عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

"نوري زاده" : إيران تسعى لتأسيس "ولاية فقيه" سني في العالم العربي (حوار)

"نوري زاده" : إيران تسعى لتأسيس "ولاية فقيه" سني في العالم العربي (حوار)
"نوري زاده" : إيران تسعى لتأسيس "ولاية فقيه" سني في العالم العربي (حوار)

حوار - محمد عبد السلام

الإسلاميون استغلوا القوانين البريطانية لاختراق المجتمع الإنجليزي.. ومجلس العموم يدرس حق لجوئهم السياسي



كل صاروخ أطلقه الحوثيون على المدن السعودية "صنع في إيران".. والحرب بين السنة والشيعة ستقضي على فقراء إيران

الدولة الفارسية استغلت "الربيع العربي" للسيطرة على الشرق.. والحرس الثوري يستوطن اليمن وسوريا ولبنان والعراق

منفذو "حادث لندن" عاقبوا مجلس العموم لمناقشتهم قوانين حق اللجوء.. وبعض النواب يطالبون بتعديل قوانين لطردهم

خامنئي حدد تسعيرة لكن مُتشيع 5 آلاف دولار للسوداني و7 آلاف دولار للمغربي.. والمصريون رفضوا دولارات التشيع

 

أكد المعارض الإيراني علي ريزا نوري زاده، رئيس مركز الدراسات الإيرانية- العربية بلندن، أن الدولة الإيرانية تسعى بتدخلها في العالم العربي لتأسيس "ولاية فقيه" على الطريقة السنية، وأن الحرس الثوري الإيراني يتأهب بالفعل لإعلان الجزء الثاني من الثورة الإسلامية، مبينًا أن الدولة الفارسية استغلت ثغرات ثورات "الربيع العربي" للسيطرة على الشرق الأوسط، وأن اختراقها العواصم العربية الأربع، في اليمن وسوريا ولبنان ومن قبلها العراق، كان الخطوة الأولى لإشعال الصراع المذهبي بين السنة والشيعة.

وأوضح نوري زاده في حواره عبر "سكايب" من العاصمة البريطانية "لندن" أن كل صاروخ يطلقه الحوثيون على المدن السعودية "صنع في إيران"، وأن أي حرب صريحة ستخوضها طهران ضد جيرانها العرب ستقضي على فقراء إيران، مشيرا إلى أن المجتمع البريطاني لا يدعم الإرهاب لكن قوانينه تدعم حق اللجوء السياسي، وأن تلك القوانين مكّنت جماعة الإخوان المسلمين من اختراق ذلك المجتمع، وإلى نص الحوار.

** بداية.. كيف رأيت قرارات اتهامك من قبل المدعي العام الإيراني بأنك أحد أخطر مُعادي الثورة الإيرانية في الخارج؟

في الحقيقة لم أفاجأ بمثل هذا الاتهام، ففي إيران كل شيء مُباح، والمدعي العام الإيراني عباس جعفر دولت آبادي، اشتهر عنه تقديم "لستة" من الاتهامات إلى كل صوت يتحدث عن مستقبل إيران في ظل حكم ولاية الفقيه، وإن كنت أرى بالطبع أن اتهامات المدعي العام "إشارة سيئة" للصحفيين والمعارضين الإيرانيين، سواء داخل البلاد أو خارجها.

 

** هل تعتقد أن الصحفيين والإعلاميين الإيرانيين الذين يعملون في المهجر معنيون بتلك الاتهامات؟

مقاطعًا: على الأقل هم الأكثر عرضة لتلك الاتهامات، خاصة أن نظام "ولاية الفقيه" أصدر بالفعل قائمة بالصحفيين والإعلاميين العاملين بالقنوات والصحف والمواقع الغربية، وعلى الأخص تلك التي خصصت برامج ومطبوعات باللغة الفارسية، على رأسها "بي بي سي" و"راديو فردا" و"صوت أميركا".

 

** في رأيك ما الأسباب الحقيقية التي دعت النظام الإيراني لملاحقة الصحفيين المعارضين؟

في رأيي أن ما يفعله نظام "ولاية الفقيه" في حق الصحفيين والمعارضين عمومًا أمر طبيعي، فأي نظام شمولي لا يحب أي صوت معارض، والنظام الإيراني من الضعف بالدرجة التي تجعله يسعى دائما لإسكات تلك الأصوات المعارضة، حتى لو كانوا من الصحفيين، والهدف الدائم جعلهم يشعرون بالخوف والرهبة.

 

** لماذا تخشى إيران من "علي نوري زاده"؟

لا اعتقد أنها تخشى شخص علي نوري زاده، لكنها تخشى من الدراسات التي يقدمها المركز الذي أنشأته في قلب لندن منذ 33 سنة مضت، فهذا المركز يقوم بتقديم دراسات علمية في المجالات السياسية، والتي غالبا ما ترتبط بالعلاقات الفارسية- العربية، تلك الدراسات العلمية ممنوع إجراؤها في طهران، ولن يسمح النظام الإيراني في العمل بها، لأنها تكشف طبيعة الأطماع والتدخلات الإيرانية في الأراضي العربية.

 

** على ذكر الأطماع والتدخلات الإيرانية في الأراضي العربية، كثيرا ما تناولت أبحاث مركزكم تلك القضية، إلى أي مدى تمكنت الدولة الفارسية من تحقيق هذا الهدف؟

إلى مدى أبعد مما تتصوره، ويكفي أن تنظر إلى خريطة الشرق الأوسط لتتأكد من مدى نجاحها، فخلال السنوات السبع الماضية، تمكنت دولة "ولاية الفقيه" من استغلال الكثير من الثغرات التي نتجت عن ثورات الربيع العربي لفرض سيطرتها، وزرع كتائب من الحرس الثوري في اليمن جنوبا وسوريا شمالا، وحتى لبنان والعراق، اليوم نراها تسيطر وبشكل مباشر وواضح على أربع عواصم عربية، وهي دمشق وصنعاء وبغداد وبيروت، كما أن جميع التنظيمات المسلحة، بكل فرقها وطوائفها تخضع لتدريبات الحرس الثوري.

 

** هل تعتقد أن إيران تكتفي بمجرد عمليات تدريبية فقط لميليشيات الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط؟

لا أعتقد أنها تكتفي بمجرد التدريبات العسكرية، لكنها تخطت هذه المرحلة بالمشاركة الرسمية، سواء على المستوى التسليحي أو على المستوى العملياتي المختلف، ومنذ أيام فضحت الإدارة الأمريكية نظام خامنئي في الأمم المتحدة، وقدمت كل الأدلة والبراهين التي تؤكد الدعم الإيراني الكامل للحوثيين، وأن هذا الدعم قدم لما يُسمى "أنصار الله" في اليمن كل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وصولًا إلى الصواريخ البالستية، فكل صارخ أطلقه الحوثيون على المدن السعودية جاء من طهران، وآخرها ذلك الذي حاولت به ضرب الرياض ومكة المكرمة.

 

** التقارير الدولية أكدت أن ما يُرتكب داخل الأراضي اليمنية بمساعدة كتائب الحرس الثوري الإيراني يُعد جرائم حرب؟

هذا صحيح.. فحتى تضمن إيران سيطرة الحوثيين على كل الأراضي اليمنية، تقوم بمد ميليشياتها بكل أدوات القتل والتعذيب، فكان لإيران دور دموي تفننت من خلاله في تعذيب الشعب اليمني، الذين أودعوا السجون دون أي سبب قانوني، والأكثر من ذلك إنها ساهمت في تجنيد وتدريب أكثر من 20 ألف طفل يمني.

 

** هل تعتقد أن الدولة الفارسية تسعى بالفعل لإشعال الحرب في المنطقة؟ وكيف سيؤثر ذلك على منطقة الشرق الأوسط؟

لم يعد يخفى على المجتمع الدولي التدخلات الإيرانية في شؤون دول الجوار، فالدولة الفارسية لا تدخر أي مجهود لإشعال الحروب في الدول التي توجد فيها بشكل مباشر أو من خلال أذرعها، سواء في اليمن أو في لبنان، وفي النهاية من سيدفع الثمن هم فقراء إيران، والذين تشير جميع التقارير الرسمية وغير الرسمية إلى تخطيهم حاجز 60%، أي ما يقرب من 56 مليون إيراني.

 

** في رأيك ما الذي تهدف إليه الدولة الفارسية، رغم ما تعانيه داخليا من أزمات اقتصادية، نراها هنا وهناك في أغلب الأراضي العربية؟

الهدف واضح وصريح، الدولة الإيرانية تسعى بكل جدية لإعلان الجزء الثاني للثورة الإسلامية، فكل المخططات الفارسية كشفت طيلة عقود ما بعد الثورة الإسلامية الأولى عام 1979، محاولات أخرى لاغتيال القوميات العربية المختلفة، والهدف تأسيس دولة ولاية الفقيه على الطريقة السنية.

 

** لماذا؟ اعتقدت أنها ترغب في نشر فكر ولاية الفقيه الشيعي؟

الجميع يعلم جيدا أن إيران تعاني عزلة عالمية بسبب سياسات طهران الفاشلة، لذلك اراد خامنئي ان يُظهر للعالم انه ليس بعيدا عن مقدرات أكثر المواقع أهمية للغرب ممثلا في الشرق الأوسط، وعلى الأخص دول الخليج العربي، وأراد ان يوهم العالم بأن الربيع العربي ما هو إلا الجزء الثاني من الثورة الإسلامية الإيرانية، تلك الجزئية اذا ما تحققت ستؤدي إلى إخراج النظام الإيراني من عزلته إلى العالم العربي، وربما إلى العالم.

 

** لكن الربيع العربي يختلف اختلافا كليًا مع الثورة الإسلامية في إيران، فكيف ستحقق مع ذلك الاختلاف ما ترغب في تحقيقه؟

من قال ان الثورتين مختلفتان، الربيع العربي صورة بالكربون من الثورة الإيرانية، فالثورة الإيرانية قامت على أكتاف اليساريين والليبراليين والقوى الوطنية الأخرى يساندهم الشباب الإيراني البعيد عن السياسة، وفي باريس قال الخميني انه سيترك السلطة ولن يتدخل في السياسة الا لتقديم النصح، ولكنه بمجرد ان تمكن من الحكم قام باعتقال اليساريين الليبراليين وقام بقتلهم واغتيال أحلام الشباب، وانشأ سلطة قضائية أخرى بعد ان حل السلطة القضائية الإيرانية، هذا ما سعى لتحقيقه "الإخوان المسلمين" بعدما وصلوا إلى السلطة، وخطاباتهم ورسائلهم مع خامنئي أكدت ذلك.

 

** في رأيك وفي ظل الاختلاف المذهبي بين الشيعة والسنة، كيف توافقت تلك الاتجاهات بعيدا عن الاختلاف الفقهي فيما بينهما؟

طالما أن جميع الأطراف تجتمع حول فكرة وهدف ومبدأ واحد، لن يقف الاختلاف بين المذهبين السني والشيعي عقبة أمام تحقيق رغباتهم، فالإسلام السياسي الآن أصبح يطالب بمطلب واحد فقط، وهو السيطرة على العالم الإسلامي والعربي واغتيال فكرة القوميات وتكوين خلافة إسلامية، وللأسف الشديد تكوين فكر الخلافة بالقضاء على القوميات أكبر خطر يهدد 57 دولة إسلامية، بل ويهدد مجتمعاتنا الحديثة ويضرب حضارتنا المختلفة في مقتل.

 

** هل تعتقد في خضم التدخلات الفارسية في سوريا واليمن أننا نعيش بداية صراع عربي- إيراني؟

الحقيقة أنا أفضل بدلا من تسميته الصراع العربي- الإيراني، الصراع الشيعي- السني، فمند سقوط الدولة الصفوية، أي قبل 350 عامًا مضت، لم يكن هناك صراع سني- شيعي، بمعنى آخر توصلنا إلى تفاهم ما، وكانت هناك جالية سنية كبيرة تعيش بسلام في إيران، وفي البلاد السنية كانت هناك جالية شيعية تعيش بسلام بالدول العربية، لأن الانتماء كان للوطن وليس للطائفة أو المذهب، ولكن مع الأسف بمجيء الخميني الرجل الذي خرج بالنموذج الديني الشيعي، وجاء بإفرازات جديدة، تلك الإفرازات تماست مع جميع المذاهب، وأطلق على نفسه الولي الفقيه، ما أدى إلى إثارة الفتن مع الدول العربية وعلى رأسها العراق.

 

** معنى هذا أن الخميني كان نقطة تحول لتشكيل الصراع المذهبي؟

هذا صحيح.. فالخميني منذ أن ظهر وهو لا يريد سوى إقامة إمبراطورية شيعية كبرى، تلك الإمبراطورية تبدأ من القدس إلى كربلاء، ومن القدس إلى المدينة إلى القدس، ومن بيروت إلى القدس، أي أن القدس أصبحت لعبة في يد الخميني، الذي شعر لأول مرة بغضب حينما جاء رجال الحرس يخبرونه أن نصف الأسرى العراقيين من الشيعة، أي أن الشيعة أيضا يدافعون عن النظام العراقي البعثي ضد إيران، وهناك أدلة على قتل الأسرى العراقيين الشيعة، لأنهم رفضوا أفكار الخميني.

 

** ألا ترى أن خليفته "خامنئي" سار على نفس النهج؟

هذا صحيح.. وإن كنا نأمل أن يتغير الحال معه، ورغم أنه رجل دين ومثقف إلا انه اعتمد على نفس المنهجية في الفكر المذهبي، والأدهى انه قام بشراء النشر الشيعي بآلاف الدولارات، فكل سوداني دخل المذهب الشيعي حصل على 5 آلاف دولار، وكل مغربي اعتنق المذهب الشيعي 7 آلاف دولار، ونفس الشيء في مصر حاولوا ذلك، ولكن المصريون رفضوا التشيع بالدولار، لكنهم نجحوا في دول كثيرة فقيرة، مثل الصومال وموريتانيا والسودان، وحتى في تنزانيا في إفريقيا.

 

** وهذا ما حدث في اليمن منذ عشرين عامًا مضت؟

الحوثيون في اليمن هم أتباع المذهب الزيدي، وهم يتبعون أربعة من الأئمة، ويعتبرون زيد هو الإمام الغائب، ورغم هذا الاختلاف إيران تدفع مئات الملايين إلى الحوثيين لاعتناق المذهب الشيعي الاثني عشرية، كل ذلك من أجل تحويل هذا البلد إلى خنجر في ظهر الخليج العربي، على أمل تصدير الثورة الإسلامية وفكر فقه ولاية الفقيه.

 

** كل ذلك في الوقت الذي دائما ما تؤكد فيه أن الشيعة يعتمدون دائما على روايات خرافية؟

هذا صحيح.. وتلك الرواية تقول انه قبل ظهور المهدي المنتظر، سيلتقي الخراساني الكبير، أي خامنئي، باليماني الكبير، أي عبد الملك الموصلي، بمسجد النبي بالمدينة، وعندما يصافحان بعضهما البعض، يظهر المهدي المنتظر من خلف الجدار، فيبايعانه، الخراساني والموصلي، ثم ينطلق جيش المهدي بقيادتهما لتحرير العالم العربي والإسلامي لإقامة العدل الإلهي، وتلك الرواية السخيفة أصبحت للحوثيين ولخامنئي حقيقة واقعية، لكنها كلفت الشعب الإيراني كثيرًا، سواء من الناحية السياسية أو من الناحية الدينية أو حتى من الناحية الاقتصادية.

 

** هل تعتقد أن سيناريو اليمن يتم تنفيذه في سوريا؟

ليس بهذا الشكل قطعا، فلا تنسى أن الأمر في سوريا والعراق مختلف بعض الشيء، ففي سوريا دخلوا في الحرب بشكل مباشر، فهناك جنود تابعون للحرس الثوري والمتطوعين يقاتلون للحفاظ على طريق الممتد بين دمشق وبعلبك، من أجل إرسال العسكر إلى حزب الله، وحزب الذي يُعد جيش ولي الفقيه في العالم العربي، وبمساعدته خامنئي يرغب في تكوين إمبراطوريته، لذلك هو في سوريا ليس لهدف مذهبي، ولكن من أجل إبقاء حزب الله حيا، ومن أجل إبقاء طريق مفتوح بين دمشق وبين بعلبك، أما وجوده في العراق فيأتي لوجود الأعتاب المقدسة، والتي يريدونها تحت إشراف الولي الفقيه، وان كان السيستاني يقف ضد ذلك، لأنه يدافع عن المذهب الشيعي التقليدي.

 

** هل تعتقد أن السيطرة الأمريكية على العراق، ثم الاتفاق النووي الأمريكي مع النظام الإيراني، ساهما في المخطط الخامنئي؟

بالتأكيد، أوباما قدم إغراء كبيرًا وتشجيعًا للتوسع الإيراني، فأوباما كان على وشك ضرب سوريا، لكنه تراجع بعد ضغوط كبيرة من السفير الإيراني في الأمم المتحدة، هذا السفير هاجم سفير الولايات المتحدة الأمريكية قائلًا، إذا هاجم أوباما سوريا فإن إيران سوف تنسحب من المبادرة النووية، أي انه من اجل إرضاء إيران أوقف أوباما ضرب سوريا.

 

** في حديثك مع مختص الشؤون الشرق أوسطية "يوسي نيشر" قلت إن التدخل الإيراني في الشؤون المصرية والعربية هو نوع من أنواع إثارة الاضطرابات في البلدان المجاورة إلى ماذا استندت في ذلك؟

الأدلة والمستندات كثيرة، ويمكن أن تشاهدها التدخل الإيراني في البحرين والإمارات والمملكة العربية السعودية، وخطبة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي التي ألقاها باللغة العربية منذ خمس سنوات، وكرسها للإشادة بالانتفاضة الشعبية ضد النظام المصري ورئيسه حسني مبارك كشفت الوجه الحقيقي للنظام الإيراني الذي يريد التدخل في شؤون الآخرين وكل أولوياته هي إثارة الاضطرابات في البلدان المجاورة، ويجب أن تعلم أن جميع الطلبة العرب الشيعة يتلقون تدريبات عسكرية في طهران، وعلى الأخص الطلبة العراقيين والبحرينيين والسعوديين.

 

** لماذا؟

لتحقيق المشروع الإيراني بالطبع، فإذا كان لإسرائيل مشروع من النيل إلى الفرات، فللدولة الفارسية مشروع الهلال الشيعي في المنطقة.

 

** كثير من الدراسات الاستراتيجية الدولية بدأت تتحدث عن الصراع المذهبي في الشرق الأوسط عموما، وأن تلك الصراعات سينتج عنها خريطة جديدة لن تقل عن خريطة سايكس بيكو لكن بشكل طائفي، كيف ترى تلك الدراسات؟ وهل تعتقد أن البيئة العامة توائم ذلك؟

بالتأكيد، فالمذهبية أصبحت كلمة السر في المنطقة، فإسرائيل قبل 50 عاما كانت دولة حضارية معاصرة، كان لديها هستدروت، أي اتحاد عام لنقابات العمال، وكيبوتس، أي تجمعات تعاونية، وكل ذلك كان يعني أنها كمجتمع اشتراكي متقدم جدًا، ومقبول في المجتمع الدولي، ولم يكن هناك فارق بين يهودي عربي ويهودي من أي دولة أخرى، لكن بعد ازدياد النعرات الطائفية والمذهبية أصبح لليهود الغربيين والروس سلطتهم على اليهود العرب والأفارقة أيضا، وفرضوا إراداتهم على إسرائيل، ما يعني أن إسرائيل أيضا تطبق نظام ولاية الفقيه، لكن بالنسخة اليهودي، والفارق الوحيد أن في إسرائيل بعض الديمقراطية، فبعض اليهود الألمان يواجهون المشاكل، لكن اليهود المتطرفين فرضوا سيطرتهم على بعض المدارس الدينية، ويكفي أنهم طبقوا الفصل بين الجنسين في بعض المدارس، كما يفعل أبو بكر البغدادي أو بن لادن أو خامنئي، وهذا يؤكد أن التطرف له زبائنه سواء عند الشيعة أو السنة أو حتى اليهود والمسيحيين.

 

** في نهاية عام 2016 حذرت من تعرض العواصم الغربية، وتحديدا البريطانية، لعمليات إرهابية، وأن العنف سيطال بريطانيا، وفي فبراير الماضي هز بريطانيا جريمة إرهابية في حي وستمنستر، هل تعتقد أن الإرهاب الداعشي سيطال مزيدا من العواصم الأوروبية، ولماذا بدأ بالعاصمة البريطانية؟

اعتقد أن السبب الرئيسي لاختيار العاصمة البريطانية لتنفيذ عملية إرهابية واضح، فتلك الحادثة وقعت بالقرب من مبنى البرلمان البريطاني، ما يعني انه يمثل رسالة أرادت دعش أن توجهها للعالم، ولكنها رسالة عنف موجهة للبرلمان البريطاني ولأعضائه على وجه الخصوص، كإجراء عقابي لموافقتهم على إعادة مناقشة تعديل قانون الهجرة واللجوء السياسي لبريطانيا وعلى الأخص من الإسلاميين، كما أن الأعضاء تحدثوا صراحة عن قوانين جديدة لطرد المئات والآلاف من الأشخاص الذين ينتمون للجماعات الإسلامية في بلادهم.

 

** معنى هذا أن تلك العملية الإرهابية كانت عقابًا لأعضاء البرلمان، ومحاولة لتهديدهم بالعمليات الإرهابية؟

هذا صحيح.. الجماعات الإرهابية المتأسلمة تهدد النواب البريطانيين بعمليات إرهابية دموية، ولا تنسى حالة التغول الكبيرة التي تعانيها بريطانيا من عناصر الإخوان المسلمين، ومن بقية التنظيمات الإسلامية الأخرى التي تتبع أيديولوجياتها.

 

** من يربي الثعابين عليه أن يتحمل لدغاتها، وكلنا هنا يعلم جيدًا أن بريطانيا تدعم الإرهاب، فهي التي تؤويهم في عقر دارها؟

مقاطعًا: لا أعتقد أن تلك المقولة صحيحة، فبريطانيا لا تؤوي التنظيمات الإسلامية، فوجود عناصر كبيرة من تنظيم الإخوان المسلمين ببريطانيا، مرتبط بالقوانين المتبعة في بريطانيا، وعلى الأخص قوانين اللجوء، وأغلب المنتمين إلى الإخوان المسلمين والتنظيمات الأخرى يأتون إلى بريطانيا بعد أن يقدموا أوراقًا تقول إنهم ليسوا إرهابيين ولكنهم يحملون توجها سياسيا معارضًا، وبريطانيا تملك حق اللجوء السياسي، وهذا لا يعني أن بريطانيا تدعم الإرهاب.

 

** لكنهم في نفس الوقت يعلمون أنهم ليسوا معارضين سياسيين وأنهم مجرد فصائل لها أيديولوجيات مختلفة؟

كيف لهم أن يعلموا ذلك، فبريطانيا قامت بمنح حق اللجوء السياسي لآلاف من الشعب الإيراني، بين هؤلاء الإيرانيين عناصر سبق أن تعاونوا مع النظام الإيراني، على الأخص المنتمين لمنظمة "مجاهدي خلق" التي سبق لهم ارتكاب عمليات دموية إرهابية، وهذا لا يعني أن بريطانيا تدعم الإرهابيين، ولا تنسى انه قبل 150 سنة مضت، ظهر في بلداننا شخصيات أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وفي إيران شخصيات مشابهة، كانوا يتجهون إلى الغرب باعتبارها مجتمعات نموذجية علينا أن نتبع سلوكهم وأسلوبهم، وبعد سنوات طفت على السطح جماعات تطالب بالعودة إلى جذور الإسلام والتخلي عن الثقافة الغربية، إلى أن ظهر الإخوان المسلمين كثقافتهم المزدوجة، يظهرون أمام الغرب أنهم حداثيون عصريون، وداخل مجتمعاتهم يمثلون الرجعية.

 

** هل تعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين التي اجتمعت تحت لوائها جميع الأيديولوجيات، أضحت تمثل خطرا ليس إقليميا فقط ولكنه تخطى كل الحدود الدولية؟

لذلك أنا اعتقد أن الإخوان المسلمين هم أم الفتنة في العالم العربي والإسلامي، وربما العالم أيضا، فكل تلك الأفكار المتطرفة تأتي من الإخوان المسلمين، سواء من إيران الشيعية، أو من مصر السنة، أو من أي دولة إسلامية أخرى، والإخوان المسلمون هيئة عالمية في الأصل، ففي الخمسينيات كان في إيران إرهابيين قتلوا عددا كبيرا من رؤساء الوزراء، كما حدث في مصر أيضا.

 

** لماذا في رأيك نمت تلك الجماعات حتى وصلت إلى هذا النسق العالمي خلال السنوات الأخيرة؟

للأسف الشديد ساهم في نمو تلك الجماعات فشل الأنظمة الحاكمة في بلاد العالم الإسلامي، فتلك الأنظمة الفاشلة شجعت الكثير من الشباب على الانتماء إلى الإسلام السياسي، ولا تنسى أن الثورة الإسلامية الإيرانية في 1979 أثارت الأمل إلى قلوب كل رجل دين من بالي في إندونيسيا إلى طنجة في المغرب، وأن باستطاعته أن يسقط النظام ويُصبح حاكمًا، لذلك اعتبروا أنفسهم خليفة المسلمين، لذلك أرى أن تلك هي الأسباب الرئيسية وليست بريطانيا أو فرنسا.

 

** لا تنسى أن بريطانيا كانت الداعم الرئيسي لخروج الجماعة في أواخر عشرينيات القرن الماضي، بل وساهمت كثيرا في تلقين مؤسس تلك الجماعة كل أبجديات الفكر المتطرف، وتمكنت من تحول مدرس إلزامي بإحدى مدارس الإسماعيلية إلى قائد للتنظيم في القاهرة؟

بالتأكيد.. لكن علينا أن ندرك جيدا أن بريطانيا العظمى تختلف كثيرا عن إنجلترا، فاليوم يمكن أن تسير في أي شارع بإنجلترا لا يمكن أن تجد سوى بريطاني واحد أو اثنين فقط، هناك العشرات من الملايين من العرب والباكستانيين والإيرانيين والهنود، فمدينه مثل مانشستر 70% من اليمن والباكستاني والإيرانيين، لا يمكن أن تشبه الإمبراطورية البريطانية العظمى وسياساتها الاستعمارية، بالسياسة الإنجليزية الحالية.

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز