عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. نايلا طبارة: الأزهر يعود لدوره القيادي والريادي في مواجهة التطرف

د. نايلا طبارة: الأزهر يعود لدوره القيادي والريادي في مواجهة التطرف
د. نايلا طبارة: الأزهر يعود لدوره القيادي والريادي في مواجهة التطرف

حاورها : أيمن عبد المجيد – عماد عبد المقصود



أعدها للنشر : السيد على               

تصوير : عمرو شرف

 

طبارة: نقدم مفهومًا عروبيًا جديدًا لإدارة التنوع

الأقليات تحتاج إلى الاحتواء بتعزيز المواطنة

مصر ساهمت في حماية لبنان من سقوطها في مستنقع الصراعات الأهلية

الشعب اللبناني عازم على التصدي لمحاولات تكرار الحرب الأهلية

وعي الشعب اللبناني ضامن لمكافحة محاولات إشعال الحرب الأهلية

 

نحن في حاجة إلى تعريف جديد للعروبة يشتمل على التعددية الدينية والإثنية، يقوم على مفهوم أن التنوع مصدر قوة، وهذا يتطلب إدارة التنوع من قبل الدولة ويحتاج إلى مساهمة كل مؤسساتها السياسية والتعليمية والإعلامية والدينية.

 

 

هكذا ترى الدكتورة نايلا طبارة، مدير معهد المواطنة وإدارة التنوع بلبنان، مواجهة التطرف الذي يستشري على أسس مذهبية وعرقية بعدد من البلدان العربية في حوارها مع "بوابة روزاليوسف".

طبارة التي زارت "بوابة روزاليوسف"- على هامش زيارتها للقاهرة، للمشاركة في مؤتمر التطرف وآثاره السلبية على التراث العربي، الذي ينظمه الأزهر الشريف بالتعاون مع جامعة الدول العربية- أكدت استعادة الأزهر الشريف دوره الريادي والقيادي في مواجهة التطرف، من خلال مؤتمراته وبياناته المعبرة عن صحيح الدين التي تعلي القيم الإنسانية.

وأضافت طبارة: إن مصر لعبت دورًا مشكورًا في احتواء أزمة استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لصالح استقرار لبنان.

 

# كيف نرسخ مفهوم التعددية في أذهان عالم عربي متلاطم بالأمواج الفكرية والمذهبية وما يحدث من صراعات في المنطقة؟

- أكيد، بعد الثورات التي حدثت في العالم العربي أن كثيرًا من البلدان كانت تقول إننا من لون واحد، أوضحت أن هناك تنوعًا، سواء كان دينيًا أو طائفيًا أو إثنيًا أو ثقافيًا، ونحن بحاجة لمعرفة كيفية إدارة هذا التنوع، ولا يكفي أن نقول إننا جميعًا من لون واحد أو كلنا نفس الشيء، لأن هناك جماعة تشعر بأنها مهمشة، سواء جماعات ثقافية أو حتى دينية، ونحن في مؤسسة أديان نعمل من ناحية مع مفكرين ومن ناحية أخرى مع شباب ومدربين وصحفيين.

وإدارة التنوع أولًا تنشر ثقافة الاختلاف وتقبل الحديث عن الاختلاف في المجال العام، هناك عبارات البعض يراها بنيةٍ طيبة لكنها في حقيقة الأمر مشكلة، ونحن نقول إن الدين لله والوطن للجميع، لأن هناك أقليات عددية بالبلاد لا تظهر أبدًا رموزها ولا ثقافتها ولا أي شيء في المجال العام، لأن الأغلبية هي المستحوذة على المجال العام.

نحن في حاجة أن نساعد الناس كي يرتاحوا للحديث عن التنوع والحديث عن انتماءاتهم الخاصة، التي هي مختلفة، إن كانت هذه الانتماءات عربية أو إسلامية.

كما ذكرت بالمؤتمر، أن علينا أن نوسع مفهومنا للعروبة، خاصة أن على مدار التاريخ العربي كانت هناك جماعات مختلفة دينيًا، وهم الذين أثروا التاريخ العربي بشكل عام، أو جماعات مختلفة حتى إثنيًا، لكن تحدثت اللغة العربية، هم عرب ثقافيًا أيضا، مثل الأكراد أو الشيشان أو غيرهما، يتحدث كل منهم العربية بجانب لغته.

# هل التنوع بحاجة إلى إدارة.. وهل المنوط بإدارة التنوع الدول أم الجامعة العربية؟

- أظن أن الكل مؤتمن على إدارة التنوع من الطفل في المدرسة إلى المعلم أو الصحفي، عندما نعلم كيف نتحدث عن التنوع ونظهر ثراءه لمجتمعاتنا، نحن بشر ولدينا ثقافاتنا المتنوعة التي تثري هذا المجال العام، عندما نستطيع إظهار ذلك، وهذا دور الجميع سواء في الأسرة أو المدرسة أو المؤسسات الدينية ووسائل الإعلام، وسياسات الدولة، وكيف تتعامل أيضا مع الجماعات المختلفة وتعترف بالتنوع كقيمة إضافية، فالأزهر في البيانات الأخيرة التي صدرت والتي اعترفت بهذا التنوع كمكون أساسي من دولنا.

 

 

 

 

# كيف نحمي التراث العربي في ظل موجة التطرف التي صدرت للدول العربية، ومن أين نبدأ؟

- أؤمن بأن نبدأ بكل المؤسسات سواء الإعلامية أو الثقافية أو الدينية أو السياسية، إذا أردنا تغيير الثقافة العامة، وأن نحد من موجة التطرف التي تسللت إلى أذهان الكثير حتى لو لم يكن تطرفًا، ولكن هناك نهجًا فكريًا تسلل خلال السنين الماضية، كنوع من الدفاع عن الهويات الضيقة، فلا بد من العمل على كل هذه المجالات في وقت واحد.

وأما بالنسبة للتراث فنحن نحتاج إلى حماية التراث، ورأينا كيف فجّر داعش مناطق أثرية، سواء في سوريا أو العراق، ويجب علينا أن نحمي ونثمن هذا التراث، وجيد أن يخرج من توصيات المؤتمر ضرورة أن يكون هناك يوم للتراث كتذكير بهذا الموضوع وتثقيف به.

وعلينا أن نعترف للجماعات المجروحة بجرحها، لأنه طالما الجماعة مجروحة وجرحها ليس معترفًا به فلن تشارك في المجال العام لكونها مهمشة، بينما عندما نعترف به تشعر بالارتياح وتصبح أكثر فاعلية ومشاركة في العمل العام وبناء الوطن.

 

# بعض أرباب الديانات يكفّر البعض الآخر المغاير.. وإذا كانت هذه معضلة البناء العقدي لديهم فكيف تحلون تلك الإشكالية؟

- نحن كمؤسسة أديان عملنا على هذه الإشكالية، ولي كتاب في هذا الصدد بالاشتراك مع فادي ضو، إذ عملت على الجانب الإسلامي وعمل هو على الجانب المسيحي، ورؤية كل من المسيحية والإسلام للأديان الأخرى، بإعادة النظر إلى الكتب المقدسة لنستكشف معا المساحات التي تقبل العقائد الأخرى ومعتنقيها، ونلقي الضوء عليها ونؤكد اعتمادها كمبادئ معبرة عن التسامح وقبول الآخر، وهذا التفكير لم يأت من عدم فتوجهنا أيضا في هذا الإطار أولا لدراسة علم لاهوت الأديان وكيف ينظر كل منها للآخر كمدخل للتقريب بينها وخلق المزيد من المساحات للتسامح والتقارب.

وثانيا الحرية الدينية بمعناها السياسي السائد في المجال العام، وهو كيف نقبل حق كل شخص أن يؤمن بما يريد ويعتقد فيما يشاء، وهناك نصوص كثيرة صدرت في الحرية الدينية مثل نص الأزهر الشريف الذي صدر عن الحريات وفي القلب منه نصوص الحرية الدينية عام 2012.

والنص الذي صدر عن الكنيسة الكاثوليكية عام 1965 ويتحدث عن حرية الدين وحرية المعتقد، والنص الذي صدر من بيروت من جمعية المقاصد، وهي أهم جمعية سنية في بيروت "إعلان لبنان للحرية الدينية"، وفي هذه النصوص تبين أن كل إنسان حر في الإيمان بما شاء.

# هل يعني هذا إعادة لصياغة المنتج الحضاري الديني وتوجيهه لخدمة قضايا التسامح وقبول الآخر والحفاظ على هذا السياق بنفس الطريقة التي تحولت بها بعض المذاهب المسيحية الأوروبية المتطرفة في القرون الوسطي إبان عصر النهضة إلى إعادة صياغتها على الصورة البروتستانتية كخطوة في اتجاه الإصلاح الديني؟ وهل سنشهد على أيديكم مذاهب دينية جديدة؟

- لا ولكن سنعمل على المساحات التي تدعو للتسامح والتقارب بها كما ذكرنا آنفا.

 

# كيف نجنب ونخلق في الذهنية العربية حائطا لصد بذور التطرف؟ وكيف نفسح المجال لنمو بذور القبول والتعايش، وما دور المجتمع المدني في ذلك؟

- هذا الموضوع ليس فقط في بلداننا العربية، لكن في أوروبا، تصارع حول كيفية التعامل مع موضوع التنوع، وعندما تستطيع الجماعات الأقل عددًا أن ترى رموزها في المجال العام وتتولى مناصب قيادية مناسبة مثل الجماعات الأكثر عددًا في المجتمع، ومشاركتها في الثقافة والعمل العام مع الاحتفاظ بخصوصية كل مجموعة بثقافتها.

مؤسستا الأزهر والكنيسة تركزان على المواطنة، وهناك ضرورة لتفسير النصوص الدينية في أذهان مجتمعاتنا، الحقيقة ليست الإيمان بهذا وذاك ولكن الحقيقة هي الله.

والكنيسة الكاثوليكية أصدرت بيانا في هذا الشأن عام 1965 يعترف بالأديان الأخرى كشعاع من الله، ونفس الشيء بالنسبة للإسلام فالنص القرآني لم يكفر أهل الكتاب.

 

# كيف يتحقق التنوع دون الوقوع في براثن المحاصصة؟

- الدستور اللبناني في أساسه رائع لأنه قبل التنوع، وهو أول دستور عربي تحدث عن حرية المعتقد، لكن المشكلة في الصياغة اللبنانية التي أصبحت محاصصة ومن المحاصصة إلى فساد ودخلنا في صراعات وشخصيات تمثل جماعات.

والأهم هو الثقافة والتربية غير النظامية مع التدريب على موضوع المواطنة الحاضنة للتنوع، والإعلام له دور كبير في التحدث عن حرية التنوع والمواطنة، والخطاب الديني يؤثر على شعوبنا لو ركز على أن التنوع أمر إيجابي.

وصدر بيان عن الأزهر الشريف في يناير 2014 يقول إن أساس الدولة في الإسلام هو إعلاء شأن القيم الإنسانية وأي دولة وأي نظام يعلي شأن هذه القيم الإنسانية معترف به من الإسلام، وهذا هو الإصلاح.

 

# هل أنتم مع حذف خانة الديانة من بطاقة الهوية كمدخل لرسالتكم؟

- في لبنان حذفت خانة الديانة من بطاقة الهوية، لكنها موجودة في أوراق أخرى.

أظن أن المشكلة ليست في بطاقة الهوية أكثر مما هي في أذهاننا، في الوقت الذي نهزم فيه الخوف من بعضنا البعض، وأن يعرف الناس أنفسهم بهويتهم وثقافتهم، وأن يحترم ثقافة الآخر ومعتقداته كل منا، لكي يكون هناك ارتياح نفسي، وحتى لا يكون هناك تمييز بين أحد، وهذه هي بنية المواطنة.

# كيف ترى المؤسسات الدينية في لبنان مؤسسة أديان؟

- مؤسسة أديان في لبنان تعمل مع المؤسسات الرسمية في لبنان، مثل دار الفتوى اللبنانية والمجلس الشيعي الأعلى، والمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز والكنائس المختلفة.

لكي ندخل في التربية الدينية قيم المواطنة والعيش معًا عملنا دراسات على ثماني قيم إسلامية ومسيحية، وأصدرنا كتبا باسم مؤسسة أديان وبأسماء هذه المرجعيات الدينية.

ونعمل أيضا في مجال التعليم وإدراج التنوع في المناهج لكي يعرف الأطفال أن التنوع شيء جميل وليس مخيف.

 

# هناك مقولة لرئيس لبناني اجتمع بصحفيين وإعلاميين لبنانيين وخاطبهم "مرحبا بكم في بلدكم الثاني" في إشارة منه إلى أن الإعلام في لبنان تحول إلى أذرع لقوى سياسية ومذهبية وإثنية وطائفية، رغم اعتراف الجميع بمهارة الإعلاميين في لبنان مهنيًا، وبدأ الإعلام يدخل في عملية الشقاق الذهني والانقسام، ما رأيك في هذا الموضوع؟

- أعددنا دراسة مع مؤسسة سمير قصير ستنشر قريبًا، تناولنا فيها الإعلام اللبناني والسوري والعراقي، لنرى كيف يظهر التنوع في الإعلام.

هناك أحزاب وقوى تستخدم الإعلام، لكن هناك بعض وسائل الإعلام تظهر التنوع، وهذه الدراسة توضح الأخطاء المهنية التي تنتهجها بعض وسائل الإعلام، والتي تأخذ المستمع والمشاهد والقارئ لمصادر تهديد.

بعد الأزمة اللبنانية الأخيرة التى نأمل ان تتجاوزها لبنان 

# بعد الأزمة اللبنانية الأخيرة التي نأمل أن تتجاوزها لبنان، لبنان إلى أين؟

- أنا لا أستطيع كشف الأمور فهي ليست واضحة، لكن أقول أنه في السنين الماضية ومنذ 1990 وحتى الآن كم من مرة وصلنا إلى حافة السقوط في الهاوية والبدء في حرب أهلية، ولكن الشعب اللبناني لديه وعيه وقراره بألا يدخل في هذا النفق المظلم مجددا.

 

 

 

# ما رأيك في دور مصر لاحتواء الأزمة في لبنان؟

- لعبت مصر دورا مهما جدًا لمساندة لبنان في الأزمة الأخيرة؛ بأن أخمدت نيران الفتنة ودعت لحماية الشعب اللبناني من السقوط في مستنقع الصراعات.

# كيف ترون دور منظمات المجتمع المدني الدولي في دول الشرق الأوسط والتواصل مع منظمات في العالم لخلق لوبي ضاغط في مواجهة التدخلات الدولية الساعية لتدمير لبنان والمنطقة؟

- أنا أرى أن هذا ليس دور منظمات المجتمع المدني، لكن دور السياسة والأحزاب السياسية، المجتمع المدني دوره تغيير سياسات في الداخل دون تدخل خارجي في أجنداته، ونحن كمؤسسة مجتمع مدني حريصون على أن ننفذ أجندتنا دون تدخل خارجي على الرغم من أن التمويل يأتي من الخارج.

# ما تقييمك لدور الأزهر الشريف كراعٍ للفعاليات التي تواجه الفكر المتطرف؟

- أنا حظيت بحضور مؤتمرين للأزهر الشريف، وأثنيت على دور الأزهر الريادي وكل البيانات التي تصدر عنه لأنها مهمة جدًا وتمثل خطابا تنويريًا للمجتمع.

# هناك الكثير من الآراء والتوجهات المذهبية الحزبية والأفكار المتناقضة التي تنبئ بسهولة اشتعال الخلافات والصراعات مثل الأفكار التي تمثلها تيارات اليسار السياسي واليمين والوسط كتناقض الأفكار الرأسمالية والشيوعية.. فكيف ستتعاملون معها أيضا؟

- نحن بدأنا بالفعل بمد أواصر التوصل والحوار مع الأحزاب السياسية بنفس الطريقة التي شرعنا بها مع المؤسسات الدينية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز