عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

وزير التعليم الفنى السابق: الموارد ليست أزمة.. وطلاب المدارس الفنية "مش عيال صايعة"

وزير التعليم الفنى السابق: الموارد ليست أزمة.. وطلاب المدارس الفنية "مش عيال صايعة"
وزير التعليم الفنى السابق: الموارد ليست أزمة.. وطلاب المدارس الفنية "مش عيال صايعة"

حوار - إبراهيم جاب الله
تصوير - عمرو شرف

محمد يوسف: واجهنا مخططًا لتحويل مدارس التعليم الفني إلى مشروعات سكنية وتجارية



نحتاج الى جهة تنفيذية واحدة للإشراف على التعليم الفنى وعلينا استيعاب طلاب المدارس 

الوزير السابق: نقل تجربة التعليم الفني الأجنبي بالحرف أشبه بمن لبس "بدلة كلاسيك على البحر"

نسبة كبيرة من طلاب التعليم الفني مهاراتهم ضعيفة في القراءة والكتابة.. وعلينا وضع برنامج لتنميتها

وزير التدريب السابق: لا أرفض التحاق ابني بالتعليم الفني طالما كانت رغبته

منح الطلبة "كورسات" بعد التخرج تؤهلهم للعمل على طريقة سنة الامتياز بالطب

يوسف: الاعتقاد بأن طالب التعليم الفني قادر على فك الموتور وتركيبه فور التخرج خطأ

 

 

البحث عن أصحاب التخصصات الدقيقة أصبح كالعملة النادرة، هذا ما يحدث في معظم دول العالم، لكن في مصر لا يزال كثير منا يعمل بطريقة "7 صنايع" وبـ"الفهلوة"، وكل ذلك سببه أننا افتقدنا ثقافة التدريب، بل وأصبح التعليم الفني والتدريب المهني في مصر بعيدا عن اهتماماتنا.

عندما استحدث مجلس الوزراء- في عهد المهندس إبراهيم محلب- وزارة التعليم الفني والتدريب المهني، تم إسنادها للدكتور محمد يوسف، الذي كان يشغل منصب نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني، وشغل يوسف، منصب مدير إدارة الطرق والكباري بشركة المقاولون العرب، كما تولى رئاسة قطاع التدريب بنفس الشركة، وأشرف على المدارس التابعة لها، وكان اختياره رئيسًا لقطاع التعليم الفني هدفه الربط بين التعليم واحتياجات سوق العمل، وهو حاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة عام 1990، كما حصل على درجة الماجستير في إدارة المشروعات من إنجلترا.

حمل يوسف حقيبة التعليم الفني ليكون مسؤولًا عن ملفات عديدة، أهمها تغيير النظرة الدونية التي ينظر بها المجتمع لهذا النوع من التعليم، وتطوير المدارس، وتأهيل الطلاب وتزويدهم باحتياجات سوق العمل.

في حوارنا مع وزير التعليم الفني والتدريب المهني السابق، حاولنا وضع خريطة للنهوض بهذا الملف لنطرحه أمام الحكومة والجهات التنفيذية، حيث أكد ضرورة وجود كيان تنفيذي يتولى ملف التعليم الفني والتدريب.

ورفض الاتهامات التي يوجهها البعض لطلاب المدارس الفنية بأنهم "عيال صايعة" لكنهم يحتاجون إلى من يستوعبهم، كما واجهنا الوزير بملفات عديدة.. وإلى نص الحوار.

هناك اهتمام كبير من جانب الدولة والرئيس السيسي بالتعليم الفني والتدريب المهني.. كيف نغير ثقافة الناس ومفاهيمهم تجاه التعليم الفني في مصر؟

أي ظاهرة سيئة حتى تحلها لا بد أن تعود لأصولها، والمرض لا بد أن تعرف أصله ومن أين أتى حتى يمكن علاجه، وحقيقية الأمر أن الرؤية للعمل الحرفي بصفة عامة كعمل لا يعبر عن القدرة الذهنية للشخص ثقافة موروثة من أيام الفراعنة والإغريق، وليست ثقافة جديدة، لكن عمق الرؤية للتعليم الفني زادت في فترات معينة، وبشكل عام نحتاج إلى رؤية شاملة لتغيير ثقافة الناس تجاه التعليم الفني.

لدينا مدارس للتعليم الفني بأشكاله المختلفة الصناعي والزراعي والتجاري.. هل خريجو هذه المدارس مؤهلون لسوق العمل الحالية؟

إذا تحدثنا بشكل عام فإن خريجي هذه المدارس لا يناسبون التطورات التي تحدث في سوق العمل في مصر وفي العالم، لكن يجب أن نعرف أن لكل شيء إيجابياته وسلبياته، لدينا في مصر مشاكل تتعلق بالتعليم بشكل عام، والتعليم الفني ناله جانب من هذه المشاكل، ونضرب مثلا على ذلك إذا كنت تسكن في شقة في مكان صعب، فأنت يمكنك أن تجهز شقتك بقدر ما تستطيع، لكن المكان صعب أساسا، فالمنظومة كلها تحتاج إلى إصلاح.

ومن المشاكل الأساسية في التعليم ضعف مهارات القراءة والكتابة، فهذه المهارات ضعيفة لدى طلبة التعليم الفني، بالإضافة إلى أن التعليم الفني يقبل أصحاب الدرجات الأقل، وبالتالي أصبح من يلتحقون بالتعليم الفني لديهم مشكلة كبيرة في القراءة والكتابة.

كيف يمكن للدولة أن تتعامل مع أزمة ضعف مهارات القراءة والكتابة لطلاب التعليم الفني؟

يجب على الدولة أن تبدأ في معالجة هذه المشكلة من المرحلة الابتدائية، من خلال مشروعات مختلفة، فحين كنت نائبا لوزير التعليم، بدأت مشروع تطوير مهارات القراءة والكتابة لدى الطلاب من مرحلة أولى ثانوي، لأنني كنت أتولى تطوير مهارات طلاب أولى ثانوي، وفي مرحلة التعليم الابتدائي يجب أن تكون هناك برامج لرفع مستويات الطلاب في المهارات الأساسية، كالقراءة والكتابة.

كيف نجعل التعليم الفني رغبة أولى للطلاب في مصر بدلاً من السعي وراء وهم اسمه "الثانوية العامة"؟

إذا نظرنا للموضوع من الناحية الاجتماعية ستجد أن ما يهم المصريين هو الشهادة، والدليل أن أصحاب شهادات عالية يعملون بعد التخرج حرفيين أو فنيين، ومنهم خريجو علوم وحقوق يعملون حرفيين، وهذا يحدث في كثير من الكليات التي تخصصاتها غير مطلوبة في سوق العمل.

هل هذا منطق سليم في سوق العمل المصري؟

بالتأكيد ليس صحيحا لأن الدولة استثمرت في هؤلاء الطلاب وهم بعد ذلك ذهبوا للعمل في أمور أخرى لا تتعلق بشهاداتهم.

إذن كيف نجعل التعليم الفني رغبة أولى للطالب؟

هناك تغيرات كثيرة يجب أن تحدث في المجتمع المصري فمنهج التفكير يختلف من طبقة لأخرى، وأنا لا أتحدث عن مجتمع مصر الجديدة والدقي والمهندسين فقط، ولكن الشعب المصري معظمه في المحافظات والقرى والصعيد، ومنهج التفكير لدى كل فئة يختلف عن الأخرى وكذلك الإمكانيات المادية أصبحت عاملا مهما في التوجه للتعليم الفني من عدمه.

في القرى أصبح هناك تغيير لحد ما، تجاه خريجي التعليم الفني على المستوى الاجتماعي فتجد مثلا فتاة حاصلة على شهادة عليا تتزوج شاب خريج تعليم فني مؤهل متوسط، ولا مانع في ذلك طالما يستطيع أن يوفر دخلا لأسرته، لكن عملية التغيير الشامل لن تحدث إلا عندما يكون هناك واقع على الأرض، وتكون هناك نماذج مشرفة وجيدة لمدارس التعليم الفني وتحقق نجاحا كبيرا.

متى نصل لمرحلة وجود مدارس ناجحة تساهم في تغيير النظرة لدى المصريين عن هذا النوع من التعليم؟

هناك بالفعل مدارس موجودة وناجحة بعضها قائم منها على سبيل المثال مدراس في المصانع مثل شركة "بي إم دبليو" بها مدرسة وكذلك مدارس في مصانع الغزل والنسيج.

هل هذه المدارس بها إمكانيات تكفي لتخريج طالب متميز؟

بها إمكانيات تساهم في تخريج طالب متميز ونحتاج طاقة نور في كل محافظة حتى ننهض بالتعليم الفني، بجانب رؤية تربوية واقتصادية وسياسية، فصاحب المصنع الذي يدفعه لعمل مدرسة داخل المصنع إلا إذا كان سيحقق له استفادة له وللدولة أيضا.

 

ما دور القطاع الخاص في إصلاح وتطوير التعليم الفني؟

بالتأكيد لكن يجب أن تكون المصلحة مشتركة ولا تحمله تكاليف فقط، فما المانع أن تكون المدرسة بمصاريف داخل المصنع، فالتعليم الفني شهد تطورًا من العهد الفرعوني، وحتى في التاريخ الإسلامي حيث كانت عملية التعليم الفني للطلبة تتم عن طريق صاحب الورشة لأن مصر كلها كانت قائمة على صناعات حرفية وقتها، والمواطن كان يدرب ابنه لمدة 3 سنوات بمقابل مادي يدفعه لصاحب الورشة حتى يكون ابنه مؤهلا وفي النهاية يحصل على شهادة من العريف أو شيخ المهنة.

كيف نطبق ذلك النموذج المتميز في عصرنا الحالي؟

عندما تتحدث عن إمكانيات دولة نحتاج إلى سيستم فمثلا نحتاج إلى رخصة لمزاولة المهنة، ومهم تفعيلها فأي مهنة حاليا لا بد أن يكون لها كارنيه لمزاولة المهنة كالمهندسين وغيرهم.

لكن في السنوات الأخيرة لاحظنا أن كثيرًا من المصريين يتجهون للتعليم الخاص واللغات على حساب التعليم الفني.. هل ذلك بمثابة النهاية للتعليم الفني؟

أنا مقتنع بأن التنوع لا بد أن يكون موجودًا، والأمر يختلف حسب الطبقات الاجتماعية ودخل الأسرة فمن لديه أموال ويريد إلحاق ابنه بالتعليم الخاص فما المشكلة، لأن اللغة أصبحت شيئا مهما، فهناك مهن في المهندسين إذا أتقن فيها الطالب اللغة الفرنسية أو الإسبانية يمكن أن يجد فرصة عمل على الفور وبالدولار في بعض الدول الإفريقية.

لكن هل ينعكس ذلك الاهتمام على بناء مدارس خاصة وتعليم لغات على حساب التعليم الفني؟

حينما كنت في موقع المسؤولية لاحظت ظاهرة في بعض المحافظات، وهي أن معظم مدارس التعليم الفني قديمة من الستينيات ومع الزحف العمراني وتزايد السكان أصبحت المدارس في وسط البلد وداخل الحيز العمراني، وهذه المدارس بها ورش، فبدأ البعض يفكر في إلغاء المدرسة أو نقلها وتحويل الأرض الموجودة عليها إلى مشروع إسكاني أو تجاري ويكون البديل لها أرضًا أخرى في الظهير الصحراوي، وهذا الأمر صعب لأن كثيرًا من المدارس أصبحت غير جاهزة في الظهير الصحراوي، وأصبحت بعض المدارس ليس لها طلاب تعليم فني، نظرا لبعدها عن السكن، وحتى نواجه هذه المسألة حصلنا على قرار من رئيس الوزراء أنه لا يجوز تحويل مدارس التعليم الفني إلى أي نشاط آخر سواء عقاري أو سكني لأنها ثروة هائلة، فمثلا مدرسة أسيوط الميكانيكية في وسط أسيوط والمتر بآلاف الجنيهات هناك ولذلك يجب الحفاظ على هذه المدارس من أجل النهوض بالتعليم الفني.

لكن في كل الأحوال وزير التربية والتعليم مطالب ببناء مدارس ابتدائي ورياض أطفال ومدارس تعليم فني وثانوي ولا بد أن نحافظ على مدارس التعليم الفني الموجودة مع بناء مدارس جديدة.

كيف يمكن تطوير هذه المدارس لكي يناسب خريجيها سوق العمل؟

لا بد أن نبتعد أولا عن المزايدات في موضوع التعليم الفني، ويجب أن نعرف أن الصناعة رؤيتها للعمل داخل كل مصنع ليست واحدة، وهناك مصانع كبيرة تحتاج تخصصات دقيقة، ولا بد أيضا من الاهتمام تربية لأن الطالب لا يزال في مرحلة تعليمية لها جانب تربوي وجانب آخر يرتبط بالصناعة فكل صناعة تحتاج مهارة ولذلك لا بد أن نعطي الطالب "كورسات" في التخصصات التي تحتاجها المصانع لكي يتأهل للعمل بعد دراسة 3 سنوات، وهي تشبه سنة الامتياز في كليات الطب، لأنه من الخطأ الاعتقاد بأن خريج التعليم الفني لديه قدرة ومهارة على فك الموتور وتركيبه فورا بعد التخرج.

هناك معامل كثيرة بمدارس التعليم الفني لا يتم استغلالها ولا يستفيد منها الطلبة.. كيف نستغلها بشكل سليم؟

أولا هناك قضية تتعلق بالمعلمين في مدارس التعليم الفني، إذ ينقسمون إلى نوعين بعضهم يدرسون الواد النظرية وآخرون للعملية، والصحيح أن يكون النظام موحدًا للتعليم والتدريس خاصة في التعليم الصناعي، خصوصًا أن معظم طلبة التعليم الفني في المدارس الصناعية، ولكي تنجح منظومة التعليم الفني كلها لا بد أن تنظر إلى جانب مهم منها، وهو أن الصناعة تتطور بسرعة، فالطالب يحتاج تطويرا مستمرا والمعلم في مدارس التعليم الفني يحتاج تدريبا مستمرا أيضا.

وبالنسبة للمعامل الموجودة في هذه المدارس هناك عدة مشاكل أولها أن "سيستم" العمل الحكومي يخوف المدرس من استخدام المعامل لأنها عهدة ومال عام، وفي بعض الأحيان قد لا يكون المدرس مدربًا على استخدامها كما أن المدارس الفنية بها أعداد كبيرة من الطلاب بعضها يصل إلى 4 آلاف طالب كمدرسة إمبابة الصناعية، ومدرسة الجيزة الكهربائية مثلا بها ما يزيد على 2000 طالب ونحتاج منظومة متوازنة للسيطرة على الطلاب ومدرسي العملي هم أكثر قدرة في السيطرة على الطلاب ويستطيعون فهم الطلاب جيدا.

كيف يمكن تحسين مستوى ومهارات المعلمين بالمدارس الفنية؟

كلنا نحتاج إلى تدريب وتطوير، وحقيقة الأمر أن المعلمين بالتعليم الفني بهم نماذج جيدة وعدد كبير منهم من الناحية التربوية مؤهل، لكن من الناحية الفنية يحتاجون تأهيلًا، وحتى يمكن النهوض بالمعلم، والمعلم يحتاج إلى تحسين مستواه المادي لأنه لا يمكن أن يكون المعلم يحصل على 2000 جنيه راتب شهري.

بسبب النظرة المتدنية للتعليم الفني في مصر، أطلق البعض على طلابه "عيال صايعة".. هل هذا تجنٍ في حقهم.. وما رأيك؟

بالعكس، فأنت إذا دخلت مدرسة ثانوي عام، ومدرسة تعليم فني ستجد العدد أكبر من الطلبة في التعليم الفني، لأن هناك تدريبًا عمليًا وهم ملتزمون به وبالحضور والقانون يجبر الطالب على حضور العملي، لكن الفكرة أن هؤلاء الشباب يحتاجون من يقترب منهم ويتحدث معهم بالعقل، وقتها ستجد من بينهم جواهر، ولا بد أن نستوعبهم ونجد حلولا عملية للمشاكل، وليست حلولا نظرية فقط، وعلينا النظر إلى التفاصيل لأن الشيطان يكمن في التفاصيل.

لدينا أكاديميات وجامعات للتعليم الفني والجامعة العمالية أهم هذه الكيانات.. ماذا ينقصها لكي يكون خريجوها محترفين؟

لا بد أن ننظر إلى تقسيم سوق العمل في مصر، فكل دولة لها سوق عمل مختلفة، ألمانيا مثلا تقسيم العمل في المصانع بها يختلف عن مصر، ولذلك لا بد أن تركز على هذه الأمور وأنت تؤهل الطلاب، وإلا سيتم تخريج طالب غير مؤهل، وبالنسبة للجامعة العمالية فهي تحتاج إلى تطوير خاصة الطلاب تخرجوا فلم يجدوا استيعابًا لهم في سوق العمل، ومعظمهم يعمل في مستويات أدنى من المستوى التعليمي بالمقارنة بزملائهم في كليات أخرى.

ولكي يحدث تغيير في أي منظومة لا بد أن يكون العمل مركزيًا من خلال كيان مسؤول عن التعليم الفني.

هل إلغاء وزارة التعليم الفني والتدريب المهني كان قرارًا خاطئا؟

نحن نحتاج إلى كيان لإدارة منظومة التعليم الفني في مصر والتدريب، وحتى يتم عمل نهضة تعليمية يجب أن تكون مركزية وبعدها يتم تفكيك الأمور، ولا بد من عمل ما يشبه "حضانة" للتعليم الفني والتدريب، خاصة أن التعليم الفني ليس مثل التربية والتعليم فهي وزارة ضخمة بها نحو 18 مليون طالب، أما التعليم الفني فبه نحو 3 ملايين طالب أو أقل ونحو 200 ألف معلم، ونحو 2000 مدرسة، وهناك دعم من الشركاء الأجانب لكن من دون كيان وهيكل له رؤية واحدة واستراتيجية واحدة بقيادة واحدة بالاشتراك مع جميع الوزارات لن نحقق الهدف.

ما رأيك في استمرار الجزر المنعزلة داخل الوزارات بشأن التعليم الفني؟

لا يمكن أن يستمر الوضع على ذلك، ولا بد من التنسيق الكامل، وأن يكون كل هؤلاء تحت جهة مسؤولة واحدة، لأن هناك مجموعة موارد يمكن أن يستخدمها هذا الكيان الموحد، ولا بد أن يكون هذا الكيان له صفة تنفيذية وليس تخطيطيًا فقط لكي يستطيع من خلال اتصالاته بالصناعة في مصر أن يحدد خطة العمل والنهوض بالتعليم.

ماذا عن مشروعات الحكومة لتطوير التعليم الفني في مصر.. هل لها عائد من وجهة نظرك؟

لا بد أن تكون هناك استراتيجية وتكتيك لهذا الأمر، فلا يمكن أن نقول للطالب "تعالى أنزلك البحر من دون أن أعلمك العوم"، حيث يجب التنسيق الكامل من خلال جهة واحدة مسؤولة عن التعليم الفني، خاصة أن كمية الموارد الموجودة في مصر للتدريب المهني كبيرة جدا لا تتخيل حجمها وكذلك إعداد مراكز التدريب، ويمكن تشغيل هذه المراكز بحيث تتكامل مع المدراس.

لكن هناك شكاوى من نقص الموارد في بعض المدارس الفنية؟

هناك ميزانية كبيرة، لكن استخدام هذه الأموال هو المشكلة، والميزانية الخاصة بالتعليم الفني مشكلتها في حاجة واحدة فقط هو أنها تحتاج إلى زيادتها من أجل الرواتب التي تصرف لتحفيز عملية التدريب والتعليم الفني.

أين تصرف المنح الأجنبية الموجهة للتدريب في مصر؟

هناك مشروع مع الاتحاد الأوروبي وغيره من الجهات لدعم عملية التدريب ولا بد من رؤية واستراتيجية وعلاقة مع الصناعة بشكل مميز من خلال إقامة مدرسة داخل المصنع، كما أن صندوق تطوير التعليم يعمل بشكل جيد ويجب الاستفادة منه.

وبالنسبة لتجارب الدول الأجنبية في عملية التدريب والتعليم الفني لا يمكن أن أنقل التجربة كما هي حرفيا، لأنك بهذا الشكل تكون كمن "يلبس بدلة كلاسيك على البحر" أو ليست على مقاسك حتى لو كانت على مقاسك فلونها لا يتماشى مع لون بشترك.

هل نحتاج إلى تعديل التشريعات الخاصة بالتعليم الفني؟

التشريعات تحتاج إلى تكامل لخدمة هدف معين وهو تطوير التعليم، والتشريعات التي تمت صياغتها في الماضي ربما تحتاج تحديثًا لمواكبة ما يحدث في سوق العمل والتعليم بشكل عام.

هل ترى أن الوجاهة الاجتماعية دفعت الناس للابتعاد عن التعليم الفني؟

جزء منهم يبتعد عن التعليم الفني لهذا السبب، خاصة لو كان من الطبقات العليا، فهو لا يفكر في التعليم الفني إلا لو ابنه درجاته أقل في المجموع، بينما أصحاب الدخول الأقل يمكن أن يفكر في الموضوع لكنه أيضا يتخوف من اتهام أولاده بأنهم من دون مستقبل "وعيال صايعة" كما قلت أنت في السابق.

بصراحة كنت وزيرًا للتعليم الفني والتدريب، لو نجل سيادتك كان مجموعه ضعيفًا.. هل ترضى أن يلتحق بالتعليم الفني أم ترفض؟

إذا كان هو نفسه "غاوي" ولديه رغبة في ذلك أتحدث معه لكي يختار ما يناسبه بحيث يكون في تخصص له مستقبل، وفي هذه الحالة لا أمانع بل أنصحه، لأن طلبة التعليم الفني لديهم مهارات فائقة.

كثير منا يتحدث عن انتشار ثقافة الفهلوة في مصر.. متى تنتهي هذه الكلمة من قاموسنا؟

هناك أماكن تحتاج تخصصا شديدا، لكن يوجد أماكن عمل كثيرة يمكن من خلال تعليم وتدريب بسيط العمل بها ويمكن لأي فرد أن يغير مهنته لأخرى من خلال هذا التدريب، وقبول العمل يرتبط الجانب الأكبر منه بالراتب، ففي إحدى المرات ذهبنا مع شباب للعمل بأحد المصانع وفوجئنا بأنهم رفضوا لأن الراتب ضعيف، إذن فالمشكلة هنا ليست مهارات فقط، ولكن أي مواطن يحتاج إلى دخل لأولاده، لأنه إذا لم يوجد دخل مناسب "فهل أكل أولادي حيكون مهارات وصناعة؟ لا طبعا.. اشتغل سواق توك توك حتى أحصل على دخل"، والسوق عرض وطلب، وأصحاب المصانع يجب أن يرفعوا الرواتب حتى نشجع الشباب على العمل لديهم.

في النهاية.. هل أنت متفائل بمستقبل التعليم الفني في مصر؟

بالتأكيد.. لكن يجب أن يكون هناك تكامل وأن نكون عمليين بشكل أكثر، وبحلول واضحة، مع منح سلطة تنفيذية لجهة واحدة تتولى عملية التدريب وتطوير التعليم الفني.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز