عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

اللواء سيد غنيم يكتب: الطالع السياسى لـ«الشرق الأوسط» فى 2018

اللواء سيد غنيم يكتب: الطالع السياسى لـ«الشرق الأوسط» فى 2018
اللواء سيد غنيم يكتب: الطالع السياسى لـ«الشرق الأوسط» فى 2018

يُعتبر إقليم «الشرق الأوسط»، متضمنًا مصر ودول الخليج العربى واليمن، ودول الشام وإيران وتركيا وإسرائيل (والذى يتواصل أمنيًا مع منطقة «القرن الإفريقى») مفترقًا للطرق فى العالم، مقارنة بالأقاليم الـ(13) الأخرى على مستوى العالم، حيث تجد «الطاقة» و«الاقتصاد» و«الصراعات»؛ من أجل النفوذ والثروات.



وتتمثل القوى الإقليمية «التقليدية» به، فى: تركيا وإيران (كقوى غير عربية ذات مصالح مشتركة حاليًا)، والمملكة العربية السعودية ومصر (كقوى عربية منافسة).. رغم نفوذها الأقل على الدول الأضعف بالمنطقة.. وأخيرًا «إسرائيل» القوة الإقليمية غير التقليدية (النووية) صاحبة الرعاية والدعم الأمريكى الدائم والأكبر، وأيضًا صاحبة النفوذ الأكثر تأثيرًا.. كل ذلك جعل من المنطقة ساحة للعنف وعدم الاستقرار.

أهم التوقعات المستقبلية:

1- تركيا

أ- تركيا ثانى قوة فى الـ«ناتو» ستستمر فى تحسين علاقاتها مع روسيا، ومنظمة شنغهاى للتعاون.. أتوقع أن تتجه علاقاتها للأسوأ مع حلف الناتو والاتحاد الأوروبى، فى مقابل استمرار العلاقات المتميزة مع قطر، وتطور فى العلاقات مع روسيا وإيران.

ب- ستتركز علاقات تركيا على عدة محاور كالآتي:

- الأول: مع قطر لتحقيق أهدافهما المشتركة؛ لدعم «تنظيم الإخوان»، والدفع لتنصيبهم على حكومات الدول العربية مرة أخرى -بأى شكل.

- الثاني: مع روسيا وإيران للعمل على منع ظهور دولة كردية على طول حدودها الجنوبية، وذلك من خلال الحفاظ على انقسام الأكراد بمختلف أحزابهم فى المنطقة.. إذ ستعمل تركيا على دعم العراق فى موقفها ضد الأكراد بالإيقاع بين «أكراد العراق»، و«أكراد تركيا»، وكذا بين «أكراد إيران»، و«أكراد تركيا».. وبما يجعل من الأكراد عدوًا مشتركًا لجميع الأطراف، وبما يوحد المصالح العراقية التركية الإيرانية.

- الثالث: مع دول شرق إفريقيا؛ لتوسيع النفوذ السياسى والعسكرى والاقتصادى وتزايد الاستثمارات والتجارة.. مع توقعات بقيامها بفتح قاعدة عسكرية فى «بورسودان» تستكمل خريطة نفوذها فى الخليج العربى والبحر الأحمر بعد قاعدتيها فى «الدوحة»، و«مقديشيو».

2- إيران

أ - الخصوم

- ستبدأ الولايات المتحدة العام الجديد بترتيبات موسعة؛ لتقويض إيران.. إذ يُصر كلٌ من (إدارة ترامب والكونجرس والبنتاجون) على تقطيع أوصال شبكة النفوذ الإيرانى عبر الشرق الأوسط.

- ستستغل واشنطن تزايد تجارب كوريا الشمالية النووية لتصعيد إجراءاتها ضد إيران لردعها عن السير فى نفس مسار كوريا الشمالية (الخطير)، كما اعتادت أن تصفه الولايات المتحدة.

- ستستمر السعودية (العدو الإقليمى الأهم لإيران)، وستستمر فى محاولات تقويض نفوذها فى المنطقة، والذى يأتى فى صالح إسرائيل التى تطالب الولايات المتحدة بدعمهما ضد إيران. ومن هنا تبدأ إسرائيل إظهار علاقاتها تدريجيًا مع السعودية، والتى كانت خلف الكواليس لسنوات.

ب- الاتفاقية النووية:

- يؤدى تزايد التوتر بين واشنطن وطهران إلى احتمال تعليق (الاتفاقية النووية)، ورغم صعوبة هذا التوقع إلا أنه قد يحدث بنهاية عام 2018.

- أظن أن الدافع الحقيقى لذلك هو أن ترامب يعتقد أن الاتفاقية النووية ليست قوية بما فيه الكفاية؛ لاحتواء طموحات إيران النووية.. ولا شاملة بما فيه الكفاية؛ لعرقلة برنامجها للصواريخ الباليستية ورعاية الإرهاب، أو دعم الجماعات المسلحة فى لبنان واليمن.. ويهدف ترامب لإذعان طهران لإرادته، وإجبارها على العودة إلى طاولة مفاوضات جديدة بأى شكل.

- فى المقابل.. أظن أنّ الكونجرس لا يميل لتوجه ترامب فى هذا الشأن، فقد يتخذ الكونجرس من جهته خطوات لفرض عقوبات جديدة على إيران مع الحرص على عدم انتهاك الاتفاقية النووية فى مواجهة ترامب وأعوانه المقربين الأكثر استعدادًا لانتهاك الاتفاقية. لو استمرت واشنطن فى اتجاه استراتيجية «ترامب» وتجريد الضمانات الأمنية الواردة فى الاتفاقية، سيزيد ذلك من تدهور علاقات واشنطن مع طهران، وبما يخلق فرص تصادم مع إيران فى مناطق نفوذها.

- من جانبها ستعمل إيران جاهدة للحفاظ على بنود الاتفاقية النووية كاملة، وبما يمكنها من الاستمرار فى تصدير النفط واستقبال الاستثمارات من أوروبا والصين وروسيا، وسيدعم موقفها معظم الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبى، التى لديها شركات كبرى أبرمت صفقات مع إيران. 

جـ- ستستمر الثورة بالداخل الإيرانى فى محاولة لتحقيق أى أو كل من الآتي:

- إسقاط النظام الملالى الإيرانى.

- نشوب حرب أهلية بإيرن بين الشيعة والأقلية السُنية سيساعد على استمرارها تدخل بعض وكلاء السُنة المُسلحين بالمنطقة.

- إحراج الموقف الأوروبى الداعم للاتفاقية النووية، والموقف الروسى الداعم للسياسة الإيرانية فى الشأن السورى، وبما يضع طهران على طاولة مفاوضات جديدة مع إدارة ترامب.

- إضعاف الموقف السياسى لطهران أمام شروط محتملة (غير مُعلنة) من الرياض وتل أبيب.

3- إسرائيل والسلطة الفلسطينية

أ - ينتظر إسرائيل العديد من الفرص، أهمها على يد الإدارة الأمريكية الجديدة، كزيادة المعونة الأمريكية لتطوير جيشها واقتصادها، والمكاسب من نتائج تزايد توتر العلاقات الأمريكية مع إيران، وتوسع المستوطنات والاعتراف بالقدس عاصمة لها رغم تزايد اعتراض الأمم المتحدة.

ب- استمرار إسرائيل فى عدم التوافق مع الفلسطينيين وعدم الالتزام بحل الدولتين سيؤدى إلى المزيد من الضغوط على علاقتها بمصر والأردن، اللتيْن تعانيان من ضغوط داخلية فى هذا الصدد.

جـ- القضية الفلسطينية ستكون ساحة تنافس بين مصر وتركيا، إذ ستسعى كل منهما لزيادة علاقاتها بالفصائل الفلسطينية، فى الوقت نفسه تحاول فيه الحفاظ على علاقة طبيعية مع إسرائيل.. على أى حال، زيادة الضغوط المصرية على حماس وتردى الموقف الخليجى القطرى فضلاً عن الموقف التركى الحالى قد يكون له الأثر الإيجابى على التصالح الفلسطينى.

د- ستستمر إسرائيل فى التقارب مع السعودية وتضمين الولايات المتحدة فى حرب صريحة ضد التوسع الإيرانى، مع ضمان وجود مصادر دائمة لتهديدها وبما يدر عليها المعونات والدعم الدولى.

4- اليمن

أ - بعد مقتل على عبدالله صالح أتوقع أحد احتمالين

- الاحتمال الأول: استمرار الوحدات المسلحة التابعة لعلى عبدالله صالح (مخلصة) لأسرته، طالما أنها ما زالت تتلقى مبالغ منها. وفى هذه الحالة، ينتظر أن تستمر وحدات على عبدالله صالح فى قتالها الحالى فى مواجهة حلفائها السابقين (الحوثيين) فى العديد من المواقع. وفى هذا الإطار، سيضاعف محمد بن سلمان جهوده لحثهم على ذلك سعيًا لإعلان نصر سريع قدر المُستطاع، وذلك من خلال قصف مكثّف لمواقع الحوثيين ومواصلة العقوبات الاقتصادية الصارمة، بالتوازى مع محاولة قلب الداخل الإيرانى.

- الاحتمال الثاني: فراغ كبير فى السلطة نتيجة لمقتل صالح، والذى يعد فى صالح الحوثيين بالتأكيد، والذى بدوره سيعكس تهديدًا خطيرًا على مستقبل حزب صالح (المؤتمر الشعبى العام).

ب- فى كلا الحالتين أتوقع استمرار الدعم الإيرانى، وسيحاول الحوثيون فى غضون الأسابيع المقبلة توطيد نفوذهم فى الشمال، خصوصًا من خلال القمع المتواصل والإطاحة بقادة المؤتمر الشعبى العام وشيوخ القبائل المرتبطين بصالح، مع محاولة بث الفتنة والتفرقة بين قوات صالح وعائلته.

جـ- كما أتوقع استمرار الحوثيين فى قصف أهداف حيوية فى السعودية والإمارات وربما البحرين.

د - فى المقابل تستمر قوات التحالف والجيش الحكومى اليمنى فى شن ضرباتهما ضد الحوثيين. كما قد تتحرّك القوات اليمنية المدعومة من السعودية تجاه صنعاء والحديدة، لمحاولة طرد الحوثيين.

هـ- مع تضاؤل فرص التوصّل إلى حل سياسى، سيتحوّل المزيد من المناطق اليمنية إلى ساحة حرب بالوكالة ليس فقط بين إيران والسعودية والإمارات، بل قد تتدخل قطر فى المعادلة داعمة لإيران.

و- تجنبًا لخروج الإمارات من التحالف العسكرى الحالى باليمن وضمان استقرار نفوذها جنوبًا والتفرغ للقلب فى العراق وشمالاً فى لبنان، ستعمل السعودية على سرعة حسم الصراع فى اليمن، ولذا ستعمل السعودية عل حشد شركائها السُنيين فى حرب سياسية شاملة فى المنطقة، وربما عسكرية فاصلة ضد الحوثيين فى الداخل اليمنى (رغم صعوبة ذلك) خاصة مع افتقار السعودية إلى القدرات غير المتماثلة التى تتفوق فيها إيران ووكلائها.

ز- أظن أن الحوثيين سيواجهون صعوبة غير مسبوقة فى الحصول على المساعدات الإيرانية - وستصر السعودية على منعهم من الحصول عليها.

ح- لن تهدأ محاولات انقسام اليمن، خاصة مع ضغط جهات المصالح الأخرى بما فى ذلك الانفصاليون الجنوبيون لتحقيق مطالبهم السياسية، ولكن السعودية ستسعى جاهدة لمنع ذلك.

ط - على صعيد آخر ستواصل السعودية والإمارات إقليميًا ودوليًا الآتي:

- الاستمرار فى المقاطعة الشاملة ضد قطر بالتعاون مع البحرين ومصر.

- محاولات توسيع نفوذها فى الصومال والسودان.

- تزايد سبل التعاون مع إسرائيل.

- محاولات خلق ظروف دولية تزيد من الضغوط على إيران ووكلائها.

- احتمال إعداد التحالف الإسلامى العسكرى لمحاربة الإرهاب للتدخل فى الموقف.

5- سوريا:

أ- مع اكتساب روسيا وإيران نفوذًا فى الأراضى السورية، فقدت السعودية والولايات المتحدة بالمقابل بعض النفوذ بها. ولكن هذا لن يمنع قيام كل من واشنطن والرياض من البحث عن سبل للاستفادة من الحرب الأهلية لتقويض طهران.

ب- حزب الله هو الوكيل الإيرانى الأكثر تعرضًا لعمل عسكرى (والمسرح المُرجح هو سوريا) كأحد الاحتمالات المدرجة خلال الفترة القادمة، وذلك بصفته المسئول عن تأمين الجسر البرى الذى يصل إيران بالبحر المتوسط عبر سوريا ولبنان، يليه الحوثيون فى اتجاه البحر الأحمر.

جـ- القضاء على حزب الله أمر ليس بالأمر الهين، ولا هو فى صالح إسرائيل التى تستفيد بمليارات الدولارات كمعونات عسكرية لدرء أى تهديدات كائنة، وأهمها حاليًا إيران ووكيلها حزب الله.

د - مع هزيمة (داعش) كعدو مشترك، سيتعين على الأطراف فى سوريا أن تواجه قضايا أكثر تعقيدا وحساسية أثارها الصراع فى سوريا، من أهمها (مواجهة الأكراد، واحتمالات تقسيم السلطة، وتعاظم الصراع الطائفى -..).

هـ- على الرغم من أن وقف إطلاق النار ما زال غير محتمل فى عام 2018- فإن الجولات المستقبلية من محادثات السلام يمكن أن تسفر فى النهاية عن ترتيبات لتقاسم السلطة يحتل فيها بشار الأسد موضعًا مع بدء عملية صياغة الدستور، وهو ما لن توافق عليه المعارضة بالتأكيد.

و - أهم ما يشغل روسيا هذا العام هو إيجاد مخرج سريع من الصراع يحمى المكاسب التى حققتها على مدى العامين الماضيين. وبما سيدفعها لكبح جماح طهران ودمشق المهتمين بضمان انتصار عسكرى كامل أكثر من التوصل إلى حل تفاوضى شامل.

ز- لذا، سيتعين على روسيا أن تبقى على حوار عملى مفتوح وتعاون حذر مع تركيا، والتى ترغب فى ترسيخ نفوذ لها أيضًا فى سوريا بهدف منع ظهور دولة كردية على طول حدودها الجنوبية.

ط- دور روسيا العسكرى والدبلوماسى فى سوريا لم ينته، بل بدأ كانطلاقة فى داخلها وفى أرجاء المنطقة بكشل عام، فعلى الرغم من التحديات التى تواجه روسيا إلا أن تدخلها فى المنطقة على حساب الولايات المتحدة لن يتوقف.

ى - ولتحقيق ذلك، ستوسع روسيا نطاق وصولها إلى بؤر اهتمام أخرى فى المنطقة من خلال تعزيز روابطها الاقتصادية والسياسية مع دول الخليج العربى ومصر والعراق وليبيا وتركيا.

6- العراق

أ- بعد المحاولة الفاشلة لانفصال إقليم كردستان ظهر ضرورة التأكيد على الانقسام بين محافظة أربيل (الحزب الديمقراطى الكردستاني) ومقاطعة السليمانية (الاتحاد الوطنى الكردستاني)

والذى قد يستلزم الآتي:

- أتوقع أن تستخدم بغداد علاقتها مع طهران فى محاولة للإيقاع بين الأحزاب الكردية بشكل أكبر، مما يزيد من حدة المنافسة الإيرانية مع تركيا فى البلاد.

- فى المقابل ستقوم تركيا (ربما بمعاونة قطرية) بمحاولة احتواء الموقف ودعم العراق أيضًا فى موقفها ضد الأكراد بأن تقوم بالمثل بالإيقاع بين أكراد العراق وأكراد تركيا، وكذا بين أكراد إيران وأكراد تركيا، وبما يجعل من الأكراد عدوًا مشتركًا لجميع الأطراف يوحد المصالح العراقية التركية الإيرانية، والذى سيشكل عائقًا لمساعى السعودية لتوسيع نفوذها فى الداخل العراقى، والذى قد يتفق مع انفصال إقليم كردستان.

ب- ستجرى العراق انتخابات فى مايو 2018 الأمر الذى يمنحها الفرصة لضمان استقلالها عن تدخلات القوى الخارجية. حيث سيستند فى برنامجه رئيس الوزراء العراقى «حيدر العبادي» على كونه من سلالة ناشئة على القومية الرافضة للنفوذ الخارجى (بما فى ذلك من الولايات المتحدة وإيران الشيعية وتركيا السنية)، كما أتوقع أن ينتهج نفس أسلوبه رغم تبعيته الشيعية منافسه الزعيم العراقى «مقتدى الصدر» سعيًا لتحقيق نجاحات انتخابية.

جـ- عقب الانتخابات وحالة فشل تنصيب رئيس وزراء شيعى، أتوقع أن تستخدم إيران علاقاتها مع قوات الحشد الشعبى الشيعى فى العراق لتشكيل ائتلاف سياسى فى بغداد. فى المقابل سيقوم مجلس التعاون الخليجى بتوجيه الأموال والمساعدات إلى الأحزاب السُنية الأخرى فى العراق. وفى هذا الإطار فإن السعودية ودول الاهتمام الخليجية ستواجه صعوبة فى إضعاف نفوذ طهران.

د- فى المقابل ستسعى السعودية لتوسيع نفوذها فى العراق، وهو ما تتحسب له إيران.

7- لبنان:

أ - ستستمرالسعودية فى دعم رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى للتأثير على مجريات الأمور السياسية فى بيروت وتقويض جماعة حزب الله. وستنجح السعودية فى تحقيق مكاسب دبلوماسية محدودة بين الطائفتين السنية والمسيحية، ولكنها لن تمكنها من تقويض جماعة حزب الله.

جـ- ستواجه تركيا عوائق مماثلة أثناء محاولة توطيد علاقاتها بالقادة السُنة فى لبنان ومواجهة حزب الله، ولكن هذا لن يوقف محاولات تركيا النوعية لتحقيق أهدافها.

8- السعودية (داخليًا)

أ - تبقى السعودية هى الأكبر بين دول الخليج والأكثر طموحًا، حيث سيمارس محمد بن سلمان سُلطاته الجديدة لتعزيز أجندة موسعة له، لتحقيق وُعوده للإصلاح الاقتصادى بهدف تعزيز الإيرادات غير النفطية وخفض العجز فى الميزانية من خلال أرباح الاستثمار، وتحفيز نمو القطاع الخاص وتأميم القوى العاملة، مع اتباعها سياسات استثمارية خارجية أكثر جُرأة، خاصة فى مجالات التقنية أسوة بنجاحات الإمارات والكويت فى نفس الاتجاه، فضلاً عن فرض ضرائب جديدة والمضى قدما فى الطرح الأولى الجزئى المخطط له لشركة النفط السعودية «أرامكو» لتوفير رأس المال للاستثمارات المُخططة، ورفع أسعار السلع اليومية وأهمها الوقود.

ب- فى المقابل ستحاول الحكومة السعودية أن تكون أكثر مرونة أمام عدم الرضا المتوقع من الشعب، وبفضل هذا الاهتمام والمرونة، فضلا عن الرغبة فى تعزيز الاستثمارات الرأسمالية السعودية، أتوقع أن تحقق السعودية العديد من أهدافها، بما فى ذلك ارتفاع الإيرادات غير النفطية.

جـ- من المرجح مع انفتاح السعودية على الحريات الشخصية والترفيه أن يعلن بن سلمان عن التدابير المقبلة لكل خطوة لقياس رد فعل الجمهور والوفاء بتعهده بالحفاظ على الشفافية.

د - أتوقع تعاونًا متزايدًا للسعودية بشكل خاص ولدول مجلس التعاون الخليج مع الـ«ناتو» أكاديميًا وتدريبيًا، وفى مجال مكافحة الإرهاب.

9- مصر:

أ- تستمر فى تحقيق أهداف استراتيجية 2030 للنهوض بقوى الدولة واستقرار الوضع الداخلى، كما ستعمل على تبنى سياسية تحقق التوازن والاستقرار الإقليمى.

ب- ستتحول مصر من مستهلك إلى منتج ومصدر للغاز مع إنتاج الحقول الجديدة، وكذا مع تشغيل محطات تسييل الغاز الثلاث شمال الدلتا خلال أعوام قليلة.

جـ- ستتأثر بشدة الطبقتان الدنيا والمتوسطة بتخفيض الدعم الذى وافق عليه صندوق النقد الدولى والمقرر فى 2018 مما سيدفع الحكومة لمواجهة تلك الظروف بخطط اقتصادية واضحة.

د - ستجرى مصر انتخابات رئاسية فى مايو المقبل، وأمام توقع بعض المراقبين الدوليين تدخل أجهزة أمنية فى إجراءاتها، أتوقع جاهزية الحكومة بتحضيرات تمهد لانتخابات ديمقراطية حرة، وبما يساعد على تزايد إقبال الناخبين.

هـ- ستمارس مصر استقلالية أكبر لتقليل الاعتماد على القروض والمعونات المالية.. حيث ستوازن علاقاتها مع الولايات المتحدة وروسيا والصين، فى الوقت الذى تحتفظ فيه بعلاقاتها الاقتصادية مع السعودية على أسس تجارية بحتة.

و - على الرغم من أن مصر قطعت علاقاتها مع إيران منذ أكثر من (40) عامًا إلا أنها تميل للحلول السلمية فى الصراعات المرتبطة بها فى المنطقة، ولكنها ستستمر فى مقاطعتها لقطر بجانب الثلاثى الخليجى، وهو ربما أمر كافٍ فى الوقت الحالى من منظور السعودية والإمارات.

ز- ستستمر القاهرة فى علاقاتها المتردية مع أنقرة رفضًا لدعمها الدائم لتنظيم الإخوان والتدخل فى الشئون الداخلية للدول من جانب، وتدخلها فى القضية الفلسطينية بدورِ غير منسق مع مصر وباقى الدول المعنية من جانب آخر.

ح- ستعمل قوات إنفاذ القانون على تغيير استراتيجيتها فى مواجهة الإرهاب فى سيناء، بحشد قوات متخصصة لتنفيذ عمليات نوعية حاسمة، مع قيام القاهرة بتطوير علاقاتها مع حماس والسلطة الفلسطينية فى نفس الاتجاه.

ط- ستستمر القاهرة فى رفضها لاعتراف الولايات المتحدة ضمنيًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولكنها من ناحية أخرى ستستمر فى دعم جهود واشنطن فى التفاوض على اتفاق سلام جديد بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ي- ستشهد العلاقات المصرية بمجالاتها المختلفة تطورًا مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص والبرتغال وبعض دول حوض النيل وشرق أفريقيا، فضلاً عن منظمة الناتو، مقابل تردٍ متزايد مع قطر وتركيا، واستمرار قطع العلاقات مع إيران، وتوتر مع السودان وإثيوبيا.

ك - أتوقع استمرار دعم الولايات المتحدة للقاهرة، التى ستستقبل دعمًا من الاتحاد الأوروبى والناتو فى مجالات عدة.

ل- ستستمر القاهرة فى مفاوضاتها مع أديس أبابا بشأن سد النهضة، وقد تلجأ لقوى دولية وإقليمية للضغط فى هذا الشأن.

10- ليبيا:

أ- مع استمرار مساعى مصر والإمارات بالتنسيق مع تونس والقوى الدولية نحو حل توافقى يشمل  جميع الأطراف الليبية، أتوقع استجابة الفصائل الإسلامية الليبية المتشددة وبما قد يدعم الجهود فى هذا الاتجاه، إلا أن قطر وتركيا ستسعى لإفشال هذه المساعى.

ب- قبول إدارة ترامب للجيش الوطنى الليبى بقيادة حفتر باعتباره المؤسسة الوطنية العسكرية الليبية، قد يحدث توازنًا فى علاقات حفتر مع موسكو.

جـ- حالة الحاجة لتدخل عسكرى برى فى ليبيا ستعمل دول الجوار مصر وتونس والجزائر على تجنب أى تدخل أجنبى، أو حتى وجود قوات عربية بشكل دائم على الأراضى الليبية، حيث ستفضل تقديم الدعم الكامل للجيش الوطنى الليبى للقضاء على الإرهاب.

د- أتوقع تدافع الجهود نحو إجراء انتخابات رئاسية فى ليبيا، فى الوقت الذى يحظى فيه المشير خليفة حفتر على قبول تدريجى من المجتمع الدولى. ومع ذلك، فإن عددا قليلا من الأطراف سوف يقتنع بأن محادثات الأمم المتحدة ستلبى مطالبها.

11- الإرهاب

أ - ستحاول القاعدة استغلال انهيار (داعش) لاستعادة سمعتها كزعيم للحركة الجهادية العالمية ونشر رؤيتها للنضال الممتد. وستعمل على محاولة جذب أتباع داعش الحاليين والمحتملين.

ب- سيسعى كل من تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية إلى التمركز فى بؤر الصراع، سواء بإقامة معاقل جديدة أو بتوسع بؤر قديمة لها أو لأتباعها، كاليمن وليبيا وسيناء، فضلاً عن الأماكن غير الخاضعة للحكم كمنطقة الساحل وأفغانستان والصومال.

جـ- الاستراتيجية المتوقعة

ستستمر عناصر داعش والجماعات الموالية لها فى محاولات زيادة الانقسام الطائفى والعرقى فى مناطق نشاطهم.. ومع تزايد الضغوط على داعش والجماعات الإرهابية الأخرى يحتمل قيامها بالآتي:

- استمرار توجه العناصر الإرهابية المنهزمة فى سوريا والعراق فى محاولات الانضمام إلى الجماعات المسلحة فى اليمن ومصر وليبيا، مع استمرار تزايد الضغوط الإقليمية والدولية عليهم فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

- مع احتمال قيام بعضهم وفى توقيت متزامن بالهروب شرقًا لمنطقة «آسيا الوسطي» وربما تحديدًا أفغانستان، ولمنطقة جنوب شرق آسيا خاصة الفلبين وإندونيسيا، تنفيذًا لأحد خيارين: إما الانضمام إلى تنظيم القاعدة كخيار ينتظره زعيم القاعدة أيمن الظواهرى بفارغ الصبر لتأديب أبوبكر البغدادى زعيم داعش بعد الانشقاق عنه؛ وإما مواجهة القاعدة فى أفغانستان، فى محاولة للاستيلاء على بعض المدن الاستراتيجية بها، مع العمل على إعادة بناء قدراتها بنفسها فى بيئة أكثر ملاءمة، ويعتبر الخيار الأكثر احتمالاً.

- فرار، وربما (تسريب)، بعض العناصر الإرهابية إلى دول أوروبية تقبل اللاجئين، وخاصة دول شمال البحر الأبيض المتوسط وألمانيا، وذلك باستخدام جوازات سفر مزيفة للمواطنين السوريين المتوفين، أو عن طريق الهجرة غير الشرعية.

لواء أ.ح. سيد غنيم
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
استشارى الأمن الدولى - أستاذ زائر بأكاديمية دفاع الناتو

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز