عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

مارينا فارس تكتب :أسعد شخص في العالم

مارينا فارس تكتب :أسعد شخص في العالم
مارينا فارس تكتب :أسعد شخص في العالم

جلس الاستاذ (ر) في شرفة منزله. أخيرا قد انتهى من بنائه وتحضيره تماما كما كان يتمنى وأكثر. أخيرا رأى التصميم الذي رسمته أحلامه أمامه حقيقة واضحة لا تحتمل التأويل, تماما على طراز أحلامه الراقي, بيت تحضنه برفق حديقة بهية الالوان, قد وزعت الألوان بتدريج مبهج, تأتي الطيور على استحياء لتستكشف بعيونها المستديرة التي تسكنها الدهشة تلك الحديقة البديعة المختارة شجيراتها بإتقان وفن. وأمام البيت مرتع أخضر ممتد كأنه إلى ما لا نهاية, فخارج حدود منزله تقع أرض واسعة ملك جاره, لذا حرص ان يكون للبيت شرفة كبيرة ترى هذا المدى الاخضر. لقد قطع الفترة الماضية كلها في اختيار أساس جميل يتناسب مع تصميم المنزل وحديقته بهية الالوان فاختار كل شي حتى أدوات المطبخ تتناسب مع ألوان الحديقة والمساحة الخضراء الممتدة امامه كأنها سجادة متقنة الصنع. وهكذا يمكنك أن تتخيل كل الرضا والسعادة التي ارتسمت على وجه استاذ (ر) حين جلس في شرفه بيته اول مرة.. قد صار حقا أسعد شخص في العالم.




احيانا نشيد احتمالات السعادة والرضا على اشياء حولنا نظنها ثوابت راسخة, لكن لا شيء يبقى دون ان تمتد له يد التغير. للأسف هذا يشبه ما حدث, استيقظ استاذ (ر) في احدى الايام الشتوية الرائقة على صوت صخب غير مألوف ليجد جاره قد قرر ان يزيل جزء من مساحة أرضه الخضراء المقابلة لمنزل استاذ (ر) ويشيد بدل منها مبنى, عله بيت صغير. عن بعد استطاع استاذ (ر) أن يلاحظ العمال يعملون في دأب ونشاط استفزه حد احمراذنيه وخديه فبدى في شكل طفولي مضحك للغاية.


بعد عدة أيام قد أوشك بناء البيت في أرض الجار على الانتهاء. حسنا يمكننا القول أنه بيت جميل ولكن ليس بالطبع كبيت الأستاذ (ر) الرائع. مع كل طوبة تضاف لبيت جاره كان يزداد حنق الأستاذ (ر), كل ما كان يجول بخاطره هي عده اسئلة غاضبة: كيف يأتي هذا الشخص لياخذ من أحلامي جزء؟!. كيف يجرؤ على تشويش تلك الصورة التي رسمتها لبيتي؟!. طالما تمنيت وبذلت الجهد كي يكون أمام بيتي مساحة كبيرة من الفراغ الواسع فكيف يأتي ببساطة ليخرب حلمي وعملي؟!


أذا نظرنا بدقة فقد نلاحظ أن أرض جاره واسعة جدا. وان المبنى مشيد في منتصفها تقريبا اي انه بعيد عن بيت استاذ (ر) ولا يستحق كل هذا الغضب والأحمرار.. لكن هذا كله لم يغير في الامر شيء.. الان استاذ (ر) لم يعد يرى جمال منزله ولا اثاثه الرقيق المنمق ولا حتى نظرات الاعجاب في عيون المارين بمنزله ولا عاد يلمح أجنحة العصافير الهشة التي طالما تغزل بالوانها. كل ما يراه الآن هو هذا بيت جاره الذي اكل من مساحة الاخضر الممتد جزء.


هل كان عليه حقا ان يتجاهل ذلك البناء البعيد حتى يكون اسعد شخص في العالم؟! ام انه محق في غضبه وتعاسته؟!
ايا كانت الاجابة ..جميعنا الاستاذ (ر) .. احيانا.  



 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز