عاجل
الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نشوى سلامة تكتب: أولاد الحلال

نشوى سلامة تكتب: أولاد الحلال
نشوى سلامة تكتب: أولاد الحلال

 لكم استمعت إلى هذه الأغنية مرارا وتكرارا، وفي كل مرة أجدها رواية وليست مجرد كلمات، والروايات عادةً تؤخذ أحداثها من الواقع، وإلا ما أقنعتنا، ولا أعدنا الاستماع إليها، فقد اخترقت العقل والقلب مباشره منبهةً إياهما لما يحدث حولهما، وكل مرة أعيد على نفسي السؤال ذاته حين استمع لهذا الكوبليه خاصةً، (كل يوم قاعدين في بيتنا ويطلعوا يجيبوا ف سيرتنا كل يوم)، كيف للناس ان يتبدلون بين لحظة والثانية كالحرباء، هل هو التكيف؟



واذا ما كان التكيف، فالحرباء تتكيف لأنها تعيش في بيئة لا تخلو من الأعداء، فتحمي نفسها بهذا التلون، فتكون هنا بمظهر ووضع، وتكون هناك بشكل مغاير تماما، لكن لمَ على الإنسان أن يفعل ذلك، لم عليه أن يغاير أهدافه وقناعاته وهو حتما غير مهدد من عدو يتربص به، لم عليه أن يكون متلونا، على من يخفي نفسه، وكيف له ان يجلس إلى نفسه وهو يعلم انه بهذا الكيف والكم من النفاق، هل يستطيع أن يواجه نفسه بحقيقته؟ سيقتلها حتما لأنها كاذبة، فهي تكذب عليه قبل أن تكذب على الآخرين في كل حدث تتواجد بقربه.

كم أشفق على هذا النفوس الضعيفة، التي لا تقوى ان تصحح من نفسها، حتى لو دفعت الكثير وخسرت الكثير من أجل لحظة صدق مع نفسها، ربما تنعكس في أفعالها مع الآخرين فعلى الأقل تكسب احترامها لنفسها واحترام الآخرين لها مهما كانت نتيجة هذه المصارحة.

فالمصارحة والمكاشفة أفضل مئة مرة من التخفي والنفاق، حتى إن كان في شكل مجاملة، لكن أي مجاملة هذه التي اعرف ان صاحبها كاذب، أي مجاملة هذه التي أعرف أن وراءها مئات اللعنات في مكان آخر ربما ظن هذا المنافق أنها بعيدة المطال عن أيادي من ينافقهم.

بالطبع الحياة ليست بهذا الجمود الذي ينحصر في الأبيض والأسود فقط، وإنما هناك مناطق رمادية متدرجة، يلجأ لها الناس في بعض الأحيان، لكن المواقف هي من تحكم متى يمكن اللجوء إلى هذه المناطق، وليس منطق الحياة، لأن منطق الحياة ينادي بالصدق والإخلاص  منهجًا إذا ما أردنا أن نحتفظ لأنفسنا بمكان له حدود معلنة للجميع، فإذا ما اضطرتنا الظروف ان نذهب للمناطق الرمادية، فلا سبيل للتنازل عن حدودنا التي لا تتنازل عن صدقها وإخلاصها مع نفسها أولا، وبالتالي فلن نتميع في مواقفها، ولن نجامل ببعض من الرياء، بل سنظل متمسكين بنهجنا محاولين القيام بالدور المطلوب بنفس الكيفية في كل المواقف التي نتعرض لها، سواء أكان صراعًا على أشُده أو على أكان مزاحًا على أشُده، وما بينهما من تدرجات أيضا، فلن يتغير القول ولا الفعل.

قد يطلق البعض على ذلك جمود، عدم لين، لأن الناس اعتادوا على المواربات حرصا  على العلاقات! أي علاقات هذه التي يملؤها النفاق؟!

فأنا لا أحترم ولا أطيق العلاقة التي في ظاهرها الحب والود ومن خلف الظهور هناك سهام ترشق ولغو مهين، ليس بدٌ أن يكون هذا الذي يتظاهر بالعلاقة هو من يهين، ولكنه يوافق ضمنا ولا يعترض أبدا من يرشق الطرف الآخر بالغيبة والإهانة، أتساءل بالفعل وأنا يملؤنى شعور بالاشمئزاز: ما هذه العلاقة، ما هذه الرماديات في آرائنا في المواقف، كم هي باهتة تشوه ملامح صاحبها يومًا بعد يوم حتى لا نستطيع النظر إليه.

أجدر بك أيها الإنسان أن تقف مع نفسك موقف صدق لترى أفعالك، على أقل تقدير لتعطي لنفسك تقييمًا وتقديرًا، أن تحترم نفسك مهما كانت شاكلتها، لو كنت ناعمًا جدًا عذب اللسان، أو كنت عنيفًا جدًا سليط اللسان، المهم ألا يكون لسانك كاذبا.

وأفضل الطرق لأن تلقي عن كتفك حملا ثقيلا  كونك لا تقوى على مجاراة الرياء والنفاق، أن تتخلص من هذه العلاقات المفروضة عليك أو التي دخلتها أنت بنفسك ساذجًا واكتشفتها بعد حين، ألقها بعيدًا ولا تتردد أبدًا، ولا تلقِ بالا  لأي نتيجة ولا أي تأثيرات قد تنجم عن قرارك وتصرفك، لا تهادن ولا تترك في نفسك شيئًا لأي اعتبارات، ستظل تتنهد في كل وقت من الحيرة، ولن تستطيع الارتياح كلما رأيت استمرارا لهذه العلاقات.

واجه العالم بأسره بنفسك وصدقك معها حتى تعيد وضع النقاط على الحروف، وحتى إذا حان وقت آخر لعلاقات أخرى، فليعرف الجميع مسبقًا أن لك منهجًا، عليهم أن يحترموه ويحترموك، إذا كانوا بالفعل صادقين مع أنفسهم فإقامة علاقات قوية معك، حتى إن اختلفوا معك ولكن دونما نفاق.

فأولاد الحلال عن حق لا يكسبون الناس بخسارة أنفسهم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز