عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

ننشر نص كلمة مكرم محمد أحمد في مؤتمر "نصرة القدس"

ننشر نص كلمة مكرم محمد أحمد في مؤتمر "نصرة القدس"
ننشر نص كلمة مكرم محمد أحمد في مؤتمر "نصرة القدس"

كتب - عبد الوكيل أبو القاسم

 ألقى الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام كلمة مهمة فى مؤتمر "نصرة القدس".



وتنشر "بوابة روزاليوسف " نص كلمة مكرم محمد أحمد:

الإمام الأكبر شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين

العلماء الأجلاء ورثة الأنبياء فى العالمين العربى والإسلامى

السادة المحترمون ممثلو الكنائس العالمية

الأخوة والأشقاء وممثلو الكنيسة الوطنية القبطية

السادة الحضور

أود فى البداية أن أعبر عن عميق شكر جميع المصريين للإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذى صاغ من هذا المؤتمر العظيم لنصرة قضية القدس قلادة شرف لمصر، تتوج فخارها بأزهرها الشريف، منبراً يصدح بالقول الحق فى وجه كل الطغاة وأدعياء الاستكبار، يرفض الافتئات على حقوق العرب والمسلمين والفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين فى دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ورباط وحدة ومحبة فى الداخل يجمع مسلمى مصر وأقباطها فى أسرة واحدة نسيجها الواحد، التزام الجميع بحقوق المواطنة والوقوف سواسية أمام القانون، ورسالة سلام وتواصل إلى كل أرجاء العالم تؤكد وسطية الإسلام وتسامحه وتنبذ العنف والإرهاب، وما أنزلناه إلا رحمة للعالمين.

 

 

 

 

لعل السؤال الخطير الآن، ماذا بعد، وما الذى ينتظرنا وقد ظهر واضحاً حجم التربص الذى يتأبط شراً فى عملية غدر مفاجئ، بعد قرار الرئيس الأمريكى ترامب الأحادى الجانب، الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وقد كنا نحسبه شريكاً فى الحرب على الإرهاب ووسيطاً نزيهاً يمكن أن يحقق سلام الشرق الأوسط واستقراره، وينجز المصالحة التاريخية بين العرب واليهود على قاعدة كل الأرض مقابل كل السلام، ثم ظهر أن ذلك كان مجرد أضغاث أحلام سبقها ربيع كاذب ضيع العراق وسوريا وليبيا واليمن، وكاد ينهش مصر المحروسة، لولا عناية الله ويقظة شعبها وقواته المسلحة التى أسقطت حكم المرشد والجماعة لكنها مع الأسف لم تضع في حسابها أن خيوط المؤامرة لا تزال مستمرة.

ماذا بعد قد عيل صبرنا عبر 70 عاماً من الدوران فى حلقة مفرغة، آملين أن يقدر المجتمع الدولى على فرض القانون الدولى من خلال مؤسساته الدولية، مجلس الأمن والجمعية العامة اللذين أصدرا منذ عام 1947 (867) قرار للمجلس و750 قرار للجمعية العامة حتى الآن، لم يُنفذ منها قرار واحد، بما يؤكد حجم الخداع الضخم، والديمقراطية الزائفة فى مجتمعنا الدولى الذى تكاد تكون مهمته الآن أن يغلف شريعة الغاب بورق من السلوفان ليمكن السمك الكبير من أن يأكل السمك الصغير فى سهولة ويسر.

جربنا التفاوض المباشر لأكثر من 44 عاماً لم نتمكن خلالها من إستعادة بوصة واحدة من الأرض، لأن التفاوض المباشر فى غياب حكم منصف، وقانون دولى نافذ، ومرجعية قادرة على تصحيح الخطأ، يكاد يكون نوعاً من الضحك على الدقون، هدفه الأول تضييع الوقت وتبديد الفرص، ويمكن القوى من أن يخلق واقعاً جديداً يفرض نفسه على الأرض، وحتى عندما ترضى بالقليل، وتقبل بـ 22 فى المئة من مساحة فلسطين التاريخية، وقد كان لنا 97 فى المئة من مساحتها فقط قبل مائة عام، لا أمل فى أن تستعيد بعض حقك، إلا إذا كنت قادراً على تصحيح النظام الدولي وتغييره بالكامل ليصبح عالماً متعدد الأقطاب، لا مجال فيه لقطب أوحد، هو وحده صاحب الحق والقرار، ولا مكان فيه للفيتو يصادر على حقوق الجمع أو قوة القهر النووى أو غير النووى.

نعرف جميعاً أن ذلك اليوم آت لا ريب فى ذلك، لكن متى يأتى وهل يمكن لأحد أن يتعجله وهل نظل أبداً فى حالة انتظار؟

أسئلة صعبة بغير إجابات واضحة..

أين إذن ومتى تكون الإجابة الصحيحة وهل هي موجودة بالفعل، ربما لا تكون الإجابات موجودة لكننا باليقين نستطيع أن نصنعها، ولا أحد غيرنا يستطيع صنعها لأنها كامنة داخل إراداتنا، وأول شروط معرفتها أن نكون كما قال الشيخ الجليل الدكتور أحمد الطيب على يقين من أن كل إحتلال إلى زوال وكل قوة متسلطة غشوم لابد لها من نهاية، وإذا كان الإحتلال قد إنقرض من العالم منذ زمن، ولم يبق سوى الاحتلال الإسرائيلى لأراضى الفلسطينيين فإن الإحتلال الإسرائيلي يظل حدثاً عابراً إلى زوال كما قال الشاعر الفلسطينى محمود درويش، وسوف ينتهى ويحمل عصاه على كتفه، ويرحل كما رحل الإستعمار الفرنسى عن شمال إفريقيا وشرق المتوسط وكما رحل الاستعمار البريطانى عن الشرق الأوسط ولن يُبقى على الاحتلال الإسرائيلى هذا الثوب القديم المهلهل من الخرافة والخزعبلات، ومن ثم فإن المهمة المقدسة لنا ألا نفزع مثلما فزع جيل النكبة وغادر أراضيه خوفاً من عصابات اليهود، وإنما أن نثبت فى أوطاننا ونتشبث بأراضينا دونها الموت والشهادة، فى القدس 340 ألف فلسطينى يتحتم صمودهم وسوف يصمدون لأنهم منزرعين فى أرضهم يصعب إقلاعهم، حتى لو اقتلعوا أسرة أو بضع أُسر، فإن علينا أن نجعل ذلك عملاً مستحيلاً، لا ينبغى إخلاء سكان القدس القديمة كما تم إخلاء مدينة الخليل القديمة لتصبح خاوية على عروشها وأظن أن جزءاً من معركة القدس أن يعود سكان الخليل إلى دورهم فى المدينة القديمة التي أصبحت خاوية على عروشها فارغة من سكانها هرباً من عمليات التفتيش اليومي للمنازل وغارات الأمن الإسرائيلي ومطالبه المستحيلة فى الإبقاء على أبواب الدور مفتوحة دائماً جاهزة لتفتيش الأمن فى أى وقت.

وواجبنا كعرب ومسلمين أن نعزز صمود سكان القدس ليبقوا فى مدينتهم لا يغادرونها، وأن نذهب إليهم لا نتركهم وحدهم، نزورهم ونشد على أيديهم ونشجعهم على البقاء.

وهذا باليقين ليس تطبيعاً، ولو أننا نجحنا فى تعزيز صمود المقدسيين لكان ذلك بداية نجاح حقيقي لأن صمود المقدسيين سوف يبقى على الجذوة مشتعلة لا تهدأ، أجيال تتبع أجيالاً، تحمي القدس حتى إن لم يكن فى أيديهم سوى حجارة الشارع، ولست أشك فى أنه مهما يكن تحوطات الإسرائيليين وحصارهم فإن الشعب الفلسطينى قادر على أن يخلق أنماطاً وصوراً جديدة من المقاومة الشعبية والعصيان المدني التى تنأى بنفسها عن الإرهاب والعنف.

ولتكن ثقتنا كاملة فى أن الضمير الإنساني سوف ينتصر للقضية الفلسطينية، كما انتصر لها سابقاً، لأن عظمة الصمود أصبحت عنواناً على الشعب الفلسطيني، ولا تزال إسرائيل تعانى من المقاطعة الأوروبية للجامعات الإسرائيلية ومقاطعة بضائع المستوطنات وإنتاجها فى الأراضى المحتلة، التى تزداد وتيرتها شدة واتساعاً بعد قرار ترامب الذى رفضته كل الدول الأوروبية كما رفضه العالم أجمع، ومن المؤكد أن نجاحنا فى تعزيز صمود الفلسطينيين ونجاح الفلسطينيين فى الإبقاء على جذوة القضية الفلسطينية مشتعلة فى الداخل سوف يُبقى القضية في دائرة الضوء تجذب اهتمام الرأي العام العالمي، وهذا ما تكرهه إسرائيل التي تفعل كل ما تستطيع من أجل إقناع العالم بأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي لم يعد يشكل أحد عناصر عدم استقرار الشرق الأوسط الذي يعود إلى أسباب أخرى، أهمها الإرهاب والفقر وغياب الديمقراطية في العالم العربي رغم أن إسرائيل هي أول أسباب انتشار الإرهاب في العالم أجمع.

إن كان واجب الفلسطيني الأول الصمود والإبقاء على جذوة القضية الفلسطينية مشتعلة في الداخل تشكل نقطة جذب مهمة للرأي العالم العالمي الذي لايزال يساند القضية، فإن واجبهم الآخر الذي لا يقل أهمية المسارعة بتعزيز جهود المصالحة الوطنية تحت راية منظمة التحرير، وإنهاء الإنقسام الأيديولوجي والجغرافي بين حماس وفتح، الذي أوقع بالقضية الفلسطينية ضرراً بالغاً وأساء إلى الفلسطينيين وهز صورتهم وألحق أفدح الأضرار بكفاحهم النبيل، وشكل الجانب السلبي من صورتهم الإعلامية، وأكاد أقول إن البندقية الفلسطينية التي استخدمتها الأطراف الفلسطينية المتصارعة والمنقسمة على نفسها فقدت الكثير إن لم يكن كل مصداقيتها، عندما قتل الفلسطيني أخيه صراعاً على السلطة أو خلافاً على الأيديولوجية، ولست أشك في أن وحدة الصف الفلسطيني هي أقصر الطرق لبلوغ النصر، وعلى الأباء من جيل أبو مازن الذين لا يزالون يشكلون أغلب منظمة التحرير أن يفسحوا الطريق لجيل فلسطيني جديد أكثر شباباً وعزماً ليستلم راية النضال الفلسطيني.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز