عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

"سيدة الجراج" تهزم العوز في بلد الجمال

"سيدة الجراج" تهزم العوز في بلد الجمال
"سيدة الجراج" تهزم العوز في بلد الجمال

الدقهلية - مي الكناني

على كرسٍ خشبيٍ صغير تجلس بشرى أحمد المندور، صاحبة الـ 78 عاما، لتعد فنجانا من الشاي على وابور الجاز، برفقة نجلتيها صفاء وسهير، ومع كل رشفة يتسامرن حول حال السيارات المحيطة بهن.



جراج كبير في إحدى زقاق مدينة المنصورة، هو مأوى الأم منذ أكثر من 58 عاما، جدران أكلتها الرطوبة، وسقف معروش من الصاج، وأريكة وحيدة تتقاسمها مع قطتها، لكن ذلك لم يؤثر على رغبتها في تعليم وتربية أبنائها الـ 6.

في قرية ميت أبو غالب التابعة لمحافظة دمياط نشأت بشرى، ووجدت نفسها يتيمة الأب والأم وتُعيلها عمتها، وكعادات القرى، تزوجت من سائق ولم يتجاوز عمرها 15 عاما، ورزقت بابنيها فؤاد وسهير، وانتقلوا بعدها للعيش بمدينة المنصورة.

استأجر الأب الجراح بعدما أصابه المرض، ووقفت الأم وابنيها بجواره، يعملون يدٍ على يد، لا يملون ولا يكلون عن مساندة بعضهم، ويتقاسمون مهام الشغل ما بين غسيل السيارات وركنها وتنظيفها.

داخل الجراح رزقت الأم بـ 4 أبناء، آمال، خريجة معهد فني صحي، وعطيات، أستاذة بالمعهد الفني الصحي، وصفاء، لم تستكمل تعليمها بمعهد الخدمة الاجتماعية، وأشرف، بكالريوس تجارة، جميعهم متزوجون ولديهم أبناء.

التعليم كان الهدف الأول للأم الأمية، لتعوض ما فاتها في ذريتها، لكن الحالة المادية أحالت دون تعليم أول ابنائها واستكملت رسالتها مع الباقين، وعملت في أكثر من مهنة إضافية لتوفر النفقات ومصاريف المدارس.

تتذكر الأم أحد المواقف منذ أكثر من 30 عاما، عندما رأيت ابنة جيرانها ترتدي زيا مدرسيا بلون مختلف عن ابنتها الصغرى، نظرا لدراستها في مدرسة خاصة، فقررت أن تُلحق ابنتها بنفس المدرسة، لكي لا تشعر أنها أقل منها، وواصلت الليل بالنهار في العمل داخل الجراج وخارجه، ونجحت في هدفها.

مهنة شاقة تحملتها الأم بعدما أقعد المرض زوجها، حتى توفى قبل 6 أعوام، دون أن تشكو صعوبة الحياة أو المضايقات التي كانت تتعرض لها، لتحقيق هدفها وتأدية رسالتها، فكانت بالنسبة لأبنائها عمود البيت، هكذا عبرت سهير عن تضحيات والدتها.

أما صفاء فلم يمنعها زوجها من عملها مع والدتها، بل ساعدها وشاركها، ونقلوا حبهما للجراح لنجلهما أحمد، الذي قاطع حديثنا قائلا "الجراح دا بالنسبالي حاجة كبيرة ومش هسيبه لما أكبر".

امتنان كبير يشعر به الأبناء الـ 6 لوالدتهم، و"جميل" مازالوا يحملونه لها حتى الآن، وعلى الرغم من تقلد بعضهم مناصب، فمازال الجراح يجمعهم يوميا، ويتبادلون مرافقة والدتهم، ومساعدتها في العمل ومعهم ابناؤهم دون أي خجل.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز