عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

ولاء الدين بدوى يكتب: متحف محمود سعيد .. وروائع الفن المعاصر

ولاء الدين بدوى يكتب: متحف محمود سعيد .. وروائع الفن المعاصر
ولاء الدين بدوى يكتب: متحف محمود سعيد .. وروائع الفن المعاصر

رغم أن محمود سعيد لم يعمل كفنان محترف، إلا أن لوحاته عن مجتمعه الكوزموبوليتاني لمدينته الميناء الشمالية تعتبر أساسية لتاريخ الفن الحديث في مصر. فما زالت لوحاته المليئة بالحيوية تجذب الناظرين صورها المحيرة التي تشتمل على نساء مصريات ، ومناظر طبيعية لبنانية مبسطة، وشخصيات فاتنة من المجتمع الإسكندراني الأرستقراطي..



 

ولد سعيد في 1897 في الإسكندرية لعائلة عريقة من ملاك الأراضي. شغل والده محمد سعيد باشا منصب رئيس وزراء مصر من 1910 إلى 1914 ولفترة قصيرة في 1919. وتولَّت ابنة أخيه صافيناز ذو الفقار (1921 - 1988)، المسماة الملكة فريدة الحكم في الفترة ما بين 1938 – 1948. عاشت عائلة سعيد في دارة فخمة في حي الأثرياء، جناكليس، وأصبحت مقرا اليوم لـ "متحف محمود سعيد". أظهر سعيد اهتمامه بالفن في فترة المراهقة ودرس مع فنانة إيطالية محلية، إيمليا كازوناتو دا فورنو، وتعلم منها الرسم بالأسلوب الانطباعي. درس بعد ذلك مع فنان إيطالي آخر، يدعى أرتورو زانيري، بين 1915 و1918. تصوّر لوحات سعيد المبكرة صوراً بسيطة للريف ولأصدقائه وعائلته، بأسلوب تصويري مع ضربات فرشاة ثقيلة وبارزة. تخرج من مدرسة الحقوق في القاهرة في 1918، وفي العام 1920 سافر إلى باريس ليدرس الرسم في "أكاديمية جوليان" الخاصة. وبخلاف رواد مصريين آخرين، مثل محمود مختار وراغب عياد والذين سافروا إلى أوروبا بمنح دراسية رسمية، درس سعيد على نفقته الخاصة، مجسداً في ذلك دور الفنان الهاوي النخبوي..

 

عقب عودته إلى الإسكندرية، أصبح سعيد محام في "المحاكم المختلطة"، وهي مؤسسة تقاضي تبعاً للقانون الدولي ومنوطة بتوفير نظام قانوني واحد للجنسيات المختلفة التي كانت تعيش في مدينة الإسكندرية الكوزموبوليتانية آنذاك. وبالإضافة إلى رسم البورتريهات والمناظر الطبيعية والأجسام العارية، أنجز سعيد رسومات شخصية لزملائه في العمل، وبالتالي مثّل سعيد مجتمعه الكبير متعدد الجنسيات في كل من أعماله الفنية والقانونية. وتبنى أسلوباً فنياً تصويرياً ظل يستخدمه طوال مسيرته الفنية. ويتميّز أسلوبه بتركيبات مبسطة، تكاد تكون تزيينية، وغنية بالألوان، تصور أشخاصاً وأماكن من مجتمع الإسكندرية النخبوي، بالإضافة إلى أفراد من المجتمع المصري "التقليدي" في خلفيات من مناظر طبيعية متخيلة..

يمثل التناقض الواضح بين بورتريهات سعيد ورسوماته العارية ازدواجية فنية في أعماله تثير الدهشة. فعلى سطح دارة العائلة، رسم سعيد أفراداً من النخبة الإسكندرانية المتعددة الجنسيات بملابس فاخرة غربية ووضعيات مرهفة. وفي مُحترف كان يتقاسمه مع الرسام اليوناني ـ الإسكندراني أرستومينس أنجلوبولوس في وسط حي الرملة، رسم أجساداً عارية مثيرة على أغطية الأسرّة، أو أمام مناظر طبيعية متخيّلة. تتسم أولئك النساء الجميلات المثيرات ببشرات داكنة أقرب إلى صورة الفلاحة المصرية التي شكلت رمزاً تكرر استخدامه مراراً في الثقافة البصرية المصرية المعاصرة. وبالتالي، يشدد سعيد على هويته الوطنية ويقمعها بشكل تعاقبي، معبراً بذلك عن التفاعل المعقد بين قوى الاستعمار والقوى الوطنية. يشدّ استخدامه الحسّي للألوان وضربات الفرشاة والأجساد الأنثوية، المشاهد نحو ثقافة بصرية مشتركة في بلدان البحر الأبيض المتوسط، تشمل حدود مصر الجغرافية وتتعداها..

بالرغم أن سعيد كان يرسم لمتعته الشخصية بشكل أساسي، نما الجمهور في تقدير أعماله في سنواته الأخيرة. كما أن الفنانين المنتسبين إلى الحركة السريالية المصرية تبنوا سعيداً كأحد أعضائها الشرفيين وأدرجوا بعضاً من أعماله في عدد من معارضهم، حتى أنهم اختاروا أحد أشهر أعماله "المرأة ذات الجدائل الذهبية" لتكون لوحة الغلاف لكاتالوج أول معرض لهم في 1940. أصبح سعيد على نحو متزايد أحد أعضاء مجتمع الفنانين المصريين الذين ينظر إليهم باحترام، خاصة بعد تقاعده من مهنته كرجل قانون في 1949. وفي أواخر الخمسينات والستينات، أقام عدة معارض استعادية، وشارك في عدة لجان منظمة لمتاحف ومعارض، من بينها بينالي البحر الأبيض المتوسط لسنوات 1955، 1959، 1961. كما شارك سعيد كعضو لجنة التحكيم في بينالي الإسكندرية في دورته الثالثة (1959 - 1960)، ودورته الرابعة .(1961 - 1962).

مازال يُحتفى بسعيد كأحد آباء الفن المصري الحديث. ويمثل أيضاً مقاربة اسكندرانية فريدة في الرسم تصور المجتمع الكوزموبوليتاني المتوسطي وتتفادى التصورات الوطنية الأكثر وضوحاً لدى زملائه القاهريين. ولا تزال غرابة أعماله تجذب وتحير المشاهدين إلى يومنا هذا.

من أشهر أعماله ولوحاته:الدراويش ، الشادوف، المدينة، بنات بحري، بائع العرقسوس، بنت البلد، الشحاذ، ذات الرداء الأزرق، ذات الجدائل الذهبية، الخريف. ولوحة افتتاح قناة السويس التي تصور وتسجل الحدث التاريخي لافتتاح قناة السويس في عهد إسماعيل. كذلك قام برسم أشخاص من أفراد عائلته واصدقائه فهناك صورة خالدة للملكة فريدة، وهي في مراحل عمرها الأولى.

في أبريل 2010 بيعت لوحته " الدراويش " عن طريق صالة مزادات كريستيز العالمية بمبلغ 2.434 مليون دولار وفي وقت بيعها سجلت كأغلى لوحة رسمها فنان من الشرق الأوسط في العصر الحديث ورسمت هذه اللوحة في .1935

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز