عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. أمانى محمد بسيونى تكتب: القاتل الناعم "الكولسترول"

د. أمانى محمد بسيونى تكتب: القاتل الناعم "الكولسترول"
د. أمانى محمد بسيونى تكتب: القاتل الناعم "الكولسترول"

 تعتبر الدهون احد المكونات الغذائية الهامة التي لاغني عن تناولها ضمن الوجبات الغذائية اليومية بالنسبة للإنسان. وعموما فان هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الدهون في الغذاء احدهما الدهون المشبعة (وهى تلك الدهون التي تحتوى على نسبة مرتفعة من الأحماض الدهنية المشبعة) وهى المواد الأساسية التي تساعد على زيادة الكولسترول في الدم. ويوجد هذا النوع  من الدهون في اللبن الكامل ومنتجاتة مثل الزبد والقشدة والجيلاتى والسمن البلدي وكذلك في الدهون الحيوانية ودهون الطيور ودهن الخنزير وفى بعض أنواع الزيوت النباتية مثل زيت النخيل وزيت جوز الهند. أما النوع الثاني من الدهون فهو الدهون الغير مشبعة(وهى الدهون التي تحتوى على نسبة مرتفعة من الأحماض الدهنية الغير مشبعة) والتي تنقسم بدورها إلى قسمين (حسب الحامض الدهنى السائد). أولاهما الزيوت والدهون التي تحتوى على نسبة مرتفعة في الاوميجا 6 مثل زيت الذرة – عباد الشمس –فول الصويا وهذة النوعية من الزيوت تساعد على خفض الكولسترول والدهون في الدم. أما النوع الثاني فهو الزيوت والدهون التي تحتوى على نسبة مرتفعة من الحامض الدهنى اوميجا 3 مثل زيوت الأسماك وزيت بذور الكتان وغيرها وهى مفيدة بدرجة كبيرة في خفض مستوى الكولسترول والدهون في الدم.  



وعموما فإنة في الآونة الأخيرة يكثر الحديث عن الكولسترول ولا شك أنة من المفيد الحصول على بعض المعلومات الهامة عنة حيث أنة يمثل احد العوامل الرئيسية في حدوث أمراض القلب وتصلب الشرايين والتي قد تمثل خطورة على حيات الإنسان وصحتة وخاصة أن الغالبية العظمى قد لا يدرون بارتفاع معدلات الكولسترول في دمائهم حتى تفاجئهم المضاعفات.

أما الكولسترول في حد ذاتة فهناك بعض الأغذية التي تحتوى على كمية كبيرة منة ويجب تنظيم تناولها أو تفاديها في حالة ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم وأيضا ارتفاع مستوى الدهون الكلية في الدم أيضا. حيث يتواجد الكولسترول في المصادر الغذائية الآتية بنسبة كبيرة مثل اللحوم الحيوانية والبيض واللحوم المصنعة والقلب والمخ والكبدة ودهن الطيور والصدفيات من الأسماك.

وهناك سؤالا يطرح نفسة الآن وهو ما هو الكولسترول أو فان شئت فقل ما هو هذا العدو: وللإجابة على هذا السؤال يمكن القول أن الكولسترول عبارة عن مادة دهنية تشبة الشمع ناعمة توجد طبيعيا فى خلايا الجسم. ولة دور فعال وهام فى تكوين الهرمونات والمواد الأساسية مثل أملاح الصفراء التي تساعد على امتصاص الدهون من الأمعاء والكورتيزون وتجديد غشاء الخلايا المختلفة ولذلك فهو هام وضروري للحفظ على الحياة بالنسبة للإنسان ويجد منة أنواع أكثرها شيوعا الكولسترول على الكثافة (وهو الكولسترول المفيد ) والثاني الكولسترول منخفض الكثافة (الكولسترول الضار) وهو أكثر ضررا مع ارتفاع مستواة فى الدم .

أما السؤال المتبادر إلى الذهن فى هذة اللحظة هو ما هي المشكلة: للإجابة نقول تبدأ المشكلة مع ارتفاع معدل الكولسترول الكلى فى الدم وما يصاحبة من ارتفاع مستوى الكولسترول الضار( الكولسترول منخفض الكثافة والتي تزداد نسبتة مع الإفراط فى تناول الدهون المشبعة والأغذية المحتوية عليها) إذ أنة يبدأ فى الترسب فى جدران الشرايين وينتج عن ذلك ما سمي بتصلب الشرايين حيث يؤدى تصلب الشرايين إلى إعاقة مرور الدم بها وقد يتسبب فى الانسداد الكامل للشرايين. فإذا حدث ذلك لشرايين القلب نتج عن ذلك الذبحة الصدرية أو جلطة الشريان التاجي (الأزمة القلبية). أما إذا حدث ذلك الانسداد فى شرايين الرقبة أو المخ نتج عن ذلك جلطة المخ أو الشلل. وإذا حدث فى احد شرايين الساق نتج عن ذلك جلطة الساق أو ( الغر غارينا). ولذلك يجب على الإنسان أن يكون حريصا على الحفاظ على مستوى الكولسترول عند معدلاتة الطبيعية.

        وهناك سؤال أيضا وهو كيف تحافظ على معدل الكولسترول؟ يعتبر الكبد المصدر الرئيسي للكولسترول في الدم (70 ٪) والباقي نحصل علية من الطعام الذي نتناولة وخاصة منتجات اللحم الحيواني والألبان وصفار البيض وغيرها. وحيث أن الكولسترول ليذوب في الدم فأنة ينتقل عن طريق حملة بواسطة مواد بروتينية يطلق عليها اسمliopprotiens)) والتي   تنقسم حسب كثافتها إلى خمسة أنواع أهمها البروتين الدهنى عالي الكثافة (HDL)والبروتين الدهنى المنخفض الكثافة(LDL)

ولقد أثبتت الأبحاث في السنوات الأخيرة أن هناك نوعا مفيدان من الدهون في الدم وهو البروتين الدهنى عالي الكثافة (HDL) وأنة كلما زادت نسبتة زادت الفائدة وانخفضت فرصة الإصابة بأمراض الشريان التاجي وشرايين المخ بصفة خاصة حيث أن هذا النوع من الدهون قادر على حمل الكولسترول من الخلايا والأنسجة والذهاب بها إلى الكبد لتمثيلة والاستفادة بة أو التخلص منة وبالتالي فأنة يرفع الكولسترول من الخلايا وجدران الشرايين فيحميها من التصلب أو الضيق. ولهذا اهتم العلماء بالبحث عن أسباب نقص هذا النوع من الدهون في الدم ووسائل زيادتة بحيث لا ينخفض تركيزة في الدم عن 40 مج /سم3.

أسباب نقص الـ (HDL) في الدم تتمثل في عدم  تناول المواد الدهنية لغير مشبعة بكثرة والعوامل الو راثية والسمنة ومرض السكر و التدخين وزيادة تناول النشويات في الغذاء وأخيرا تليف الكبد. ولهذا يجب أن نحرص على معرفة معدلات هذة الدهون النافعة في الدم ومحاولة زيادة نسبتها للوقاية من أمراض الشرايين والحفاظ على سلامتها.

أما النوع الضار من الدهون فهو البروتين الدهنى منخفض الكثافة (LDL) حيث أنة على العكس يسهل وجود الكولسترول داخل الخلايا وينقلة من الكبد إلى خلايا الجسم المختلفة ويساعد على تر سبة داخل جدران الشرايين وتتصلب الشرايين مما يؤدى إلى ضيق مجرى الدم فيها أو انسدادها ولذا فانة من الضروري عدم السماح بزيادة نسبة الـ(LDL) في الدم عن معدلاتة الطبيعية وخاصة إذا كانت هناك عوامل مساعدة مثل ارتفاع ضغط الدم والتدخين ويجب الايزيد تركيزة في الدم عن 130 مجم/ سم3 دم.

أما الكولسترول الكلى فيجب ألا يزيد تركيزة في الدم عن 200مجم/سم3 فإذا زاد بحيث يصل إلى 239 مجم/سم3 فان فرصة حدوث أمراض الشريان التاجي تصبح ضعف مثلها في من نسبة الكولسترول لديهم اقل من 200مجم/سم3 وفى المقابل فان خفض نسبة الكولسترول في الدم باستخدام الغذاء أو الدواء بمعدل واحد في المائة يسبب انخفضا في نسبة الإصابة بالشريان التاجي بمعدل اثنين في المائة ومن هنا تتضح أهمية الكولسترول والدهون العلية الكثافة وكذلك الكشف الدوري عنها والحفاظ على معدلاتها الطبيعية. أسباب زيادة (LDL) في الدم زيادة إفراز هرمونات الأنوثة نقص الوزن بطريقة ملحوظة  عدم ممارسة الرياضة.

هناك سؤالا أخر يطرح نفسة وهو ما هو تصلب الشرايين: ونجيب فنقول أن تصلب الشرايين يعنى زيادة سمك جدران الشرايين من الداخل وفقدانها مرونتها وليونتها (زيادة مستوى الكولسترول الضار وانخفاض مستوى الكولسترول المفيد) وبالتالي تفقد قدرتها على الاتساع أو الانقباض وهذا يحدث تلقائيا مع التقدم فى السن إلا أنة يمثل ظاهرة مرضية إذا حدث مبكرا قبل سن الستين أو إذا نتجت عنة مضاعفات فى القلب أو المخ وغيرها.

 كيف ومتى يبدأ تصلب الشرايين: لا شك أن تصلب الشرايين عملية معقدة جدا وقد وضع العلماء عدة نظريات فى محاولا ت لشرح كيفية حدوث تصلب الشرايين ومن أهم هذة النظريات هي نظرية اختراق الدهون الموجودة فى الدم لجدران الشرايين فتصيبها بالتصلب. ويعتقد فريق أخر من الباحثين أن بداية التصلب تحدث مع تلف الطبقة الرقيقة من الخلايا التي تبطن جدران الشرايين فتسمح بدخول مواد متعددة إلى الجدران ذاتها وتترسب بداخلها فتتصلب الشرايين ويضيق مجراها ويرجع تلف هذة الطبقة لارتفاع نسبة الكولسترول فى الدم وخاصة فى وجود ارتفاع فى ضغط الدم أو التدخين كما يساعد تلف هذة الطبقة على تراكم صفائح الدم ( وهى احد مكونات الدم الطبيعية وتساعد على تجلطة) فتحدث الجلطات داخل الشرايين وتسد مجراها وتحتوى الصفائح الدموية بطبيعتها على مواد تساعد على تكاثر ونمو وتكثيف الخلايا الموجودة بجدران الشريان فتتضخم وتساعد بدورها على ضيق مجراها.

 وقد لا يعلم الكثير أن التغيرات الطبيعية فى جدران الشرايين تبدأ منذ الطفولة وتزداد فرصة حدوثها كلما كانت نسبة الدهون فى الدم مرتفعة عند الأم فى أثناء فترة الحمل كما أن للوراثة دور هام وتساعد العادات الغذائية الخاطئة وتناول المواد الدهنية والغنية بالكولسترول على الإسراع بتصلب الشرايين ولذا فإنة من المهم أن نحرص على انتظام وجودة الغذاء بالنسبة للأمهات والأطفال على السواء حماية لهم وحرصا عليهم من هذا القاتل اللعين.

 وفى النهاية فان هناك العديد من الأسس التي يجب إتباعها لتفادى الإصابة بمثل هذة النوعية من الأمراض وذلك بتنظيم الوجبات الغذائية اليومية وعدم الإسراف فى تناول الوجبات التي تحتوى على دهون حيوانية بنسبة كبيرة وأيضا الأغذية التي تحتوى على أحماض دهنية مشبعة  وأيضا تجنب تناول الوجبات السريعة لأنها تحتوى على كميات كبيرة من الدهون ذات التأثير الضار بالصحة مع تجنب التدخين لأنة عامل مساعد قوى على زيادة الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين كما أن هناك بعض الأدوية التي تفيد فى خفض نسبة الكولسترول فى الدم إذا رأى الطبيب حاجة لذلك والأهم من ذلك هو عمل برنامج رياضي يومي لتفدى هذة النوعية من ألأمراض.

ويبقى السؤال هل تتحسن حالة الشرايين المصابة: للإجابة نقول لقد أثبتت الأبحاث عن طريق فحص حيوانات التجارب وكذلك فى الإنسان عن طريق حقن  الشرايين بالصبغة وقياس حجمها أنة من الممكن أن يحدث تحسن ملحوظ فى حالة الشرايين بعد تنظيم الغذاء وعمل برنامج رياضي يومي وتناول الدواء. كما أن نسبة الإصابة بالأمراض الناتجة عن تصلب الشرايين تنخفض بنسبة كبيرة وخاصة إذا نجحنا فعلا فى خفض نسب الكولسترول قليل الكثافة ( الكولسترول الضار)  والدهون وزيادة الكولسترول المفيد ( الكولسترول على الكثافة) حيث تنخفض بالفعل أمراض الشريان التاجي وأمراض شرايين المخ وبذلك يمكن أن تقي الإنسان من شرور الكثير من أمراض العصر التي تهدد صحتة وحياته.

 

*أستاذ الكيمياء الحيوية - كلية الزراعة جامعة بنى سويف

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز