عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

هشام شوقي يكتب: فارس الحب والوطن.. نزار قباني

هشام شوقي يكتب: فارس الحب والوطن.. نزار قباني
هشام شوقي يكتب: فارس الحب والوطن.. نزار قباني

ملك القلوب، وتربع على عرش الحب في كل زمان ومكان، جلس على أريكة من الياسمين في قلوب العاشقين، جعل من الحب دينا للمحبين، كتب آياته بريشة طاووسية، رتله بأصوات البلابل والمحبين وجاء صداه من حنجرة كروان طاف الوطن من المحيط للخليج بحثا عن العاشقين.



تمر الذكرى الثامنة عشرة على رحيل رسول الحب نزار قباني، وهو مازال ناسكا في معابد الحرية والحب، وخريطة الوطن تقبع في قلبه النابض بالعروبة، أكتب عنه اليوم، وقلب دمشق محترقا، وأوراق الياسمين جريحة، تدوسه أقدام همجية، وعيون دمشقية باتت حزينة دامعة مشردة على خريطة العالم، لسان حالها يقتبس رد غازي القصيبي على قصيدة نزار متى يعلنون وفاة العرب؟ قائلا "أزف إليك.. الخبر لقد أعلنوها وفاة العرب".

لقد اعتصر قلب نزار حزنا بعد نكسة يونيو 67 فسطرت أنا مله هوامش على دفتر النكسة، وعلى أثر القصيدة منع الفارس من دخول مصر فخاطب الزعيم جمال عبد الناصر معاتبا من منعوه من بكاء نازف على جرحه في نص نثري أصبح وثيقة تاريخية وليسمح لي القارئ أن اقتبس ما تيسر من ذلك الخطاب.

 "سيدي الرئيس

لا أريد أن أصدق أن مثلك يعاقب النازف على نزيفه، والمجروح على جراحه، ويسمح باضطهاد شاعر عربي أراد أن يكون شريفا وشجاعا في مواجهة نفسه وأمته، فدفع ثمن صدقه وشجاعته

يا سيدي الرئيس لا أصدق أن يحدث هذا في عصرك".

وكان رد الزعيم عمليا فعاد نزار من جديد بقصائده إلى حضن القاهرة.

أسطر اليوم تلك السطور عن فارس الحرية، متسائلا: ماذا لو كان بيننا نزار، وشاهد صورة "آلان كردي" ذلك الطفل الملائكي صاحب السنوات الثلاث راقدا على بطنه ملتحفا بالسماء مسلما الروح لبارئها، تلك الصورة التي هزت أرجاء المعمورة فكانت دليل إدانة لكل من ساهم في حرق سوريا، ودعم ميليشيات الإرهاب، وساند "العدوان الثلاثي الجديد" منطلقا من أرض كانت مجازا تسمى بلاد العرب، لا يمكنني التنبؤ.. هل كان يحتمل قلب الشاعر آنذاك أم سيغادر الحياة احتجاجا على من يذبحون الأوطان ويعيدون رسم خريطة الوطن؟ لا أستطيع أن أتوقع موقف الرجل من النظام السوري؟ لكن كل ما أثق فيه هو حبه لسوريا الفاتنة الباقية وللشعب العربي، بالرغم من غضبه العارم بسبب حالة تغيب الوعي التي مازلنا نعيش فيها فكانت قصيدة "خبز وحشيش وقمر" خاصة في ذلك المقطع الرائع

ما الذي يفعله فينا القمرْ؟

فنضيع الكبرياء

ونعيش لنستجدي السماءْ

ما الذي عند السماءْ؟

لكسالى.. ضعفاءْ.

يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمرْ..

ويهزّون قبور الأولياءْ

علَّها ترزقهم رزّاً.. وأطفالاً.. قبورُ الأولياءْ

ويمدّون السجاجيدَ الأنيقات الطُرَرْ

يتسلون بأفيونٍ نسميه قَدَرْ

وقضاءْ

في بلادي.. في بلاد البسطاءْ..         

مرت أعوام وعقود على خبز وحشيش وقمر، وما زالت القصيدة صالحة للنشر لم تحل بعد إلى ذمة التاريخ، لا تزال كلماتها تؤلمني، وتؤلم أجيالا عاشت على عشق فارس الكلمة، تحاول تغيير واقعها، وما زال تيار من المثقفين العرب يحاول تصحيح مسار العقل العربي، بينما لا تزال هناك زمرة من الظالمين قابعة في الجسد العربي تمزقه وتنحره بل وصل الأمر لحد ذبح بعضا البعض واستخدام أنظمة دول (مجازا عربية) لأحلاف غير مقدسة وتنظيمات إرهابية لزعزعة استقرار بلادنا في القاهرة ودمشق والخليج، متصورين أنهم يعيدون كتابة التاريخ ورسم ملامح الوطن، وهم مجرد مسخ بلا تاريخ ونقطة في بحر العرب.

رحل من رسم بالكلمات ملامح الوطن، لكن تبقى قصائده قبسا من نور في تاريخ العرب فسلام عليك يوم ولدت ويوم رحلت عبقا من الياسمين.     

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز