عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

«الحرية والسيادة»

«الحرية والسيادة»
«الحرية والسيادة»

إذ أحيي بادئ ذي بدء هذه الدعوة الكريمة الموجهة لي من طرف مدير تحرير البوابة الإخبارية للمؤسسة العريقة الغنية عن التعريف «روزاليوسف» لجمهورية مصر العربية الشقيقة، السيد: سعد حسن/ المحترم، وهذا بتفضل سيادته بدعوتنا للتحدث في هذا المقال عن «الذكرى العظيمة» لثورة الشعب الجزائري المندلعة في الفاتح من نوفمبر 1954، خاصة ونحن في وطننا العربي الكبير نعيش المصير المشترك، وتجمعنا من الهوية اللغة والدين والعرق، وهذا قد يبدو كافيا للفخر والقول بأواصر الأخوة، وروابط التضامن، والتعاون بين الشعوب العربية السيدة والحرة، التي عانى منها الكثير مآسي الاستعمار البغيض.



وإن أي ثورة مهما كانت تدابيرها المحكمة وفكرها النّير، لا بد أن تحتاج إلى دعم بالوسائل المناسبة، وكذا التفاف الجماهير حولها، وعون الأشقاء والأصدقاء لها.

وإن الشعوب والأمم الحرة مهما طال ليل ظلمها فلها أن تطمح إلى الحرية، وأن تقاوم المستعمر وتثور عليه لأنه بكل بساطة، الاستعمار هو الاستثناء الزائل، وليس هو القاعدة الثابتة والأقوى.

وإن إيمان الشعب الجزائري بأن «الحرية والسيادة» لوطنه هي الأصل، وأن المطالبة بهما تتطلب الكفاح المسلح، مع العمل السياسي المحنك، فقد كان للكتابة العامة «لجبهة التحرير الوطني» الجزائرية الدور الفعال في إعلان أول بيانها من الفاتح نوفمبر 1954 الذي دعت فيه «الشعب» و«المناضلين» «من أجل القضية الوطنية»، إصدار حكمه بشأن «الشعب بصفة عامة»، و«المناضلين بصفة خاصة»، وقد وضح الإعلان «الأسباب العميقة» الدافعة «للعمل»، وكذلك «المشروع» و«الهدف» من هذا «العمل»، وأيضا «مقومات وجهة النظر الأساسية» الدافعة «إلى الاستقلال الوطني في إطار الشمال الإفريقي».

كما بيّن نداء أول نوفمبر 1954، أن: «هدف أي حركة ثورية- في الواقع- هو خلق جميع الظروف الثورية للقيام بعملية تحريرية»، واعتبر أن «الشعب الجزائري في أوضاعه الداخلية متحد حول قضية الاستقلال والعمل، أما في الأوضاع الخارجية فإن الانفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الديبلوماسي وخاصة من طرف إخواننا العرب والمسلمين.«

ويضيف البيان: «أمام هذه الوضعية التي يُخشى أن يصبح علاجها مستحيلا، رأت مجموعة من الشباب المسؤولين المناضلين الواعين التي جمعت حولها أغلب العناصر التي لا تزال سليمة ومصممة، أن الوقت حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص والتأثيرات، لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة والتونسيين».

»وبهذا الصدد» يضيف النداء «فإننا نوضح أننا مستقلون عن الطرفين اللذين يتنازعان السلطة، إن حركتنا قد وضعت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات التافهة والمغلوطة لقضية الأشخاص والسمعة، ولذلك فهي موجهة فقط ضد الاستعمار الذي هو العدو الوحيد الأعمى، الذي رفض أمام وسائل الكفاح السلمية أن يمنح أدنى حرية».

ويواصل البيان: «نظن أن هذه الأسباب كافية لجعل حركتنا التجديدية تظهر تحت اسم: جبهة التحرير الوطني».

«وهكذا نستخلص من جميع التنازلات المحتملة، ونتيح الفرصة لجميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية، وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية أن تنضم إلى الكفاح التحرري دون أدنى اعتبار آخر».

ويُختم النداء بما يلي: «أيها الجزائري، إننا ندعوك لتبارك هذه الوثيقة، وواجبك هو أن تنضم لإنقاذ بلدنا والعمل على أن نسترجع له حريته، إن جبهة التحرير هي جبهتك، وانتصارها هو انتصارك».

«أما نحن، العازمين على مواصلة الكفاح، الواثقين من مشاعرك المناهضة للإمبريالية، فإننا نقدم للوطن أنفس ما نملك».

واستجابة لبيان أول نوفمبر 1954 هبَّ الشعب الجزائري «عن بُكرة أبيه»، ليسترجع وطنه المحتل، وبكل عزم دوَّى الذعر في قلوب المستعمرين، فكانت ليلة الفاتح من شهر نوفمبر ليلة غير عادية في تاريخ الجزائر، وتاريخ العرب والعالم، إنها ليلة «شعب أراد الحياة»، «فأخذ للحياة سلاحها»، فكان «نوفمبر»- دون فخر- «أكبر من الدولة» كما قال فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية السيد: عبد العزيز بوتفليقة، لأن نوفمبر هو الذي أسس للدولة وكانت وثيقته أول وثيقة مُؤَسِسة.

إن تذكر أولئك الذين ضحوا بالنفس والنفيس، يُشعرنا اليوم بالأمانة الكبيرة التي تركها أبطال الجزائر وبطلاتها للأجيال، الذين هم أمل البلاد بمثابة أنهم الحياة الجديدة، ويد الصناعة والفلاحة والبناء وغير ذلك من مقومات الاقتصاد، ولا يتأتى هذا إلا بالتعلم الجيد، وإتقان العمل، والتصميم على البقاء أحرارا على الدوام.

إن الجزائر اليوم مثل باقي الأوطان، تتطلع إلى تنمية شاملة، ومواصلة ما بدأت به، وسط تغيرات إقليمية، وتقلبات عالمية، ومتطلبات محلية، توجب على المواطن والمواطنة، أن يكون على وعي تام، بأن التنمية تبدأ مع كل واحد منهم، وكل واحدة منهن، لأن الاقتصاد القوي لكل بلد هو النافذة الرحبة لجلب استثمارات أكثر نفعا للدولة ومواطنيها ومواطناتها، فالاقتصاد هو باب من أبواب الازدهار، كما أن قوة الأوطان تكمن كذلك في التنمية البشرية على كل المستويات.

فعاشت أوطاننا العربية مزدهرة ومتضامنة، وعاشت الجزائر حرة ومستقلة، ودامت سيادة وحرية بلادي، ورحم الله شهداء الجزائر وشهيداتها، وأطال الله عمر مجاهديها ومجاهداتها، ودامت العزة للجزائر والإخوة العرب، والمسلمين جميعا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز