عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

غادة حامد تكتب : هل تقبل السيطرة على الفيسبوك؟

غادة حامد تكتب : هل تقبل السيطرة على الفيسبوك؟
غادة حامد تكتب : هل تقبل السيطرة على الفيسبوك؟

طالما لاك الناس سمعة الفيسبوك، وشوهوها بأقبح الأوصاف، فتارة يتهموه بأنه السبب في العزلة بين أفراد الأسرة الواحدة، وتارة يتهموه بأنه سبب في قطع العلاقات الاجتماعية بين أفراد العائلة الكبيرة، وتارة أنه سهل كثيرا على الجميع الهرب الى العوالم افتراضية وانتحال صور وأسماء غير حقيقية، لتصبح أقنعة يتسترون خلفها ليمارسوا جرائمهم القبيحة.



وطالما هددت دول بالتجسس علي مشتركي الفيسبوك، ومراقبة كلامهم وأفعالهم أو حتي عزلهم عنه، وبالمثل رفضت عائلات وأسر أن يقضي أفرادها وقتهم لتصفحه، ومنعته من دخول بيتهم.

أما وقد بلغت الاتهامات حد العلانية والصفة الرسمية، وأصبحت على مسمع ومرأى من الجميع، حيث بدأ التحقيق مع الشاب مؤسس الفيسبوك؛ مارك زوكربيرج، وتوجيه اتهامات صريحة ومباشرة له باستغلال "الفيسبوك" لبيانات المشتركين فيه بصورة غير قانونية، سواء بتسريب بياناتهم الصحية لشركات طبية أو تسريب بياناتهم الشخصية لشركات كبري، استغلتها في التأثير على سير العملية الانتخابية في أمريكا لينجح ترامب، واستغلالها في التأثير على عملية التصويت لتخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

هذا غير الاتهام بأنه يتم تفعيل الميكروفونات والكاميرات الموجودة في تطبيقات الفيسبوك للتجسس على المشتركين في حياتهم الخاصة، بل وبلغت الاتهامات حدا قيام الفيسبوك باستغلال بيانات حتى الاشخاص غير المشتركين فيه!

ويبدو أن الفيسبوك متورط الي حد ما في بعض هذه التهم بشكل أو آخر، الأمر الذي أدى الى اعتذار مارك أمام أعضاء الكونجرس أثناء جلسة الاستماع التي خضع لها، بخصوص بعض الأخطاء التي قد تكون صدرت عن الفيسبوك، في إطار إمكانية عدم سيطرته الكاملة علي تلك البيانات.

وقد دفعني الفضول إلى التطرق الي قراءة  عشوائية لتعليقات مشتركي الفيسبوك من على  صفحة AJ+ التي يتابعها أكثر من عشرة ملايين شخص، على لقطات حية  لجلسة الاستماع التي أقامها الكونجرس معه، وهالني أن ردود الأفعال في أغلبها كانت مدافعة عن الفيسبوك وعن صاحبه، مهاجمة للمحققين الشرسين وأسئلتهم! غير مبالين بتسرب خصوصياتهم أو بياناتهم، بل أخذوا يلمحون إلى سيطرة جوجل على أضعاف ما يملكه الفيسبوك من معلومات، وقدرات أعظم قوة و تأثيرا في تتبع البشر!

ويري المشتركون المعلقون أن الفيسبوك هو وسيلة يمكنك التحكم فيها مثل أي وسيلة أخرى، فأنت الذي تقبل صداقة أشخاص لا تعرفهم على صفحتك، وتفتح الباب للمحتالين لخداعك، أنت الذي تتحكم في الاشتراك في أي حوار أو جروب أو إلغائه، أنت الذي تقرر كل ما تقوم به داخل صفحتك، أنت الذي تضع بياناتك بنفسك علي صفحاته، وتقرر لمن تظهر هذه البيانات، أنت صاحب قرارك فيما تشارك به أو تطلع عليه صفحات الفيسبوك وفيما تقرر إلغاؤه بالبلوك أو الريبورت المتوفرين في الفيسبوك.

وفي الحقيقة  أنا أرى ان الفيسبوك، يتعرض لكل هذه الشائعات والاتهامات، تماما  كما تعرض التليفزيون والراديو والإنترنت وكل وسيلة تواصل أو اختراع جديد للنقد والاتهام بالفساد والإفساد.

واتساءل هل مهاجمة زوكربيرج بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، دفاعا عن حقوق المشتركين الأبرياء فقط، أم هي محاكمة يطالها دماء التوحش وشهوة السيطرة على هذا الكم من المعلومات الذي يقع بين طيات الفيسبوك، فزوكربيرج يسيطر على حجم معلومات أكبر بكثير من تلك التي تملكها الحكومة الأمريكية وربما الـFBI ، و قد تطمع أن تحصل عليها وتؤممها لتصبح تحت السمع والأبصار، إنها تدرك قوة المعلومة التي تغلب قوة السلطة دائما، وقد ترغب في  ضم هذه القوة تحت جناحها!

ولا أدعي براءة الفيسبوك من جل التهم الموجهة إليه، وكلنا نعلم صدق المقولة  التي تقول: "إذا قدم إليك تاجر ما خدمات مجانية متتالية فتأكد أنك أنت السلعة". ونحن نعرف أننا، مشتركي الفيسبوك، سلعة لبيزنس كبير يقوم مذ ما يقرب من عشر سنوات على صفحات الإنترنت، لكننا رضينا بذلك ضمنيا، لأنه يقدم لنا ما يرضي احتياجاتنا من معلومات ويشبع رغباتنا في حرية إبداء الآراء والتواصل مع الآخرين من داخل أو خارج مجتمعاتنا.

كما أن الفيسبوك فتح للكثير أبواب العمل الجاد التي لا تخضع للوساطة أو للكادر الوظيفي أو للظلم، وأتاح للكثيرين أن يصبح لديهم مشاريعهم الخاصة، بل وفتح فرصا غير محدودة أمام المدونين الموهوبين والمسوقين والمنتجين تكاد تنعدم في العالم الحقيقي، وأوجد فرص عمل جديدة لم تكن موجودة من قبل مثل التسويق الالكتروني وغيره.

توقيع أي عقوبات أو جزاءات يبنى عليها تحجيم أو تحديد الفيسبوك، قد يضر بمصالح الملايين المادية أو المعنوية. وعندما يجمع الفيسبوك معلومات عني وعنك ويعرف أو يتوقع رغبتك في شراء سلعة ما، ويقدم لك من تلقاء نفسه سلعا وعروضا توافق احتياجاتك وإمكانياتك، فهو يسهل البحث ويوفر المجهود لك كمستهلك وللتاجر والمنتج والوسيط بتكلفة مادية زهيدة للغاية! فهو أتاح للعديد إيجاد سوق كبيرة لتصبح صفحات للتجارة بدون إيجار أو تملك عين يدفع فيها مبالغ طائلة لا يملكها الكثيرون.

يتيح الفيسبوك للملايين، التواصل والاطمئنان على الأهل والأقارب والأصدقاء، بطريقة عصرية تتناسب مع طاحونة الوقت التي تدهسنا جميعا لنقاوم الأزمات الاقتصادية المتواجدة في العالم كله، والتي تقضي على أغلب فرص التواصل الشخصي مع الآخرين خاصة المتناثرين في بقاع عدة حول العالم.

علّم الفيسبوك الكثيرين أهمية أن يتحروا من الأخبار قبل تصديقها، علّم الكثيرين معنى قوة صوت الرأي العام الذي لم يكن له مجالا من قبل، والذي أصبحت الحكومات والدول تعمل على قياسه والتعرف عليه تجاه العديد من القضايا.

ولكن كأي وسيلة تواصل حديثة وعالمية لابد أن بها عيوبا وشرورا وتسريبات، يجب معها توخي الحذر وفهمها وعدم الاستهانة بها حتى لا تصبح سلاحا ذو حدين، يقدم لك السم في العسل.

ويدفعني فضولي إلى أن أعرف وجهة نظركم: ماذا تريد كمشترك في الفيسبوك من الكونجرس في حالة اتخاذ إجراءات وعقوبات على "الفيسبوك"؟ هل ترغب في وضع "الفيسبوك" تحت المراقبة والسيطرة من قبل جهة أخرى بحجة "حماية خصوصيات المشتركين"؟ 

بما أنك تقرأ مقالي هذا علي صفحات الفيسبوك؛ فما هي العقوبة التي ترتضيها للفيسبوك لو ثبتت عليه هذه التهم؟ وهل ستلغي حسابك منه بعد أن سمعت كل تلك التهم وسمعت اعتذار مارك؟ ما هي الحدود التي تقبلها لحمايتك من الفيسبوك؟ هل تقبل وصاية من الحكومات على الفيسبوك؟، أم سن وتشريع قوانين تدين من ينتهكها؟ وعلى أي أعراف سيتم وضع تلك القوانين؟ أم تقبل الحرية في كل شيء؛ حرية انتهاك خصوصياتك ومعها حقك في حرية التعبير عن آرائك دون رقيب ولا حسيب؟ هل سيبقي الفيسبوك بنفس النكهة لو تم تقييده؟ أفيدونا أفادكم الله.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز