دينا أبو الوفا تكتب: للسفر فوائده (1)
عارفين .....
للسفر و الترحال كما يقولون "سبع فوائد"، واستشهد هنا بأبيات للأمام الشافعى رحمه الله لخمسة منهم حين قال " تغرَّبْ عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تَفَرُّج همٍّ، واكتساب مــعيشة وعلم، وآداب، وصحبة ماجد "و أضف إليهما اثنين آخرين هما .استجابة الدعوة و رؤية الأحباب .....
و قد سافرت فى رحلة نيليه رائعة ما بين الأقصر و أسوان ، أكدت و برهنت فيها لنفسى ان للسفر كل تلك الفوائد و ربما أكثر بكثير
دعونى أبدأ بأول فائدة حصلت عليها و هى أننى ، و فى غضون يومين فقط ، تخلصت من العديد من ضغوط الحياة و تراكماتها بمجرد انى ابتعدت عن أجوائى المعتادة ، فبالرحيل بعيدا عن المشاكل نتناساها و ربما ننساها مؤقتاً و ربما أيضا نجد لها أفضل الحلول ، تماما كمن يأخذ بعض خطوات الى الوراء ليلقى نظرة أوضح و أشمل لصورة يحاول فهمها و فك رموزها
أما الفائدة الثانية ، فاسمحوا لى ان أخصص هذه الخاطرة بالتحديد لها ، نظراً لقيمتها الكبيرة
فقد بدأت و منذ اللحظات الاولى من الرحلة ، بتعلم دروس قيمة فى الحياة ، على يد مرشد سياحى يدعى "ممدوح " و اعتقد انى و برغم ضعف ذاكرتى المعروف عنى ، الا انى اثق تمام الثقه فى انى سأتذكره لأعوام كثيرة قادمة .....
تعلمت منه الكثير و أتَطلع للاستفادة منه اكثر فى الأيام المقبله
و لكن اول و أهم درس تعلمته منه و ترسخ فى ذهنى ، هو " ان يكون لديك قدر من العلم فتلك نقرة و لكن ان تتمتع بملكة توصيلها و القدرة على عرضها بشكل جذاب فتلك نقرة اخرى "
توصلت لهذة الحقيقه من "ممدوح " المرشد السياحى الذى انضم إلينا الْيَوْمَ و كان على قدر كبير جدا من العلم و المعرفة ، ليس ذلك فقط و إنما تميز بحسن الالقاء و ملكة جذب الانتباه
فقد نجح بسهولة و يسر متناهيين ان يجذب كل من حوله إليه فالتزموا الصمت و صغوا اليه بتشوق و اهتمام لكل ما يقصه عليهم
لم يفرض على أحد ذلك بالقول ، بل فرضه أسلوبه فى قَص تاريخ مصر القديم و بلاغته فى التعبير و لغة جسده المعبره و تعبيرات وجهه اللافتة و نبرة صوته القوية الواثقة
على غرار المرشد السياحى الذى انضم إلينا باليوم الاول الذى لم ينجح فى استقطاب اى منا اليه
فأخذت أفكر فى ما يفرقهما عن بعضهما و أتت لى الإجابة واضحه شامله تتلخص فى كلمة واحدة
" الشغف "
لقد كان ممدوح شغوفاً بثلاثة أشياء ترتب عليهم نجاحه الساحق كمرشد سياحى لنا
أولهم شغفه و حبه الواضح لوطنه " مصر " الحبيبه و ثانيهم شغفه و اعتزازه و فخره بتاريخها و حضارتها و ثالثهم شغفه و احترامه لعمله
فكان المثلث الذى ارتكز و اتكأ عليه ، حتى صارت العدوى بالشغف تنتشر و تتوغل بيننا جميعاً
و تساءلت فى نفسى اذا كان قد نجح و بتفوق معنا على هذا النحو ، فكيف يكون الحال مع السائحين الأجانب القادمون الى بلدنا العريق .....
و بهذا التساؤل ، ترسخ بداخلى اكثر ، اعتقاد طالما راودني و هو ان أهم ما تحتاج اليه هذه البلد العريقه حتى تعود لسابق عهدها و مجدها ، هو حب شعبها الصادق لها و احترام أمجادها وإتقان العمل الذى نمتهنه أياً كان
أليس هذا ما فعله أجدادنا الفراعنة قديماً ، كانت لهم رؤيه يصبون اليها فادركوها بالعلم و العمل !!!!!
هذا بالتحديد ما نحتاج اليه حتى نسير بها نحو مستقبل لأولادنا لا يقل قيمة و روعة عن ماض و تاريخ و حضارة أجدادنا ......