عاجل
الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

نورهان حاتم البطريق تكتب: الجريمة الاجتماعية

نورهان حاتم البطريق تكتب: الجريمة الاجتماعية
نورهان حاتم البطريق تكتب: الجريمة الاجتماعية

وقعت منذ أيام قليلة جريمة قتل زلزالت محافظة الشرقية بكافة أرجائها وقشعرت أبدان أهاليها من شدة قسوتها وبشاعة أحداثها حيث قامت فتاة تبلغ من العمر 16 عام بقتل والدتها بمساعدة شخص ترغب الزواج منه وبتحريض من زوجة أبيها. والسبب وراء ذلك هو رفض والدتها أن تزوجها هذا الشخص خصوصا بعد أن أثبتت التحريات أن الولد تربطه صلة قرابة بزوجة أبيها و يعتبر بالنسبة لها ابن شقيقها. وعلي أساسه أعتقدت البنت أن والدتها العائق الوحيد الذي يقف بينها وبين حبيبها وظلت تفكر حتى دلها تفيكرها الشيطانى التخلص منها عن طريق كتم أنفاسها وخنقها حتى سقطت علي اﻷرض جثة هامدة السؤال هنا كيف تجردت البنت من مشاعرها الإنسانية ووصلت إلي هذه الدرجة من الحيوانية؟ وماذا فعلت زوجةاﻷب لكى تتمكن من السيطرة على عقلها كيف وصلت إلي هذه الدرجة من التنويم المغناطيسي وإقناعها بقتل أمها؟ وهل تأثير الشباب على البنات بحجة شعار الحب أقوي من عاطفة البنوة واﻷمومة؟ هل افتراق اﻷم عن البنت بعد الطﻻق مبرر لقتلها؟ وأين كان اﻷب عندما كانت زوجته وأبنته يخططون لهذه الجريمة؟



فالبعد النفسي والاجتماعي في هذه القضية أكبر من البعد القضائى والقانونى. فجرائم القتل التى أعتادنا عليها تنتج نتيجة مشاجرات في الشوارع . اختﻻف بين شخصين على ملكية بيت أو محل مثﻻ .قضايا تتعلق بالمواريث.خﻻف على اﻷجرة بين السائق والراكب أو تتطاول باﻷيدي بين مجموعة شباب وقام أحدهم بقتل اﻷخر تحت تأثير المخدرات.

فالمغزي من وراء هذه أمثلة وما أقصده أن جريمة القتل تحدث بين اثنين أغراب ﻻ يعرفون بعضهم البعض وﻻ يربطهم سابق معرفة ولكن عندما تصل هذه الجرائم إلي أفراد البيت الواحد وأن يكون القاتل إبنه والمقتولة أم. فعلينا أن ندرك أن الموضوع أكبر من حكم إعدام يتم اصداره وتنفيذه في البنت.

فنحن مجتمع ﻻ يتحلي بأخﻻقيات الطﻻق بمعنى أننا لم نرتقي بعد بتفكيرينا أنه مجرد انفصال بين زوجين لم يكتب الله لهم التوفيق في حياتهم الزوجية. فمجرد أن ينتهي المأذون من إجراءات الطﻻق يصبحون الأبناء  اﻷداة التى يحارب بها بعضهم البعض .

فاﻷوﻻد ينقسمون فريقين فريق منهم يتبع اﻷب واﻵخر مع اﻷم وكل منهم يحاول تحقيق الانتصار على اﻷخر من خﻻلهم . وبسبب الغرور والكبر الذي يتحلي به المطلقين فكل منهمامصرأن يشد طرف الحبل على أخره وهما ﻻيعلمان أن طرفي الحبل يلتفا حول رقبة ابنائهم.  فنحن مازالنا ﻻ تمتلك ثقافة تربية أوﻻد أسوياء بعد الطلاق.

وهذا ماحدث مع البنت فبعد أن طلق والدها أمها أخذ اﻷبنة وتزوج بأخري وصنع حياة جديدة لم يري فيها إلا نفسه و أرضي فيها رغباته ونزواته .ولم يلفتت إلي القنبلةالموقوتة التى أنجبها. فنتيجة البعد الطويل الذي قد يصل إلي سنوات وأكاد أجزم أن البنت لم تري أمها منذ حدوث الطﻻق إلي جانب شيطان مجسد على هيئة إنسانة اسمها زوجةاﻷب تحشو رأسها بأفكار مغلوطة أتجاه والدتها مع استغﻻل صغر سنهاوإدخال شخص يستغل ظروفها الاجتماعية باسم الحب وفي ظل عدم إجراء محاولات من ناحية اﻷم أن تري إبنتها أو قد تكون حاولت ولكن كل المحاولات باءت بالفشل بسبب قوة اﻷب وجبروت زوجة اﻷب .كل هذه العوامل كفيلة أن تجعل إبليس يوسوس لها ويهيئ لها أن أمها عدوة تكره سعادتها وأكبر دليل على ذلك أنها لم تفكر أن تسأل عليها وهي في بيت أبيها أو حتى تأخذها لتربيها مع بقية أخواتها.فعندما تجلس مع زوجة ابيها تردد هذه الكلمات على إحدي أذنيها وعلى الجانب الآخر يجلس حبيبها الذي يؤكد كﻻمها ويضعه في قالب من الكﻻم المعسول الذي يشبع أنوثيتها .بعد هذا الكﻻم ستخطو خطوات ثابتة أتجاه ماتنوي أن تفعله بهذه السيدة  .فهي بالنسبة لها مجرد اسم صادف كتابته في شهادة ميﻻدها. وليس كما يقال من البعض أنها والدتها التى كانت سبب في جودها في الدنيا كما كانت هي أيضا سبب إخراجها منها.

إلي جانب عوامل أخري ومنها البيئة التى تعيش فيها البنت وتدني مستوى التعليم فهي مازالت طالبة والشخص الذي يريد الزواج منها لم يكمل تعليمه ويمتهن مهنة أصحاب الحرف. وسوء الحالة الاقتصادية والاجتماعية للأب .ولا ننسى الحدوتة التى تتكرر دائما بعد كل طﻻق وهي غيرة الزوجة الثانية من اﻷولي فتركبيتها وطبيبة شخصيتها تجعلها تفكر في القتل بسبب غيرتها المجنونة على زوجها حتى وإن كانت طليقته.  ففكرة أن تري إبنته منها يشعل بداخلها بركان من الغضب والغيرة قد ﻻ ينخمد إلا في حالة واحدة وهي الخﻻص من زوجته اﻷولي نهائيا.

فالجرائم الاجتماعية أصبحت منتشرة في المجتمع المصري بشكل كبير وبطريقة مرعبة فأصبحنا نسمع عن زوج يقتل زوجته بعد اكتشافه أنها كانت على عﻻقة مع جارها ، أب يعلق إبنه على مروحة كهربائية لكى يعذبه إلي أن يتوفاه الله . وزوجة أب تكهرب إبنته وتحلق لها شعرها وأم ترمى إبنها في صناديق القمامة .فاﻷمر وصل أن تفتعل زوجة حساب شخصي علي الفيس بوك لتكتشف من خﻻله خيانته لها وعندما واجهته واعترفت له أنها صاحبة اﻷكونت قام بالتعدي عليها وضربها ضرب مبرح كادت أن تخسر فيها عينيها ولوﻻ العناية اﻹلهية التى كتبت لها أن تري نور الشمس من جديد . كلها حوادث دخيلة على المجتمع المصري تدل على أن البيوت الالمصرية أصبها الخلل النفسي والاجتماعي في عﻻقاتهم اﻷسرية فهذه الجرائم ﻻتحتاج إلي قاضي بقدر ما تحتاج إلي طبيب نفسي وبرامج اجتماعية تناقش المشاكل اﻷسرية والوقوف على أسبابها وطرق العلاج وكيفيه الوقاية منها. ﻷننا لسنا بحاجة إلي قوانين بخصوص هذه الجرائم ولكننا في أشد الحاجة إلي تقويم السلوك البشري وتعديله.وخلق نفس بشرية قادرة على تكوين علاقات اجتماعية سوية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز