عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رمضان الذى لا يشعر به اللاجئين السوريين ببرلين

رمضان الذى لا يشعر به اللاجئين السوريين ببرلين
رمضان الذى لا يشعر به اللاجئين السوريين ببرلين

تحقيق : عمرو حسن



 

بخطوات بطيئة و غير واثقة يعود محمد النابوت من رحلته اليومية للأسواق المجاورة الى مخيم كوبنيكر آللى لللاجئين ببرلين، حيث قضى الثمانية أشهر السابقة منتظرا قبول طلب إقامته بألمانيا، و هى الإقامة التى ستمكنه من الحصول على مسكن خاص تتكفل الحكومة الألمانية بتكاليفه عوضا عن المخيم الذى يبدو و كانه أصبح كالسجن الإختيارى لحوالى الفا من اللاجئين نزح اغلبهم من سوريا خلال الاثنى عشر شهرا الماضية.

رمضان هذا العام هو الأول الذى يقضيه النابوت بعيدا عن زوجته و إبنه البكر، بل هو الاول الذى يقضيه بعد قفدانه لإبنه الأصغر لمرض السرطان. تلك الرحلة متعددة المخاطر التى قام بها من درعا إلى تركيا ثم عبر المتوسط بقارب مطاطى صغير لا يعلم غير الله الى أين كان يتجه حتى وصل الى جزيرة يونانية، ثم السير قدما الى مقدونيا و صربيا قبل الوصول الى ألمانيا، تلك الرحلة لم تكن لغرض اّخر سوى لإيجاد فرصة العلاج لإبنه الأصغر.

الان و قد فقد اللإبن، يبدوا كل شئ بلا معنى و بلا هدف واضح للأب صاحب الإثنين و ثلاثين عاما.

"أنا حتى لا أذكر كيف كان رمضان فى سوريا قبل الحرب. كل ما أتذكره عن سوريا هو الحياة فى جو من إنعدام الأمان حيث لم نجد العناية الطبية اللازمة لعلاج إبنى وسط كل القتال الدائر" هكذا يقول النابوت.

الرحلة اليومية من المخيم الى الأسواق المجاورة تمثل التفاعل الوحيد بين المئات من اللاجئين السوريين و المجتمع البرلينى. عدم إجادة الألمانية او حتى الإنجليزية فى بعض الاحيان عزل اللاجئين عن العالم الذى أتوا اليه من أجل حياة أفضل.

تبذل الحكومة الألمانية مجهودات حثيثة من اجل توفير التعليم المجانى لللغة الألمانية لكل اللاجئين، إلا أن البعض قد ينتظر لاكثر من عام داخل إحدى تلك المخيمات قبل أن يخرج الى الإحتكاك الحقيقى بالمجتمع الألمانى.

ظن النابوت أن حالة ولده الحرجة ستسرع من حصوله على الإقامة و من ثم لم شمله بعائلته بسوريا، و لكن نظام توزيع اللاجئين له أولوياته الخاصة، فالبعض يحصل على إقامة يخرج بها إلى عموم المانيا خلال شهر او شهرين بينما ينتظر آخرون لأكثر من عشرة أشهر من أجل الحصول على تلك الإقامة التى تخرج اللاجئ من المخيم الذى يتم إرساله اليه.

محمد المأمون صاحب الأربعون عاما كان يعمل خياطا قبل أن يأتى من درعا إلى برلين هو الاّخر. كالنابوت، هو الآخر ترك زوجة و ولد و بنت خلفه بسوريا و لا يشعر بأى شئ مميز خلال اليوم الأول من شهر رمضان هذا العام.

"البعض مننا بالمخيم لم يكن يعلم متى سيبدأ رمضان بألمانيا. كل تفعالنا مع العالم الخارجى يأتى من خلال  الإنترنت و تلك الرحلات القصيرة التى نقوم بها لإستكشاف المناطق المجاورة للمخيم مما يفصلنا بشكل ما عن الحياة بالخارج" هكذا يقول المأمون.

مآدب الطعام الرمضانية بتجمعاتها العائلية فى سوريا هى ابعد ما يكون عن الترتيبات بمخيم كوبنيكر، حيث يمنع اللاجئون من تحضير اكلهم الخاص و يلتزموا بنظام وجبات غذائى صارم يوزع عليهم ثلاث مرات يوميا. المأمون يرى ذلك ياخذ الكثير من روح رمضان التى طالما شعر بها فى حياته السابقة بسوريا.

"الوجبات الألمانية بالطبع لن تكون كافية للإفطار بعد يوم طويل من الصيام و الحل الوحيد لنا بما يتم صرفه لنا من أموال محدودة من الحكومة هو شراء عدد من المعلبات التى يمكن إضافتها لما يتم تقديمه لنا من وجبات."

يصل النابوت الى بوابه المخيم عائدا من تريضه اليومى إلا ان الجو العام بالمخيم و خارجه يختلف تماما عن حالة الأمل و الحركة التى شهدتها مخيمات اللاجئين عبر ألمانيا الإتحادية كلها و عدة دول أوروبية اخرى الصيف الماضى إثر توافد مئات الآلاف من اللاجئين إبان إشتداد الحرب بسوريا.

حينئذ كان الضمير العالمى الإنسانى فى أوجه و ظن اللاجئين ان الوصول لألمانيا فى حد ذاته يمثل بداية الأمل فى حياة آمنة و مستقرة لهم و لذويهم. لكن خارج أسوار كوبنيكر آللى الوضع يبدو و كأن لحظة الضمير الإنسانى غير المشروط لألمانيا و أوروبا قد اصابها بطء حذر محاط بالعديد من المخاوف اليمينية من المستقبل المجتمعى للدول الحاضنة للاجئين.

طلبات اللجوء تأخذ وقتا أطول بالرغم من إنخفاض أعداد النازحين و الجميع لا يعلم لماذا. الشعور العام هو ان الحماسة و الترحيب الشديد الذين قوبلوا به منذ عدة أشهر مضت قد تبدل لحالة من الترقب الحذر.

الأجواء تعكس حالة النابوت بعد عدة أشهر من وصوله لألمانيا، فموظف البنك السابق قد غير من تطلعاته المستقبلية و أصبح يأمل فى ان يعود إلى سوريا مرة أخرى عوضا عن إستقدام عائلته الى ألمانيا. "لكننا جميعا نعلم ان الوضع الحالى بسوريا لن يحل و لو بعد عشرات السنين من الآن" هكذا يختم حديثه.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز