عاجل
الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

التحرش.. من أمن العقوبة أساء الأدب

بقلم : محمد صالح رجب



مناظر بشعة رأيناها في التحرير مؤخرا ، هي ليست ألا ولى ولن تكون الأخيرة ، مشاهد تكررت كثيرا وفي أماكن مختلفة في مصر ، لم يظهر الكثير منها إلى العلن ، آثر أصحابها الصمت رغم الجراح والنار التي تكتويهم ، شهود تلك المناظر وقتها اجتهدوا في ستر الضحية، لكن أسوأ ما في الموضوع الآن هو استغلال ما ظهر من تلك الحوادث سياسيا، إنه استمرار لمسلسل استغلال الضعفاء في آتون الصراعات السياسة ، فالمرأة التي كرمها الإسلام واستوصى بها خيرا لازالت في بلادنا مستضعفة، مكسورة الجناح ، لم تنل حقوقا عديدة حتى أن البعض منا راح يلتف حول حقوقا ثابتة أقرها الإسلام لها كالميراث ، نعم النساء ضعاف ، والأطفال ضعاف كما الفقراء والمساكين ، كل الضعفاء وقود للمعارك السياسية ،وعندما حاولت النساء أن يخرجن من إطار الاستضعاف الذي رقدن فيه طويلا ، وظهرن ككتلة كبيرة مؤثرة ، صرن في مرمى السهام ، لإثنائهن عن هذا التوجه وعن المطالبة بحقوقهن ، وأي سهام أصعب وأقصى من الطعن في العفة والشرف ؟ اندس أناس بأنفسهم أو بالوكالة وسط النساء في المظاهرات ، لافتعال تلك المشاهد وتصديرها للإعلام لتشويه التظاهرات أو لتخويف النساء وذويهم من عاقبة مشاركتهن في تظاهرات كهذه أو أي استحقاقات انتخابية  قادمة ، يقول البعض متهكما "من جديد .. اندساس ومؤامرات !، إنه انفلات أخلاقي أصاب المجتمع عقب 30 يونيو" ، أقول له معك حق هو انفلات أخلاقي لكن ليس من 30 يونيو إنما من بعد 25 يناير نتيجة للانفلات الأمني وغياب القانون ، فمن امن العقوبة أساء الأدب ، لكن لا يمكن أن ننكر المؤامرة واستغلال النساء ، فالمحسوبين على التيار الإسلامي الذين يعلمون قبل غيرهم أن الإسلام أمر النساء بأن يقرن في بيوتهن ، هم أنفسهم من أخرجوا النساء من بيوتهن ليتظاهرن ويتسلقن الأسوار والحواجز ويشتبكن مع رجال الآمن و غيرهم ،ويبتن خارج بيوتهن بالليالي في ميادين وشوارع مصر وغيرها من المناظر التي شاهدها الجميع ، فاستغلال النساء أمر ظاهر للعيان ، أما المؤامرة فهي واردة وليست مستبعدة .. قبل أيام عرضت الجزيرة فيلم وثائقي بعنوان "المندس" وفيه عرضت كيف اندس هذا المندس وسط المؤيدين للنظام والمجلس العسكري إلى آخر ما جاء في الفيلم ، الشاهد أن المندسين أمر وارد والدليل الفيلم المسمى بـ "المندس "،كما أن ما حدث في التحرير لم يكن تحرشا ، فمفهوم التحرش حتى في القانون المعدل هو أي تصرف من قول أو كتابة أو إشارة تحمل إيحاءات جنسية ، أما تعرية النساء وما رأيناه من مشاهد مؤسفة أبدا ليست تحرشا ، إنها اغتيال معنوي قبل أن تكون اغتيالا جسديا ، فمن له مصلحة في تصدير تلك المشاهد وأي رسالة يريد أن يبعث بها من خلالها ؟ ثم أن العملية كانت منظمة ووسط حشد كبير في ميدان عام كالتحرير ، فأي لذة جنسية يرجوها المتحرش في ظل هذا الجو المتخم بالبشر، إلا أن يصدر مشهدا بعينه ومن ورائه رسالة لمن يهمه الأمر ؟

ومما يعزز نظرية المؤامرة تلك الشماتة التي بدت واضحة جلية على معارضي السيسي بهذه المشاهد ، هؤلاء الشامتون لا يقلون جرما عن المتحرشين ، هؤلاء الذين يتلذذون بانكشاف عورات النساء ويطالعنها ويعاودون بثها، هم اشد جرما من المتحرشين ، إنهم يحبون أن تشيع الفاحشة بين الناس .

وإذا كانت ظاهرة التحرش ليست بجديدة على مصر، فالجديد هو ما شاهدناه من تجرؤ وتعرية المصريات واغتصابهن علنا أمام الكاميرات ووسط هذه الحشود واستغلال ذلك سياسيا ، فهل من رادع سريع لقطع دابر تلك الحيوانات التي تعيش بيننا في صورة إنسان؟

 

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز