عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

وفاء نزيه تكتب: على سنة الله ورسوله

وفاء نزيه تكتب: على سنة الله ورسوله
وفاء نزيه تكتب: على سنة الله ورسوله

شاهدت مؤخرا بعضًا من حلقات المسلسل الكوميدي الاجتماعي "الزوجة الرابعة"، ذلك المسلسل الذي يناقش المفهوم المغلوط لمبدأ "تعدد الزوجات" بشكل ساخر.



كوميديا ممرورة لرجل شرقي يجمع النساء تحت سقف واحد بدعوى الحلال، وتحت عنوان "على سنة الله ورسوله".

في نفس التوقيت كانت قناة تليفزيونية أخرى تعرض مسلسلا بعنوان "ستات قادرة" يناقش أيضا تجارة الجسد بورقة عند مأذون وتحت نفس المبدأ "سنة الله ورسوله".

والحقيقة أنني لم أجد في المسلسلين أية سنة لله ولا لرسوله. فالمسلسلان يظهران الاستغلال الدنيء للزواج لدى مأذون شرعي، بينما فكرة الزواج في الإسلام نفسها بريئة كل البراءة من ورقة المأذون تلك، وسنة الله ورسوله بعيدة عنها كل البعد.

فالزواج في الإسلام في حدود علمي المتواضع هو البناء، يقولون " بنى بها "، أي دخل بها بعد أن جهز لها بناءً، أو أن الزواج في حد ذاته بناء.

هذا هو الزواج الذي نعرفه، والذي يستحق أن يوضع تحت عنوان "على سنة الله ورسوله" سواء كان عرفيًا أو وثقة مأذون.

ولرب ورقة عرفية تحمل معنى الزواج أكثر من ورقة لدى مأذون، فعندنا في صعيد مصر ( للأسف) ينتشر الزواج المبكر، ولأن العروسين يكونان دون السن، فتتم كتابة عقد عرفي يشهده وليا العروسان ويشهد عليه الجميع وتقام الأفراح ويزف العروسان في بيت زوجية شرعي بعلم الجميع، حتى إذا أتم العروسان السن القانونية للزواج تم عقد القران الرسمي في شكله المعروف، ولربما كان للعروسين أبناء وقت كتابة العقد.

كذلك قد تضطر سيدة للزواج العرفي، حتى لا ينقطع عنها معاش تنفق منه على أولاد من زوج سابق. لكن زواجها يكون معلنًا وفي بيت زوجية معروف بأركان الزواج المعروفة.

هذه يا سادة نماذج من زواج عرفي هو أقوى مئات المرات من زواج لدى مأذون ليس الغرض منه سوى متعة جسدية رخيصة، ينتهى عقدها بنفس سهولة كتابته، ولا يكون بيت الزوجية سوى شقة مفروشة، كأي شقة قد تدار فيما يغضب الله، والاسم زواج شرعي في علاقة هي أبعد ما تكون عن الشرعية.

ليس المسلسلان حديثي الإنتاج، وليست مشاهدتي لبعض حلقاتهما، كانت في عرضهما الأول، لكنها مصادفة تلاقت عندي مع قراءتي لخبر مشروع قانون مقدم من نائبة البرلمان "عبلة الهواري" والذي تطالب فيه بحبس الزوج 6 أشهر حال إخفائه خبر زواجه عن زوجته الأولى.

الحقيقة أنني أتفق تماما مع طلب سيادة النائبة، وأرى أن مثل هذا القانون هو صيانة للزوجتين الأولى والثانية، وصيانة لمبدأ سلامة التشريع الذي يساء استخدامه من الكثير من الرجال.

فكثيرات يتفاجأن أنهن زوجات ثانيات، ولا تكتشف أن للزوج زوجة أولى وأطفالًا وبيتًا إلا بعد أن "تقع الفأس في الرأس" كما يقولون، وتجد أنها مخيرة ما بين طلاق لزواج لم يكد يبدأ، وبين أن تحيا زوجة ثانية، بكل صعوبات تلك الحياة.

بينما الزوجة الأولى التي تحيا حياة مستقرة، لا تشاركها فيها أخرى، إذ فجأة تجد لنفسها ضرة ( من الضرر)، لا لشيء إلا لأن الزوج قرر أن يعدد.

ومؤخرا نأتي للرجل، بيت القصيد، مثل هذا القانون قد يقطع الطريق على الكثيرين، ممن يحتسبون زورًا على الرجولة، فالرجولة ليست جنسًا يكتب في البطاقة الشخصية، بل سلوك.

فالرجل عندما يقرر الارتباط بواحدة أو مثنى أو ثلاث أو أربع، يفعلها لكن بحقها، يعلن وينشئ بيتا، وتكون لديه المقدرة المادية والجسدية للعدل. ولا يخشى في الحق لومة لائم.

أم الذكر فمثله مثل أي ذكر في الغابة، ليس مضطرًا لأن ينشئ بيتًا ولا أن يتحمل مسؤولية زوجة أو أولاد، أو تربية نشء سليم معافى الجسد والنفس يقدمه للمجتمع.

فالذكر يكفيه أن تعجبه أنثى فيكتب عقدًا عرفيًا أو لدى مأذون ليشبع رغباته، مثله مثل أي ثور في أي ذريبة، حتى إذا أخذ مأربة، رماها، أو حتى إذا علمت زوجته الأولى رماها، بلا أي نخوة، وبلا مراعاة للمرأتين الأولى والثانية، والنتيجة بيوت مهلهلة، وأطفال يتربون في أجواء من المشاكل والصراخ والخيانة والظلم، فنقدم للمجتمع لبنات خبيثة معطوبة، تنخر في عظامه.

إن مثل هذا القانون، سيجعل من يفكر في الزواج، يفكر فيه بحقه، وسيكون بعلم الزوجتين، رضيتا بها ونعم، وإما تسريح بإحسان.

والشرع وإن لم يكن إخبار الزوجة الأولى شرطًا لصحة الزواج الثاني، وأن يجبر الزوج على إخبار الزوجة الأولى به، إلا أنه ينصح دائما بضرورة معرفة الزوجة الأولى، والحرص على استمالتها ونيل رضاها حتى لو بالمال، حرصًا على مبدأ الأسرة، وحرصًا على النفع العام، العائد على الأسرة والمجتمع.

إن مثل ذلك قانون، هو ضرورة ملحة قد تمنع الكثير من الشرور التي ترتكب تحت مبدأ " على سنة الله ورسوله

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز