إيمان منير تكتب : ماذا لو انها لم تكن كذلك !
الرابعه صباحا
كانت تتكئ علي جانبها ، ممده ف غرفه مظلمه ، تنظر الي السقف ، كعادتها تحاول النوم ويهرب منها ، تمسك هاتفها تقلب ف صورها ، كانت بطله هذه الصور ، أين تلك الابتسامات والضحك ، أغابوا بين طيات الزمن ، ام خيباتها المتكرره أفقدتها ابتسامتها مره بعد اخري ؟! .
تذكرت كم كانت جميله حينها ، كيف كانت تقضي يومها ولا يعكر صفوها شئ ، كيف كانت قويه لا يؤثر فيها شئ .
كانت تفكر ، هل يعقل ان يفقد الانسان حواسه دفعه واحده ؟ ، يصبح متبلِّدا كالثلج تجاه كل ما يدور حوله ، لا يتأثر بشئ ، كيف يصبح بلا عاطفه ؟ وكأن حواسه نقصت واحده ، يصبح قلبه كالبيت الخاو الذي تدخله الريح من الباب الأمامي وتخرج من الباحه الخلفيه دون ان تؤثر فيه ! .
هربت دمعه من عينها ، نزلت ببطء علي خديها ، اغلقت عينها في محاوله لرؤيه حياتها المنصرمة ، اثنان يتشاجران في عقلها ، لماذا الصوره غير واضحة ، مشوشة ! ، افقدت روحها ! .
أليس من الغريب ، انها لم تعد تهتم بأشياء كانت أولوياتها في السابق ، أشياء استنفذت كل طاقتها ومشاعرها وعمرها عليها ، لماذا لم يعد الموت والفراق يحدثان تأثيرا عليها ؟ ، أهؤلاء الأحبه الذين فقدتهم في دوامه الحياه ، كانوا عزيزين عليها الي هذا الحد الذي يجعلها لا تتأثر بفقدان غيرهم ، ام انها مازالت تعاني من فقدانهم حتي فقدت مشاعرها وتبلد إحساسها .
كانت تجلس تتذكر انها لم تجد من يقف بجانبها في ازماتها ، تفكر كم كانت وحيده وقتها ، ليقسو قلبها مره اخري وتتبلد مشاعرها ، ولكن تعود تفكر ، أليس من الاجدر ان تعذرهم جميعا ، لكون الأمر اصبح محتوما ، والمصائب عمت الجميع ، ألا يجب ان تجد بعض المبررات لهم ، وتعيد صياغتها بشكل لا يقبل الشك كما تفعل دائما .
كانت تحنو تاره وتقسو تاره ، أهي الصدمه ذاتها ؟ أليس من المعقول ان مارست سطوتها عليها ، وصيرتها انسانه اخري مختلفه عما كانت عليها .
فكم حولت الصدمات أناس طبيعين الي مجانين ، كانت نحمد ربها انها لم تفقد عقلها حتي الان ، مجرد تغيرات في طبعها ، وبرود في الاعصاب .
كانت تحاول ان تبدو علي طبيعتها ، كانت تواجه الحياه بكل وجهوها وهي تملك وجه واحد فقط .
كلما حقدت علي المجتمع بسبب خبث محتوياته وسفاهته ، نامت علي المشكلات ونسيت ما انصرم من احداث وبدأت من جديد مع شخصيات ووجوه جديده وربما هي ذاتها التي تعاملت معها وكانت سيئه معها ، تقول الآه فيخرج من أنفها رماد اسود ! لأنها دائما تعود صافيه النوايا ، لا تعرف كيف تكون خبيثه مثلهم .
كانت دائما تحسد من ينمقون كلامهم ويزوقونه ويضيفون اليه بحركات الجسد ، كانت دائما تحسد من لديهم القدره علي الاقناع مع انهم كاذبين .
كانت تتمني ان تصبح مثلهم ، لعلها تملك نصف حظهم في الحياه ، ولكنها وصلت لنهايه محتومه بأنها يجب ان تكون هي ، وان تتعامل بوجهها الواحد وجوه الحياه جميعها .
لكنها كانت مشكلتها في الوقت نفسه الذي كانت فيه اهم مميزتها ، الا انها لم تلاحظها الا بعدما حدث ما حدث ، ثم فجأة تغيرت نظرتها للعالم ، حتي الأشياء التي كانت تراها عظيمه جدا ، اصبح من التفاهه ان تبعد نفسها عن سماعها .
ثم فجأة فكرت ، ماذا لو انها لم تكن كذلك ؟ ، ماذا لو ان كل ذلك لم يحدث ، ماذا لو انها لم تمر بكل تلك التجارب ، لم تعش كل هذه المشاكل ، ماذا لو كانت حياتها ورديه ، وجميع أحلامها تحققت .
ثم ادركت بعدها ، انها لولا كل ذلك ، لم تكن تتعلم ، تعلمت الا تبالغ في ردود فعلها ، تعلمت ان تعطي كل إنسان حجمه الحقيقي ، وان لا تجعل كل مشكله مشكله العصر ولا تجعلها تساوي جناح بعوضه ، تعلمت مبدأ لاافراط ولا تفريط ، فكلما زاد احدهم عن الاخر قتل ودمر ، كما دمر فيها من قبل .
مسحت دموعها وشكرت ربها علي كل موقف حدث معها ومشكله وقعت فيها ، ايقنت انها لولا كل تلك المشاكل ، لما كانت ستصبح تلك الشخصيه القويه المناضله ، التي لا تهب احد ، تقف في وجه الحياه ، لتعلن ان الله معها .
"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ "