عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

هشام نادى شعبان يكتب : لماذا التاريخ ؟!

هشام نادى شعبان يكتب : لماذا التاريخ ؟!
هشام نادى شعبان يكتب : لماذا التاريخ ؟!

التاريخ هو أكثر العلوم الإنسانية أهمية وإرتباطاً بالإنسان وحياته, فمن خلال التعرف على سلسلة التاريخ يستطيع الإنسان توفير وقته وجهده وإمكانياته فقط إذا عرف تاريخ مَن سبقوه وتاريخ الأشياء التى تفاعلوا معها, أو تاريخ الأشياء التى يتفاعل هو معها فى حياته اليومية, وذلك بهدف أن يحيا حياة أفضل عن طريق تجنب الأخطاء التى حدثت, مع تطوير نجاحات الماضى والبناء عليها, وعبر السطور القليلة القادمة سوف نتعرف على التاريخ, وعلى صوره وأنواعه, بالإضافة إلى أهميته, وعواقب جهلنا به.

- تعريف التاريخ :



حينما قرر أهل التخصص فى هذا المجال وضع تعريف لعلم التاريخ قالوا أن " التاريخ هو تسجيل ووصف وتحليل الأحداث التي جرت في الماضي، على أسس علمية محايدة، للوصول إلى حقائق وقواعد تساعد على فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل ".

ولكن إذا أردنا وضع تعريف أيسر وأبسط للتاريخ فسوف يكون هو سلسلة التجارب التى مرت على الطبيعة قبل ومع الإنسان بصفته أحد مكونات الطبيعة وأيضاً المسيطر عليها, وتتم تلك التجارب بينه وبين أخيه الإنسان, أو بينه وبين الحيوان أو النبات أو الجماد, كذلك ربما تحدث تجارب لا دخل له بها كتفاعلات الطبيعة مع نفسها بالزلازل والبراكين وما إلى ذلك, والذى نصفه بالتاريخ الجيولوجيى للبيئة أو كتاريخ الحفريات التى عاشت وإنقرضت قبل ظهور الإنسان بملايين السنين, وتشمل تلك التجارب على الأحداث والمواقف والأشخاص والأشياء التى تواجدت فى مكان ما وزمان ما.

- صور وأنواع التاريخ :

أما بالنسبة لصور التاريخ وأنواعه فتنقسم إلى قسمين رئيسيين :

القسم الأول : هو تاريخ الإنسان بكافة صوره, كتاريخ الإنسان الفرد وتاريخ الإنسان فى صورة الأسرة وتاريخه كجماعة أو عائلة أو حزب أو طائفة, وأيضاً تاريخه فى صورة شعب وأمة أو فى صورته الكبرى كتاريخ البشرية جمعاء, كُلَّ حسب إمتداد عمره وعدد تجاربه وتأثره وتأثيره, فتاريخ الفرد يبدأ بمولده وينتهى بوفاته, وتاريخ البشرية يبدأ بأول النسل, وينتهى مع وفاة آخره, وبنفس القياس يُحسب تاريخ الأسرة والجماعة والأمة .. إلخ.

القسم الثانى : بإمكاننا أن نعتبره تاريخ غير الإنسان, وغير الإنسان هنا يُطلق على الحيوان بكافة أنواعه, وعلى النبات كذلك , وأيضاً على الجماد سواء كان مادياً صلباً أو سائلاً أو غازياً, أو معنوياً كتاريخ الموسيقى والألعاب والأفكار والأديان والفلسفات أو تاريخ السلوكيات كالمراسم وطرق تناول الطعام وغيرها مِن حيث متى نشأت وكيف تطورت وهكذا.

- أهمية التاريخ :

للتاريخ أهمية وفوائد كثيرة مِنها مثلاً حفظ التراث الإنسانى والإمداد بأخبار السابقين, وكيف كانوا يعيشون وهل كانوا أفضل أم حياتنا هى الأفضل ولماذا, كذلك مُتعة القراءة وتوسيع خيال القارئ ومداركه, بالإضافة إلى التعلم مِن تجارب السابقين والتى تُعتبر الأهمية الكبرى للتاريخ, فمِن خلال معرفة تجارب وأحداث وشخصيات مَن سبقونا, ودراسة الأشياء التى تركوها لنا سواء كانت آثار مادية أو علوم وفنون, سوف نستطيع عدم تكرار تجارب فاشلة قاموا بها, كما أننا سنعمل على الإستفادة مِن تجاربهم الناجة بتكرارها وتطويرها بأدوات عصرنا, وسوف ينتج عن ذلك توفير للوقت والجهد والإمكانيات التى نملكها لأننا سنكون أمام تجارب كاملة بمقدماتها ونتائجها, ولن نكون فى حاجة إلى إستكشاف شيئاً قد تم إستكشافه أو إختراعه مِن قبل, أو كما يُقال لن نحتاج إلى إختراع العجلة مرة أخرى, وبطبيعة الحال كل ذلك بهدف أن نحيا حياة أفضل يوماً بعد يوم.

- عواقب الجهل بالتاريخ :

وكما أن فوائد المعرفة بالتاريخ كثيرة كذلك عواقب الجهل به كثيرة, فالأمة التى تجهل تاريخها تكون كالشخص الذى فقد الذاكرة, وبالتالى سوف تجهل أسلافها وكيف كانت حياتهم, وبالتالى سوف تكون عرضة لخوض تجارب فاشلة ولم تكن تعلم أنها ستفشل لأنها لم تعرف أن الأجداد جربوها مِن قبل وفشلت, بالإضافة إلى حرمانها مِن أشياء فعلها الأجداد ونفعتهم وذلك لنفس السبب وهو الجهل بالتاريخ, وبالتالى النتيجة الطبيعية لذلك سوف تكون إهدار الوقت والجهد والإمكانيات التى تمتلكها تلك الأمة, أما أخطر عاقبة تحدث بسبب الجهل بالتاريخ هى ضياع الهوية لشعب بأكمله, والتى بضياعها يفقد الشعب حضارته وثرواته, ويُصبح تائه حائر ما بين هويات مزيفة كهوية الدين أو هوية اللغة أو هوية العرق والطائفة, كما أنه سيخضع لثقافات وافدة ويكون صيد سهل لأى مُحتل راغب فى إستعباده وطامع فى خيرات بلاده.

وبالتالى علينا جميعاً كأفراد أو مجموعات أو أمم أن نعى ونستوعب تجارب مَن سبقونا ونتعلم مِنها, حتى لو كنا تأخرنا فى فعل ذلك, فأن تأتى متأخراً خيراً مِن ألا تأتى أبدأً, طالما نحيا سوف تستوجب علينا حياتنا أن نطورها بإستمرار, وحين نضع تطوير حياتنا كهدف يجب تحقيقه .. إذن لابد أن نحافظ على الوقت والجهد والإمكانيات عن طريق معرفة كيف طور الناس حياتهم قبلنا, وذلك كما قلت لكى نتجنب الأخطاء التى وقعوا فيها, ونكرر ونطور النجاحات التى حققوها.

وأخيراً لو كان للحيوانات ذاكرة تحفظ لهم تاريخهم ما كُنا وجدنا خرافاً وأبقاراً وجاموساً مُستجيبة للذبح, ولحومها جاهزة للتناول كل يوم, أما الإنسان فأنعم الله عليه بنعمة الذاكرة وألهمه التدوين, فلا يجب أن يُهمل تلك النعمة, لكى لا يصبح كالحيوان ويُذبح كل يوم. ولذلك خُلق التاريخ وعلينا الإستفادة مِنه.

ليس بإنسان ولا عاقل .. من لا يعي التاريخ في صدره

ومن درى أخبار من قبله .. أضاف أعمارا إلى عمره

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز