جيهان مأمون تكتب : العين عليها حارس

العين أغلى ما يملك الإنسان...  يردد الأباء دائما ، لا تنظروا لقرص الشمس فيؤذى عيونكم  وهجه ، لا تقرأوا فى الظلام  فتؤذى عيونكم عتمته ، و يكون الرد الجاهز دائما هو (العين عليها حارس) ...

( العين عليها حارس) عبارة تتردد على ألسنة المصريين آلاف المرات كل يوم بدون تحديد هوية الحارس أو الحورس الذى يأتى من مصر القديمة لتقديم الحماية  ، و بدون الإنتباه إلى أن هذه العبارة كانت تدون  على تميمة العين الحارسة (الوادجت) أو عين حورس ...

حورس فى الميثولوجيا المصرية القديمة هو إبن أوزيرالذى كان يصور فى هيئة صقر (حيرو)  و معناه هو الذى أعلى ، و الصقر يتصف بحدة البصر و تفوق قدرته على الإبصار قوة عين الإنسان بحوالى 8 مرات ....

 حورس الذى يمثل قوة الخير و النور ، الذى تغلب على الشر المتمثل فى عمه ست وقام  بتوحيد الأرضين مصر العليا و السفلى و لذلك اعتبروا ملوك مصر  القديمة تجسيدا حيا له ...

 

تعددت أشكال و أسماء حورس فى الميثولوجيا المصرية القديمة ...

فهو  (حور با خرد) أو حربوقراط كما أطلق عليه الإغريق  الطفل الذى يجلس على حجر أمه إيزيس ، و هو (حور أور ) الذى يصور على هيئة آدمية برأس صقر و يمثل الإبن البار وجه السماء ، و هو (حور سما تاوى)  موحد الأرضين ، و هو  (حور إم أخت ) الذى يمثل شمس الصباح فى الآفق ، و هو (حور بحدتى) رمز لمدينة إدفو التى يقع فيها معبده الشهير ...

تقول الأسطورة أن إيزيس تركت إبنها الرضيع حورس فى أحراش الدلتا و هامت على وجهها تبحث عن أشلاء زوجها أوزوريس التى قسمها أخيه الشرير ست إلى 14 قطعة بعدد  مقاطعات مصر ، و يشتد عود الإبن حورس و يشن حرب أزلية على عمه ست ثأرا لأبيه ولكن بدون أن تسفر إنتصاراته المتتالية فى القضاء على خصمه ست ، ست الذى يمثل الشر و الظلام بعكس حورس الذى يمثل الخير و النور ...

و فى خضام الصراع الأزلى  الدائر بين الطرفين  يقتلع ست عين إبن أخيه حورس اليسرى ، فيقوم حورس بإستبدال عينه بالوادجت فيستعيد بصره مرة أخرى لتصبح تميمة الوادجت أو عين حورس رمزا للحماية  فى مصر القديمة ...  رمزا لدفع الشر و جلب الخير ، رمزا للوقاية من المرض و دفع الحسد و القضاء على الشياطين ....

آمن قدماء المصريين بأن تميمة عين حورس (الوادجت) بتمثل القوة المستمدة من حورس نفسه فتقلدوها فى صدورهم  و رسموها  فوق التوابيت و فى مقدمة المراكب و على جدران المقابر كرمز و معنى للحماية ...

 (العين عليها حارس) أو (العين عليها حورس)  كلمة محفورة فى الوجدان المصرى منذ 7 آلاف عام ، تتردد على الألسنة لتثبت أننا مصريين قدماء حتى النخاع ...

 

و عمار يا مصر

 

جيهان مأمون .....كاتبة و روائية و مؤرخة