عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رابح محمود يكتب: ثورة شمروخ

رابح محمود يكتب: ثورة شمروخ
رابح محمود يكتب: ثورة شمروخ

المرأة سر الحياة وجمالها، فتنتها وضلالها وهدايتها، تحت قدميها تنبت العفة والطهر، وتحت قدميها تنبت الغواية والإفك، فيها يتجسد الإخلاص فى أبهى صوره، وفيها تظهر الخيانة فى أطغى صورها وأشدها جموحا.



ولعل هذا ما جعل المجموعة القصصية "ثورة درب عِشرة" فى حالة توهج دائم، لا تترك فرصة للقارئ فى الهدوء أو الاسترخا، فهى تحمل فى سطورها لهيب هذا العالم الإنثوى الذى يفجر فى الحياة الحياة، ويطرح فى السكون ثورة عارمة تثمر عالما من الصراع على البقاء والوجود، وتتحدى به العدم.

فى مجموعته الرائعة الخلابة المدهشة، المجموعة القصصية "ثورة درب عِشرة" للكاتب والأديب محمد شمروخ، تحتل المرأة المحور الأساسى الذى تدور حوله الأحداث، تنبت منه ومنه تستمد أسباب الحياة، ثم تدور دورتها لتنتهى إليه أيضا.

هذه المجموعة القصصية التى جمعت نقيضا عجيبا، فالمجموعة تتميز بدسامة الأفكار مع سلاسة الصياغة، جاء ذلك عبر جمل غير متلكفة يجرى فيها قلم الأديب الرائع محمد شمروخ بسلاسة عجيبة، وبيسر وسهولة لم يبذل فيه أى عناء أو مجهود.

تنبئ هذه المجموعة القصصية بهذه الدسامة وسلاسة الصياغة عن صاحب موهبة أدبية راسخة، عن قصاص لم يفض بعد بكل ما يمتلك من موهبة فى عالم القصة.

وفى بحر هذه المجموعة القصصية تتلاطم الأمواج بشراسة ناعمة، فحين تقرأ المجموعة برفق تفاجئك أفكاره الصادمة التى تبهر العقل وتأسر انتباهه.

فلابد وأن تقرأ فى هدوء ممتع أن تتوقف عند هذه الجملة.

"هنا الخصومة شرسة وبلا مبرر والمودة حارة بلا مبرر أيضا"

وذلك فى وصف طبيعة الحارة المصرية، وعلاقاتها المتناقضة دون أسباب واضحة أو دوافع قوية.

وتعاود التوقف عند هذه الجملة:

"أليس عجيبا الله هو أكثر ما يشغل بال الكافرين به حتى أعتاب الجنون؟."

وعند هذه الجمل والنصوص:

"آه من أولئك الذين يولدون مرة واحدة ولا يشعرون بفرصة الميلاد الثانى فى حياتهم"

"جاءنى السر الذى يجعل الخطايا هى الباب الرائع لحديقة الغفران"

"إن البحار حين تتكلم تثور، نسمى أحاديثها أمواجا ونوات ودوامات.. وحين يهدأ البحر، يهدأ ليهمس إلى صخور الشاطئ ورماله"

"هذا العالم هو الذى تتكشف أسراره، فيجد الإنسان نفسه منسابا فى دورته الأبدية، فتتبدد غربته بين الأشياء، فيصير منها وتصير منه"

"فما الجدران إلا وعاء الذكريات، لأنها هى وحدها التى تقتطع فكرة المكان من الفضاء العشوائى، وتحبس الأوقات من ذلك السيل اللانهائى المسمى بالزمان."

وهكذا يطرح الأستاذ محمد شمروخ، هذه الأفكار الدسمة فى أسلوب قصصى رائع، وبلغة راقية جذابة، كأنما يرسم بها وبريشة بديعة طبائع النفس البشرية، وأثر الحارة المصرية على نفوس ساكنيها وأفكارهم، ويرسم بها صورا متعددة من ظروف الحياة فى المجتمع المصرى، فى أحلامه وطموحاته، وهمومه وأشجانه.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز