عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

تامر أفندي يكتب: حواديت عيال كبرت «14»

تامر أفندي يكتب: حواديت عيال كبرت «14»
تامر أفندي يكتب: حواديت عيال كبرت «14»

  أتعاطف مع نيسلون مانديلا وعم مجاهد والشيخ حسني!



 

ليس لدي رغبة في أن أكتب أو حتى أنطق بحرف، ليس لدي رغبة في أن أرى أحد أو أناقش أحد، لم يعد في جعبتي معين من أمل، أشعر أني بذرت ما كان معي ربما دون وعي وبوعي لكن ليس ثمة ثمرة أينعت، الزمن وقف عن دورانه ليس علي فقط بل على الوطن بأكمله، دعك من كل هذا الضجيج ولا تخض معهم في زيف أنت تعرف أنه لن يجد نفعا، التاريخ وضع قلمه عنا، ما كتبه كتبه، ولم يعد بإمكان أمة في أعناقها أصفاد الفقر، والاحتياج والأمراض تنهش أجسادها، أن تنهض من كبوتها وتكتب حرفا واحدا في الغد، لنكتفي بهذا القدر يا سادة من الهراء والتناحر.. إذا كنا لا نملك رغبة وقوة التغيير لنعود إلى قانون «الخيمة»، قبيلة يحكمها شيخ هو حاكمها وقاضيها وراعيها وربها هو كل شيء ومن بعده يتساوى الرعاة وما يرعون، كلهم كاذبون.. وكلنا مغفلون هذه خلاصة الأمر.

    «2»

أنا أكذب و«مالكوم أكس» يكذب و«أفلاطون» يكذب و«ألبرت شفايتزر» يكذب، كل الأقصوصات ألقيتها في النار إلا أقصوصة «نيلسون مانديلا» ربما لأنني تعاطفت مع الرجل حينما كتب بعد تاريخ من النضال «إني أتجول بين عالمين، أحدهما ميت والآخر عاجز أن يولد، وليس هناك مكان حتى الآن أريح عليه رأسي»، أدير الحاسوب وابحث عن المشهد الذي يجمع عم مجاهد مع الشيخ حسني في تنفس الصبح، صراع جيلين تحاورهما وتناقضهما وأنا أحزن على كليهما برغم أني ويوسف والغد ضعنا بسببهما».

 

 

«3»

أكره كل الذين يستدعون آيات من القرآن أو أحاديث أو كلمات مأثورة عن الأمل وعن الصبر وعن الغد وعن المستقبل، أكره ميكنة الأشياء والرد برسالات مسجلة مطبوعة، وكأنهم عميان لا يرون ما نرى، لا أقول لم يكن في استطاعتي أنا وغيري أن نصنع الغد، لكن أقول لم يكن متاحا لنا أن نصنع ذلك الغد، فحكامنا أسروه وضعوه في زنانة لا نعرف لها مكان حتى الأمس هددوه بأنه لو خرج من رؤوسنا لمثلوا به على مرأى ومسمع من الجميع، ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش في اليوم فلا نحن قادرين على جذب الأمس الفارر منا لندفعه أمامنا.. ولا أن نخلق غدا جديدا.

 

«4»

كعادتي حينما يضيق صدري أذهب إلى المقابر، شئ رائع أن تحادث قوم لا تأتيك منهم إجابة، أمامك مساحة من الخيال تضع فيها إجابتهم تتوقع وتتوقع، طرقت على أبواب أكثر من مقبرة.. وأنا أقول يا معشر الأموات هنا أو خارج هنا.. لي عندكم سؤال بل أسئلة..

لماذا نعيش ولماذا نموت وما جدوى الحياة؟ لما قتل النفس خطيئة ولما الانتحار كفر؟ أناس جاءت وذهبت دون أثر لم يتبق منهم سوى صور معلقة على الحائط، صراعات دامت لعقود من أجل إرث وكلهم تركوا الإرث وماتوا وما تبقى من الإرث سوى إرث من العداوة لأجيال لم تولد بعد.. إذا كان ليس بيننا نبي فمن سيجمع الشتات ويطفئ النار ويوقظ المشاعر.. الحب والرأفة والتواد والتراحم أساطير تجدها في الكتب، انتصار الخير في النهاية لم نجده غير في فيلم أبيض وأسود بعدما نضني أنفسنا بحثا عنه بين مئات القنوات التي تتنوع في عرضها بين قتل ودمار وحروب.. لا إجابة.. لا صوت.. أكرر.. وأكرر.. وأصرخ

«5»

يطل أحدهم برأسه من مقبرة على يساري: «دهي تقل راحتك يا بعيد، فيه إيه ياله، اقرا الفتحة يا حمار وامشي، ولا امشي مش عايزين منك فاتحة».

أسمع ضحك صديق الذي مات شاب من داخل مقبرته وهو يقول: «الحمد لله إني خدتها من قصيرة، كان زماني اتجننت دلوقتي زيك، ده ممكن تكون الدفعة بتاعتي كلها اجننت يا رب ارحمهم، ثم علا صوته وهو يدعوا من معه لقراءة الفاتحة لنا».

الحاجة أم محمد جارتنا تلك التي كانت قد غسلت وجهي بماء البول وأنا صغيرا حتى لا تتملكني «السهوكة»ـ، التي كانت قبل هذا الزمن عيب، لم يكن من في القبور يعلمون أنها ستصل بصاحبها إلى سدة الأمر، «قوم نادي على الصعيدي وابن أخوك البور سعيدي، سمعتها تأتيني من مقبرة بعيدة، جديدة، يرددها بعض الأموات حديثا والغالب أنهم ماتوا بعد أن غنائها.. ينهونها بكوبليه اللمة دي لمة رجالة.

الحاجة زينب والحاجة كريمة ومدام ألفت والأستاذ أحمد وعم بركات وعم خلف جميعهم أبلغوني السلام للأحياء واكتفوا بذلك..

«6»

صوت دافئ آتاني لماذا تجهد نفسك؟ عش كما يعيش غيرك.. تمتع ولو بالقليل.. أتمتع؟ فلتعطني دليلا لشخص واحد يتمتع بالحياة، ومن فضلك، بعيدا عن الشعارات، لماذا تصمت؟.. أجيبك أنا لأن من يفهم يعاني.. فالحياة الآن اختلف تعريفها واختلفت عما جئنا إليها من أجله، الحياة الآن طفل ينجب من رحم يطعم من نهد منتفخ من حقد يشتد العود ما بين رحايا خلاف الأهل وحرب الدول وقتل الابن وهتك العرض وشذوذ وسحاق ولواط وتناحر أحزاب وحكومات وبعد هذا نطلب منه أن يكون ابن الخطاب، أيعقــــــــــل هذا؟

إننا كل لحظة ننجب محمد وعيسى وموسى والعذراء ونعلمهم أن يكونوا كفرة وجاحدين بكل ما جاء به الأنبياء، وبعد هذا كله إذا ما انتحرنا كفرنا وإذا ما قتلناهم كفرنا وإذا صمتنا مرضنا.. أليست تلك هي الحياة؟ الحياة هي أن يتعارف الناس ويتحاوروا، وهل يجدي أي حوار. وإذا كان يجد فلم لم يجد مع اليهود والأمريكان؟، بل لما لم يجد القول اللين من موسى لفرعون ومن محمد لأبو جهل ومن لوط لابنه؟ نحن لم نعي الدرس جيدا.. والآن نطلب أن نتحاور، لن يجدي الحوار وأنت ضعيف، لذا لم يجد مع سائق الميكروباص والمدرس وضابط الشرطة ولا الموظف ولا أي مسئول، رد عليه القابع أمامه منفعلا.. لن يجدي معك أنت الحوار وأنت مضجر من كل شئ.. من قال لك أنك لست في اختبار وامتحان وبلاء.. ما دمت كلفت بأمر فأنت أهلا له.. اصبر.. واصبر.. وتمسك بالأمل.. واتبع الشمس يا بني مهما كثرت الغيوم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز