عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الاحتجاجات الإيرانية تهدد الأحزاب الشيعية العراقية

الاحتجاجات الإيرانية تهدد الأحزاب الشيعية العراقية
الاحتجاجات الإيرانية تهدد الأحزاب الشيعية العراقية

كتب - مصطفى سيف

لا يُخفى على أحد تلك العلاقة الوثيقة بين العراق وإيران، خاصة وأنَّ رأس السلطة التنفيذية، حيدر العبادي، هو أيضا شيعي، لذلك فما يحدث في إيران لن يكون بعيدًا عمَّا يحدث في الداخل العراقي.



لم يصدر بيان رسمي عراقي يتحدث عمَّا يحدث في إيران، سوى بيان عن نوري المالكي، نائب الرئيس العراقي، الذي وصف ما يجري في إيران بأنّه "شأن داخلي".

وأضاف: "أعداء إيران يحاولون إثارة الشغب والإرباك"، داعيًّا إلى "التهدئة واتخاذ الإجراءات المناسبة التي تصبّ في مصلحة الشعب الإيراني الصديق".

وبالاستناد للمرجعية الشيعية للمالكي فإن تعليقه يعكس مقدار حذر وخشية الأحزاب والشخصيات الشيعية العراقية الكبيرة بطهران مما ستؤول إليه موجة الغضب في طهران.

ما يمكن أن تؤول إليه الأحداث في طهران سيؤثر بالتبعية على الأحزاب الشيعية في العراق، وأيضا على الداخل العراقي، فالمرجعية الشيعية التي يترأسها على السيستاني، تخشى أيضا ما حدث لنظام الملالي في إيران من رفع لافتات تشير إلى "الموت لخامنئي" و"الموت للديكتاتور" و"ليسقط روحاني".. إلخ من تلك الشعارات التي طالت الشيعة في طهران.

أحزاب شيعية عراقية عدّة ترتبط، مثل حزب الدعوة الإسلامية الذي يترأسه "المالكي"، بشكل كبير بإيران التي احتضنتهم خلال معارضتهم لنظام الرئيس العراقي الراحل، صدّام حسين.

مع صعود تلك الأحزاب إلى السلطة واصلت طهران دعمها مما ساعد على تثبيتها في المواقع القيادية العراقية، ولتكون إحدى الأذرع التي تمتلكها طهران في المنطقة لحماية نفوذها.

 

القلق، الذي ظهر من خلال بيان "المالكي" المقتضب، يستطيع أن يظهر من خلال ما قاله بأنَّ " أعداء إيران يحاولون إثارة الشغب والإرباك"، فالاحتجاجات الإيرانية امتدت إلى السياسات الإقليمية المتبعة من قبل النظام الإيراني.

فتدّخُل إيران في الدول العربية المجاورة كان أحد الأسباب التي أشعلت الاحتجاجات في طهران، على اعتبار أن تدخّلها له ضريبة مادية ويمثّل وجها من وجوه إهدار ثروة البلاد على دعم الأحزاب والميليشيات في بلدان مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن,

ومثّلت الشعارات المرفوعة من قبل المحتجّين الإيرانيين والمطالبة بالاهتمام بأوضاع الشعب بدل التدخّل في شؤون بلدان الجوار، سندًا كبيرًا للأصوات العراقية المنادية بفكّ الارتباط بإيران.

الخفّي في الأمر هو الصراع "الشيعي" الشرس على السلطة في العراق؛ حيث تُفضِّل إيران أحزاب سياسية بعينها عن أحزاب شيعية أخرى، لأنها ترى فيها أهلًا للثقة التي تستطيع من خلالها تنفيذ ما تريده داخل العراق.

على الرغم من أنَّ إيران لا ترى في "العبادي" حاليًا أهلًا للثقة نظرًا لما يحاول إضفاءه من رغبة في ترميم العلاقة مع الدول العربية، التي تعادي إيران، وعلى رأسهم السعودية، فإنَّه ليس من المحسوبين حاليًا في أذهان القيادة في إيران مصدرًا موثوقًا به، خصوصا وأن بعض توجّهاته السياسية حظيت بدعم دولي، وأميركي على وجه الخصوص.

مقتدى الصدر مؤخرًا حاول أيضا البروز كمعارض شرس للأذرع الإيرانية في العراق؛ خاصة بعد طلبه بحل ميليشيا الحشد الشعبي، وربما هذا يُعَّد في علم السياسة "التكيُّف مع التغيرات"، حيث إنَّه أيضا قاد احتجاجات شعبية مناهضة لإيران ولسياساتها.

وأيضا ما مثَّل ضربة موجعة لطهران من مقتدى الصدر، هو قرار التيار الصدري تجميد نشاطه فيه، ومن قبله خروج عمار الحكيم من زعامة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في يوليو 2017، وتشكيل تيار الحكمة الوطني.

نوري المالكي، هادي العامري زعيم ميليشيا بدر، وقيس الخزعلي، زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، يعتبرون أبرز الشخصيات العراقية موضع الثقة الإيرانية، على النقيض من "العبادي".

في 2015 شهدت بغداد موجة احتجاجات هاجمت التدخل الإيراني في العراق من خلال رفع شعار "إيران برة برة.. بغداد تبقى حرة"، وهذا ما تخشاه الأوساط السياسية الشيعية العراقية أن تعيد الاحتجاجات الإيرانية الهجوم عليهم مرة أخرى.

الارتباط الكبير بين العراق وإيران وتشابه الأسباب التي تثير غضب الشعبين وعلى رأسها فشل تجربة الحكم القائمة على أسس دينية وطائفية وانعكاس ذلك الفشل على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، هو ما يخشاه الشيعة في العراق.

شعار "إيران برة برة" تردد من قبل في مدن ذات أغلبية شيعية بالعراق مثل الديوانية والبصرة ما اعتبر بمثابة إنذار بتصاعد الغضب من سياسات إيران وتدخّلها في البلد.

ويقول مطلّعون على الشأن العراقي إن موجة الغضب من الرموز السياسية الشيعية بصدد التحوّل إلى تيار تتمثل خصوصيته في اختراقه الشارع الشيعي المفترض -نظريا- موالاته لطهران على أساس عقائدي طائفي، وباعتباره موجّها من قبل قيادات سياسية ودينية تعلن الولاء الصريح لإيران.

بعض مراجع ورجال دين شيعة معارضين للعملية السياسية ورموزها، يعتبرون متمردون على التبعية لإيران معتبرين أنَّ العراق مصدر التشيّع وأصله، وأنَّ التأثير يجب ألا يكون مقلوبًا، فالتأثير يجب أن يكون من العراق لإيران، وليس العكس.

ويرى البعض أنَّ هناك تيارًا متناميًا في العراق ضد إيران، بسبب التراكمات التي خلفها التأثير الإيراني خلال 14 عامًا، منذ سقوط صدام حسين.

ويشيرون هؤلاء إلى أنَّ هذا التيار يدمج ما بين أتباع داخل بعض الأوساط الدينية الشيعية الرافضة للتبعية لمراجع إيران، وبين أوساط سياسية شيعية إمّا غير مرضي عليها من قبل طهران وحُرمت بفعل ذلك من المشاركة في السلطة، وإمّا لكون بعض رموزها من دعاة الدولة المدنية.

ومع الاستحقاق الانتخابي المقبل في العراق والذي من المقرر له الانعقاد في مايو المقبل؛ تُطرح التساؤلات مرة أخرى، خصوصًا بعد إعلان حزب الدعوة الإسلامية خوضها؛ كيف يمكن لإيران أن تتواجد مرة أخرى داخل البرلمان من جديد في ظل أوضاعها الاقتصادية السيئة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز