عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رابح محمود يكتب : لبيك اللهم لبيك

رابح محمود يكتب : لبيك اللهم لبيك
رابح محمود يكتب : لبيك اللهم لبيك

أُمِر أن يذهب بزوجته المصرية المباركة وابنه الرضيع إلى مكان يحيطه الموت إحاطة السوار بالمعصم، الأمر جد عظيم يكاد يبكى الحجر، طفل رضيع وامه، أتركهما للهلاك، الأمر صعب يمزق الأوصال، لكنه لبى:



لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك.

وتركهما فى واد غير ذى زرع ولا ماء، الموت مؤكد لا نجاة فيه، الغيب لا يعلمه إلا الله، إنها تحب زوجها العطوف صاحب الرحمة والشفقة، الذى يأنس بهما ويحبهما حبا جما، وتنظر إلى ابنها فلذة كبدها، تكاد تموت وهى تراه والموت ينتظرهما، لكنه علمت أنها إرادة الله.. فلبت:

لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك.

نبع الماء من تحت أقدام التلبية، يشرب منه أهل الدنيا كلها وحتى آخر الدنيا، إنها أم مصرية، جاءت من أم الدنيا، لتهب للدنيا هذا الماء المبارك.  

أُمِر أن يذبح ابنه، كبر ابنه وكبر حبه فى قلبه، الأمر أحال الحياة حزنا صافيا، أحاط الألم أنفاسه وملأ الضلوع، لو نزل هذا الحزن على مائة رجل ما احتملوه، لكن ههنا رجل بعظمة أمة كاملة، بقوة أمة كاملة، بقلب أمة كاملة، بعزيمة أمة كاملة، بصبر أمة كاملة، بحلم أمة كاملة، بإنابة أمة كاملة.

استقبل الأمر، والأسى يملأ صدره، الشفقة تئن فيه تضنيه تكاد أن تقتله، قابله الشيطان فى الطريق، يريد أن يثنيه عن التلبية، لكنه تناول الحصى قذفه به ولبى الأمر، وهزم النفس والهوى، وهزم الشيطان والإغواء والغواية، وضرب أعظم مثال للإنسان، وذهب إلى ابنه يخبره وهو يلبى:

لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.

استقبل ابنه الأمر، ماذا يفعل الابن الذى انتابه هذا الأمر العظيم، على يد والده، الذى لا يجد من يشفق عليه مثله؟!، إنه قتل مضاعف، لو قتل بيد غير يد ابيه لكان أهون، سيتحمل القتل، فكيف له أن يتحمل أن يجد أباه هو قاتله، لكنه الإيمان الذى يجعل الانسان يسمو فوق كل معنى، يدهش الجميع بقلبه، يدهش الملائكة التى ما رأت فيه إلا الإفساد وسفك الدماء.

جاءه الأمر وجاءه الحزن، وسعى إليه الأسى سعيا، لكن الأمر من الله والله أرحم الراحمين، إنها اسرة كريمة، رحمة الله وبركاته تتوالى عليها لا تنقطع،ومع أن الحزن والوجوم غيم على النفس.. لكنه لبى:

لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.

ذبح كبشين فداء لابنه، أكلوا وشربوا، تبدل الحزن فرحا، وتبدل الألم سعادة، شوا اللحم، فتصاعدت رائحتها تدعوا الفقراء والأقارب، أكلوا جميعا وعمت السعادة الأهل جميعا.

لم يبق إلا أمرا واحد، ويكتمل النسك، وتكتمل المنازل.

أمرا أن يرفعا القواعد، وأن يكتمل بناء البيت، واكتمل البناء واكتملت المناسك، أُمر أن يؤذن فى الناس أن يقصدوا البيت ويقصدوا المعنى، أن يقصدوا هذه الحياة وهذه التلبية، أذن فجاءوا من كل فج عميق يلبون:

لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز