عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

دينا أبو الوفا تكتب عن "أوبن داي"

دينا أبو الوفا تكتب عن "أوبن داي"
دينا أبو الوفا تكتب عن "أوبن داي"

أبهرتني وبشدة المجموعة القصصية"اوبن داى" للكاتبة الرائعة ذات القلم المبدع جيهان جمال، التي تضم سبع قصص، واللاتى ربما اختلفن فى المضمون والقصة المحكاة والقضية المطروحة، الا انهن اجتمعن على ذات الأسلوب الراقى والفريد.



وتوحدن على الرومانسية فى أبهى صور العذوبة والرقة...

بدءاً بقصة اوبن داى والتى تناقش بواقعية شديدة حال العديد من النساء فى مجتمعنا المصرى وقصصهن المختلفة من خلال مشهد يجمعهم فى اوبن داى بالنادي ...

انطلاق الكاتبة من حكاية امرأة الى اخرى بعذوبة شديدة وانسيابية فائقة...

حتى انك من المؤكد سترى نفسك او احد المقربين إليك بين سطور أحد القصص فتتواصل وتتفاعل سريعاً معهن.

مروراً بالقصة الثانية "براح عينيك" والتى تصور وبمنتهى الاناقة قصة قد تتكرر كثيراً بمجتمعاتنا الشرقية وبالأخص فى المجتمع المصرى الا انها تظل فى اغلب الأحيان غير معلنة وهى حالة الحب التى قد تعترى قلبا فتاة مسلمة وفتى مسيحى وكيف انهما يظلا اوفياء لعهد غير مكتوب بل غير منطوق بينهما .

فيظل الحب يسكن قلبهما دون رحيل ويأبى ان يفسح المجال لحب شخص اخر حتى وان لم يكللا هذا الحب بزواج شبه مستحيل.

ثم تأتى القصة الثالثة " ايّام روح " لتعيش تفاصيل حياة باليرينا روسية وتأخذك تفاصيل المشاهد فى رحلة عبر حياة الأوبرا والفن الروسي بأدق تفاصيله لترتشف بمذاق خاص الثقافة الروسية فتظهر لنا إمكانيات الكاتبة وقراءتها الدقيقة وتمعنها فى سرد حقائق كثيرة لتراثهم .

ناهيك عن ابيات الشعر المتناثرة هنا وهناك لتضيف للقصة روحها الرومانسية وتذكرك ان الكاتبة فى الأصل شاعرة متمكنة من أدواتها

اما التاريخ السياسى فكان عنصراً هاماً من القصة حيث تحترف الكاتبة فى قصصها ورواياتها ، مزج احداث القصة بأحداث سياسية واقعية فتزيد العمل قيمة ورونقاً.

 

ولَم تخدعنا جيهان جمال فى قصتها "خدعوك فقالوا" حين تطرقت بعفوية شديدة الى خيبات الأمل ووأد الأحلام الوردية التى قد تصاحب بعض الزيجات ولكن روح الكاتبة المتفائلة تأبى ان تترك الصورة حالكة الظلام ، فتلقى الضوء أيضاً على رباط الصداقة الحقيقي الذى يربط بين ثلاث صديقات فتمتد لسنوات وسنوات لتصبح هى المأوى والملاذ لهن كلما ضاقت بهن أيامهن.

اما فى قصتها "لا تنزوى"، فقد عشنا معها مشاهد الجيرة الجميلة وكيف اننا قد نجد فيها بديلاً لأناس اخرون كانوا اقرب إلينا من أنفسنا وأحب إلينا منها ... وهبناهم ايّام العمر دون مقابل ولَم نبخل فيها بالعطاء الذى قوبل بكل الجفاء ...

وفى "مواطن درجة تانية" تعود بِنَا الكاتبة للخمسينيات وتمر بِنَا عبر السنوات الى أوائل التسعينيات وتسبح بنا فى بحور الوصف التفصيلي فتتراءى لنا كل الشخصيات بوضوح شديد وكأننا تجمعنا بهم صورة داخل إطار واحد ...

تحيك خيوط الشخصيات والاحداث ببعضها البعض بإتقان ومهارة فريدة لتنسج ثوب قصة اقل ما يقال عنها انها كتبت بقلم عبقرى

تكاد تجزم وانت تقرأ تلك القصة انها مصحوبة بموسيقى تصويرية تعزف فى الخلفية .

وتظل تاخذك الكاتبة ذهابا وإيابا بين احداث القصة ، تاركة إياك متلهفاً مترقباً لما قد تأوُّل اليه الأحداث .... تبهجك تارة فتظن انك على اعتاب نهاية سعيدة ثم سرعان ما يملأك الشك فى ان الأمور ستنقلب رأساً على عقب فى التو واللحظة وتارة اخرى تؤرقك احد العقبات التى تواجه ابطالها فتظن ان مربط الفرس يكمن هنا وان النهاية حتماً حزينة تظل تتأرجح هكذا، لا تجرأ على ترك الكتاب من يدك قبل ان ترسو بك على بر.

ثم تأتى "هاوية الوجع" لتكون مسك الختام لتلك المجموعة القصصية والتى تصور قصة حب بين فتاة وابن عمتها، اعترض الجميع على زواجهما خوفاً عليهما من قدر قد طال اجيال متتالية من العائلة نتيجة زواج الاقارب فكان لهم نصيب الأسد من الامراض الوراثية، الا انهما ضربا بعرض الحائط كل المعارضات وتزوجا بعد ان اتفقا على تخليهما عن فكرة الإنجاب .

اكثر ما يميز تلك القصة هو الطرح الواقعى المؤلم لنظرة المجتمع القاسية أحياناً للإعاقة وكيف ان عائلات هؤلاء الأبناء المعاقين قد يتحملوا ما لا يُطاق وكيف يتعاملون هم أنفسهم تجاه هذا القدر الذى كتبه الله لهم .

عن حق مجموعة قصصية رائعة .... تبحر معها من شاطئ انسانى إلى آخر فى رحلة الحياة.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز