عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

وأخرتهــــا مقابر الصدقة

بقلم:  محمد الشافعي فرعون



- ما أهمية أن تدخل التاريــــــخ من باب المبدعين ، وتسجل إسمك في سجل الخالدين ، ثم تخرج من التاريــــــــخ الى مقابر الصدقة ؟
إستفهــــــام مصحوب بالحسرة ، سؤال شغلني كثيرا ، وتوقفت أمامه طويلا ، وكان صاحب السؤال مشهد دفن شاعر الغلابة و العامية المصرية أحمد فؤاد نجم في مقابر الصدقة التابعة للجمعية الخيرية الإسلامية لأبناء ميت عفيفي بالقاهرة .
 
في سبعينيات القرن الماضي كانت حجرة ( نجم شاعر الغلابة )  المتواضعة فوق سطح أحد البيوت في حارة (خوش قدم ) بحي بولاق الدكرور مزارا للطلاب  والمثقفين والثورييــــن ، قال عنه الشاعر الفرنسي ( لويس أراجون ) : إن فيه قوة تسقط الأسوار ، وأطلق عليه الدكتور علي الراعي الشاعر البندقية ، ووصفه الدكتور جابر عصفور بأنه إقتحم الحضور الثقافي كعاصفة التمرد التي كانت تمور في داخلنــــا .
 
إختارته المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للأمم المتحدة في عام 2007م سفيرا للفقراء ، وحصل على المركز الأول في إستفتــــاء وكالة أنباء الشعر العربي .
 
فاز في عام 2013م بجائزة الأمير كلاوس الهولندية ، وتوفى قبل أن يتسلمهــــــا  ، والجائزة من أرقى الجوائز في العالم .
 
وعد محافظ القاهرة الدكتور جلال مصطفى سعيد بدراسة تشييد تمثــــال لشاعر الغلابة تكريما لأسم أحمد فؤاد نجم .
 
قصائده جعلت منه أهم شعراء العامية في مصر ، وأحد أهم ثوار الكلمة ، والمعارض الدائم للسلطة حتى وصفه الرئيس السادات بالشاعر البذيء ، وظلت معارضته للسادات ومبارك ولم يسلم منها مرسي .
 
قصائده على كثرتهــــا لم تشفه من المرض ، ولم تغنه من الفلس ، ولم تشبع جوعه ، قضي بسببهـــــا (18 ) عاما من زهرة عمره  خلف القضبان ، ولم  يغير ذلك من مساره ، أو من لونه الذي ظل ثابتا عليه في وقت غير فيه آخرون ( ممن كانوا يتظاهرون بمعارضة السلطة ) لونهم ، وجلدهم ، وظهرت عليهم نعمة الإقتراب من السلطة ، وظل هو قابعا هناك فوق السطوح لم يغادرهـــــا ولم تغادره .
 
فقيرا عاش ، ومعدما مات ، ولم يجدوا له إلا مقابر الصدقة المخصصة للمعدمين والمشرديـــن ليدفن فيهـــــا .
 
حالة متميزة لشاعر متميز ، صادق الكثيرون شعره وإلتحفوا به ، عاش الشعر ، وعاشه الشعر ، كسب العالم بشعره ولم يخسر نفسه ، وعاش متوقد الذهن ، حاضر الذاكرة ، فخورا بشعره ، وبثوبه الذي لم يغيره ، وسطوحه التي لم يغادرها ، متفاعلا مع قضايا مصر وثورتها .
 
وعاد السؤال يلح من جديد وبشدة ، ما أهمية أن تدخل التاريــــــخ من باب المبدعين ، وتسجل إسمك في سجل الخالدين ، ثم تخرج من التاريـــخ الى مقابر الصدقة ؟وعجزت عن الإجابة ، فمن يجيب ؟
 
        

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز