عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

جيهان جمال تكتب: الطوفان (1)

جيهان جمال تكتب: الطوفان (1)
جيهان جمال تكتب: الطوفان (1)

في واحدة من أفضل روايات الكاتب الكبير بشير الديك.. والإخراج لخيري بشارة. يبحر بنا هذا المسلسل التليفزيوني  "الطوفان" عبر  إنتاج مجموعة فنون مصر للإنتاج والتوزيع.



من خلال منظور مُغاير بعض الشيء للتعامل مع الشخصيات سواء بإضافة شخصيات جديدة غير متواجدة بالقصة الأصلية.. أو بما يناسب طبيعة مُتطلبات الألفية الثانية وناسها.. ليأتي دور كاتبي السناريو والحوار محمد رجاء ووائل حمدي بالمعالجة الدرامية لهذا العمل.

وبالتعامل مع هذه القماشة العريضة للعمل وهو ما تتمتع به طبيعة أي قصة عميقة التفاصيل، حين يسمح مضمونها الجيد بهذا بالفِعل.

تأخذنا تفاصيل عائلة الأُم الوفية الحاجة صفية التي قامت بأدائها بعبقرية ورقي الفنانة نادية رشاد.. فأخذتنا معها ومع من شاركتهم النسب والأيام والأحلام وهم يعزفون على هذا الوتر الحساس الذي يقلب حياة البشر رأسًا على عقب، ألا وهو المال، وكيف سيميل بهؤلاء سواء كان ناحية الخير وكرمه أم ناحية الشر وأطماعه، حين توقعهم فيه مقدرات الأيام.

لنرى الحاجة صفية التي نالت قسطًا لا بأس به من التعليم، مع نفحات نورانية منَّ بها الله عليها فأضأت لها بصيرتها.. فنجدها أكملت مسيرة العطاء لأولادها من بعد وفاة زوجها إبراهيم المندوه.. ابن الأرض الريفي غير المتعلم.. الذي نزح من الإسماعيلية بأولاده للقاهرة لتكملة تعليمهم.. كما تمنت صفية.. وكما استهوته الحرفة التي تعلمها بالجيش.. فافتتح لهذه الحرفة ورشة صغيرة بالقاهرة.. خاصة انه لم تستهويه زراعة الأرض والفلاحة كما استهوت أخاه الحاج حسن المندوه، الذي قام به الفنان محمود الجندي.. ليطل علينا الحاج حسن الهادئ كهدوء زمنه النبيل.. وان شاب هذا الهدوء بعض من تعاسة وخنوع وضعف بالشخصية أمام زوجته المتسلطة سليطة اللسان.. وإن كان هذا لم يمنع أن يظل لسنوات الأخ البار لأخيه سواء في حياته أو بعد موته بمواصلة البر لزوجته وأولاده.

بالمواظبة على السؤال وحفظ الوِد العائلي.. والاطمئنان على أن ريع محصول الأرض يصلهم كل عام من بعد بيع المحصول.. الحاج حسن المندوه الواصل لصلة الأرحام.. سليم النية.. كما كانت نية أخيه وزوجته صفية حين تنازلا عن الأرض لحفظ ماء الوجه.. وبطريقة حبية بينهما خجلا من تراكم الدين عليهما والذي لم يكن بقيمة الأرض الحقيقية لا من قبل ولا من بعد.. ففهم كل منهما الآخر بعين قلبه أن هذا البيع هو مجرد شيء صوري بينهما لحين صلاح الأحوال بأسرة الأخ الذي استقر بالقاهرة.. ونسوا جميعا الأمر برمته.. خاصة أن هذا الدين لم يكن مؤثرًا بالسلب على حياة حسن المندوه وأولاده المادية.. ولم يتعرض لأزمات طاحنة ربما كانت تضطره لأن يرى الأمر بمرآة العقل.. لا بعين القلب ليستمر حسن المندوه الذي بقي بالأرض.. وبقي على قيد الحياة من بعد وفاة أخيه في مراعاة أحوال أرض أولاد أخيه وأمهم.. والسماح لعم صالح الذي كان يستأجر الأرض ويزرعها  بأن  يذهب كل عام ليُعطي الحاجة صفية وأولادها ريع الأرض.. وهذا كان يحدث بالفِعل وسيحدث في كل زمن بين النفوس الطيبة التي لم تكُن تحسب ما تكنه القلوب السليمة.

وما تحفظه الضمائر النقية بحسبة الأرقام.. حتى إن تضاءل وجودهم على مر الزمان.. أو إن وجدوا أنفسهم فجأة ومن دون مُقدمات أمام مفاجآت الأقدار التي تأتي على غفلة كالطوفان.. لتنتزع في طريقها الأخضر واليابس.. فيأتي دور زوجة الحاج حسن.. درية ولتي يشتعل قلبها غيرة من صفية منذ زمن بعيد.. وما أقسى نار الغيرة حين تمتزج بسوء الظن.. ثم تتشابك مع مواقف يعتريها الجهل الذي ربما يأخذ حتى المستنيرين في طريقهم كما أخذ صفية لطريق الدجالين وراحت تعمل العمل لدرية لحماية ابنها الولد في ذلك الوقت، وهو ابنها كمال، من عين درية التي كانت لا تنجب سوى البنات.

وظلت صفية المعترفة بذنبها لدرية تستغفر الله كثيرا على هذا التصرف الأحمق والذي ربما كان الوحيد لها.. لكن درية بسواد قلبها وغيرتها ظلت كما هي حتى بعد أن أنجبت الولد أيهاب والذي قام به مجدي كامل والذي ورث عنها غل القلب وسواده.. خاصة بعد أن هجرته ابنة عمه حنان والذي أدته روجينا إذ كانت زميلته في كُلية الطب حِينها من بعد قصة حب دامت عامين وراح قلبها ناحية زميلها ضيا.. ليتسيد الغل الموقف ويعشش في قلب درية وابنها زمن وراء زمن.. حتى بلغ ذروة استبداده حين اكتشفا أن أولاد صفية سيرثون كل تلك الملايين من الأرض.. ليعمي هذا الغل النائم طويلا بالقلوب ويستفيق على إشعال الحرائق في كل مكان ولا يرتضي بقسمة القلوب السليمة وهي قسمة الحاجة صفية والْحَاج حسن المندوه أخو زوجها صاحب الأرض إبراهيم المندوه.

لنرى خالد الذي أداه ماجد المصري لنرى الزوج المخادع الوصولي لابنة صفية الكبرى منيرة.. وفاء عامر.. التي تتشابه مع صفية في نقاء القلب والسريرة.. وإن كان بها كثيرا من العبط الذي لا ترضى عنه أُمها.. والذي يرتقي في مواقف كثيرة لنجده أشبه بالرضا الذي يسكن قلوب الطيبين.

فظل خالد يستغل صفية بالهجر وبعدم العدل بينها وبين زوجته شريفة الممثلة المغمورة المعتزلة والتي تزوجها على منيرة لينجب البنات والبنين ويعيش معها تاركا منيرة بلا أدنى حقوق.. حتى بلغ الاستغلال ذروته.. حين أخبره صديقه المحامي الآفاق شاكر درغام بأرض زوجته منيرة التي دخلت كردون المباني على المثلث الذهبي لمحور قناة السويس وبلغت الملايين مع تهافت رجال الأعمال على شرائها.. هنا نرى دناءة خالد والمحامي حين كانا سيستحوذان على الملايين في غفلة من صفية وأولادها بشراء الأرض بالبخس.

لتقف الزوجة الممثلة المغمورة شريفة والتي اعتزلت الفن وطريق الحرام وأرادت أن تعيش عيشة شريفة.. لكن هذا لا يمنع أن إيمانها.. كان يتذبذب بالزيادة والنقصان ما بين الحين والحين.. لنجد أنها لا تقبل بالمال الحرام الذي تخاف منه على أولادها.. لكن هذا لا يمنع أن تظلم منيرة ضرتها ولا يمنع أن تخطط وتدبر مع خالد والمحامي.. الخطط الدنيئة.. ليصير هذا المال حلال عليهم بالطمع في مشاركة مع أولاد صفية أيضا.

وللطوفان بقية بأذن الله

إلى لقاء

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز