عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

"بوابة روزاليوسف" تحاصر "فك شفرة"

"بوابة روزاليوسف" تحاصر "فك شفرة"
"بوابة روزاليوسف" تحاصر "فك شفرة"

حوار - خالد حماد

عفاف طبالة الحاصلة على جائزة الشيخ خليفة: فخورة بحصولي على 7 جوائز.. وموقف وزارة الثقافة محزن



المؤسسة الثقافية بعيدة عما يحققه الكُتاب من إنجاز

في كتاباتي أقدم شرائح المجتمع كاملة ولا توجد أية دراسات بحثية أو نقدية مهتمة بقراءة الطفل

المؤسسات مقصرة.. والأزمة الاقتصادية ألقت بظلالها

هناك العديد من المعوقات المؤثرة في إعاقة أدب الطفل

الأطفال أمل الغد.. ويجب الاهتمام بهم من الصغر

مشاكل الغربة والاغتراب داخل نصوصي تيمة أساسية

 

التصالح مع الزمن والوعي به فكرة قد تكون غائبة عن الكثير منا، كلما قبضت يدي على كتاب للدكتور عفاف طبالة، التي قضت جل حياتها بعيدًا عن الكتابة والاشتغال بالإخراج التليفزيوني والاشتباك مع الميديا المرئية، أجد نفسي أمام نموذج محارب بمعنى الكلمة.. فهي في العقد السادس من عمرها وتدخل معترك الكتابة، لتكتب فقط لأن ثمة ما يحرضها على فعل الكتابة، إنها "الغواية". الدهشة التي تجدها في جدوى أن تحبك حدوتة.. نعم كل عمل فني هو حدوتة، وإن لم يدهشك ويحرضك على التساؤل ويلهب خيالك ويضيف إليك فلا جدوى منه، هي تنشغل بطرح رؤيتها للعالم، بتكثيف اللحظة وتسريب قيم الخير والعدالة.

جاءت روايتها "البيت والنخلة"، التي يراها بعض من النقاد موجهة للطفل، لكن يمكن لي الجزم أنها رواية لا يمكن تصنيفها وتحديد فئة عمرية للاشتباك معها بفعل القراءة. فهكذا كتبت عفاف طبالة مجموعتها القصصية "تراب السكة"، وروايتها "فك شفرة"، والتي تطرح فيها بعين مفتوحة على العالم نموذجا للغة بسيطة دون ترهل، رصد لمسيرة حياة.

تقول عفاف: بدأت مشوارها مع الكتابة في سن متأخرة عن عمر يناهز الـ64 عامًا. وتحصلت على جائزة "زجراي" من مهرجان بولونيا لمعرض كتاب الطفل، ومن ثم تحصلت على جائزة سوزان مبارك لأدب الطفل، لقبت بصائدة الجوائز بعد تحصلها على جائزتين.

لم تتوقف عن الكتابة والنشر فتحصلت على جائزة الشيخ زايد ومن قبلها جائزة الاتصالات، وأخيرًا تحصلت على جائزة الشيخ خليفة لأدب أطفال اليافعين عن روايتها "فك شفرة".

مشوار حياتها يبدو رواية محكمة فيه كل ما يحرض على الكتابة، بدءًا من زواجها في سن مبكرة، ومن ثم استكمال دراستها الثانوية حتى حصولها على الماجستير والدكتوراه في مجال الإعلام، لم يكن هذا كافيًا فقد عملت في التليفزيون المصري كمخرجة، ثم ترقت إلى مدير قناة النيل للدراما، ومن بعد اتجهت إلى الكتابة.

 

 

 

حدثينا عن البدايات؟

أول أعمالي "السمكة الفضية"، تحصلت على جائزة رجزاي بولونيا معرض الكتاب للأطفال، ولم تكن جائزة مادية، بل عبارة عن شهادة تقدير تشير إلى أن كتاب "السمكة الفضية" يحمل المركز الأول، تعاونت في كتابي السمكة الفضية مع الفنان الراحل "عدلي رزق الله"، وقد وافق على القيام بعمل لوحات الكتاب، لم يمر وقت طويل وتم تكريمي بتحصلي على جائزة سوزان مبارك لأدب الطفل، وكنت أجلس بجوار أحد أبرز كتاب الأطفال عبد التواب يوسف، صاحب التاريخ الطويل في الكتابة للطفل. وكنت محظوظة جدًا لحصول كتاباتي الأولى على جوائز، كان هذا معناه أنني أقدم شيئا مختلفا ويستحق الاستمرار.

 

لعل قراءاتك الواسعة في كتابات الأطفال أدت لتميزك في هذا النوع من الكتابة؟

لم يسبق لي في حياتي أن استهوتني القراءة في كتب الأطفال، والغريب أن هذا اللون من الكتابة الأدبية، وجدت نفسي فيه دون سابق قراءة، ومن بعد اكتشفت كتابات عميقة وبسيطة نتيجة اشتغالي بالتحكيم، وعملي عضو لجنة في اختيار الكتب المعنية للأطفال، وفي كتاباتي للأطفال قدمت وأقدم شيئًا مختلفًا.

 

هناك من يعتبر هذا عيبًا؟

كان لعدم قراءتي كتب الأطفال ميزة وعيب، الميزة أنني كتبت ولم أقلد أحدا، قدمت ما أريده أنا دون أدنى ذاكرة مثقلة بكتابات آخرين، لذا كانت كتاباتي مختلفة وغير مكرهة على التقليد، أما عن العيب فهو أنني غير مطلعة على تجارب الآخرين وانتبهت إلى هذا، وأعتقد أنني تفاديت هذا العيب، فقد رشحت لجائزة "هانز كريستين أندرسن"، وعليه كان لزامًا على أن أقرأ له، فضلًا عن تجربتي كمحكّمة، والتي جعلتني أقرأ بصورة عملية وعلمية مئات من الكتابات الأدبية الموجهة للأطفال على مستوى الوطن العربي، لكُتاب من مختلف الجنسيات العربية، وما أريد قوله باستمرار، كتب الأطفال ليست بالضرورة أن تكون أدب، نحتاج إلى كتابات أخرى تحت عناوين التوعية والإرشاد في السنوات الأولى من العمر.

 

هل يوجد فوضى في التصنيف؟

غالبًا لا توجد قناعة بالتصنيف، هناك من يقدم كتب أدب أطفال وفيها كل المواصفات ومعايير الكتابة الأدبية، وهناك كتب لا يمكن النظر إليها إلا تحت عنوان التوعية والإرشاد.

 

ما قولك في أن ثمة غيابًا لدراسات وبحوث مهتمة بأدب الطفل؟

لا توجد أية دراسات بحثية ونقدية أو اجتماعية، تشتغل أو مهتمة بقراءة الطفل، يمكن لنا أن نرجع إليها ونسترشد بها ككُتّاب لأدب الطفل، ولا أعرف سبب حقيقي لغياب الدراسات والبحوث الميدانية المهتمة باختيارات الطفل ومدى علاقته بالكتاب، وعلى المراكز البحثية والجامعات أن تهتم بهذا.

في مصر شيء ما ينقصنا، وهو الدقة وغياب خريطة لقياس مدى انتشار منتج ما أو غيابه، ولا يوجد رقم حقيقي يشير لنا بالانتشار وعمق التأثير من عدمه.

يمكن لي أن أشير إلى غياب الشفافية، هناك العديد من الكتب التي تحمل رقم الطبعة الخامسة والسادسة، ويعلن عنها الناشرون بأنها الأكثر مبيعًا وهذا غالبًا ليس حقيقيا، وتحكمه أشياء أخرى، وللأسف هذا شيء مخجل. غير ذلك يوجد شيء ما غرضه تجهيل وتهميش كتاب أدب الطفل، والوقوف على أسماء بعينها، صارت بمثابة مركزية للكتابة، الآن يوجد أسماء كثيرة ومواهب حقيقية، لا يعرفها أحد.

 

أتعتبرين نفسك مقروءة عربيًا أكثر؟

الحقيقة لا يمكن لي ادعاء ذلك، ولا يمكن معرفة هذا، إلا بالوقوف على أرقام البيع والتوزيع عربيًا، وهو غير متاح، وهذه مشكلة أخرى يعيشها الكاتب العربي في العموم.

 

تلاحظين ثمة معوقات لقراءة وذيوع انتشار أدب الطفل، أليس كذلك؟

بالتأكيد هناك العديد من المعوقات المؤثرة في عدم ذيوع وانتشار أدب الطفل في الوقت الراهن، هناك أشياء متعلقة بالنشر وعدم القدرة على تسويق وتوزيع الكتاب، يأتي بعدها الأزمة الاقتصادية ولها دور كبير، غير أن المؤسسات التي من واجبها ودورها تقديم أدب الطفل، لا تلعب دورًا حقيقيًا، منها وزارة التربية والتعليم، وزارة الثقافة، وزارة الشباب والرياضة، حيث يغيب دور هذا الوزارات في اقتناء وتقديم كتب للأطفال عبر مكتباتها المنتشرة في أنحاء الجمهورية.

 

ماذا عن مستقبل أدب الطفل في مصر؟

مستقبل الكتابة لأدب الطفل في ظني بخير، خاصة في ظل ردود فعل الناشرين التي تؤكد تزايد الإقبال لقراءة أدب الطفل، فضلًا عن دور مكتبة الأسرة، والذي أعتقد أن دورها مهم، ولكنها تفتقد كثيرًا إلى معايير الاختيار، ذلك إلى جانب دور مكتبات وزارة التربية والتعليم، والتي أصبح دورها ضعيفًا جدًا.

وكانت لي إشارة ورأي كعضو لجنة المكتبات، وهو أن تقوم مكتبة الأسرة بنشر الكتب المتحصلة (الحاصلة) على جوائز، لأنها حُكّمت بالفعل من قِبل لجان تحكيم، ومن الضرورة نشرها عبر مكتبة الأسرة، مثلا أيام برنامج الدعم الأمريكي aid us في مصر، أخذ من كتابي أوراق قديمة 24 ألف نسخة، وهناك فرق كبير بين ما تقوم به مكتبات وزارة التعليم التي لا تزود أكثر من 100 نسخة من الكتاب في بلد فيها أكثر من 40 ألف مدرسة.

 

ترددين دائمًا أن الأطفال هم الأمل في الغد.. كيف ذلك؟

نعم.. ولا بد أن يكون هناك دعم حقيقي لكتب الأطفال، خاصة في ظل وضع راهن مؤسف، نحن نحارب الإرهاب، وغير منتبهين لهذه الشريحة والتي هي الأهم، ومن السهل تشكيل وعيها من خلال الكتاب، يمكن لنا مواجهة المستقبل بطفل قارئ ولديه وعي بمفهوم الوطن والمواطنة، عبر الكتاب، إذا لم ننتبه إلى هذا، فنحن أمام حرب دائمة وغير منقطعة مع الإرهاب، أطفال اليوم هم شباب المستقبل، وعلى الجهات المسؤولة أن تنتبه إلى هذا، ويأتي هذا عبر الاهتمام بالكتاب كأحد أهم وسائل للوعي.

أمر مؤسف أن أضرب مثالًا: كتاب مثل "البيت والنخلة"، لا يدخل من ضمن الكتب التي يتم توزيعها على مكتبات المدارس، أو مكتبات قصور الثقافة، أتحدث عن كتاب خاص بي، وتحصّل على جائزة رفيعة، لا لشيء سوى أن هذا يجعلني أقف كثيرًا عند ماهية ودور هذه المؤسسات، التي لا تبحث عن الجيد من الكتب ودعمها.

 

بمناسبة «البيت والنخلة».. منه إلى «فك شفرة» تبدو أن تيمة النزوح إلى الريف هي تيمة أساسية في كتابات عفاف طبالة؟

أقدم شرائح المجتمع كاملة في كتاباتي، مشاكل الغربة والاغتراب داخل نصوصي هي تيمة أساسية اشتغل عليها، لمحاولة تقريب المسافات، في تراب السكة. كان يستهويني التجريب، وقد كان هناك هاجس أنني على أعتاب نهاية المشوار يشغلني، لذا كتبت "تراب السكة" وسارعت للنشر، قد يبدو شكل الكتابة تقليدي وكلاسيكي، لكن هذا لم يمنع أن أقدم فيه سرد مشهدي كتابة، وهذه كتابة غالبة فيما قدمته، وهذا يرجع لعملي سنوات طويلة كمخرجة، غير أن هذه المجموعة القصصية لم تأخذ حقها من الكتابة النقدية، وقد يكون السبب في شكل الكتابة التي قدمت بها المجموعة، وهذا يأخذني لسؤال، هل شكل الكتابة التقليدي يمنعنا من قراءة كبار كتاب العالم الذين كتبوا بهذا الشكل؟، قد يبدو أن هناك قطيعة مع قراءة ونقد هذا الشكل من الكتابة من قِبل النقاد، رغم أن الطبعة الأولى من المجموعة نفدت.

 

لماذا "تراب السكة" الذي يحمل معنى فلكلوريًا يشير إلى النهايات؟

كتبت في المقدمة أنني نفضت بعض تراب السكة العالقة في ثوبي، فلملمت بعض منه وكتبته، هذا ما جاء على لسان بطلة قصة "تراب السكة"، التي تمنت أن تموت، وتراب السكة عالق في قدميها.

أما عن "فك شفرة"، ففيها جزء واقعي، عشته فبطلة الرواية "تماضر"، وهي فيها من شخصية تماضر توفيق رئيس التليفزيون المصري فترة السبعينيات، والتي تم إيقافها عن العمل، دون أدنى سبب كتبت الرواية وعيني كانت على تلك الشخصية التي اعتزلت الدنيا وقتها، وكنت اشتغل على تسريب فكرة وقيمة وهي على المظلوم أن يختلط ويواجه العالم، لا ينعزل عنه لذلك كانت خاتمة روايتي إهداء إلى تومي "تماضر توفيق" التي أوحت لي سيرتها بكتابة هذا العمل.

 

 

صائدة الجوائز العربية كيف ترين هذه العبارة؟

أُطلقت هذه العبارة، عقب تحصّلي على جائزتين وفي وقت مبكر لي، من تحصيل الجوائز والتي أعتز بها، ولكن مع اعتزازي بالجوائز، شيء آخر أقف عنده كما يقول هانزكريستين، أن تكون كاتب القوائم القصيرة هذا هو التميز، حصلت على 7 جوائز، أنا فرحة وفخورة بهذا.

 

أتأتي سعادتك لنفسك أم للعمل وما قدمتيه من خلاله؟

سعيدة بالجوائز لسبب بسيط، هو أنها تسلّط الضوء على العمل، وتصنع إقبالا عليه، وما يهم الكاتب أولًا هو أن يصل إلى القارئ، الجوائز تلعب هذا الدور في تعريف القارئ بالكاتب، خاصة إذا كانت هناك مشاكل حقيقية وعيوب في تسويق الكتاب الإبداعي، غير أن منافذ المكتبات ليست موجودة، غير طبيعة المكتبات في تقديمها لكتب الأطفال، دائمًا تضعها في الهامش.

 

وماذا عن تكريمك داخل مصر؟

الحقيقة أن الأمر مؤسف ومحزن، عدم وجود أي ردة فعل من الجهات المنوط بها تكريم الكاتب، وعلى رأسها وزارة الثقافة، للأسف لا يوجد في مصر من الجهات المعنية، من هو مشغول بتحصل مصري على جائزة يحمل فيها اسم مصر ويمثلها، وإن كان يمكن ليّ أن أشير إلى جهات مهتمة ومدركة لدور الكاتب، مثل جهة المهن التمثيلية، والتي بادرت بشكري كوني أمثلها وأمثل اسم مصر، لا أعلم أين وزارة الثقافة ومركز ثقافة الطفل، أنا وغيري من الذين يمثلون مصر، فهناك الكاتبة "أمل فرح"، والكاتب "أحمد العباسي". الحقيقة أن الجهات الثقافية والمؤسسة الثقافية بعيدة تماما عما يحققه الكُتاب من إنجاز حقيقي.

 

ما الطقوس التي تتبعها «طبالة» في الكتابة؟

في بداياتي كانت حالة الذاكرة أكثر نشاطًا، كانت تشغل ذاكرتي صفحة كاملة من العمل، مجرد أن أستيقظ من النوم أقوم بكتاباتها، الآن أقوم بالكتابة بشكل مباشر، وأستحضر ذلك بشكل مباشر.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز