عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رابح محمود يكتب: التسعينات عجائب وغرائب

رابح محمود يكتب: التسعينات عجائب وغرائب
رابح محمود يكتب: التسعينات عجائب وغرائب

سأحكى لك يا أخى عن التسعينات، وبيننا وبينها عشرون عاما، لكنها كأنها قرن من الزمان، فلعل أن يكون فى ذلك عبرة وعظة، وفيها من العجائب ما لا يخطر لك على بال، ومن الأسماء مالم تسمع عنها من قبل، بعد أن كانت ملء السمع والبصر.



شهدت التسعينات مشهدا من أعجب مشاهد التاريخ، العجب كله فيها، ففيها كثرت الأصوات وتشابهت، وراج سوق الكاسيت وصناعته رواجا غير مسبوق.

ففيها غنى كل من، خالد عجاج ـ صاحب المقولة الشهيرة "أصعب حب لما تلاقى اللى انت تحبه مبيحبكش"، وغنى  ـ علاء عبد الخالق ـ  وكان أشهر من نار على علم وهو صاحب المقولة "قلبى طيارة ورق قلبك طيرها لفوق".

أما ـ منى عبد الغنى ـ فكانت تحب الظأطتة والفرح والأصحاب فقالت: " يلا يا أصحاب يلا بينا نفرح".

أما ـ حنان ـ  فقد كانت عجيبة الجائب، وكان صوتها أعجب، وهى التى قالت: "تستاهل تستاهل ما كنت قاعد يا قلبى فاضى لا بيك دموع ولا بيك جروح تستاهل تستاهل"، وانتقل فيها ـ حسام حسنى ـ من الوقوف مع الفرقة خلف الهضبة، ليتصدر المشهد الغنائى بقوله: "أنا بحبك وغيرك انت نوبادى تهجرنى ليه وتحب بعدى صم بادى".

لكن ـ محمد محى ـ كان له قطاع عريض من المعجبين، وهو الذى قال بعدما ضاق ذرعا، وبصوت يملؤه الحِزن بكسر الحاء والغتى بلغة البعض، والقهر أيضا، وقد عانى أشد المعاناة من أهل الملامة، وكانت له قدرة عجيبة على الحزن بضم الحاء، حتى فى أشد الألحان بهجة: "أعاتبك على إيه ولا إيه ولا إيه".

وغنت ـ حنان ماضى ـ "ليلة عشق"، وغنت ـ هدى عمار ـ "مكدبش عليك"، وقال ـ ابراهيم عبد القادر ـ : "أقول الحق بسطانى، ليالى هواكِ بسطانى".

أما ـ خالد على ـ فقد احتار وحيرنا معه، فأن يكون له أن يختار بين هاتين، إنه لخيار صعب، فقال وهو صادق فيما قال: "محتار اختار مين فيهم، هما الاتنين عجبنى" وكان ـ إيهاب توفيق ـ يملأ قلوب الشباب والبنات وكان النجم المفضل للجميع، أما ـ حميد الشاعرى ـ فقد أحدث صيحة وأثار هذه الفترة بروح الشباب، حتى سميت الأغانى فى هذه الفترة بالأغانى الشبابية، هذه بعدما سميت بالأغانى الهابطة، وجاء ـ  محمد الحلو ـ من وقار الثمانينيات، فلم يجد هذا الوقار يصلح للتسعينات، فنحى الوقار جانبا وأدلى بدلوه فى دنيا الأغانى الشبابية، أما ـ حسن الأسمر ـ فقد قال أبأس مقولة فى التاريخ حيث قال: "كتاب حياتى يا عين، ما شوفت زيه كتاب، الفرح فيه سطرين والباقى كله عذاب" وكان هناك مطرب اسمه ـ أحمد جوهر ـ والذى قال: "هاتلى قلبك ده وانا اقوله، البعيد لازم نوصله".

هذا فضلا عن ـ لطيفة ـ ونادية مصطفى ـ وأنوشكا ـ  و ـ خالد جيوشى ـ و ـ حسن عبد المجيد ـ و ـ على حميدة ـ و ـ أركان فؤاد.

وفيها غنى كل من أحمد ووليد وحسن وحاتم وخالد وأيمن وعماد ابراهيم وسامح وعلى وعادل وسمير وعبد الله ومصطفى ووائل وولاء وحسام، واذا سألتنى كل هؤلاء أيضا غنوا؟، سأقول لك: لا، إنهم أصدقائى، لكنهم كانوا يغنون مع أنفسهم، وقد كاد فى هذه الفترة من كثرة المطربين والمطربات أن يغنى الشعب كله.

وقد كان لى صديق يعمل فى أحد المحال فى القاهرة، فاتى إليه من يعرض عليه أن يعبى له شريط كاسيت، فضحك صديقى، إن كل علاقته بالغناء هى السماع فقط، لا يعرف حتى أسماء الآلات، ولم يغنى مرة واحدة فى حياته، فاجابه بأنه ليس له فى الغناء وصوته لا يصلح لهذا الأمر، فجاء الرد صادما: لن نحتاج لصوتك، فقط نحتاج لشكل مناسب والصوت تصنعه الأجهزة.

لم أذكر لك طبعا المشاهير الذى استطاعوا أن يتخطوا حاجز التسعينات، وأن يستمروا بعدها، ولم أذكر لك جميع من غنى فإنه أمر فوق طاقة المقال.

وكما أن لكل زمان رجال، فلكل زمان آفة، وآفة زماننا الكتاب، لا أحد يريد أن يقرأ، لكن الكل يريد أن يكتب، إن الكتاب يشهد اليوم عبثا غير مسبوق فى تاريخه، حيث لا ضابط ولا رابط، ولا قانون للنشر ولا لوائح وتعليمات، المال فقط هو العنصر الفعل فيها، ويكاد يكون معظم رواد معرض الكتاب كتاب ولهم مؤلفات فيه، فهل سيفعل فيهم زماننا كما فعلت التسعينات، بضعاف الفن فيها؟.

السؤال مطروح والإجابة قادمة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز