أجمل بلد بلدي.. من داخل معبد الأقصر

تصوير - سماح زيدان

يعتبر معبد الأقصر من أشهر الآثار التى تم تشييدها فى عصور الدولة الوسطى، فقد بناه الملك أمنحتب الثالث على الضفة الشرقية لنهر النيل، و يرجع الفضل إليه فى ظهوره على صورته الحالية، وقد بناه لعبادة الإله آمون رع، علاوة على تأكيد نسبه للإله آمون، فقد كانت التقاليد الفرعونية القديمة تحث على أن يتولى حكم مصر أحد أبناء فرعون سابق، أو على الأقل أن يتزوج من إبنه فرعون سبق له حكم مصر، وللأسف لم ينطبق على أمنحتب الثالث أى من الشرطين، لذا فقد أشار عليه رجاله و أتباعه المخلصين بإنشاء معبدًا ضخما لتمجيد وعبادة الإله آمون رع، سعيا لتأكيد نسبه إليه حتى يتسنى له حكم مصر .. وبالفعل فقد تحقق لأمنحتب الثالث ما أراد تماما، وتمكن من حكم مصر.   و يتصل معبد الأقصر بمعبد الكرنك بواسطة طريق الكباش، وفى مدخل المعبد وبمجرد دخولك لمعبد الأقصر ستجد المسلة التى بناها رمسيس الثانى لتصوير منجزاته الحربيه وإنتصاره على الأعداء، أما فى الداخل فستجد غرفة تسمى غرفة الولادة، وفيها ستجد على جدرانها نقوشا تسجل الولادة المقدسة لأمنحتب الثالث بإعتباره أحد أبناء آمون، وسعيا لإرضاء كهنة آمون فقد قام أمنحتب الثالث بتدوين نقوش ورسومات تقدس أمون رع، وتبين فضله على الأحياء والحياة بوجه عام.

وقد شارك رمسيس الثانى فى بناء هذا المعبد، فقد أضاف فناءا مفتوحا وصرحا بغرض إقامة الإحتفالات الدينية، كما قام ببناء مسلتين كبيرتين، والتى حملت نقوشا تبين منجزاته، وتصور حملاته العسكرية ضد الحيثيين، لا سيما معركة قادش والتى كان يقوم بها من أجل تأمين حدود بلاده، وإضافة أراضى جديدة بهدف زيادة حجم دولته المترامية الأطراف، كما قام ببناء تماثيل ضخمة له، بحيث تقف بين صفوف الأعمدة، فى إشارة إلى وجود نظام وقانون ذو أعمدة ودعائم، يتم تطبيقة على الكبير والصغير دون أي تفرقة.

كما قام توت عنخ آمون، بإنشاء جداريات تصور جهوده الحثيثة التى قام بها من أجل توحيد كل المصريين القدماء على عبادة إله واحد، وهو الإله آمون رع، كما جعل نفسه الإبن البار والأوحد لآمون، داعيا إلى فكرة أن رضاه وكسب وده عن طريق تمجيد أبيه الإله أمون رع الإله الأوحد لكل المصريين، وتعد هذه هى المرة الأولى التى دعا فيها أحد الملوك لفكرة عبادة إله واحد، فقديما كانت فكرة تعدد الآلهة هى الشائعة بين المصريين القدماء.

وقد قامت الملكة حتشبسوت ومن بعدها تحتمس الثالث بإنشاء المقصورة الثلاثية، لكنها تهدمت لاحقا، ليقوم رمسيس الثالث بإعادة بنائها وزخرفتها، لتتجلى فيها مرحلة هامة من مراحل تطور فن العمارة فى العصور الوسطى، ولاسيما فى شكل البهو والأعمدة، والذي لأول مرة يتخذ أشكالا تشبه زهرة نبات البردي، بالإضافة إلى زهرة اللوتس الشهيرة.

أما عن المسجد الذي يظهر داخل معبد الأقصر هو مسجد "أبى الحجاج"، وهو من أهم وأشهر مساجد محافظة الأقصر، ويقصده الرواد والمريدين لذلك القطب الصوفي فصحابه هو يوسف بن عبدالرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد.

وأنشئ المسجد فى العصر الأيوبى وهو مشيد فوق الجانب الشمالي الشرقى من معبد الأقصر فوق أعمدة الفناء المكشوف للملك رمسيس الثاني لذا كان مدخل المسجد على أرتفاع 12م، وسمى بالمسجد المعلق ثم ندخل المسجد على شكل مربع له سقف خشبى، ولا توجد علية أيه زخارف ويعلوه شريط من الشرفات المنية من الطوب الاحمر، وله مئذنة مبنية من الطوب اللبن، بأرتفاع 14.15م،بقاعدة مربعة ثم أسطوانى، بجانب مئذنة آخرى حديثة وبداخله ثلاثة مقامات لصاحب المسجد أبى الحجاج وولده.

وبعد وفاة سيدي أبو الحجاج قام ابنه الشيخ احمد نجم بتشيد مسجدا يخلد ذكرى والده فى عام 658‏هـ‏-1286‏م‏ ‏ويطل مدخل المسجد على معبد الاقصر، وبه نقوش ورسومات، تسجل تاريخ بنائه، من حيث المئذنة القديمة التي تم بناؤها فى العصر المملوكي، والمنارة الحديثة، التى تم بناءها فى العصر العباسي.

و تمتزج في المسجد ثلاثة حضارات حيث ينتمى للحضارة الإسلامية ولكنه بنى علي أطلال كنيسة بينت فوق معبد فرعوني.