شرين احسان تكتب : الغباء السياسى فى ادارة ازمة الوراق
05:46 م - الإثنين 17 يوليو 2017
المتأمل فى ازمة جزيرة الوراق يدرك تماما حجم الدولة العميقة و الى اى مدى هى عميقة فى بيروقراطيتها و ادارتها و عميقة ايضا فى فسادها و عشوائيتها و فى قدرتها على صناعة الازمات و الفشل فى ادارتها بامتياز .
فما رأيناه من مشاهد مؤسفة فى ازمة جزيرة الوراق يلخص المأساة و يرصد حالة الغباء السياسى فى التعامل مع الازمة فى دولة غاب عنها انفاذ القانون لعقود طويلة حتى باتت اموالها مستباحة و اراضيها حق مكتسب لناهبيها و البلطجة سلاح يرفعه كل معتدى فى مواجهة القانون وفى مقابل أى قوة تجرؤ على تنفيذه .
ولعل ملف استرداد اراضى الدولة و ازالة التعديات عليها من أهم الملفات التى فتحت مؤخرا لاصلاح فساد ساد لسنوات طويلة و اذا كان الرئيس قد أشار فى احد لقاءاته الى اراضى الجزر النيلية و لفت الانتباه الى ضرورة استعادة اراضيها المملوكة للدولة فهل هذا يعنى ان تنطلق الحكومة فى التنفيذ بالاسلوب الصدامى و فى توقيت خاصمه الذكاء و فى منطقة شعبية مثل جزيرة الوراق لينتهى بنا الى مشهد مؤسف اهتزت فيه هيبة الدولة و كاد ان يشتعل الأمر الى مدى لا يعلمه الا الله .لولا انسحاب قوات الامن و تأجيل الازالة الى اجل غير معلوم بعد حالة وفاه و اصابة العشرات من المواطنين و رجال الشرطة .
المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء يقول ان التعديات على جزيرة الوراق صدر لها 700 قرار ازالة سابقة و ان الأجهزة المعنية توجهت الى الجزيرة لتنفيذ القانون و فوجئت بالضرب بالخرطوش و القاء الحجارة عليهم .
و السؤال هو هل من المنطقى بعد سنوات طويلة من الاهمال و الفساد الذى نهب اراضى الدولة و زحف و تمكن منها حتى بات و كانه حق مكتسب ان تستيقظ الحكومة فى يوم و ليلة و تقرر تنفيذ 700 قرار ازالة مرة واحدة اى منطق هذا و فى منطقة مثل الوراق التى شهدت صدامات بين الأهالى و اجهزة الأمن اكثر من مرة على مدى 6 سنوات مضت , بداية من 2012 حين اصدر احمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق قرار بتشكيل لجنة لدراسة الأوضاع البيئية فى الجزيرة و وضع خطة للاصلاح البيئى فيها لحماية نهر النيل من التلوث و وقع وقتها مصادمات بين الحكومة و الاهالى الذين رفضوا الخروج من الجزيرة و التطوير و تمسكوا بالبقاء عليها .و فى 2015 عندما تم تدشين حملة لانقاذ النيل برعاية و زارة الرى و مشاركة 34 جهة حكومية و فى احدى حملات ازالة التعديات تعرض الدكتور حسام مغازى و زير الرى الأسبق و - الذى كان يقود الحملة –لاطلاق نار على موكبه البحرى ما دفع الأمن الرد على مطلقى الرصاص و لم تكمل الحملة عملها .
و تكرر الامر فى 2016 عندما تقرر ازالة ازالة كل ما هو غير قانونى على الجزيرة و خرجت الوقفات الاحتجاجية للاهالى رافضة ترك الجزيرة خاصة مع تزايد الأحاديث حول نية تخصيصها و تحويلها لمنتجع سياحى .
أبعد هذا التاريخ من الصدامات بين الأمن و سكان الجزيرة تستخدم الحكومة نفس الاسلوب فى تنفيذ الازالات و مازلنا نصدر قوات و الداخلية للمشهد لتدفع ثمن اهمال و فساد جهات حكومية اخرى من محليات و رى و زراعة و اوقاف و غيرها
عفوا يا حكومة غابت عنكم الحكمة فى ادارة ازمة جزيرة الوراق و التى انتهت الى مصيبة اضعفت من هيبة الدوله
,و بعيدا عن نغمة ” لما تطبقوا القانون الأول على الأقوياء ابقوا طبقوه على الغلابة " وهى نغمة مرفوضة تماما فاذا كنا نريد الاصلاح و انفاذ القانون فان الأمر كان يحتاج حكمة و ادارة سياسية من قبل الحكومة بدلا من الاسلوب الصدامى فى ظل ظروف معيشية قاسية و غلاء فاحش للأسعار و غيرها من الازمات التى تمر بها البلاد و لا تحتمل المزيد .
تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز