عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

ناهد زيان تكتب: ميريل ستريب الأسطورة الناعمة

ناهد زيان تكتب: ميريل ستريب الأسطورة الناعمة
ناهد زيان تكتب: ميريل ستريب الأسطورة الناعمة

تابعت بمتعة بالغة حفل توزيع جوائز الجولدن جلوب الرابع والسبعين . والجولدن جلوب أو الكرة الذهبية هي جائزة رابطة هوليود للصحافة الأجنبية وتحظى باهتمام وشهرة ومكانة مرموقة لدى صناع السينما والمسلسلات الأمريكية.  



متعة بالغة-على الأقل من وجهة نظري- أن تشاهد نجوما كبارا لطالما تابعت أعمالهم باهتمام وشغف وتركيز وهم يصرخون فرحا بفوزهم أو فوز زملائهم بجائزة هي واحدة من أرقى الجوائز الفنية في هيوليود عاصمة الفن والسينما الأمريكية.

كان الحفل شيقا وممتعا ومليئا بالفكاهة من نجوم السينما الأمريكية الذين تبادلوا فقرات تقديم الحفل بشكل غاية في الحرفية والسلاسة والبساطة والدقة في وقت واحد. وإن كان الحفل بجوائزه ونجومه وأضوائه المبهرة ليس ما استوقفني بقدر ما استوقفتني ميريل ستريب الممثلة الأمريكية الكبيرة التي تعدت الستين ولا زالت تحصد الجوائز وتقدم أفلاما قوية بأدوار بطولة تترشح من خلالها للأوسكار والجولدن جلوب وغيرهما.

ميريل ستريب كرمت في حفل الجولدن جلوب الأخير عن مشوارها التي وعن مجمل أعمالها التي برعت فيها وأبدعت بشكل لا يختلف عليه اثنان غير أنها عندما صعدت على خشبة المسرح لتتلقى جائزتها وتلقي كلمة مقتضبة شأن كل الفائزين بجوائز في تلك الليلة لم تفعل مثلهم فتشكر من شاركوها مشوارها أو ساعدوها على النجاح ولم تتحدث عن مدى شغفها وحبها لهذا الفن الذي تقدمه والأدوار التي تتفنن في إتقانها وإجادتها حتى لقبت ب"الأسطورة الحية"، بل قامت السيدة باستغلال تلك الفرصة وأنظار العالم موجهة إليها وكل أمريكا تتابعها بكاميراتها وعبر محطاتها التلفزيونية الكثيرة فكان أن وجهت النقد اللاذع لدونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتخب الواقف على أعتاب البيت الأبيض لما صدر منه من تصريحات عدائية ضد الهجرة والمهاجرين للولايات المتحدة.

فبعد أن استعرضت بسرعة وذكاء شديد الأصول المختلفة لأشهر الفنانين الموجودين تلك الليلة معها في حفل الجولدن جلوب والذين يمتعون الجمهور بفنهم وأدائهم وعاشوا وانسجموا في المجتمع الأمريكي قالت-وأقتبس من كلمتها-:"إذا هوليود تمضي بالغرباء والأجانب ولو طردناهم جميعا، لن تجدون ما تشاهدونه سوى كرة القدم الأمريكية ولعبة تختلط بها الفنون القتالية، هي ليست بفن"

"كان هناك أداء واحدا أذهلني خلال هذا العام، غرس خطافه في قلبي، ليس لأنه جيد، فلا شيء جيد فيه على الإطلاق، لكنه كان مؤثرا وقام بوظيفته وهو إضحاك الجمهور حتى ظهرت أسنانه. كان اللحظة التي قام الشخص الذي يسعى للجلوس على المقعد الأكثر احتراما في الدولة بتقليد صحفي معاق.شخص ما لا ينافسه في النفوذ والسلطة والقدرة على الرد. انفطر قلبي تقريبا عند متابعة ذلك، وإلى الآن غير قادرة على محوه من عقلي، لأنه لم يكن فيلما. كان في الحياة الواقعية، رغبة الإذلال تلك حين تتملك شخصا في المجال العام، شخصا قويا، فإنها تنعكس على حياة كل شخص، لأنها بشكل ما تعطي تصريحا للآخرين بفعل نفس الشيء". وأضافت ستريب:"عدم الاحترام يجلب عدم الاحترام، والعنف يجلب العنف، وعندما يستخدم القوي مركزه في الإساءة إلى الآخرين نخسر جميعا. نعم تعايشوا مع ذلك" .

كانت ميريل ستريب تتحدث عن قيام ترامب بالسخرية من صحفي معاق في أحد التجمعات الانتخابية بولاية ساوث كارولاينا الأمر الذي أضحك الجمهور وقتها مما دفعها للتعبير عن ذلك بأنه" الأداء الذي أذهلها خلال عام 2016"" وانه غرس مخلبه في قلبها" عبرت عن ذلك وهي تبكي!!!

واختتمت ميريل كلمتها بالتأكيد على أهمية الصحافة ودورها "نحتاج إلى صحافة قائمة على المبادئ لتحاسب القوي، لتستدعيه مع كل إساءة. وهذا سبب قيام آبائنا المؤسسين بالنص على الصحافة وحريتها في الدستور" .

وهكذا وجهت ميريل ستريب رسالة مسموعة واسعة الصدى والتأثير لرئيس دولتها المنتخب دون خوف أو توجس أو تردد بشكل يجب أن يتخذ مثالا وقدوة في كيفية نبذ العنف والخطاب العنصري مهما كان نفوذ ومكانة هذا الشخص الذي تحدث بتلك الطريقة الغبية المتهورة.

ميريل ستريب بحق هي من ينطبق عليها مصطلح القوة الناعمة التي لها تأثير وكلمة ورأي تجذب الجمهور لسماعها وتدفعه لتغيير مواقفه أو على الأقل إعادة النظر فيها.

الأمر الذي يدفعنا لطرح تساؤل هام وملح: متى سنرى ميريل ستريب مصرية أو عربية لا تسير وسط الحشود وتتحدث بلهجة باقي السرب ولا أقول القطيع؟؟ امرأة تقوى على

مواجهة المخطئ مهما كان موقعه ونفوذه ولومه على قسوته على من هم دونه قوة ونفوذا وسلطة، وتدافع عن الحرية والكرامة ؟؟ مجرد تساؤل حالم ليس إلا.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز