ياسمين سعيد تكتب: مشاهدة جديدة لفيلم قديم

فيلم "بيبو وبشير"  الحنين للكوميديا الرومانسية الجميلة

 

أفلام الكوميديا الرومانسية موضوع يستحق الكتابة عنه.. فما أمسنا للنوعية الجميلة من تلك الأفلام.. بعدما اًصبح الأن معظم شاشات السينما المصرية صاخبة بأفلام لا علاقة لها بالكوميديا أو الرومانسية من قريب أوبعيد ولكنها مجرد حركات وإيماءات وضحكات ورقصات على موسيقى صاخبة تتخللها قصة حب باهتة دون معنى.

فمن المدهش عند العودة إلى الوراء لتاريخ السينما المصرية سنجد أن الكوميديا الرومانسية من أكثر الأفلام نجاحا ورقيا بل أنها ارتبطت بكبار المطربين والفنانين آنذاك فمثلا فيلم (انت حبيبي) 1957بطولة فريد الاطرش وشادية وهند رستم وفيلم (إشاعة حب) 1960 الذي ضم مجموعة من عمالقة السينما وهم يوسف وهبي وهند رستم وسعاد حسني وعمر الشريف وعبد المنعم إبراهيم و أيضا فيلم (يوم من عمري) 1961 بطولة عبد الحليم حافظ وزبيدة ثروت وعبد السلام النابلسي.. وغيرها الكثير من الأفلام الجميلة التي جعلت السينما المصرية متميزة ورائدة وقتذاك.

ولكن للأسف انقرضت هذه النوعية لأسباب كثيرة إلى أن ظهرت منذ فترة قليلة ولكن عن استيحاء تجارب سينمائية قليلة لا يمكننا أن نقول محاكاة أومجاراة أو تقليد للكوميديا الرومانسية في الزمن الماضي الجميل  ،ولكنها محاولة وتجربة ناجحة منها  فيلم "بيبو وبشير" الذي نحن بصدده إنتاج 2011 إخراج مريم أبو عوف وتأليف كريم فهمي وهشام ماجد ومن بطولة منة شلبي (بيبو) وآسر ياسين (بشير).

حيث يهيء لنا عنوان الفيلم بيبو وبشير أننا أمام فيلم رياضي عن مبارة لكرة القدم إلا أن الفيلم لا صلة له بذلك الأمر ولكنه فقط اسمي بطلي الفيلم فتاة وشاب بيبو أوعبير فتاة موسيقية مغتربة تتسم بالجدعنة وقوة الشخصية جاءت من بور سعيد للعمل في فرقة موسيقية حديثة، أما بشير فهو من أسرة ثرية يعمل مترجم لفريق السلة  التنزاني لأن أمه من تنزانيا فتعلم منها اللغة التنزانية يتسم بالفطرة والبساطة..بيبو وبشير ٍيجمعهما مسكن مشترك في إطار كوميدي دون معرفة كلا منهما ذلك الأمر نظرا لاختلاف موعد تواجدهما في الشقة، والسبب في حدوث ذلك المأزق الكوميدي هو صديق بشير الممثل (محمد ممدوح) الذي قام باستئجار الشقة للطرفين معتمدا في خطته على اختلاف مواعيدهما ولكنه يتعرض للكثير من المواقف الطريفة التي كادت أو بالفعل كشفت أمره أخيرا.

تتعرف بيبو على بشير وينمو الحب بينهما بعد رحلة مشتركة قام بها فريق السلة المصري إلى بورسعيد البلد التي تعيش بها بيبو برفقة عائلتها المكونة من الأم والأب والأخ والذين استقبلوا صديق ابنتهم بترحاب بعيدا عن التعقيدات المعروفة في المجتمع من خلال الثقة التي زرعوها في شخصية ابنتهما.

يزداد الحب ويعودا بيبو وبشير مرة أخرى إلى القاهرة لاستكمال أحلامهما العملية والعاطفية ولكن علاقتهما تتأزم بسبب صديق بشير ( محمد ممدوح) الذي يورطه للمرة الثانية ويجلب له الفتيات للمنزل فتغضب بيبو وتثور وتقرر الانفصال عن بشير الذي يزداد تعلقه وحبه أكثر لها ويشعر بالندم على ما حدث...وهنا يبدأ الخط الكوميدي في التلاحم مع الخط الرومانسي عبر بناء فني متضافر ومتماسك من خلال شخصيات درامية مختلفة التركيبة والشكل والطباع تم رسمها بشكل جيد وخفيف تمثيلا وحوارا.

بعد تأزم علاقة الحب بين بيبو وبشير يحاول كلا منهما إثبات ذاته حيث تنجح بيبو كعازفة درامز مع فرقتها ويفوز فريق السلة القومي الذي يدربه بشير ويتأهل لكأس العالم بعد انسحاب المدرب التنزاني بينما يحاول (محمد ممدوح)ٍ صديق بشير الذى يحرّك ويفسد كل الأشياء، أن يصلح ما أفسده، حتى تعود العلاقة من جديد بين بيبو وبشير.

نجحت المخرجة مريم أبو عوف من خلال رؤيتها الإخراجية في استغلال الأماكن سواء الشقة التي خلقت الكثير من المواقف الكوميدية والرومانسية رغم محدودية المكان أيضا الأماكن المفتوحة في بورسعيد  من خلال حركة الكاميرا  كذلك لعب المونتاج دورا مهما في تدفق المشاهد كذلك الموسيقى وغناء الفنان هاني عادل على مستوى الخطين الكوميدي والرومانسي.

إن فيلم بيبو وبشير كان تجربة سينمائية ناجحة يؤكد لنا أن هناك دائما أمل لصناعة الأفلام الكوميدية الرومانسية إذا توافر سيناريو جيد وممثلين جادين مؤكدا بأنه ليس بالضرورة لكي نقدم فيلم كوميدي أن يكون الممثل كوميدي..وهذا ما كان يتجلى في سينما الزمن الجميل التي نحلم بعودتها مرة أخرى.