عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

شرين احسان تكتب :أحلام الصعيد و النهر المذبوح

شرين احسان تكتب :أحلام الصعيد و النهر المذبوح
شرين احسان تكتب :أحلام الصعيد و النهر المذبوح

 



سنوات طويلة من الإهمال و التجاهل عاشها أهالينا فى الصعيد وسط مشكلات مزمنة لا حصر لها أسفرت عن بؤر فى قلب الوطن تئن  فقرا و جوعا ..خرجت منها أذرع للعنف و الإرهاب و أفواج من الهجرة غير الشرعية بحثا عن الرزق و الحياة حتى لو كانت فى قاع البحر .

لا شك أن اختيار محافظة أسوان لاستضافة مؤتمر الشباب الدورى الثانى أمرا موفقا يبعث بارقة أمل  لأبناء الصعيد املأ فى الحصول على حقوقهم المشروعة فى التنمية و الاستثمارات و الحياة الكريمة .و قد لا يكون الالتفات إلى تنمية الصعيد أقل أهمية من تنمية سيناء فكلاهما عانى الأمرين من النبذ و الإهمال حتى باتت تنميتهما أمرا حتميا .. بل فى رأيى الشخصى أنهما أهم من بعض  المشروعات الكبرى التى بدأ العمل بها مثل العاصمة الادارية  فالاولوية تتطلب توفير أساسيات الحياة الكريمة للمواطن من مياة شرب نظيفة و رعاية صحية ،تعليم،سكن مناسب و فرص عمل و أن تتم بنفس سرعة الإنجاز و الكفاءة  .

و بالعودة إلى مؤتمر الشباب بأسوان و خاصة الجولة النيلية التى قام بها الرءيس السيسى بالمراكب الشراعية  فى مشهد رائع خلاب للنيل الخالد ..فما اروعها صفحة نيلنا العظيم سر الحياة على ارضنا الطيبة و لكن واااا أسفاه فما أكثر ما تحمله منا نحن المصرين ،الذين كان يقسم أجدادنا القدماء بطهر و نظافة النيل ليبرىء  نفسة من اى فعل مشين أو معصية ارتكبها فكان يقول " لم اقتل،لم أحرض على القتل ،لم أعذب أحدا ،لم الوث ماء النهر....."

و سرعان ما تبدل المشهد البديع للنيل العظيم فى افتتاح المؤتمر و حتى لا نصدق الصورة من بعيد و لا نتناسى مدى قبحها  لو أقتربنا  بالكادر أكثر..عندما خرج شاب من أبناء أسوان فى احدى جلسات المؤتمر يبعث برسالة استغاثة إلى الرءيس من أحد المصارف الشهيرة الشهيرة بالمدينة و التى حولت حياتهم إلى جحيم من التلوث و القاذورات  و الروائح الكريهة التى تنبعث منه ،حيث يلقى بكميات كبيرة من مياة الصرف الصحى و الصناعى  يوميا فى نهر النيل و هو ما يعرف بمصرف" السيل" أو" كيما" و قد كشف الشاب عن الأسلوب الملتوى  و النفاق المعتاد من جانب المسئولين لإخفاء جريمة بيئية ترتكب على مدار سنوات طويلة حيث قاموا بوضع حوالى 40 ماسورة لتصريف المياة الملوثة على النهر مباشرة لتجنب انبعاث الرائحة الكريهة  أثناء زيارة الرءيس للمنطقة .

هذا هو  أسلوب "الطرمخة" الذى اعتاد عليه المسئولين فى بلدنا و بالتأكيد مصرف كيما ليس هو الوحيد الذى يلوث النيل فما أكثر المصارف و ما أكثر الاستغاثات و شكاوى المواطنين فى الصحف و الفضائيات و لكن دون جدوى ..

فعلى فرع رشيد فقط يصرف حوالى 8 ملايين متر مكعب يوميا من ثلاث مناطق أولها مصرف الهراوى ممتد من محافظة الجيزة إلى المنوفية يصرف حوالى 3.5 مليون متر مكعب منها 1.9 مليون متر صرف صحى معالج معالجة مبدئية لا تقضى إلا على 50% من الملوثات إلى جانب 15 مصنع يقومون بالصرف فى نفس  المصرف ،و هناك أيضا مصرفى سبل و تلا .

أما فرع دمياط فيرمى فيه مصرفى "عمر بك" فى محافظة الغربية و مصرف "السرو" فى الدقهلية و تقوم مصانع المحلة بالصرف فى مصرف الغربية الذي يصب مخلفات فى بحيرة البرلس .

ناهيك عن محطات الكهرباء التى تستخدم كمية ضخمة من المياة للتبريد و تصل درجة حرارتها إلى 50 درجة مئوية فى حين أن المعدل القانونى يجب ألا يتجاوز 35 درجة ، و لدينا 14 محطة كهرباء على النيل و المجارى العذبة تصرف 6.5 مليار متر مكعب سنويا تسبب التلوث .

و بلغة الأرقام أيضا تشير الدراسات المتخصصة إلى أن تكلفة تدهور البيءة  فى مصر (هواء ،ماء،تربة ) تصل إلى 14.5مليار جنيه اى ما يعادل 4.8%من إجمالى الناتج القومى و تمثل تكاليف تدهور نوعية المياة و تلوث المجارى المائية حوالى 3مليار جنية سنويا اى 1%من إجمالى الدخل فضلا عن تراجع نسبة الصادرات الزراعية و ارتفاع معدلات الوفيات للأطفال بسبب تلوث مياة الشرب .

المشوار طويل و قد يكون مؤتمر أسوان خطوة على الطريق الصحيح لحل كثير من المشكلات المزمنة  وإن كان  الأمر يبدو صعبا فى ظل وجود مسءولين من هواة النفاق و الطرمخة  و التجمل فى الزيارات الرسمية فقط ، و إلا فإن كل محافظة من محافظات مصر فى انتظار دورها فى استضافة مؤتمر الشباب القادم

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز