عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

#أول_محاولة_تحرش_كان_عمري.. !

#أول_محاولة_تحرش_كان_عمري.. !
#أول_محاولة_تحرش_كان_عمري.. !

تقرير: هاميس عادل



هاشتاج قاسي.. سببه عالم أكثر قسوة، يعرض الجريمة التي تعاني منها 99.3% من فتيات وسيدات مصر -وفقاً لتقرير الأمم المتحدة- بل وأطفالنا، فاضحاً لـ"بيدوفيليا" مجتمعية متفشية، ليجعلنا نتساءل عن المجتمع الذي ظننا دائماً أننا نعرفه، وخذلنا الظن..

لم تكن هذه المرة الأولى لتفعيل الهاشتاج، حيث دُشن مرتين سابقاً في مارس 2014 وابريل 2015، ليتم انطلاقه مرة أخرى في ابريل 2017، إثر واقعة التحرش الجماعي بـ "فتاة الزقازيق"، متصدراً مواقع التواصل الاجتماعي، كما شاركت فيه الفنانة التشكيلية وأحد رموز النسوية "ياسمين الخطيب" بأول محاولة تحرش تعرضت لها.

تعترف "مريم رأفت" أنها تعرضت للتحرش لأول مرة من جدها في سن الخامسة، و"ماري" التي تعرضت له على يد ابن خالتها في الثانية عشر، مؤكدة إنها لم تستطع مصارحة أهلها، و"إسراء محمد" التي تم التحرش بها وهي ممسكة بيد والدتها في الصف الثاني الإبتدائي، كما تعرضت "سمر" لذلك بعمر التاسعة من صديق جارها الأربعيني، بينما تحرش مدرس تحفيظ القرآن بـ “دينا" وهي في السابعة، أما "آلاء الهلالي" تعرضت للتحرش من قِبَل معلمها بمدرستها الابتدائية.

مع قراءة مصارحات الفتيات نجد أن الغالبية منهن تعرضن للتحرش لأول مرة من سن 5سنوات لسن 12سنة، وأغلب المتحرشين من الأقارب وكبار السن، وهو ما يثبت أن المتحرش يتصرف بدون منطق مُحدد أو مبرر قابل للنقاش، أكثر الفتيات قررن الصمت، والقلة القليلة اللاتي اخترن مصارحة الأهل، لم ينصفوهن على المتحرش بل تعرضن للتعنيف وعدم الاحتواء.

وتباينت ردود الأفعال حول الهاشتاج عاكسة للمجتمع، فكما أثنى الكثير على شجاعة الفتيات و ساندوهن، لم تسلمن من التكذيب واتهامهن بالمبالغة، لا ننكر ان الكثير مما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي مشكوك في مصداقيته، ولكن هذه الشكوك لا تنفي حدوث ذلك واقعياً، حيث تشير أول دراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر للدكتورة "فاتن عبد الرحمن الطنباري" أستاذ مساعد بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بهم، كما أن 35% من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالضحية، وهو ما يدعم صدق الفتيات، وإن كانت بعض الروايات غير صحيحة ولكنها تعد تمثيلاً لما أبشع من ذلك في الواقع.

الجانب المظلم من ردود الأفعال والأصعب في استيعابه، حين تقلب الآية وتتهم المشاركات في الهاشتاج بـ"البجاحة"، حيث وصف "محمد موسى" بمنشوره على "فيس بوك" الحوادث المذكورة بـ"الفضايح" مرجحاً ان الهدف منه "نزع الخجل المتبقي عند الفئة القليلة من الفتيات"، وتساءل "محمد شعيب": "ازاي بعد ما ربنا سترهم يفضحوا نفسهم"، كما وجه "مؤمن شريف" حديثه للمشاركات: "استري نفسك يا بنتي انتي وهي"، ونصحت "رشا سعيد" الفتيات بعدم الانجراف وراء الهاشتاج لأنه "هيتمسك" عليهن فيما بعد"!، لأتساءل أين عقولهم و ضمائرهم عند اتهام الضحية بـ"قلة الحياء"، ووصف الحادث بالـ"فضيحة" بل واحتمالية أن يتم اذلالها به، ومطالبتهم إياها بـ"ستره"!

الواقع النفسي لحوادث التحرش على الفتيات ستجدها في شهاداتهن، فناتج أول حادث يطاردهن حتى الآن، بدليل تذكرهن أول لفظ خادش وأول لمسة انتهكت حرمة أجسادهن، كما تشف كلماتهن عن مشاعر غضب وكره ضاقت بيها صدورهن، شعور الخوف وعدم الأمان يلازمهن، وبرغم اهتمام الإعلام و حملات التوعية والحركات النسوية بالأثار النفسية للتحرش على المرأة والطفل، إلا انها لم تؤثر في تعامل المجتمع المشوه مع التحرش وضحاياه، وأصبح بمثابة "علمٌ لا ينفع"، لذلك فإن الجانب القانوني هو الأهم والأقوى للمواجهة والمساعد الأول والأخير للضحية.

وقد نصت المادة 296 على أن "كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سنهما 18 سنة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 7 سنوات"، كما يحكم عليه بالإعدام أو السجن المؤبد إذا قام باختطاف الطفل ومن ثم مواقعته أو هتك عرضه، وفيما يخص البالغين؛ تنص المادة 306 كل من تعرض لشخص بالقول أو بالفعل أو بالإشارة على وجه يخدش الحياء في طريق عام أو مكان مطروق، او خلال أي وسيلة من وسائل الاتصالات، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز سنتين، وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد عن 2000 جنيه أو بإحدى العقوبتين، وإذا كان الجاني ممن لهم سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه، تكون عقوبته الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز 5 سنوات، والغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد عن 500 ألف جنيه.

وبرغم أن التحرش ليس بالظاهرة الجديدة على مجتمعنا، كما تم تناوله إعلامياً باستفاضة، إلا اننا صُدمنا من جديد في "#أول_محاولة_تحرش_كان_عمري"، بما كشفه من تظاهر المجتمع بفضيلة وتدين لا يملكهما، وادعاءه التمسك بقيم بات لا وجود لها في الواقع، وصمتِ خوفٍ خلق جيلاً مشوه نفسياً واجتماعياً.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز