

 وفي عام 1956 اختارها "زكي طليمات" بطلة لفرقة الفنون الشعبية في العمل الوحيد الذي قدمته هذه الفرقة وكان أوبريت بعنوان "ياليل ياعين" تأليف يحيي حقي وفي شهر سبتمبر من نفس العام  سافرت نعيمة مع البعثة المصرية إلى الصين لتقديم الأوبريت. وفي 1957 سافرت إلي موسكو لعرض ثلاث لوحات استعراضية تحمل اسم "مذبحة القلعة" و "رقصة أندلسية"و"حياة الفجر " لكن الحياه لا تعطى الأنسان كل ما يتمناه فكان انطلاق نعيمة في مختلف المجالات إضافة إلى أسفارها العديدة، دبت الغيرة في قلب حسين فوزي مما أدي إلى تعثر حياتهما الزوجية، فوقع الطلاق.

 وفى 1959 تزوجت "نعيمه" من المحاسب القانوني "صلاح الدين عبد العليم" وكانت قد تعرفت عليه عندما ذهبت إلى مكتبه لاستشارة قانونية بعدها أصبح المسؤول عن عقودها وارتباطاتها المالية وقد أنجبت منه أبنها الوحيد "محمد".

عام 1966 فاضت روحها بعد رحلة مع المرض حيث كانت قد أصيبت بنزيف في المعدة ونقلت إلى المستشفي وظلت به أكثر من شهر ثم تحسنت صحتها فعادت إلى بيتها لكن المرض عاودها من جديد فتقرر سفرها للعلاج في الخارج على نفقة الدولة لكن صحتها لم تكن تسمح بعد أن تدهورت حالتها بصورة خطيرة ومفاجئة، وماتت نعيمة عاكف وهي علي ذمة زوجها الثاني ولها منه ابن وحيد وهي لم تتجاوز الخمسة والاربعون من عمرها.

رحله كفاح "نعيمه عاكف" أكدت أن عمر الفنان لا يقاس بعدد السنوات التى عاشها ولكنه يقاس بعدد الأعمال المميزه التى قام بها وتركت بصمه فى أذهان الجمهور ليظل الحاضر الغائب أبد الدهر.