عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رابح محمود يكتب: وجاء سعد

رابح محمود يكتب: وجاء سعد
رابح محمود يكتب: وجاء سعد

فى عاصمة الثقافة العربية، وفى مدينة إسنا، وعلى الجانب الأيمن من عتبة باب وكالته كُتبت هذه الكلمات العجيبة:



"نصر من الله وفتح قريب، وبشر المؤمنين يا محمد، قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، هو الأول والآخر سبحانه وتعالى، أحد صمد يا سيد سعد السعود يلوح أركانها دار مبارك"

إنها وكالة حسن بك الجداوى الباقية إلى اليوم والتى يقدر عمرها بثلاثمائة عام، والتى أشاد بها الفرنسيون عندما جاءوا بحملتهم إلى مصر وأعجبوا بها رغم تحضرهم وسبقهم، ولإعجابهم بها فقد أودعوها وصفهم الرائع "وصف مصر".

ترى ما سر هذا الكلمات المحفورة على عتبة باب الوكالة، هل تحمل حروفها سر الحفاظ عليها إلى اليوم؟!، إن الغموض يكتنف الكلام والحروف لكنه غموض له بهاء التاريخ، ورونق تلك الروح التى عاشت فى مصر، فى فترة من أكثر فتراتها زخما بالأحداث والقصص والحكايات والروايات والبطولات، حيث على بك الكبير ثم محمد بك ابو الدهب ثم ابراهيم بك ومراد بك ثم الحملة الفرنسية على مصر.

لكن النداء المحفور على بوابة الوكالة، ذلك النداء الموجه لسعد السعود، نداء عجيب، مثير مغرى، يغرى العقل والفكر والخيال، فما هو سعد السعود؟!.

إنى أدعوكم أعزائى القراء أن تصطحبونى فى رحلة نمتطى فيها الفكر والخيال لنرى العجب العجاب، فى رحلة لا يمكن لنا أن نمتطى فيها غير الخيال حتى اليوم.

رحلة إلى سعد السعود، وهو نجم عظيم من نجوم السماء، والرحلة شاقة مرهقة، لكنها رائعة جذابة مغرية مبهرة، رحلة فى الأفاق، بين الآيات والدلائل والشواهد، بين الكواكب والشموش وسنسبح حتما فى مجرتنا المسماة بدرب التبانة، بين الغبار الكونى والأقمار والنيازك، وسنعرج فى الأفاق فى بروج السماء العجيبة، لماذا نعرج ولا نسير فى خط مستقيم؟، هكذا السالك فى الأفق الكونى لا يمكن إن يسير فى خط مستقيم بل لابد أن يسلك طريقا كله منحنيات.

وإذا سُكِر البصر، أو جاءك إحساس أنك مسحور، فلا تخش شيئا ولا تخف، فإن طبيعة الأفاق ستحدث ذلك فيك لا محالة.

كم ستستغرق الرحلة العجيبة إلى سعد السعود؟، ستستغرق ستمائة وعشرة سنة ضوئية، ما معنى هذا؟، معنى هذا أننا لابد لنا من مركبة تسير بنا فى الفضاء بسرعة الضوء، أى تقطع فى الثانية الواحدة ثلاثمائة ألف كيلو متر، فإذا توفرت لنا هذه المركبة سنصل إلى هذا النجم "سعد السعود" فى ستمائة وعشرة سنة.

ولأن سعد السعود بهذا البعد العظيم، فإنه لم يضن علينا برؤيته، والنظر إليه والنظر إلينا، فى هذه الأيام من كل عام، حيث تخضر الأشجار وتنبت ورقها ويتساوى الليل مع النهار، فى هذه الأيام الجميلة، وقد اختيرت له من كل عام من اليوم الثامن من شهر مارس ويظل بعدها ثلاثة عشر يوما، يحل فيها ضيفا على عيوننا، يبدى لنا بريقه ويدخل السرور على قلوب عارفيه، وكان عارفوه قديما كُثر، فقد كانوا جميعا عارفيه ومحبيه وفيه قالوا " إذا جاء سعد السعود لانت الجلود، وذاب كل جمود، واخضر كل عود، وانتشر كل مصرود، وكره فى الشمس القعود".

إذن فالكلمات تحمل الأنس والتفاؤل، والدافع فيها هو حب الحياة وحب العمل، حب النبات والزرع والحصاد، هو حب الخير والبشرى والأمل.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز