عاجل
الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

هدى عمران لـ"بوابة روزاليوسف": أردت كتابة "حكاية" أنتصر فيها لنفسي فجاءت "حشيش سمك برتقال"

هدى عمران لـ"بوابة روزاليوسف": أردت كتابة "حكاية" أنتصر فيها لنفسي فجاءت "حشيش سمك برتقال"
هدى عمران لـ"بوابة روزاليوسف": أردت كتابة "حكاية" أنتصر فيها لنفسي فجاءت "حشيش سمك برتقال"

حوار - محمد عبد الخالق

>> لا يوجد وسط ثقافي حقيقي ... هناك جماعات أو شلل ثقافية ... وهذا ليس سيئا



>> الأدب النسوي غارق في الماضي حتى تحول لبكائيات ... وتخلصت منه بالحديث عن الفرد

>> تقدمت للمنحة بفكرة لاقت استحسانا وتم قبولي في المنحة وبعد مناقشات الورشة كتبت شيئا آخر

 

هل أنت مستعد للقيام بجولة في شوارع منطقة "وسط البلد"؟ هل تزورها كثيرا وتعرف ممراتها وشوارعها المتفرعة التي لا تنتهي، التي مهما لفت بك ودارت ستخرجك في النهاية لأحد الشوارع الكبرى؟

حتى لو كانت إجابتك "لا" فستجد نفسك تسير بهذه المنطقة بحميمية شديدة، وكأنك تحفظها عن ظهر قلب، أثناء قراءتك رواية هدى عمران الأولى "حشيش ... سمك ... برتقال".

 

ولأن مقولة: "أنا أحب نثر الشعراء" ... طالما كررتها كلما فتنتني كتابة نثرية لأحد الشعراء، يجبرني على الاستسلام لدوامات النص، لم أملك إلا تكرار نفس العبارة "أحب نثر الشعراء" عندما قرأت رواية "حشيش سمك برتقال" لهدى عمران، التي وشى بها ديوانها الأول "ساذج وسنتمالي" مبكرا، وفتح ثغرة تتسع مع التأمل في تلك الشاعرة الشابة، صاحبة الصورة الشعرية المغايرة.

 

كثير من الشعراء كتبوا نثرا بعد فترة طويلة وإنتاج كثير ... لماذا اخترت النثر لتقديم ثاني أعمالك الإبداعية؟

أظن أن كلمة" اختيار" في هذا السياق كلمة غير دقيقة، فالفنان لا يختار بشكل كامل الشعر أو الرواية، ولا يمكنني أن أقول بطريقة كليشيهية أن الفن يختار شكله رغم أنه يفعل في أوقات كثيرة.  لكن بشكل شخصي أردت كتابة "حكاية"، حكاية مطولة أنتصر فيها لنفسي لفكرة السرد، ورغم إيماني أن الشعر يستطيع أن يعبر عن كل شيء، لكن طريقته مختلفة وطاقته أيضًا.

 

هل هناك تأرجح وتردد في اختيار الشكل الذي ستكملين فيه مشوارك الإبداعي؟ أم نعتبر هذا إعلان عدم التخصص؟

هذا ليس تأرجحا، ورغم أنني لستُ متأكدة من أي شيء، من وجود تكملة أو وجود مشوار أدبي كما تسميه، لكني لا أؤمن بالتخصص.

 

هل هذا يعني أنكِ ستكتبين الشعر والرواية معا؟

قد أفعل وقد لا أفعل، لكني أتمنى ألا يتخلى الشعر عني وأن أظل قادرة على سرد حكاية دون الوقوع في السذاجة أو الإكليشيهات.

 

إذا ما السر الذي يجذب المبدعين على اختلافهم  للرواية؟ وبصراحة ... اتجاه كتاب الشعر والقصة القصيرة للرواية هل نتيجة أننا كما قال النقاد (نحيى زمن الرواية)؟

هناك أسباب كثيرة تجعل الرواية مستمرة ليس لأننا في زمن الرواية، لأننا لو افترضنا بشكل مخلّ أن الرواية هي القدرة على قص حكاية طويلة فإننا طوال الوقت من أول التاريخ في زمن الرواية.

 

وأظن أن لكل مبدع أسبابه التي تختلف عن الآخر، لكني أتفهم قصور الأنواع الأخرى مقابل الرواية التي هي  فن أقرب للكمال على صعوبته، الرواية بها متسع للتجريب وللحكي وحتى لكتابة الشعر، كاتب مديوكر يستطيع كتابة رواية واحدة  جيدة، لكن كاتب مديوكر رغم أنه يستطيع كتابة قصيدة واحدة جيدة لكنه لن يكتب ديوانا جيدا. ليس لأن الرواية أسهل لكن لأننا كلنا مشبعين بحكايات.

 

عامل آخر غير عملية الإبداع يتحكم في الإتجاه الكبير للرواية  وهو التلقي، الإنسان يحب الحكي، لأنه مسلي وممتع ، والقاريء منا  لا يحتاج إلى ثقافة واسعة لاستيعاب رواية تقوم على الحكاية والحبكة فقط مثلا، لكن قصيدة حلوة تقتضي مستوى واعي من الثقافة والذوق الرفيع والحسية العالية. وعملية الكتابة ليست مقتصرة على كاتب فقط، بل كاتب ومتلقي، ولكل منا اختياراته.

 

 

"حشيش سمك برتقال" كانت فكرة بعنوان "الخروج من البيت" فازت بمنحة برنامج "آفاق" لكتابة الرواية ... كيف تحولت "الخروج من البيت" إلى "حشيش سمك برتقال"؟

أصارحك، أني تقدمت للمنحة من أجل الكتابة في المطلق، كانت لدي أفكار كثيرة، كتبت منهم فكرة واحدة ولاقت استحسانا كبيرا وتم قبولي في المنحة، بعد مناقشاتنا في الورشة حول المشاريع المقدمة كلها، وجدت أني في تجربة الرواية الأولى أريد كتابة شيئا آخر وهو ما آلت إليه الرواية، أنا بطبعي أميل إلى التأمل باستمرار، آخذ أوقاتا كبيرة في التفكير حول الفكرة، في كتابة ملاحظات، في البحث عن الشخصيات، محاولة الإمساك بها، ثم يحين وقت الكتابة، فأكتب درافت ثم أمزقه وأذهب كل مرة بدرافت جديد، حتى أجد مدخلا يرضيني.

 

حدثينا عن استفادتك من برنامج "آفاق" ... سواء على مستوى التجربة أو اللغة والحبكة

برنامج آفاق ساعدني ألا أكون وحيدة في سوق النشر العربي الصعب، على مستوى الورشة كانت المناقشات جادة وتطرح أسئلة كثيرة أكبر من كونها ورشة أو توجيه، كنا في حوار مستمر وفعال والحرية كانت لنا على إطلاقها.

 

وضح من الرواية انشغالك بالتفاصيل الصغيرة والأسئلة الصغيرة ... ألم تخش من عدم تفاعل القارئ معها لخلوها المباشر من القضايا العامة التي تشغل شريحة كبيرة؟ بمعنى ... ألم تخش من كتابة الرواية بطبيعة القصيدة التي تكون خاصة بالشاعر أكثر من أي شيء؟

أنا لا  أفهم مقصدك من " قضايا عامة" هل هذا يعني القضايا السياسية مثلا، لست مهتمة بالقضايا من هذا النوع، هذه الرواية عن الوحدة والعنف المجاني وبالمناسبة قد أعتبر الوحدة قضية سياسية أو  قضية عامة إذا أحببت أن تقول ذلك، ليس على الكاتب أن يفكر في قضايا أو أن تكون مهمته طرح قضايا، إنه لا يؤدي وظيفة، هو يعبر عن ذاته قبل أن يكتب للآخر، والكاتب الجيد هو الذي يستطيع أن يعبُر بذاته إلى ذوات الآخرين، وقتها قد يتفاعل معه قارئ أو أكثر، هذا ما يسميه البعض بالذاتية، فيوصم الأدب بأنه ذاتي. وهذا ما لا أفهمه فالفن لابد أن يكون ذاتيا، وليس هذا حكرا على الشعر فقط ، على كل  الفن أن يخص صاحبه قبل أن يخص الآخرين.

 

"ما الذي تعنيه الحياة سوى لحظة سكر معلقة في منتصف الرأس أو حلم متكرر عن الطفو والطيران، ثم ما الذي فعلته المرأة المتخمة بالحياة سوى تعلم القتل والغناء أو المشى بطيب خاطر نحو الجنون وهى ترقص في عربة قطار وفي يديها أرنب وسكين ثم معانقه كل الطيبين". (اقتباس من الديوان)

 

أحداث الرواية لم تذكر لنا ماضي البطلة أو تفاصيل حاضرها أو أحلامها بالمستقبل ... هل كان هدف الرواية رصد لحظة آنية فقط؟ أم فشلت البطلة في الحلم بمستقبل؟

ماذا تعني بتفاصيل الحاضر أو الماضي أو المستقبل؟ هنا لم يكن هدفي ككاتبة للرواية أن أمسك القاريء من يده لأقول له أن هذه الفتاة حدث لها كذا وكذا، هذا ما يحدث عادة، خاصة في أغلب الأدب العربي والنسوي خصوصا، الإغراق في الماضي حتى يتحول لبكائيات، لكني أحاول  التخلص من البكائيات لأتكلم عن الفرد، الإنسان الذي هو هنا إمرأة، لو كان البطل رجلا لما كان السؤال عن الماضي والبحث عنه مطروحا بهذه القوة، أنت كقاريء تستطيع أن تشاركني النص وتكتب في دماغك ماض كامل للبطلة وغيرك يستطيع أن يكتب ماضي مغاير، هذا هو جمال اللعبة. لكن المهم  بالنسبة لي سؤال  ما الذي فعله هذا الماضي؟!، لا ما هو الماضي؟،  هنا بطلة ساقطة من فوهة جعلتها بالشكل التي عليه، إمرأة وحيدة  وخائفة في مدينة القاهرة. في هذه اللحظة الراهنة بالذات.

 

لماذا تعمدت عدم تحديد الشخصيات بأسماء والاكتفاء برسم ملاحهم النفسية ... رغم التأكيد على الأماكن ووصفها بدقة؟

يمكن لأني في هذا النص كنت أريد الكتابة عن الأشياء التي بداخلنا، الذي نحمله، شيء ما أقرب لنهاية القصة، اللعب في منطقة مجهولة، حتى الأبطال غير معرّفين، يمكن لأن هؤلاء الأبطال هم سؤال كبير سألته حول القاهرة والعزلة والتجربة، سؤال أظن أنه سيظل معلقا، بدأ بامرأة وحيدة هي الراوية، جاءت لتخوض تجربة غريبة داخل عقلي وتجلب معها أصدقاء، محبين وأعداء، أشخاص لم أعرفهم من قبل، فحاولت التعرف والتأمل، منهم من قدم نفسه ببساطة ومنهم من يزال عالقا في بيتي.

 

"الحشيش والسمك والبرتقال" ثلاثة عناصر تبدوا متنافرة لكن في الحقيقة هناك ما يمكن أن يربطها وهو مثلا عدم قدرة أي منها على الصمود لفترة طويلة ... فكانها ثلاثة عناصر تنتهي أو تفسد سريعا ... ماذا أردت قوله بهذا؟

لا أحب الإجابة بشرح أو بقصدية مني عن أي شيء يخص الرواية خاصة العنوان، أريد لها أن تكون حرة تماما في تلقيها بعيدا عني.

 

 

أي من العملين تم استقباله والاحتفاء به أكثر الديوان أم الرواية؟ وهل ممكن أن تؤثر درجة الاحتفاء بالعمل في اختيارك لعملك المقبل إن كان شعرا أم رواية؟

أنت تعرف عمر الكتابين مازال قصيرا، فالديوان صدر العام الماضي والرواية منذ أيام معدودة، لكني أظن أنني قوبلت بردود أفعال جيدة في هذه المدة الوجيزة، وأظن أن الحوار حول النص بجدية أهم من كلمات إطراء أو نقد غير محايد.

 

حدثينا مشروعك المقبل

أظن أنني سآخذ فترة للراحة بعد تجربتين متعبتين في الكتابة، والتجارب المكتملة ستلح في وقتها المناسب.

 

هل لك طقوس معينة للكتابة؟

أحب القهوة والصمت الكبير.

 

أيهما أصعب بالنسبة لك ... العثور على الفكرة أم كتابتها؟

كل الأفكار مكررة، وكل الأفكار ممكن أن تكون عظيمة أو رديئة، الكتابة هي الأصعب وهي التي تأخذ الأفكار إلى طريقها.

 

ما رأيك في الوسط الثقافي خاصة أنك متغلغلة فيه كونك صحفية؟

لا أعتبر نفسي صحفية، وإن كنت اشتغلت فترة في الصحافة، ولست متغلغلة في أي وسط لأني شخص منعزل جدا ولا أتحمل الزخم، بخصوص الوسط الثقافي، أرى أنه لا يوجد وسط ثقافي حقيقي، هناك جماعات أو شلل ثقافية، وهذا ليس سيئا، لست ضد الشلة الثقافية فهي شيء طبيعي، لكن وجود شلة لا يعني أن هناك وسط بما تعنيه الكلمة من قوانين وروابط وقواعد  تساعد الكتاب وتبرزهم، على الأقل الجيدين منهم، لكن كل الكتاب هنا، من ينتمي لشلة أو لا ينتمي هو وحيد في سوق كبير ليس له ضوابط حقيقية.

 

ما رأيك في الجوائز وتحلمين بأي منها؟

لا يمكنني اتخاذ موقف سلبي أو إيجابي من الجوائز، في ظل حركة ثقافية سائلة، فالجوائز تلعب دورا كبيرا في التعريف بالكاتب، وهذا أهم دور تلعبه، لكن أظن أن الكاتب ليس عليه الانشغال كثيرا بفكرة الجائزة، فالاستمرار في الكتابة بحد ذاته مكافأة العالم لنا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز