عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أحمد حمدي يكتب : لم يتغير شئ

أحمد حمدي يكتب : لم يتغير شئ
أحمد حمدي يكتب : لم يتغير شئ

تسللت ليلاً لإحدى مقاهي وسط البلد التي كنت قد اعتدت أن اتردد عليها وأنا تلميذ في المرحلة الثانوية. ‏ ولكنه كان قد اختلف تماما‏. ‏ تغيرت ألوانه وأضواؤه‏. ‏ ونظرت إلى المقاعد قد تلونت وتشكلت وصغرت‏. ‏ ونظرت الي الجرسونات كلهم من الشبان‏. ‏ اقترب مني أحدهم. تبحث عن شيء؟




سألته إن كانت هذه التغيرات قد ادخلت علي المطعم من وقت طويل‏.‏ فأجاب‏:‏ بأن شيئا لم يتغير‏.‏ ولكن من الممكن أن تسأل جرسونا أقدم‏.‏ وجاء الجرسون وأكد أن الذي أراه هو الذي رآه هو من عشرين عاما‏.‏ فالمطعم كما كان طولا وعرضا‏.‏ لا أضيف إليه شيء ولا حذف منه‏..‏

جعلوني اشعر كأنني من كوكب آخر‏.‏ وأنني لم أر هذا المطعم من قبل‏.‏ سألت‏:‏ هل الجرسون كامل أبو كرش موجود فضحكوا‏:‏وجاء كامل‏.‏ وعرفني‏.‏ قائلا‏:‏ اهلا وسهلا‏.‏ لم نرك من أجيال‏.‏ اين صديقك فلان‏..‏ أين أنتما الأن‏..‏ هل عرفت المكان‏..‏ أنت كنت تجلس‏.‏ أكثر الوقت هنا..‏
لقد أجاب عن أسئلة في دماغي فقال‏:‏ لم يتغير شيء‏.‏ ولكننا تغيرنا‏.‏ كبرنا‏..‏ والذي كنا نراه كثيرا هو اليوم صغير‏..‏ لقد كان يملك هذا المطعم ستة اخوة‏..‏ ماتوا‏.‏ وأحفادهم هم الذين تراهم امامك‏.‏ لم يغيروا شيئا في المطعم الذي ورثوه‏...‏

لم يتغير شيء‏.

 وإنما نحن لم نعد هؤلاء الذين كانوا يجلسون علي أي مقعد حديدي ويأكلون أي طعام في أي وقت‏.‏ ولا يحسبون كم من الساعات ذهبت وكم بقي من أي يوم‏..‏ ولم تكن هناك لا أيام ولا كانت ليالي‏..‏ فالزمن موصول نهاره في ليله صباحه في مساءه‏..‏ وكانت المسافة بين بيتي القديم بحي شبرا الى منطقة وسط البلد (‏ فركة كعب‏)..‏ كيف كان من الممكن أن اذهب كل يوم مرة و مرتين في أسبوع واحد الى هذا المقهى ..‏ كيف كان من الممكن‏..‏ كيف يكون من الممكن أن يصبح كل هذا الوقت الطويل و الاعتياد الكبير مجرد ذكرى‏!‏
ولا أعرف الآن لماذا كان يقول لي أحد أصحاب المطعم‏:‏ هل ما زلت مهتما بالسينما و الشعر و الناس؟!‏

 ما الذي رآه في سلوكياتي يجعله يبحث عن هذه الصفات بي هل السبب أنه لم يعد يجد ما اعتاد عليه مني ، لقد كنت على محقاً

 يبدو أنني أنا الذي تغيرت.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز