عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نورهان حاتم البطريق تكتب : التربية بين التقيد والمحاكاة

نورهان حاتم البطريق تكتب : التربية بين التقيد والمحاكاة
نورهان حاتم البطريق تكتب : التربية بين التقيد والمحاكاة

لم تعد تربية الأبناء أمر يسير كما كانت عليه الأجيال السابقة من قبل نظراً للانفتاح على العالم الخارجي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي الذي أصبح يحاصرنا من كل مكان .



فالموبايل واللاب توب اغتالوا مكان الأب والأم حيث قام الأنترنت باقتحام البيوت المصرية دون استئذان أو سابق إنذار .

فاولياء الأمور استسلمت لسيل التكنولوجيا العالم وأعلنت هزميتها وسلمت الراية للفيس بوك والواتس آب وانستجرام فأصبحوا جميعهم المصدر الذي يستسقي منه الشباب المعلومات . فالعالم الافتراضي كان مصيدة لأولادنا دون أن نشعر.

فعقول الشباب أصبحت وعاء يملؤه الأنترنت كيفما يشاء و مازالنا نسأل أنفسنا من أين أتى المتطرف والملحد .فالارهاب في بوادره ارتكز على الفكر المتطرف وحشد العقول بالمعلومات المغلوطة عن الدين والأهم من هذا وذاك هو غياب عنصر التربية. فالبيت هو النواة لصنع شاب صالح أو طالح .

فالطفل حينما يكون في مراحله العمرية الأولي يسهل تكوينه وتشكليه فهو كجهاز الكمبيوتر الفارغ فتكون مهمة التخزين من اختصاص ولي الأمر فمنهم من أفلح وقام بتوطيد علاقته بابنه وقربه إلي الله وجعله يمتص كل ما هو مفيد وكل ما له علاقة بصحيح الدين ومنهم من أخفق للأسف وترك ابنه لأصدقاء السوء والتجارب الحياتية التى ستؤثر حتما عليه بالسلب لأن أغلبها سيخوضها من خلال الشارع ونظراً لقلة خبراته وضيق آفاقه سيقع في فخ الانحراف المتنوع أشكاله لعل أبرزها على الإطلاق المخدرات .

فكل هذا سببه اختفاء عنصر الحماية والقيادة المتمثل في الأب وعنصر الأمان والحنان المتمثل في الأم.

ولا يختلف أثنان على أن كل أسرة مصرية ترغب في أن تكون انباتها نبات حسن فهذا الأمر مفروغ منه و لايحمل ذرة شك ولكن المشكلة في الأسلوب المتبع في التربية فمنهم من يتبي مذهب الشدة أسوة بأبوه و جده فهو يسير على وتيرة تربية القدماء ظناً منه أن هذه النوعية من التربية هي التى صنعت منه رجلاً دون أن يراعي الفروق بين الزمنين والفجوة بين الجيلين .

فكل ما يقال من الابن مرفوض من ناحية الأب وغياب مبدأ المناقشة فهي مجرد أوامر يأخذها الابن يقوم بتنفيذها دون إجراء أي حوار فكل فعل يفعله الابن يحمل في ثناياه عقاب من جانب الأب .

فالحياة الأسرية تشبه الحياة العسكرية التى تعتمد فيها على الحسم والحزم والخالية تماماً من الود والحب مما يدفع الشباب البحث دوماً عن شخصيتهم المفقودة داخل منازلهم فلن يجدها سوي في الشارع بين الأصدقاء ولذلك نري في أغلب الأوقات المشاجرات بين الشباب لفرض السيطرة والهيمنة على بعضهم البعض .

وعلي النقيض تماماً تجد فريقا ينتهج منهج الحرية المطلقة مع أولاده .

فكل مايرغب الأبناء فعله مباح من جانب ولي الأمر ظناً منه أنه يتبع أسلوب التربية الحديث المواكب لمتطلبات العصر الذي نعيش فيه .

فنجد لهذا النوع جوانبه السلبية أيضاً مثل الزواج العرفي بين الشباب والبنات الناتج عن السفر المتكرر والغياب المستمر عن البيت لفترات طويلة .

فكلا الفريقين يتبعان الأسلوب الخاطئ في التربية .

فالوسطية والاعتدال في التربية هو الأسلوب المتزن الذي يجب أن نتعامل به مع أوﻻدنا فخير الأمور الوسط بمعنى أن منهج التربية لابد أن يحمل منهج الثواب والعقاب على حد سواء .

فالتقيد ينتج عنه الخنقة والضيق مما يؤدي إلى الهروب إلي العالم الخالي والحرية الغير مشروطة ينتج عنها انحرافات أخلاقية تؤدي إلى الضياع .

فالتربية لابد أن تشمل الأثنين معا بشرط أن نستخدم كل واحدة منهما في نصابها الصحيح على حسب الموقف وحجم الجرم المرتكب .

فالتربية عبارة عن معادلة صعبة تتكون عناصرها من الخوف المختلط بالاحترام وتحقيق عنصر الصداقة بين الأب والابن مع الحفاظ على الحدود بينهما .فالأسرة الناجحة هي وحدها القادرة على تحقيق هذه المعادلة المعقدة عناصرها .

في النهاية فإذا كان الزواج نصيب فإن الإنجاب قرار. فإذا كنت قادر على تربية الطفل وقادر على أن تجعله شاب صالح ينفع نفسه ويخدم مجتمع فلتهدي به وطنك على الفور وإن كان الأمر غير ذلك فلتؤجله لحين أن تشعر بالمسئولية اتجاه الكائن الذي ستأتي به إلي هذه الحياة .

فإذا تطلب الأمر أن تلغي هذا القرار من حياتك طالما أنك مازالت تشعر بعدم استحقاقك لهذا القرار وغير مؤهل لهذه الخطوة فافعل هذا دون تردد.

فلنكتفي بهذا القدر من الشباب التالف الذي ينتشر في أنحاء شوارعنا والذي يتسبب يومياً في آلاف من الخنافات والمشاحنات التى قد تصل أحياناً إلي حد القتل وسقوط ضحايا فيما بينهما نتيجة لسوء تربيتهم وانفلات زمام الأمور من أيدي أهاليهم .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز