عاجل
الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

البابا تواضروس لـ«الأهرام»: نرفض التدخل الأجنبي فى شئون بلدنا .. والسياسات الغربية أضرت بمسيحيى الشرق الأوسط

البابا تواضروس لـ«الأهرام»: نرفض التدخل الأجنبي فى شئون بلدنا .. والسياسات الغربية أضرت بمسيحيى الشرق الأوسط
البابا تواضروس لـ«الأهرام»: نرفض التدخل الأجنبي فى شئون بلدنا .. والسياسات الغربية أضرت بمسيحيى الشرق الأوسط

حوار - أشرف صادق

- الوطن كله يقدم شهداء وليس الأقباط وحدهم.. وفرحة ميلاد المسيح أكبر من أى حزن.
- مطمئن جدا إلى مستقبل مصر ..والبعض لا يريد لها أن تكبر.
- موقفنا من منع الأقباط من زيارة القدس كما هو ولن ندخلها إلا مع إخوتنا المسلمين .
- مشروع "الأحوال الشخصية" تراجعه الكنائس حاليا..وقانون ازدراء الأديان يحتاج مراجعة



 

مقدمة لابد منها: كالعادة، انفرد المجتهد دائما والمتألق علي طول الخط، الزميل أشرف صادق لـ"الأهرام" بأول حوار مع البابا تواضروس عقب حادث "البطرسية، وكان البابا صريحا وواضحا وقاطعا ووطنيا كعادته، وتقديرا للبابا تواضروس"رجل المحبة"، ولأهمية الحوار وتقديرا لمن أجراه قررنا  نشره في "بوابة روزاليوسف" التي سبق لها نشر إنفراد الزميل أشرف صادق مع البابا أيضا العام الماضي.
 
ذهبت إلي البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مطلع العام الجديد، حاملا حزمة من الأسئلة تفيض بالحزن والغضب والشجن، بعد تفجير الكنيسة البطرسية نهاية العام الماضي، الحادث الإرهابي الذي مثل اعتداء علي الأقباط والمصريين جميعا. فاجأني البابا بحالة سلام واطمئنان وتفاؤل كبير، وجدته يستعد للاحتفال بعيد الميلاد المجيد، سألته: كيف وهل طلب منكم أحد ذلك ؟
 
فقال إن فرحة ميلاد السيد المسيح أكبر من أي حزن ، وأن أجهزة الدولة لم تطلب منه إقامة احتفالات الميلاد وتجاوز حادث البطرسية، رافضا مقولة أنه محسوب علي النظام، كما رفض الرأي القائل إن الأقباط يدفعون ثمن مشاركتهم القوية في ثورة 30 يونيو ، مؤكدا أن المجتمع كله يسقط منه شهداء, وأن هناك من يسعون لعرقلة صحوة المارد المصري. لم تتوقف الأسئلة عند سقف، وهو كان كريما، بلا حرج أو اعتراض.. تطرق قداسته إلي مشروع قانون الكونجرس الأمريكي لمتابعة ترميم الكنائس، القدس ولقائه بالعاهل السعودي، قانون بناء الكنائس، والأحوال الشخصية ووجه رسائل للشباب منها رسالة خاصة للشاب الذي فجر نفسه في «البطرسية» ولمن أرسله، كما سألته إن كان سيستقيل من منصبه..!! فأجابني عن السؤال وعن غيره من هموم الوطن والمواطن برحابة صدر وتفاؤل.. والي تفاصيل الحوار شديد الجرأة الذي خص قداسته به «الأهرام».

 
 

قداسة البابا ونحن نبدأ عاما جديدا هناك تساؤلات عن قراركم الاحتفال بعيد الميلاد بينما لم تجف دماء شهداء الكنيسه البطرسية ؟
 
ــ أولا كل سنة وانتم طيبون و2017 تكون سنة مبروكة علي الجميع، ما حدث في البطرسية من ثلاثة أسابيع واستشهاد عدد من أبنائنا وأحبائنا معظمهم من السيدات والصغيرات وإصابة آخرين محزن جدا، لكن فرحة ميلاد المسيح أكبر من أي حزن، فرحة بداية السنة الميلادية أكبر من أي حزن، السبب الثاني ونحن نودع هؤلاء الشهداء نقول إننا نودعهم علي رجاء القيامة، وأرجو أن تتوقف عند هاتين الكلمتين، رجاء وقيامة فالكلمتان فيهما معاني الفرح وخاليتان من معاني الحزن ، فالرجاء هو الأمل ولا ينقطع أمل الإنسان ، والقيامة هي قيامة السيد المسيح التي من خلالها قيامة الإنسان في الحياة الجديدة، سبب ثالث ومهم جدا أننا نعرف هدف ما حدث وهو الفرقة والانقسام في حياة الوطن، وضرب العلاقة القوية بين كل المصريين، فإن استمر الحزن وتعالت الأحزان بهذه الصورة يكون ذلك تحقيقا لهدف الحادث، ففرحة الاحتفال بميلاد المسيح والتي تأتي بعد شهر تقريبا من هذا الحادث تغطي علي كل شىء، وتعطينا رؤية للأمام وفرحة..أنا صليت مع أسر الشهداء والمصابين أول قداس في السنة الجديدة وتناولت معهم طعام الإفطار وكلهم كانوا متعزين وفرحين وعايشين بمنتهي الأمل، أن أبناءهم الذين ذهبوا الي السماء يصلون من أجلنا .
 

هناك من تصور أن الدولة ربما ضغطت علي قداستكم لإقامة الاحتفال بعيد الميلاد وتجاوز الحدث ؟
 
ــ لا لا ..لم يحدث إطلاقا.. خالص خالص .
 

وبأي ذنب قتل هؤلاء الشهداء من الأطفال والفتيات الصغار والنساء والرجال الذين كانوا يصلون؟
 
ــ مفيش ذنب ولا حاجة، الاستشهاد له ثلاثة أشكال من أجل الوطن ، من أجل الإيمان، من أجل العفاف ، هذه هي الأسباب الثلاثة ، هؤلاء شهداء من أجل أنهم مصريون ، من أجل إيمانهم بالمسيح، علشان كده الموضوع ده تم في الكنيسة وفي وقت صلاة، لكن الغرض الخبيث أو الماكر وراء ذلك وهو إيذاء مصر ، علشان كده المصاب الذي حدث لم يكن مصاب الكنيسة ولكن مصاب مصر ، وفي المجلة الرسمية للكنيسة مجلة الكرازة، كان عنوانها الرئيسي مصر تودع شهداء الكنيسة البطرسية ومعها صورة للصلاة داخل الكنيسة وأخري للجنازة الشعبية .
 

قلتم سابقا إن الاعتداء علي الكاتدرائية في إبريل 2013 أكثر موقف أحزن قداستكم كيف تقارنون حادث البطرسية بالاعتداء علي الكاتدرائية ؟
 
ــ أولا.. لا مقارنة بين الوضعين.. الاعتداء علي الكاتدرائية كان في وقتها بعد حادث في الخصوص وكانت المرة الأولي التي يتم فيها الاعتداء علي الكاتدرائية ككل، أقدم وأكبر كنيسة في الشرق الأوسط، وهو أمر لم يحدث في التاريخ أن يتم الاعتداء علي المقر الرئيسي للكنيسة والبابا، أما حادث البطرسية فجري بالصورة التي عرفناها وبالطبع كان في منتهي الألم لأن أعدادا كبيرة استشهدت وبلا شك هو أمر مؤلم للغاية وتفاصيله محزنة للجميع ويخرج عن نطاق الإنسانية.
 

هناك تساؤل لدي قطاع من الأقباط.. هل التسامح يغري البعض بالإساءة إلي الاقباط أو اضطهادهم؟
 
ــ أولا.. أعترض علي كلمة «اضطهاد»، فعندما تقرأ التاريخ المصري المسيحي كلمة اضطهاد كانت تعلن في أيام الدولة الرومانية، أيام دقلديانوس أعلن الاضطهاد وبنوده واحد اتنين ثلاثة أربعة وكأنه قرار ، فكلمة اضطهاد خارج النطاق ، المعاناة توجد علي الأرض، نحن نسمي السماء ، سما يعني عالية ، وبالتالي مقابل لها الأرض يعني دنيا، تحت، السيد المسيح في الكتاب المقدس ، صرح مرات ومرات، وقال (في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم) إحدى الآيات في إنجيل معلمنا يوحنا ، أيضا قال (طوبي لكم إذا طردوكم وعايروكم وقالوا عنكم كل كلمة شريرة من أجل اسمي ، افرحوا وتهللوا) وقس علي هذا عبارات كثيرة هذه وصية ونحن نتبع الوصية ، ولا نستطيع أن نسأل عن الوصية الي متي ؟ فانت تسأل عن القوانين الأرضية الي متي؟ ولكن الوصية الإلهية وكلمات السيد المسيح وحياته تعلمنا ذلك وهذا هو أسلوب المسيح وأسلوب كل إنسان مسيحي حقيقي .
 

سامحني قداسة البابا.. هناك من يري أنك محسوب علي النظام أكثر من دفاعك عن قضايا الأقباط؟
 
ــ أنا مصري قبل أي شئ ..وأدافع عن مصر بلدنا هذا هو المبدأ العام وما يقوله البعض بهذه الصورة ليس صحيحا ، لكن البعض لا يتمني أن توجد حالة من السلام والتناغم بين كل أطراف الدولة وكل مفردات المجتمع المصري، وإن وجدت حالة من التناغم والسلام فنشكر ربنا ، ونحن قاسينا كثيرا في فترة السنة المظلمة ( 2012 / 2013 ) وكنا في حالة صدام، وكلنا مصريون -مسلمين ومسيحيين- نعمل حاليا من أجل بناء بلد جديد.. ونخرج من أزمات ونقيم مشروعات عملاقة وكل هذا لا يصنعه فرد ولكن الجميع يشارك فيه ، وأن تكون الكنيسة مشاركة وفاعلة فهذا لمصلحة المجتمع، والسيد المسيح قال أنتم ملح الأرض، أنتم نور العالم، أنتم (خميره) علي رأي القديس بولس الرسول كل هذه الصفات النور، الملح ، الخميرة، يجب أن تشتغل وسط المجتمع تنور ، تخدم تتعب ، تتشارك في الآلام والأفراح وهكذا، ولمن يقول هذه الكلمات نقول له تذكر السنة السوداء التي مرت علي تاريخ مصر .
 

هل ترون بشكل أو آخر أن الأقباط يدفعون ثمن مشاركتهم في ثورة 30 يونيو ؟
 
ــ لا ، لا .. فالقوات المسلحة والشرطة والقضاء والمجتمع كله ، يسقط منه شهداء ، هذه المقولة ليست حقيقية إطلاقا، لكنها جميعا أوراق يراد الضغط بها لإرجاع ما كان موجودا من قبل، من أوضاع رفضها الشعب المصري كله .
 

كيف ترون طريق الخلاص من الإرهاب وإعادة المجتمع المصري الي ما كان عليه من تسامح ؟
 
ــ بعض الحاجات التي تسهم في هذا الأمر عوامل التنمية خاصة في القري محتاجة إلي تنشيط لتفتيح العقول ، أيضا التعليم بكل أشكاله ومنظومة التعليم المصري تحتاج كثيرا جدا، ولا تنظر للتعليم في العاصمة والمدن الكبري ، أتحدث عن التعليم في خمسة آلاف قرية وطبيعته وجودته، وما يقدم للعقول في السن الصغيرة من ابتدائي .. خريجو كلية التربية أحد مفاتيح هذه القضية ، أضف الي ذلك التوعية من جانب متخصصين يعرفون كيفية المخاطبة من خلال الإعلام والسينما والدراما والبرامج، نقطة أخري القانون الحاسم وجود قانون مفعل وقوي، فالقانون وضع كفن لتنظيم الحياة لذلك لابد أن يكون فيه جانب الردع، وجانب الردع إذا تأخر عن موعده لا يكون رادعا، فنحن شعب ينسي بسرعة، وأعتقد أن كل هذه الأمور تحتاج إلى متخصصين يدرسونها لأن كل ما يحدث بعيد عن الحياة المصرية وطبيعتها تماما، مصر لم تعرف عنفا، مصر التي تشرب من مياه النيل لا تعرف عنفا أبدا وكما النيل هادئ ، فالطبيعة المصرية دائما هادئة ومعتدلة .
 

ماذا تقول قداستكم لمن يشعرون بخوف من دخول الكنائس بعد حادثة البطرسية ؟
 
ــ مثل هذه الحادثة استثناء «exabtion» تشبه من يكتب علي سطر بانتظام وكلمة تنزل منه تحت السطر ويكمل كتابته علي السطر ، حادثة الكنيسة البطرسية حاله استثنائية.
 

فاجأتنا أمريكا بمشروع قانون تقدم به النائب الجمهوري ( ديڤ تروت ) يطالب فيه وزير الخارجية الأمريكي بتقديم تقرير سنوي للكونجرس بشأن ترميم الكنائس والممتلكات المسيحية التي تضررت عقب فض رابعة في 2013، كيف استقبلتم هذا المشروع وما هو تعليقكم عليه؟
 
ـــ ضحك البابا ساخرا.. وأضاف: وأين كانوا من 2013 ثم غير مقبول بأي صورة وبأي وجه ومن أي شخص أن يدخل في علاقتنا الوطنية داخل مصر، «مرفوضة تماما خالص» تحت أي بند وتحت أي مسمي مرفوضة تماما، وكما علق البعض قائلا: (دي ناس فاضية)..!
 

وكيف ترون ترميم «البطرسية» في هذا الوقت القصير وماذا عن الكنائس الأخري ؟
 
ــ الكنيسة البطرسية عادت زاهية والأعمال الكبيرة كلها تمت وصلينا فيها في بداية العام الجديد، وأشكر الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لأنها خلال أيام معدودة سابقوا الزمن وعملوا 24 ساعة يوميا تم الترميم ونشكر الله ، بالنسبة للكنائس الأخري 95% الي 97% تم ترميمها والناس بتصلي فيها والدولة والرئيس والقوات المسلحة قاموا بكل الواجب، وكما وعد السيد الرئيس في عيد الميلاد 2016 أوفي بوعده، أن الكنائس سيتم إصلاحها والدولة أنفقت علي عملية الإصلاح ، وهذه مشاعر طيبة ورجعت الامور لحالها ولصالحها وربما في بعض الأماكن أفضل .
 

هل تشعر أن هناك مشروعا لتخويف المسيحيين، بهدف تفريغ الشرق الأوسط منهم ؟
 
ــ نتيجة «السياسات الغربية الخاطئة» والأخطاء التي تمت في العراق وها هي تتم في سوريا يتم تفريغ المسيحيين وهذا خطأ تاريخي كبير، الشرق الأوسط مهد الأديان ووجود المسيحيين فيه مع إخوتهم المسلمين هذه هي التركيبة الخاصة بالشرق، وروح الشرق التي لها طبيعة خاصة لا تجدها في أي مكان آخر فتفريغ المسيحيين من الأماكن التي نشأت فيها المسيحية وفيها التاريخ والتراث خطأ بالغ ، الخطورة علي استقرار العالم، والحل ليس أن تستضيف دولة غربية مسيحيي العراق مثلا ولكن الحل هو مساعدتهم علي الحياة في مكانهم وبلدهم وهزيمة من يقوم بالأعمال الإرهابية وحصر العنف وبتكاتف الجميع ضد الشر .
 

هل عدم إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية طوال هذه السنوات أحد الأسباب التي تغذي التطرف يوما بعد آخر؟
 
ــ القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولي وقضية مصر الأولي، فنحن دولة جارة لفلسطين ، وطبعا حل هذه المشكلة سيسهم الي حد بعيد في استقرار الأحوال في الشرق الأوسط بصفة عامة .
 

صدر قانون بناء الكنائس وعبرتم عن سعادتكم البالغة به بوصفه تصحيحا لأوضاع غير سوية استمرت 160 عاما لكن هناك من يري أن به ثغرات وأن الأفضل أن يصدر قانون بناء دور عبادة موحد؟
 
ــ كانت الكنائس تبني بلا قانون.. فمجرد وجود قانون ينظم العمل فهذه خطوة، الأمر الثاني أنه كان بناء الكنيسة لابد أن يتم من خلال قرار جمهوري، يعني كل الجمهورية تصب عند الرئيس، الآن بناء الكنيسة ممكن يتم من خلال الإدارة المحلية ممثلة في السيد المحافظ ، وهذا يعتبر إنجازا أيضا، من الأمور الجيدة الأخري في القانون أنه أصبح هناك إطار زمني للعملية، أنا شخصيا أتذكر أنني قدمت وأنا أسقف طلب بناء كنيسة يوم 17 سبتمبر 1997 وتمت الموافقة عليها في 2013، هذه الفترة 16 سنة لم يكن يحكمها إطار زمني، ومن خلال القانون تستطيع أن تبحث عن حقك، وهذه أول مرة يكون هناك قانون وحتي اذا كان يري البعض أن هناك ثغرات، فالتطبيق سيظهر هذه الثغرات والقانون ممكن يتعدل أو يتغير، فقد أصبح هناك هيكل، أما قانون موحد لدور العبادة فليس في محله لأنه شئ طبيعي أن المسجد غير الكنيسة ، فالكنيسة فيها معمودية ولا توجد في المسجد ، الكنيسة فيها مكان لخبز القربان نسميه (بيت لحم) المسجد لا يوجد فيه، وقانون بناء الكنائس معتمد أساسا علي قانون البناء العام المصري .
 

كيف نحقق المواطنة وكيف تري الخطوة التي قام بها رئيس جامعة القاهرة بإلغاء خانة الديانة ؟
 
ــ إلغاء خانة الديانة في جامعة القاهرة خطوة جيدة من أجل تحقيق المساواة وعدم التمييز ، ونحن معظمنا أسامينا تكشف الديانة، أنا تعجبني جدا تجربة دولة الإمارات فسكانها الأصليون نحو مليون، ويعيش مع هذا المليون ما يقرب من 180 جنسية ولنا كنيسة قبطية في جبل علي أمامها (معبد بوذي أو سيخي) ويعيشون في سلام كامل، وتحسبا أن يشعر واحد في الإمارات بأنه لا يتساوي مع الآخرين تم إنشاء وزارة للتسامح، والسيدة الوزيرة لبني القاسمي جاءت لزيارتنا هنا في الكاتدرائية وجاء معها وفد من كل العقائد ، هذه الخطوات الصغيرة تساعد في بناء رؤية جديدة ، الدين اعتبار شخصي للإنسان سيحمله معه بعد حياته ويقف به أمام الله فقط ، لكن وجودنا في مجتمع وجودنا في بلد واسم وطن نحمله جميعا يجب أن يكون الجميع متساويا ، فقبل أن أكون مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو أي ديانة أنا إنسان ولدت علي أرض مصر فأنا مصري وهذا هو العامل المشترك الذي يجمعنا كلنا.
 

هل تتعرض مصر لمؤامرة للتضييق عليها في أمور كثيرة، منها ملف المياه والقضايا الاقتصادية والخلاف حول بعض المناطق الحدودية الي آخره؟
 
ــ لست متخصصا في الشئون السياسية والعلاقات الدولية ولكن رؤيتي ربما يكون هناك شكل من أشكال المؤامرة لأن مصر لو نهضت فستكون مثل المارد وأعتقد أن البعض، لا يريد لها أن تكبر بهذا الشكل، مصر كانت سنة ألفين قبل الميلاد قائدة العالم ورائدة العالم، مصر لها تاريخ وحضارة وتميز وهي صاحبة أول حكومة مركزية ، وبالتالي أنا أشعر بأن مصر التي قارب عدد سكانها علي مائة مليون ربما تكون تتعرض لمؤامرة فعلا .
 

ذهبت قداستكم للقاء العاهل السعودي الملك سلمان دون أن تحمل الصليب في يدكم كعادتكم .. فتعرضت مواقع التواصل الاجتماعي بالنقد للامر ؟
 
ــ أنا ملابسي كلها صلبان وعلي صدري يوجد صليب والوضع الطبيعي للبطريرك أو الأسقف أن يكون هناك صليب في اليد ، أنا عندما أكون في مجتمع والتقي أناسا لا أعرفهم لا أصافحهم والصليب في يدي فربما يجد غير المسيحيين حرجا في ذلك ولذلك أنا وضعت الصليب في جيبي ، وانا مع ملك السعودية وهذا أفعله في لقاءات كثيرة ، وهناك فريق آخر علي مواقع التواصل الاجتماعي عرضوا صورا لبطاركة سابقين في مقابلة مسئولين لم يكن الصليب في أيديهم ، وهذا أمر ليس له معني .
 

هل يصل قداستكم ما يرد علي مواقع التواصل الاجتماعي وفيه انتقاد لبعض مواقف الكنيسة ؟
 
ــ يصل لنا جزء كبير منها وبعض الأمور نرد عليها إذا كانت تحتاج إلي رد ، وهناك أشياء يكون الشخص المتحدث يتكلم عن غير معرفة ولذلك أنا أحب أن أوجه كلمة أو سؤالا أو طلبا ، من له وجهة نظر معينة أهلا وسهلا به يأتي ويتحاور معنا وليس لدي أي مانع أن أجلس مع مجموعة من الشباب يريدون أن يستوضحوا بعض الأمور ، ولكن نحن بأمانة نخدم الله ونخدم الوطن .
 

لمن يشكو البابا ؟
 
ــ أشكو لربنا وأصلي من أجل هؤلاء الناس الذين يتسببون في آلام الآخرين عن غير معرفة للأسف الشديد نحن لا نحترم قواعد الحوار ، مواقع كثيره يستخدمها البعض في ألفاظ لا تليق ، ومجرد أن يبدأ الانسان في استخدام ألفاظ غير جيدة تعرف أنه فارغ من الداخل ، والمثل العامي يقول ( الفاضي يعمل قاضي ).. (لكن اللي شغال مش فاضي للقيل والقال) .. أيضا يقول المثل ( اللي ايده في الميه مش زي اللي ايده في النار ) .
 

ما الجديد في قانون الأحوال الشخصية ؟
 
ــ قانون الأحوال الشخصية حاليا في المراجعة لدي الكنائس بكل طوائفها ، ونيافة الأنبا بولا يلتقي بممثلي هذه الطوائف وعقب إجازة عيد الميلاد سنجلس معا لوضع الصورة قبل النهائية حتي لتقديمه للبرلمان إذا كانت هناك فرصة .
 

هناك شعور بأن موقف الكنيسة من منع زيارة الأقباط للقدس ستحدث فيها انفراجة قريبة بعد زيارتكم للصلاة علي جثمان المطران الأنبا ابراهام ؟
 
ــ قرار منع زيارة الأقباط القدس تم اتخاذه قبل ثلاثين عاما خلال هذه السنوات تضاعف عدد الأقباط الموجودين خارج مصر الذين هاجروا هؤلاء يطلبون عند زيارتهم للقدس أن يرافقهم آباؤهم فقلنا كبار السن لو أتيحت لهم فرصه مع أولادهم فلا مانع ، لكن نحن لم نفرج عن شئ ولم نغير في هذه السياسة إطلاقا، وموقفنا من منع الأقباط من زيارة القدس كما هو ولن ندخلها إلا مع إخوتنا المسلمين .
 

ماذا تقول عن قانون ازدراء الأديان وهناك شبهة التعامل بمعايير مختلفة في بعض الحالات تجاه هذا الدين أو ذاك ؟
 
ــ أنا لا أحب أن أعلق علي أحكام القضاء ولكن قانون ازدراء الأديان يحتاج مراجعة .
 

الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعانيها الجميع كيف ترونها وكيفية الخروج منها ؟
 
ــ أنا دراستي دراسة طبية كخريج صيدلة، والتعامل مع المرض يأخذ شكلين: شكل المسكنات ، لتسكين الألم ، وشكل الجراحة لإنهاء الألم ، المجتمع المصري اقتصاديا أخذ مسكنات لأكثر من ثلاثين أو أربعين سنة، وكان يجب أن يأتي وقت للعلاج بالجراحة ، واذا جاءت الجراحة في وقتها يكون الأمر سهلا علي الطبيب والمريض ولكن إذا تأخرت الجراحة يكون فيها متاعب شديدة ، أعتقد أن الجراحات التي تتم حاليا للاقتصاد المصري هي جراحات كان يجب أن تتم من عشرات السنين ولم تتم ، ولذلك نحن نشعر بثقلها ولكن هذا الثقل سيخف يوما بعد الآخر ، وسنخرج من الضيقة الاقتصادية الي الرحب والسعة الاقتصادية ، وما يتم علي أرض مصر من مشروعات غير مسبوق فعلا وهو بناء للمستقبل والأجيال المقبلة .
 

مطمئن الي مستقبل مصر ؟
 
ــ مطمئن جدا جدا .
 

ما الذي يحن إليه قداسة البابا بعد الجلوس علي الكرسي البابوي أربع سنوات ؟
 
ــ أحن إلي قلايتي والي خدمتي السابقة كانت خدمة هادئة ولطيفة ومعزية ومفرحة .
 

هل فكرت في الاستقالة في أي لحظة ؟
 
ــ ضحك قداسته، ثم أردف: لا «مفيش استقالة في الشغلانة دي «..!
 

في مطلع العام ..رسالة ماذا تكتب فيها ولمن توجهها ؟
 
ــ أوجه رسالة للشباب المصري الذين هم ثروة مصر وأقول لهم رفقا بالوطن، الوطن الآن في حاجة لكل يد تعمل وليس الي كل فم يتكلم ، فهذا وقت عمل ، وأقول لهم أيضا خلي دايما عندك رجاء وباب مفتوح، و لمن يأخذون مركبا في عرض البحر ليغادروا مصر ، انتظارا للجنة الموعودة وقد تكون هذه الجنة في قاع البحر أقول حياتك أغلي من ذلك .
 

وماذا تقول للشاب الذي فجر نفسه بحادث الكنيسة البطرسية ؟ ولمن أقنعه بذلك ؟
 
ــ أقول له ربنا يسامحك.. وثانيا: ربما حياتك كانت ستكون أفضل من ذلك كثيرا لكنك عشت في أوهام، أوهام كاملة وهذه الأوهام أدت الي هذه المأساة ، وجلبت العار لأسرتك ولمجتمعك ، والبلد الذي نشأت فيها والمدينة والقرية ، وعملك لم يكن فيه أي شكل من أشكال الشجاعة بل هو عمل جبان وعمل خسيس الي أقصي درجه وانتظر عقابك أمام الله الديان العادل ، لكن احنا علي الأرض نقول لك ربنا يسامحك ، ونفس الرسالة أوجهها لمن أرسله .

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز