عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

" أباظة " : القوات المسلحة المصرية لها دور خاص.. لأنها كانت رافعة من روافع الحداثة

" أباظة " : القوات المسلحة المصرية لها دور خاص.. لأنها كانت رافعة من روافع الحداثة
" أباظة " : القوات المسلحة المصرية لها دور خاص.. لأنها كانت رافعة من روافع الحداثة

حوار - محمد عبد النور

لم يستطع  السيد البدوى الحفاظ على التئام الحزب، بالفصل والعداوات.. ثم أضاع أموال الحزب



تحالف البدوى مع جماعة الإخوان،  دخل جبهة الإنقاذ وخرج عنها ليلتقى بمرسى، وما فعله بجريدة الدستور وتحملنا وزره فى حزب الوفد..بما مثل خروجًا حقيقيًا عن ثوابت حزب الوفد

وحيد رأفت كان يرى خطأ التحالف بين الوفد والإخوان فى 1984 لكن فؤاد باشا كانت له مبرراته وأيضًا شروطه.. وعندما نقضوا التحالف ظهر شعار «الإسلام هو الحل»

النظام هو الذى أعطى جماعة الإخوان شرعية نزول الانتخابات وليس الوفد.. وكان يمكن أن يقول لهم ببساطة.. أنتم جماعة محظورة

لم  يكتب لجماعة الإخوان حتى فى عصر حسن البنا، أن يصلوا لتنظيم دقيق فى الداخل والخارج  كما  تحقق لهم فى الثلاثين سنة التى حكم فيها مبارك

الوحدة  الوطنية تعنى المواطنة والعدالة الاجتماعية، وهذه هى ثوابت الوفد التى هى ثوابت  الحركة  الوطنية المصرية..وجماعة الإخوان كانوا خارج هذا الإجماع لأنهم لم يعترفوا أصلا بفكرة الوطن

 

اثارت انتخابات الوفد الاخيرة حالة من الارتياح الوطنى.


ربما لما يجمعه حزب الوفد من تراث فى حياة المصريين، و ربما إيضا للأمل المنتظر فى إحياء بعض من النشاط و الكثير من الحيوية..و الاهم إ نقاذ الحياة السياسية من  الجفاف الجماهيرى .


سألت د. محمود أباظة القيادى الوفدى و رئيس الحزب السابق عن الوفد و جماعة الإخوان  الإرهابية و25 يناير و 30يونيو .. و أيضا المستقبل القادم.


و أجابنى بمنتهى الصراحة.. و الكثير من التحليل.

 

 


 كيف تفسر حالة الارتياح لدى المتابعين رجال سياسة وأشخاص عاديين من انتخابات حزب الوفد الأخيرة؟


ببساطة.. هذا الارتياح بسبب رحيل السيد البدوى.. لأنه فشل فى مسألتين أساسيتين هما معيار نجاح رئيس حزب ورئيس الوفد بصفة خاصة، أول مهمة له هى أن يجمع شمل الحزب، والثانية أن يحرص على ماليته، ففى النهاية النشاط السياسى يحتاج إلى مال، ولم يستطع السيد البدوى الحفاظ على التئام الحزب، بالفصل والعداوات وما رأيناه طوال مدة رئاسته، ثم أضاع أموال الحزب.


ففضلا عن من فصلهم السيد البدوى ومن اختاروا الابتعاد، كان الخط السياسى متخبطا، بما مثل خروجًا حقيقيًا عن ثوابت حزب الوفد الأساسية، تحألف مع جماعة الإخوان وابتعد عنها، دخل جبهة الإنقاذ وخرج عنها ليلتقى بمرسى، وما فعله بجريدة الدستور وتحملنا وزره فى حزب الوفد، وهو ما أثر على الرصيد السياسى والشعبى للحزب.


وحينما تسلم السيد البدوى رئاسة الحزب، كان الحزب يمتلك 90 مليون جنيه ودائع تقريبًا، و3 ملايين حساب جار بفوائد تقريبًًا 9 ملايين سنويًا، وكانت جريدة الوفد تحقق 12مليونًا وتصرف 8، فتكسب 4 ملايين، رفع الرواتب، وقام بتعيينات جديدة، فارتفعت تكلفة الجريدة سنويًا من 8 ملايين إلى 18، أصبح هناك عجز.


وقع اتفاق مع شركة الإعلانات «ميديا لاين» والتى كانت تتولى الإعلانات فى قنواتها التليفزيونية، دون الرجوع إلى الهيئة العليا، ولا القانونيين فيها، ولا المكتب التنفيذى، ولا إلى المستشار القانونى، واشترط على الشركة أنهم يتعهدوا بحد أدنى 22 مليونًا فى السنة إعلانات، والعقد كان يعطى الشركة إلغاء العقد بإرادة منفردة، ونقل جهاز إعلانات جريدة الوفد الذى كان يحصل على 12 مليونًا سنويا إلى الشركة.


وبعد ثلاثة أشهر اختلف مع الشركة فى القناة واستبدلها بشركة أخرى فترتب على ذلك إلغاء الشركة للتعاقد بإرادة منفردة، ليصبح الوفد بدون جهاز إعلانات، وأصبح الوفد يصرف بلا عائد، لتصبح أرصدة الوفد من 93 مليونًا إلى 700 ألف وديون لمؤسسة الأهرام 4 ملايين، وديون للتأمينات الاجتماعية 8 ملايين، وديون على الحزب للموظفين فى المقرات المختلفة حوالى مليون ونصف المليون، بالإضافة إلى أنه باع مجموعة من الأصول من مقرات وشقق، وهذا هو الوضع الحالى مع ملاحظة أن جريدة الوفد تصرف تقريبًا مليونًا و300 ألف شهريًا والإعلانات بين 600 و650 ألفًا، وبالتالى فإن أول مشكلة تقابل الحزب الآن هى حل المشكلة المالية.

 

 

 والآداء السياسى.. إليس من المفزع أن حزب الوفد كرهان أخير للمصريين، أن يصل أداءه السياسى إلى درجة من عدم التأثير.. عدم التواجد تقريبا؟


 صحيح.. ودعنى أوضح لك.. الوفد له ثوابت.. هى فى حقيقة الأمر ثوابت الحركة الوطنية المصرية التى شقت مجراها وارست ثوابتها ثورة 19 وهى سيادة الأمة فى التخلص من الاحتلال وإصدار دستور حتى لا يكون الحاكم وحده هو السيد، والثابتة الثانية هى الوحدة الوطنية بمفهوم المواطنة وضمان الحقوق والواجبات العامة بصرف النظر عن الدين والجنس والعرق، والوجه الثانى عبر عنه مكرم عبيد عام 1935 فى مؤتمر الوفد بعد عودة الدستور، حين قال لا تلتئم الوحدة الوطنية أبدًا فى مجتماعات تهمل فئاتها الأفقر، إذن الوحدة الوطنية تعنى المواطنة والعدالة الاجتماعية، وهذه هى ثوابت الوفد التى هى ثوابت الحركة الوطنية المصرية من سنة 19 إلى الآن وفى وجود الأحزاب التى كانت تعارض الوفد ولكنها لم تكن تنكر هذه الثوابت الوطنية.


والوحيدون الذين كانوا خارجين على هذا الإجماع هم جماعة الإخوان لأنهم لم يكن يعترفوا أصلا بفكرة الوطن، الأمة حيث توجد من بداية فكرة الخلافة عند حسن البنا وحتى المرشد الذى قال «طز فى مصر»، وكانوا دائما رافدًا خارجيًا وليسوا من داخل الحركة الوطنية.


 25 يناير لو كان الوفد فى قوته ويمارس دوره وتأثيره السياسى وبما له من تاريخ ووجود عند المصريين، هل كانت مصر ستشهد 25 يناير؟


نعم كانت حدثت.. فالوفد لم يكن يحكم.. المشكلة أننا من سنة 1952.. نظام الحكم تشكل من 52 إلى 56 حتى صدور الدستور.. ليركز نظام الحكم فى رئيس الدولة الذى يأتى من حركة 23 يوليو.. ويسيطر على القوات المسلحة ويسيطر على الدولة بما يسمح له بتوفير الاحتياجات الضرورية للقوات المسلحة.


والقوات المسلحة فى مصر لها دور خاص لأنها كانت رافعة من روافع الحداثة، ولا يجب أن ننسى أنه أيام محمد على أن المدارس الأميرية والعليا كانت مدارس عسكرية، كلية الطب حين بدأت كانت عسكرية كذلك كلية الألسن وكلية الهندسة.


محمد على كان يريد إنشاء جيش حديث وأدرك أنه لا يستطيع إنشاء جيش حديث دون أن ينشئ دولة حديثة، إذن فكان يحتاج إلى أطباء لأجل الجيش فأصبح هناك كلية الطب، وكان يحتاج إلى الطب البيطرى لأجل الخيول، فكان الطب البيطرى، وكان يحتاج إلى مدرسين للتعليم ومترجمين فكانت كلية الألسن، وأنشأ مدرسة الإدارة العليا، وكل هذا كان فى الجيش، أما المؤسسة الثانية فكانت الأزهر كمؤسسة تعليم، والحاكم الوالى العثمانى.


وحين جاء محمد على بالتحديث اعتمد أول مؤسسة حديثة كانت القوات المسلحة، يتعلمون ويسافرون إلى البعثات، وهم الذين عادوا ليملؤا الحياة المدنية فى الدولة الحديثة، فكانت القوات المسلحة رافعة من روافع الحداثة، ثم انتشرت المدارس الأميرية، والوضع الذى جاء بعد 1952 كان يجد فى التاريخ ما يبرره، أما المؤسسة الحديثة الثانية اللاحقة، فكانت مؤسسة القضاء المدنى.


إذن كنا سائرين على هذا الأساس ما بعد 1952، لكن المجتمع المصرى فى خلال الثلاثين سنة من حكم مبارك تغير تغيرا عميقًا وسريعًا، فى زمن كان لدينا جامعة القاهرة وعين شمس والإسكندرية وجامعة أسيوط في بدايتها وكنا نعتبرها فى الدلتا جامعة المنفى، اليوم لا توجد محافظة بلا جامعة، كان عندنا فى كلية الحقوق رابطة أبناء الشرقية وكنت أحاول داخلها تكوين مجموعة من أبناء «القمحة» ولم أجد 17 واحدًا من «القمحة»، النهاردة لا توجد قرية فى الشرقية أو المحافظات ليس لها 20 أو 30 طالبًا فى الجامعة على الأقل، هل سيقبلون أن يعيش الريف فى القرون الوسطى كما كان؟.. لا يمكن.


التغير جوهرى.. تطورت الاحتياجات وتطورت المتطلبات وتطورت الطموحات وتطور التفكير بينما بقى النظام على حاله ولم يتطور.. إذن حدثت مفارقة..فى وجود جفوة بين الدولة والأمة.. لأن الأمة تتغير بسرعة وبعمق.. والدولة لا تتغير.. جفوة بين الجديد والقديم.. وانقلبت هذه الجفوة فى السنوات الأخيرة قبل 25 يناير إلى قطيعة، وطوال الوقت كنت تسمع فى الشارع المصرى كلمة «هما» وليس «احنا».. «هما عايزين»، «هما بيقولوا»، وسعد زغلول مرة قال إن العلاقة بين الحاكم والمحكوم ليست علاقة الجندى بالقائد وإنما علاقة الطائر بالصائد، ينتظر ليرى وسيلة الصائد.


هذه القطيعة كانت لابد أن تنتهى إلى الذى حدث فى 25 يناير.. وحين تحدثنى عن الوفد.. فالوفد كان مثل جميع الأحزاب نتحرك فى ظل الحزب الواحد، وطالما أن الحزب مختلط بالدولة، رئيس الدولة رئيس الحزب، المحافظ ممثل الحزب الأول فى المحافظة، رئيس المدينة ممثل الحزب وإلى هذا التدرج.. والدولة واحدة بالتعريف.. حين تختلط الدولة بالحزب وعندما يكون هى والحزب شىء واحد ستصبح واحدا بالتعريف.. وبقية الأحزاب الثانية مجرد شكل.. ولا يسمح لها بالحركة والتواجد.


الوفد كان يسمع طوال الوقت أنه جزء من النظام وأن النظام يعترف بالتعدد، ويعترف بالمعارضة إلى أن يأتى يوم الانتخاب، يصبح يوم الذبح، وأعتقد وهو اعتقاد راسخ عندى.. بأن الوفد عند عودته ومن خلال الجريدة التى وصلت إلى أن العدد الأسبوعى كان يبيع 800 و900 ألف والأعداد اليومية تتجاوز المليون، وسع نطاق حرية الرأى والتعبير، وجريدة الوفد كسرت احتكار الدولة للرأى والخبر، وبالتالى مهد الطريق وذكى أفكار الحريات العامة وإعادة التوازن داخل الدولة بين الحاكم والمحكوم، وهذا دور أساسى جدا حتى لو كان استفاد منه المتطرفون.


حدثت قطيعة بين الدولة والأمة، لأن الدولة ظلت ثابتة فى بنائها بينما الشعب يتغير، ثورة الاتصالات والحركة والسفر وكل هذا، إذن لم تعد الصيغة السياسية التى نشأت فى 1952 تناسب المجتمع الحالى الذى لم يعد يتعرف على نفسه فيه، فحدثت التقاطعات إلى أن حدث 25 يناير.


تحالف الوفد وجماعة الإخوان لكن الوفد تحالف مع جماعة الإخوان، ومعه دخلوا لأول مرة لمجلس الشعب وأصبح لهم نواب تحت اسم الوفد.. نحتاج إلى تفسير؟


وقت هذا التحألف كنت مركزا فى دورى فى الوفد على محافظة الشرقية، ولكن فى هذا الوقت كنت مقرر اللجنة الدستورية وكان يترأسها وحيد رأفت، وحدث نقاش بينى وبين وحيد رأفت ثم نقاش مع إبراهيم فرج حول هذا التحالف، وكان وحيد رأفت يرى أن هذا التحالف خطأ.


لماذا؟


لأن الدين لله والوطن للجميع، وهو الشعار الذى يمثل أساس المواطنة، ولا يجوز الخلط بينهما، وكل من يربط بين الدين والسياسة يسئ إلى كل منهما، وكان هذا رأيه، وفى مقاله له -وحيد رأفت- عام 1984 قبل الانتخابات، قال إن الوفد ليس ضد الدين ولكنه ضد الحكم الإلهى، أما إبراهيم فرج فقد قال لى أنه قد تحدد أن الحد الأدنى للتمثيل فى البرلمان هو الحصول على 8.5% على مستوى القطر، ولم يكن الوفد جاهزا بعد فعودته لم تكن تتعدى ثلاثة أشهر قبل الانتخابات.


وكان بين فؤاد باشا وبين التلمسانى علاقة قديمة فقد سجنوا سويا من قبل مرات عديدة، والتلمسانى كان رجلا معتدلا والذى قال له إنه ليس أمامنا إلا أن ننتخب الوفد ولن ننتخب أحدا آخر ليعذبنا، ولكن لدى مجموعة من الشباب دخلوا الانتخابات النقابية وقبلها الطلابية وأريد أن يدخلوا العمل السياسى بديلا عن المجموعة التى تدعو للعودة للعمل السرى، ففؤاد باشا وضع فى ذلك ثلاثة شروط.. وقد حضرت تنفيذ هذه الشروط.


أولا عدم دخولهم تشكيلات الوفد وأنه سيعلم لو تسللوا، الشرط الثانى أن يعبروا عن رأيهم داخل المجلس فى الحالات التى لم تسبقها عقد الهيئة البرلمانية وقرروا موقفًا معينًا تجاه قانون منظور أو مسألة موجودة، إذا فيه اجتماع هيئة برلمانية وقررت موقف عليهم أن يلتزموا بهذا الموقف، وهذا كان تقليدًا للوفد أنه متروك للنواب الرأى طالما لم تجتمع الهيئة البرلمانية الوفدية ولم تدع للاجتماع وتقرر موقفا، الشرط الثالث الذى رأيناه جميعا أن الدعاية فى انتخابات 84 كانت دعاية وفدية وليست دعاية إخوانية، كان الشيخ والقس والمرأة والعامل والفلاح والحرية والعودة للحرية.


وفعلا حدثت محاولتان للتسلل من جماعة الإخوان إلى لجان الوفد فى بعض المحافظات وأوقفت، التلمسانى توفى، وقد حضرت يوم جاء وفد من جماعة الإخوان يخطر فؤاد سراج الدين بأنهم يتركوا التحألف معنا ويتحألفون مع حزب الأحرار والعمل، وكان المرشد حامد أبوالنصر ومعه سيف الإسلام حسن البنا ومحمد عبدالقدوس، واستقبلهم فؤاد باشا فى منزله وكنت موجودا بالصدفة، وقال له فؤاد باشا : «ليه يا مولانا، احنا زعلناكم فى حاجة؟» فرد المرشد أبوالنصر : «لا يا باشا، أصل احنا كنا معاكم بين فكى الأسد، ورايحين إلى هذا التحألف ببرنامجنا»، بمعنى أن الوفد ضاغط عليهم ولا يتيح لهم تنفيذ أهدافهم.. ليظهر بعد ذلك تحألف «الإسلام هو الحل».

 


إذن الوفد أعطى جماعة الإخوان شرعية نزول الانتخابات وحين أحسوا بصعوبة تحقيق أهدافهم، فضوا التحألف فورا؟


النظام هو الذى أعطى جماعة الإخوان شرعية نزول الانتخابات وليس الوفد.. وكان يمكن أن يقول لهم ببساطة.. أنتم جماعة محظورة لا يحق لكم نزول الانتخابات.. والتحلف لم يكن سريًا والحظر أيضا ليس سرًا.. ولكن «هما اشتغلم».. التلمسانى لم يكن مسيطرا بشكل كبير.. وكان القطبيون قد بدأوا ينشطون.. أولا فى الاتجاه العام للتدين الذى أعقب حرب 67، ثانيا التنظيمات الاقتصادية والاجتماعية التى أنشئوها، المستوصفات وأهل الخير والموائد والزيت والسكر وغيرها.


وثالثا التمويل الداخلى والخارجى، وتخصيص الأعضاء تبرعات من 7 إلى 10 % من رواتبهم للجماعة، أو خارجيا من الإخوان الذين ذهبوا إلى السعودية والكويت فى 54 و56 ومعظمهم من خريجى الجامعات وبدأوا العمل بها، ومن خلال هذه الأعمال استطاعوا جمع التبرعات، ويكونوا مجموعة من «الخميرة المالية» الضخمة جدًا، بالإضافة إلى ما كانوا يحصلون عليه من أموال من هذه الأماكن، الأفراد وليس الحكومات، بالإضافة إلى التجمعات الذين استقطعوها فى ألمانيا وإنجلترا، وبالتالى كان عندهم أموال.

 

 


إذا نحن نتعامل مع قضية تمويل لجماعة الإخوان الإرهابية لها تاريخ طويل وشديدة التشابك والتعقيد؟


ولكن دعنى أؤكد لك.. أنه لم يكتب لجماعة الإخوان حتى فى عصر حسن البنا، أن يصلوا لتنظيم دقيق فى الداخل والخارج كما تحقق لهم فى الثلاثين سنة التى حكم فيها مبارك، تنظيم محلى ودولى وقت كانوا يسمونها الجماعة المحظورة، وبالقوة والشكل الذى ظهر فى 25 يناير وما بعدها.


الصفقة واللعبة هل كانت صفقة طوال الثلاثين سنة المقصودة؟ هل كان عقدا غير مكتوب بين النظام وجماعة الإخوان؟


أعتقد أن أجهزة الأمن.. ويجب ربط هذه المسألة بسوابق.. وهى الجماعات الإسلامية المتطرفة التى اغتالت السادات.. فأجهزة الأمن تصورت أنها تستطيع اللعب بهؤلاء ضد هؤلاء.. ضد الجماعات وبعضها.. الجهاد والجماعة الإسلامية وغيرها.. وفى حقيقة الأمر أنهم هم الذين لعبوا بالأجهزة الأمنية.


لأنهم ادعوا الاعتدال وغطوا على التطرف الداخلى.. كانت الوجوه المعتدلة هى التى غطت على التطرف.. وكانوا الستار الخارجى.. وهم ليسوا معتدلين فى داخلهم.. ولأنى عاشرتهم خارج القاهرة.. كنت أجد قياداتهم فى المحافظات لا تختلف إطلاقا عن أشد الناس تطرفا.. التفكير كده.


مع الرئيس السادات، كان الموقف الداخلى مختلفًا، لأن اليسار الذى نمى من 61 إلى 1970، كان قد ناصبه العداء من اللحظة الأولى، وبالتالى كان يبحث عن قوى تصنع توازن، ولا يجب أن ننسى أنه أخرج جماعة الإخوان، ولكنه أيضا أعاد حزب الوفد.. سمح بعودة الوفد.. صحيح لم يتحمله ثلاثة أشهر إنما أعاده وهذه كانت سياسة.. بصرف النظر كانت صح أم خطأ.. وهى خطأ بالتأكيد.


ولكن بصرف النظر عن الإخوان، فإن الذين بدأوا 25 يناير لم يكنوا من الإخوان، ولكن الجيل الجديد الذى تمكن من الانفتاح على العالم والذى استفاد من كسر احتكار الدولة للرأى والخبر، والذى من المستحيل عودته مرة أخرى، لأن الدنيا قد تطورت، تمنع تليفزيون هنا، يصدر من قبرص، من تركيا، من قطر، من أى مكان آخر.

 

 


30 يونيو إذن ما الذى حدث فى مصر؟


اعتقادى أنك لا تستطيع أن تفصل الذى حدث فى مصر عن الموجة العامة أو التيار العام للتنظيمات الإخوانية فى المنطقة كلها، تجربة الجزائر، المغرب، تجده فى تونس، ليبيا، تجده فى الشام والمشرق وفى أبعد من ذلك إلى أن تصل أندونيسيا.


وأهمية الذى حدث عندنا.. أنه بعد 11 سبتمبر.. ابتدت تظهر فكرة فى الغرب.. فى أمريكا وفى الغرب.. لماذا يكرهونا؟.. فوجدوا من يقدم لهم الإجابة فى أن مزاج هذه المنطقة مزاج إسلامى.. ونحن نؤيد نظمًا تعصف بهذا المزاج.. أو بالتيار الذى يمثله.. والحل فى إننا نمكن هذا التيار بالتوقف عن مساندة الأنظمة التى تقاومه.. ومساعدة هذا التيار على الوصول إلى الحكم.. وهناك تجربة فى تركيا.. ونأخذ جماعة الإخوان الذين مارسوا نفس الخداع على الخارج مثلما فعلوه مع الداخل بأنهم معتدلون.. وإذا وصل إلى الحكم نستطيع أن نحقق ثلاثة مزايا.


الميزة  الأولى.. أنهم سيتوقفون عن كراهيتنا.. فقد لبينا مطالبهم.. الميزة الثانية.. أنهم حين يحكمون ويتمكنون من السيطرة على هوامشهم العنيفة.. بحيث نخرج من تطاحناتهم وصراعتهم.. ويقتصر الصراع فيما بينهم.. الميزة الثالثة أنهم أكثر رديكالية ضد إسرائيل، فإذا عقدنا صفقة معهم فسنضمن بقاء إسرائيل وأمنها.


بالطبع مهد هذه الحركة الرئيسية لجماعة الإخوان التى تجمع كل الباقى كان مصر، فإذا حدث ذلك فى مصر، فطبيعى أن يحدث فى كل مكان، فبدأوا بالاتصال بهم والتخطيط معهم، وهو ما سيتكشف فيما بعد.


هذه فكرة، أما الفكرة الثانية فيما حدث فى 25 يناير، فهى تجربة أوروبا الشرقية وكيف استطاعوا أن يوجدوا مجموعة من الشباب فى أوروبا الشرقية تقود حركات شعبية واسعة لقلب ما تبقى من النظم الشيوعية فى هذه المنطقة، فالفكرتان فى مساعدة الإخوان وفى نفس الوقت تجميع الشباب ومساعدته على المطالبة بالمزيد من الحرية، مع القطيعة بين النظام والأمة فى الداخل جاء مع ما حدث فى 2011، فأصبحنا أمام وضع داخلى واستغلال خارجى، ودائما ما أقول إن قصور الداخل يستدعى بالضرورة تدخل الخارج. مسألة زى الطبيعة التى لا تعرف الفراغ، حين ينخفض الضغط فى مكان، يأتيك الهواء من مكان آخر.


ولكن التفكير الأول فى أن مزاج هذه المنطقة مزاج إسلامي، ظهر أنه حسابات خاطئة وأعطى نتيجة خاطئة، لأن المصريين متدينين جدًا لكن لا يحبون أحدا يدرس لهم دينهم، ويعتقدون أنهم يفهمون دينهم أكثر من أى أحد آخر، « فى البلد، مرة واحد قالى من الشباب، لو جم الإخوان مش هعرف أبوس أمى».. الشعب المصرى بطبيعته شعب مؤمن تنطبق عليه مقولة كلما زاد إيمانه قل ضوضاؤه، إيمان عميق لا تعنيه المظاهر.


وعندما وقع النظام لم تكن هناك قوى منظمة إلا جماعة الإخوان، فوصلنا لتحقق الفكرة وجاءت جماعة الإخوان.. ولكن تبين أنه إذا كانت 25 يناير هى عملية سياسية فإن 30 يونيو ليست عملية سياسية وإنما عملية تلقائية.


و قد رأيت بعينى فى الجيزة سيدات كبار السن لا يستطيعون السير ، و من البرجوازية العليا "نزلوا كنب و قعدوا فى الشارع"و هؤلاء لا يعبرون عن موقف سياسى ، فالشعب المصرى يحرص على الدولة الوطنية باحساسه الفطرى و التراكم التاريخى الهائل،و قد استشعر الخطر على دولته الوطنية.


اعود الى السؤال الاساسى عن حزب الوفد؟


لا يكون الحزب السياسى المدنى حقيقة الا اذا كانت مسألة تدوال السلطة بالطرق السلميةالانتخابية متاحة ،و اذا لم تكن متاحة ، لانه فى النهاية الانتخابات عندنا منذ 52 واحيانا قبلها، و ان لم تجرها حكومة محايدة ، كانت الانتخابات تعبر فى نتيجتها النهائية عن ارادة الحاكم بصرف النظر عن ارادة الناخب، بعبارة اخرى، القاعدة الديمقراطية هى ان من يكسب الانتخابات يتولى الحكم، والقاعدة عندنا ، ان من يتولى الحكم يكسب دائما الانتخابات، فاذن اذا تكن هذه القاعدة الديمقراطية مكفولة، فالحزب اى حزب، لا يكون الا وسيلة للتعبير المنظم عن الرأى و ليس وسيلة الى الوصول الى الحكم. 


لم ينته الحوار مع القيادى الوفدى ورئيس الحزب السابق .. والأسبوع القادم نكمل الجزء الثانى.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز