عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الكاتبة الكبيرة "فضيلة الفاروق": الكتابة بالنسبة لي قدر

الكاتبة الكبيرة "فضيلة الفاروق": الكتابة بالنسبة لي قدر
الكاتبة الكبيرة "فضيلة الفاروق": الكتابة بالنسبة لي قدر

بقلم :د.هدى درويش
 
على أنغام ايديت بياف  …في تلك الزاوية الهادئة كان الحديث معها, لها و عنها لا يوصف , عفوية بريئة حد الجمال…متواضعة حدّ العظمة …صاحبة الكتابات الأكثر تأثيرا و الأكثر روعة و عمقا …هي في بوحها كتاء الخجل , كمزاج المراهقة …تكتشف طيبتها كما يكتشف العاشق شهوة أو متعة بين ثنايا روحه …


  بعد عشرين سنة من العطاء الفكري … كيف ترى فضيلة الفاروق نفسها بين نساء العالم …؟



 

لست راضية على نفسي ، حسب قدراتي الكبيرة و إمكانياتي الفكرية التي.  منحها لي الله لم أقدم ما تمنيت تقديمه, لقد غلبتني الظروف مؤخرا و تعثرت. لكني مقارنة مع بنات جنسي من القرية التي خرجت منها فأنا حققت الكثير… مقارنة مع زميلاتي ، فأنا جيدة…لكنني دوما أعتبر نفسي حلقة من سلسلة. أنا واحدة من النساء اللواتي يردن أن يعشن حرائر، رافضات تماما أن يدعسن، و يفرضن على المجتمع أن يحترمهن و يحترم النساء. أنا مناضلة و الكلمة سلاحي هذا كل شيئ. و لا أختلف عمن سبقنني و من سيأتين بعدي ، هدفنا واحد و سنحققه اليوم أو غدا، بإستمرارنا و تكاتفنا هذا كل شيئ .

 

للقلب كما القصيدة رحلة بين المرافئ, فما سر قصة الحب التي ما زالت و لا تزال  تجمع بين فضيلة و بيروت منذ 1993؟

 

يموت الحب إن لم يرعاه المحبوب ، و بيروت إنطفأت في داخلي و لم تعد المدينة التي جننتني و سرقت قلبي. صحيح أحبها لأنها فضاء فسيح للحرية و إحترام الفرد كيفما كان، لكني أشعر أني يتيمة فيها، حنيني لبلدي يقتلني و حين أزور الجزائر أخاف حتى أن أمشي في شوارعها، و أتألم حين أرى المزابل، و المتسولين، و التحرش بالنساء، و قلة أخلاق الشباب، و مظاهر لا تنتهي من التخلف الذي يزيد كل سنة و كأننا لا نريد أن نتطور . اليوم أتشبث ببيروت لأني لا أجد مكانا آخر يناسب مزاجي و طريقة عيشي غيرها. لكن يمكنك أن تقولي أنها قصة حب من طرف واحد و العاشق فيها مصاب بخيبة أمل كبيرة لكنه لا يجد البديل. منذ 1995 و أنا أقدم نفسي ” كاتبة جزائرية” …يمكنك أن تعتبري حبي الأول و الأخير قريتي آريس، في قلب جبال الأوراس، حبي لها لم يتغير أبدا، و حب الناس فيها لي أيضا يزداد كل يوم. و أحلم أن أعود إليها ذات يوم، كما أوصيت أن أدفن في مدفن العائلة قرب أبي الذي رباني رحمه الله ، هناك أرتاح ، و هناك قلبي دوما حيثما سافرت و حيثما ابتعدت  .

 

“حاضرون نحن بأوجاعنا و ابتساماتنا النحيلة في كل شخوص كتاباتنا”…هذا ما قرأته بين السطور في زخم البوح الفاروقي الذي تعلمتْ منه الأجيال كيف تكتشف العشق و الشهوة و تفلسف الحياة … فالى أيّ مدى تصارح فضيلة  بطلات رواياتها بأسرارها و كينونتها الحميمية ؟؟

 

يبدو لي أني أجبت كثيرا على أسئلة مشابهة لهذا السؤال، لهذا سأختصر جوابي أولا أنا لا أكتب بمعزل عن نفسي و أختبئ خلف كل شخصياتي الطيبة و الشريرة ، الحسنة و السيئة، ذلك أن الإنسان فيه من الخير بقدر ما فيه من الشر و لكنه يختار طريقه، و يختار أي جانب يغلب الآخر. و غير ذلك أنا أكتب الحياة كما هي دون زيف، يمكنني أن أشغل مخيلتي و أكتب أشياء لا وجود لها، و أمتع القارئ لكني أرفض أن أكون ” كراكوز” و أرفض أن أهرب من واقعي لواقع لا وجود له و لا يعرفه القارئ…بشكل ما أنا أقول ما لا يستطيع مكمم الفم أن يقوله. و سأظل على نفس النهج.

 

بعد أن تخط أنامل  التجربة على ملامح الوجدان ما يمكن لها أن تخط … ” لا يبقى لنا في الحياة شيئا سوى الكتابة” …نمارسها  بداية ًمن منطلق الهواية و نتسّولها نهاية ً من منطلق الاحتياج  … فكيف كان منعرج هذا التحول في حياتك أنتِ؟

 

أظن أن الكتابة بالنسبة لي قدر، حاولت أن أهرب منه فلم أتمكن منذ ذلك. أقسمت أكثر من مرة أن أتوقف، و أهتم بأموري الخاصة و عائلتي، و لكن لا فائدة، هناك دوما شيئا يدفعني للكتابة، حتى أني لا أتقن الكلام جيدا، و أحيانا أتمنى لو يتعامل معي الشخص كتابة بدل التحاور مباشرة. ما لم أتوقعه هو أن الكتابة مهنة الفقراء، و أن الواحد منا بمجرد إمتطائها سيجد رأسه تحت المقصلة. الكاتب مرفوض في مجتمعاتنا بشكل مخيف، و إن كان صادقا يرفض أكثر لأننا تربينا منذ نعومة أظافرنا على الكذب و النفاق و التملق. قول الحقيقة يبدو دوما جارحا، حتى بالنسبة للذين تدافع عنهم . ما حدث تماما معي، بدأت بكتابة مواضيع إنشاء لأصدقائي في المدرسة للتسلية، ثم جذبتني الجرائد لأن شيئا عالقا في رأسي دوما أريد قوله، فكتبت، ثم وجدتني صحفية، ثم وجدتني كاتبة قصة، ثم وجدتني منبوذة و مرفوضة في الوطن، ثم حين حملت حقيبتي و إخترت المنفى ، لكن الوقت تأخر حين  أدركتُ أنّ الكتابة لعبة خطيرة كالذي يعبث بقنبلة ..

 

  الى أيّ مدى تعير الست فضيلة باعتبارها ايقونة من اللواتي أنا- شخصيا تعلمت من بوحها الكثير_ اهتماما للألقاب و التصنيفات و الدرجات المكتوبة على ورق … ” أديبات الفراش” مثلا… بعض النقد الهجومي … الارتجالية الثقافية الموجودة في الجزائر كبلد من العالم المتخلف… و هل تمثل هذه التسميات عائقا يحد من نشر الاديب لأفكاره و فلسفته؟؟

 

بالنسبة لي أتهمت بشتى التهم، لإسكاتي: كاتبة جنس،  متطرفة، عميلة لأني أفتخر بأمازيغيتي ..و هلم جرا من التهم، صحيح أني أغضب لكني لم أفلح في أن أعتزل الكتابة و هذا ما لا يفهمه من يهاجمونني و يريدون أن أصمت. لا أستطيع. و كل من أطلق علي لقبا سأضع إسمه في رأسي و أترك الأيام إلى أن تجمعنا، لأني لا أسامح من يظلمني، و عندي مبدأ في الحياة ” عليّ و على أعدائي” أنا إنتحارية في إنتقامي و لا يهمني شيئ أبدا. على من يمارس النقد أن النقد نوع من القراءة الراقية للعمل الأدبي و ليست عبارات نابية و شتم للكاتب و محاكمته من خلال شخصياته.

 

إنتقدني ذات يوم شخص إسلامي التوجه و أستعمل مقاله، كلها منصبة على شخصي و أنا لم ألتقه و لا مرة، و نسب قولا للأستاذة زهور ونيسي كذبا، لأنه لا يعرف أني على تواصل دائم بالأستاذة زهور و أفضالها عليّ كبيرة . بالله عليك إذا كان هذا إسلامي و كلامه على هذه الشاكلة فمن نصدق؟ لعلي أخذت بعض الوقت لأفهم المثل القائل ” الكلاب تنبح و القافلة تسير” لأني أصبحت أطبقه.

 

في كلمة واحدة …كيف تعرف فضيلة كلّ من : الرجل, الحب, الصداقة؟

 

الحب : سلاح – الرجل : رفيق – الصداقة : سند

 

في زمن الغوغاء…كيف ترى فضيلة الفاروق واقع الأغنية العربية … و من هم أقرب الأصوات الى قلبها…حيث انني أعتبرها ككثير من محبيها صاحبة الروح المتكاملة التي تجمع أكثر من فن جميل …فهي  تهوى الغناء و الفن التشكيلي أيضا …؟؟

 

سعيدة لأنك تعرفين الكثير عني ، أنا أعشق كل الأصوات الجميلة، و أسمع القديم كما أسمع الجديد، من الرحابة بالأوراس إلى أديل الأميريكية … أذني موسيقية، و أعشق الكلمة الحلوة، بالطبع بعد تغربي عن بلدي أصبحت أغلب الأغاني الجزائرية تعجبني و لها تأثير ما علي، لهذا تجدينني أبحث دوما عن أغاني السبعينات و الثمانينات..و هناك فنانين أنا جد وفية لهم مثل أحمد وهبي، ثلاثي الهضاب ، رابح درياسة، فضيلة الدزيرية، …على المستوى العربي لا تزال فيروز حبيبتي الأولى ، مع موسيقى الرحابنة، لكني أسمع كل جديد. و يصعب أن أختصر لك كل الذين أحبهم، واقع الأغنية العربية ليس سيئا، فحتى الثمار حين نقطفها نجد ما هو فاسد و ما هو غير مناسب للأكل، و هذا هو حال الدنيا، علينا أن ننتقي الجيد بأنفسنا، و كل شيئ سيكون على ما يرام. لهذا لا أحب أن نسميه زمن الغوغاء، بل زمن الإنطلاق، و الطريق طويلة، سيتغربلون لوحدهم أولئك الذين يتطفلون على الفن، لكن طالما هناك تشجيع شعبي لهم فهذا يعني أن هناك خلل في النخبة التي توجهه و ليس في من يغني. لا أزال أذكر كلمة الشاب خالد في مؤتمر عقد حول أغنية الراي في منتصف الثمانينات و طبعا شتم المثقفون مغنيي الراي حتى شبعوا فصعد المطرب الشاب آنذاك إلى المنصة و قال : أشعر اني في محاكمة و لست في مؤتمر يناقش واقع أغنية الراي، و سأل: هل جاءنا شاعر و قدم لنا كلمات نظيفة لنغنيها و نحن رفضنا؟؟؟ كان خالد يومها لا يزال في بداية الطريق، و مستواه التعليمي على ” قده” كما نقول و قال حكمة أدهشتني. نعم إن كان مستوى الأغنية سيئا فالنخبة تتحمل أكبر جزء من المسؤولية تجاهها. هذا رأيي

 

أيّ نوع من الكلمات يشكل  عبق  ختام هذا الحديث الشيق..ّ ماذا تقول الست فضيلة الى أحبائها عبر العالم …؟

 

أحبائي أقبلهم من قلبي جميعا، و أعدائي أيضا أشكرهم لأنهم هنا، فلولاهم لما تقدمت خطوة الأمام.

 

و أنا  أشكرك لصبرك …لتواضعك…لقوتك….لعفويتك….لكل ما علمتني


لروحك التي تعانق الحب في الأفق  بعيدا عن صخب الجراح …

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز