عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نادر عباسى يعيد التألق للسيمفونى فى الحفل الأخير

بقلم : د. رانيا يحيي



قدم اوركسترا القاهرة السيمفونى حفله الأخير بقيادة المايسترو المصرى نادر عباسى ..وكان الحفل مميز وأكثر من رائع على المستوى الفنى مما أشعر الجميع بإعادة الحياة الجادة والمستوى اللائق بعد أن غابت لفترات عن هذا الأوركسترا العريق الذى يفخر به كل مصرى على أرض الوطن وللأسف لا زال غائباً إلا فيما ندر وذلك لعدم وجود الانتماء الوطنى الحريص على نهضة هذا الأوركسترا والذى يعمل لوضعه فى المكان اللائق به كما كان منذ فترات طويلة وظل عهدنا به هكذا حتى تركه المايسترو المصرى أحمد الصعيدى حيث غابت الرؤيا وتعدد القادة الزائرين وتداخلت المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة مما نتج عنه ما نحن فيه ..ولكن نجاح هذا الحفل الأخير يؤكد على مهارة القائد المصرى ومدى نجاحه فى إدارة عمله الذى يجمع بين شقين أساسيين هما وظيفة القيادة بحنكة ومهارة بارزة تؤكد موهبة موسيقية حقيقية والثانى هو البعد الفلسفى والحقيقى وراء هذا التألق حيث إثبات الذات المصرية بهويتها القومية التى أرى فى نظرى أنها تفوق أى جنسية أخرى طالما توافر لديها القدرات والمؤهلات والملكات الإبداعية.. وهذا النجاح يستوقفنا عند نقطة هامة وهى أين نادر عباسى من دار الأوبرا المصرية باعتباره أحد القادة الهامين والبارزين فى مجال الموسيقى الكلاسيكية الرصينة ؟؟ فكيف يتثنى لنا الاستعانة بقادة أجانب أقل من حيث الكفاءة والخبرة ونحن لدينا هذه المواهب والخبرات المصرية التى تفوقهم بمراحل ولديها الاستعدادات الكاملة للعمل على نهضة الحياة الموسيقية والارتقاء بها !!! ..أعتقد أننا لا بد وأن نعيد هيكلة الهيئات بما يتوافق والمصلحة العامة للمصريين الفنية والإدارية وحتى الوظيفية وأن نطبق القوانين التى تنص على منع الاستعانة بأجنبى فى حال وجود مصرى ليس على نفس درجته الفنية والعلمية بل ما يحزننا هو أن يفوقه بمراحل ..فعباسى كواحد من أهم القادة فى مصر حالياً وإن كان دوره غير مفعل بلا أسباب منطقية وواقعية إلا أنه استطاع أن يضع بصمة مصرية فى كثير من الأوركسترات العالمية منها أوركسترا بازيل السيمفونى وراينلاند بفالتس الفلهارمونى ومارسيليا الفلهارمونى وسويس روموند بسويسرا والمكسيك السيمفونى وكونسيرفتوار ريتشارد شتراوس بألمانيا وبودو أكيتان الوطنى بفرنسا ونوركبينج الفلهارمونى بالسويد وغيرها الكثير فى عدة دول منها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والبرتغال وإيطاليا.. هذا بالإضافة لخبرته الكبيرة كمدير فنى وقائد أساسى لأوركسترا قطر الفلهارمونى وأوركسترا السلام بباريس وأوركسترا أوبرا القاهرة التى استمر بها لمدة تسعة أعوام كانت نقلة كبيرة فى المستوى الفنى للأوركسترا.. وفضلاً عن كل هذا فهو مؤلف موسيقى له أعمال موسيقية متميزة ذات بصمة شرقية منها بين الغسق والفجر وريا وسكينة ومؤلفات أخرى للباليه والأوركسترا.

وكان الحفل الأخير يضم أعمال مصرية وروسية فكان عمل روندو بلدى لجمال عبد الرحيم فى بداية الحفل تأكيد على وجود المؤلفين المصريين بأعمالهم وإن غابوا عن الحياة إلا أن مؤلفاتهم حية خالدة بروح المصرية وشرقيتها الصميمة ،فرغم وضع العمل داخل قالب غربى كلاسيكى وهو الروندو إلا أن كيفية استخدام المؤلف للآلات وخاصة الإيقاعات مع التباين فى الانتقال ما بين الوتريات وآلات النفخ خلق روح شرقية مميزة بالإضافة لنزعة التأليف عند عبد الرحيم التى تمتلك قدر من الجرأة فى التعامل مع الهارمونيات بأسلوب فريد.. وبعد هذا العمل انتقلنا إلى سيرجى بروكفيف وكونشيرتو البيانو والأوركسترا رقم 3 وهو من المؤلفات ذات الشهرة الكبيرة فى عالم الموسيقى الكلاسيكية حيث يمزج الكونشيرتو ما بين الطابع الغنائى والاستعراضى الذى يظهر براعة العازف المنفرد مع وجود بعض الألحان ذات الصبغة الشعبية للموسيقى الروسية وكان عازف البيانو الشاب محمد شمس بأدائه الرشيق وتعبيراته الموسيقية الساحرة نال إعجاب جميع الحضور ببساطته ،فهو يمتلك موهبة فطرية شديدة منذ صغره وأثقلتها الدراسة وأثبتتها الحفلات يوماً بعد يوم فى الداخل والخارج.. ثم انتقلنا إلى جو مبهم يملؤه الغموض فى بدايات القصيد السيمفونى الذى يحمل عنوان جزيرة الموتى للروسى سيرجى رخمانينوف الذى كتبه متاثراً باللوحة التشكيلية جزيرة الموت للفنان السويسرى آرنولد بوكلين ثم انتقل المؤلف إلى حالة سيكولوجية تمثل السعادة والمرح فى الحياة الدنيوية.. وختم الحفل ببولونيز من الأوبرا الذائعة الانتشار ايفيجين اونيجين للمبدع الروسى بيتر اليتش تشاكوفسكى والتى ظهر فيها براعة الأوركسترا السيمفونى بعازفيه المتميزين فى ختام حيوى ورشيق أبهج جميع الحضور.

وفى الختام نحيى القائد المتميز نادر عباسى والسوليست محمد شمس وعازفى الاوركسترا السيمفونى على هذا المستوى المشرف آملين من السادة المسئولين العمل على استقطاب الكوادر المصرية النابغة المهاجرة والمحلقة فى آفاق بعيدة عن سماء مصر لخلق نهضة موسيقية مصرية رائدة فى المنطقة تعود بنا لعقود كانت حاملة لرايات الثقافة والفن أساس تقدم الأمم كما كان فى عصر وزير الثقافة الأسبق الدكتور الراحل ثروت عكاشة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز