عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أبطال ملحمة كبريت..رجال لن تنساهم مصر

أبطال ملحمة كبريت..رجال لن تنساهم مصر
أبطال ملحمة كبريت..رجال لن تنساهم مصر

سيظلون شهباً لامعة ونجوماً باقية في سجل الخالدين



عندما أردنا أن نقوم بكتابة "بورتريهات" عن أبطال العاشر من رمضان ينشر بورتريه كل بطل منها في اليوم الذي أستشهد فيه وفى هذه الذكرى لم نستطيع أن نتجاهل بطولة وصمود العقيد إبراهيم عبدالتواب ورجاله ما يقارب 134 يوماً أمام حصار العدو وأستشهد يوم 14يناير 1974

ولم نجد أفضل من أن ننسخ مقال الكاتب والاديب الكبير جمال الغيطانى والذي سطره عن شهداء ملحمة كبريت في الذكرى 38 لحرب أكتوبر ونشر بجريدة الأخبار عام 2011

فإلى قصة بسالة وصمود آخر شهداء حرب التحرير أكتوبر 73 ورجاله والذي استشهد في 14 يناير 1974،، وصمد الموقع به ورجاله في فيما يقارب 134 يوماً أمام حصار العدو.. وسطروا بدمائهم وأرواحهم بطولة من ارقى ما يكون لا ينزوى بريقها أو يخفت مهما تقادم الزمن..

يمكن القول أن التاريخ العسكرى لمختلف بلدان العالم لم يشهد ظروفاً حوصرت فيها قوة عسكرية في ظروف مماثلة لتلك التي جرت في كبريت حيث قاوم أكثر من أربعمائة مقاتل مصري تواجدوا في موقع لا تزيد مساحته كلها عن كيلومتر مربع وفى ظل ظروف بالغة القسوة، حيث انعدم القوت والمدد تقريباً، لمدة مائة وأربعة وثلاثين يوماً، ولم يستسلم مقاتل واحد، برغم كل الواقع القاسى والجوع والظمأ وظروف الحصار وستظل شخصية العقيد أركان حرب إبراهيم عبد التواب الذي قاد الرجال طوال فترة الحصار من ابرز رجال العسكرية المصرية، سيظل اسمه شهاباً لامعاً، نجماً باقياً في سجل الخالدين..

-هدوء عبد التواب لا يوحى بأنه سيؤتى يوماً عملًا خارقًا

كان إبراهيم عبد التواب نموذجاً للإنسان المصري الهادىء البسيط قبل الحرب كنت اذ تلتقى به تألفه بسرعة، تعرف أنه يعيش حياة هادئة يتفانى في عمله إلى حد مذهل ينغمس فيه تماماً، لا يوحى هدوءه بأنه سيؤتى يوماً ما عملاً خارقاً مما نطلق عليه تعريف " البطولة "، ولكن إبراهيم عبد التواب يمثل الإنسان المصري العادى الذي يظل يعيش حياته بهدوء، حتى إذا جاءت لحظة معينة أو موقف معين تفجرت عوامل عديدة داخله لتشكل سلوكه البطولى، وفى كبريت سجل إبراهيم عبد التواب أرقى ما يمكن أن نتصوره من معانى التضحية والصمود..

على رأس تشكيل من المشاة اقتحم العقيد إبراهيم عبد التواب منطقة البحيرات المرة كان التشكيل مجهزاً بعتاد خاص بحيث يتلاءم مع ظروف المنطقة التي سيحمل فيها، وتم اقتحام نقطة كبريت القوية الواقعة شرق البحيرات المرة في تمام الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر السادس من أكتوبر أي بعد نصف ساعة من بدء الهجوم عليها، ويرجع هذا بالدرجة الأولى إلى جسارة الرجال المهاجمين لم ينتظروا إتمام وحدات المهندسين تطهير المناطق المحيطة بالنقطة القوية والمروعة بالألغام والأسلاك الشائكة، أنما اقتحموا حقول الألغام بمركباتهم ,أجسادهم وهذا عمل عسكرى تخطى كل الحسابات التقليدية في عالم الحرب .

مما كان له تأثير كبير في إنهاء المقاومة العنيفة التي أبداها جنود العدو وكانت النقطة القوية في منطقة كبريت شرق تمثل إحدى النقط القوية التي يتشكل في مجموعها خط بارليف ولكنها لم تكن نقطة إستراتيجية كنقطة لسان بور توفيق أو النقط الواقعة في مواجهة القنطرة أو نقط الشط أو نقطة الكيلو عشرة جنوبى بورسعيد، ويرجع هذا إلى وقوع هذه النقطة على البحيرات المرة، تلك المساحة المائية الواسعة والتي لم يضع العدو في حسبانه إمكانية عبور القوات المسلحة المصرية إليها.

-العدو يشن هجومًا بـ 40 دبابة و 22 عربة مدرعة

خلال الأيام التي تلت السادس من اكتوبر قام التشكيل الذي يقوده إبراهيم عبد التواب بواجباته القتالية، ولكن مع مجىء يوم 16 أكتوبر بدا أن العدو يبذل جهداً عسكرياً قوياً في محاولة لأختراق صفوف قواتنا والعبور إلى الضفة الغربية للقناة، ويشترك البطل مع زملائه في صد هجمات العدو المتتالية ويشارك معه زميله " محمد أمين مقلد "، وجاء إلى الجبهة ليشهد اللحظات التي طال انتظاره لها، كان قلبه يأكله ولا يطاوعه ولا يريحه في البقاء بعيداً عن الرجال، قام البطلان بقيادة جميع الهجمات التي تمت ضد قوات العدو وتجمعاته في المنطقة، خاصة يوم 22 أكتوبر.. في مساء ذلك اليوم ركز العدو هجوماً كبيراً بعد تحضيرات قوية من المدفعية وقصف طيران متواصل من الساعة الرابعة حتى السادسة مساء. وعند هذا الوقت شن هجوماً قوياً بأربعين دبابة وحوالى 22 عربة مدرعة نصف جنزير وتم تدمير الهجوم المعادى، احترقت 12 دبابة وعربة نصف جنزير وظلت هذه الخسائر موجودة حتى انسحاب العدو من حول موقع كبريت.

فى هذه الليلة كان عدد كبير من المقاتلين قد تجمع في نقطة كبريت القوية، أشرف إبراهيم عبد التواب ومحمد أمين مقلد على توزيع الرجال حول النقطة القوية التي استولوا عليها يوم 6 أكتوبر أول أيام الحرب بعد هجوم استغرق نصف ساعة فقط.

قاما بتوزيع الرجال طبقاً لخطة موضوعة حول النقطة ولم يدعا أي جندى يحتمى بداخلها لأنها ستكون هدفاً رئيسياً لطيران العدو وهذا ما جرى بالفعل.

-استشهاد المقدم محمد أمين مقلد

فى تلك الليلة ليلة 22 اكتوبر 1973 أصيب محمد أمين على مقلد في راسه طلب منه أن يعود إلى الخطوط الخلفية لكنه عصب راسه وابى مفارقة الرجال يوم 23 أكتوبر 1973 بدأ قصف نيرانى منذ الساعة التاسعة صباحا وحتى اخر ضوء قصف جوى مكثف بمعدل 4 طائرات في كل طلعة بفاصل زمنى قدرة خمس دقائق .

 كان القصف يركز على مداخل النقطة القوية وعلى الدبابات والقطع المدرعة المتبقية بين ايدى الرجال كان القصف بواسطة قنابل زنة الألف والألفين رطل وهذه القنابل يعجز الخيال عن تصور مدى ما تحدثه من تدمير بالإضافة إلى بشاعة انفجارها وضخامة شظاياها وقوتها التدميرية وقدرة التفريغ الناتج عن أنفجارها. في هذا اليوم كان قد تم توزيع الرجال حول نقطة كبريت ثم تحديد موقع لكل جندى. نظم الدفاع عن الموقع أو كما يقول أحد رجال كبريت فيما بعد: " تم في ذلك اليوم وضع أساس الصمود في الموقع الذي بقى حتى انسحاب القوات الإسرائيلية ".

ليلة 23 أكتوبر 1973 استشهد المقدم محمد أمين على مقلد، ومنذ هذه اللحظة تولى العقيد أركان حرب إبراهيم عبد التواب قيادة موقع كبريت في نفس الوقت كان الحصار الطويل يبدأ.. قطعت الأتصالات اللاسلكية ودمر جزء كبير من معدات الإشارة نتيجة القصف الشديد يوم 23 أكتوبر في نفس اليوم استشهد الرائد نور المسؤول عن مواصلات الموقع السلكية واللاسلكية.

يوم 24 أكتوبر استأنف العدو غاراته الجوية وقصف المدفعية، في نفس الوقت كان الرجال يتصدون للعدو ويردون هجماته، كان إبراهيم عبد التواب يستغل كل ثانية لتدعيم دفاعت الموقع من حفر خنادق، تنظيم دفاعات، وتوزيع الرجال وتقسيمهم في مجموعات. في الصباح الباككر من يوم 25 أكتوبر دفع بدورية مسلحة سارت بحذاء الطريق الساحلى للبحيرات المرة، وذلك بهدف تحقيق أتصال بقيادة الجيش الثالث وبعد مسيرة 7 كيلومترات تم تحقيق الأتصال وتحديد المطالب من المهمات والتعيينات، ومنذ هذه اللحظة بدأ دفع عدة دوريات من رجال موقع كبريت عبر هذا الطريق، كانت الدوريات تحمل نقالات فوقها الجرحى لاخلائهم إلى الجيش الثالث وفى العودة كانت النقالات تحمل بالأدوية وجرادل المياه، وحتى 3 نوفمبر 1973 أمكن قيام ست دوريات بمهمتها، في ذلك اليوم أكتشف العدو هذا الطريق النحيل الذي يربط موقع كبريت بمواقع الجيش الثالث، تحركت قوات معادية للتمركز في هذا الطريق. وبذلك أصبح الرجال محاصرون من جميع الجهات فيما عدا ظهر الموقع المحدود بميناء البحيرات المرة.

لا تعنى الظروف الحصار القاسية أن الرجال التزموا موقع الدفاع فقط أمام هجمات العدو الإسرائيلى كان إبراهيم عبد التواب يقول :

" اذا ضربوا طلقة نرد عليهم بعشرة "

أستخدام سلاح الاسرائيليين فى استهداف مواقعهم

وكان لا يسمح بأى تحرك في مواجهة الأرض التي يسيطر عليها الموقع، أي عربة مدرعة اسرائيلية أو دبابة أو جندى، أي حركة من جانب العدو كانت تقابل بإطلاق النار الفورى من الموقع. كانت الأشتباكات لا تهدأ، اشتباكات يومية بالأسلحة الصغيرة والمدفعية الثقيلة، اشتباكات على مستوى واسع خاصة عند حدوث عمليات إمداد الموقع، كان إبراهيم عبد التواب يدفع بكمائن مسلحة إلى المياه لحماية قوارب التعيين الآتية من الجيش الثالث، ينزل الرجال إلى مياه البحيرات المرة في أقسى أيام الشتاء ينتظرون بالساعات مجىء القوارب وفى نفس الوقت كانت مدفعية الجيش الثالث تتأهب كلها للأشتباك مع العدو في حالة اكتشافه قوارب الإمدادات في القناة. كان إبراهيم عبد التواب يستخدم الأسلحة الإسرائيلية والقذائف الإسرائيلية التي كانت موجودة في النقطة القوية ويضرب بها مواقع العدو المحيطة.

وأدى هذا إلى استفزاز العدو وإحداث شرخ في روحه المعنوية، كانت اسرائيل تريد اقتحام الموقع ولكنها عجزت عسكرياً أمام إصرار الرجال بقيادة إبراهيم عبد التواب. برغم الظروف القاسية عرضت إسرائيل إخلاء الموقع بدون أسلحة ورفض إبراهيم عبد التواب ورفضت قيادة القوات المصرية، عرضت اسرائيل أن يسلم الموقع مع خروج جميع أفراده بكامل أسلحتهم وتسهيل انتقالهم إلى الجيش الثالث، رفض إبراهيم عبد التواب ورفضت قيادة القوات المصرية.

وعندما جاءت إشارة يوم 17 نوفمبر من هيئة الأمم المتحدة تفيد بأن طائرة اسرائيلية ستصل الساعة 11 وعليها أفراد من الصليب الأحمر لإخلاء الجرحى الموجودين بموقع كبريت، رفض إبراهيم عبد التواب مجىء الطائرة ورد قائلا: أنه سيطلق النار عليها لو هبطت بالقرب من الموقع، في نفس الوقت رفض الجرحى مغادرة زملائهم وفضلوا البقاء والعلاج بإمكانيات الموقع الذاتية. 

كان الطيران الإسرائيلى قد دمر النقطة الطبية بالكامل والطبيب الوحيد بالموقع د. محمد عبد الجواد مصاب في رأسه وعالج نفسه بمساعدة أحد جنوده ورفض أن يغادر الموقع تحت أي ظرف واستمر يعالج الأفراد.

كانت شخصية إبراهيم عبد التواب ممسكة بكافة اطراف الحياة في الموقع، تؤثر في الجميع بصلابتها وتواضعها وصمودها، كانت المسألة بالنسبة له تعنى أن شرف مصر يتعلق بهذه البقعة من الأرض التي ترفع العلم المصري في قلب محيط من قوات العدو، كان يهتم بأدق التفاصيل على امتداد الحياة اليومية للموقع.

فى الحصار الطويل كان اليوم يبدأ في تمام الساعة السادسة صباحا يقوم بعض الجنود بالأستعدادات الخاصة بتقطير المياه ومن الساعة الثامنة حتى التاسعة يتم تجهيز وجبة الأفطار ثم يبدأ إبراهيم المرور على كل مقاتل في الموقع، كان الجنود اذ يستيقظون يرونه في كامل ثيابه متواجداً في كل شبر من الموقع واذ ينامون كان آخر من تقع عليه عيونهم.. إبراهيم عبد التواب..على امتداد اليوم يجلس إليهم يحادثهم، يصغى إلى مشاكلهم، إلى أشواقهم التي يضخمها الحصار والأنقطاع عن الأهل، لكن لا يذكر أحد من الجنود أنه تحدث عن نفسه فيما عدا مرة واحدة في أحد الليالى بعد اطراقة قصيرة تحدث إلى الضابط الذي كان يقاسمه النوم في الملجأ عن أطفاله الثلاثة منى وطارق وخالد، وقال إنه رأهم قبل الحرب بثلاثة أيام لآخر مرة وأنه قام بتغليف كراسات المدرسة لكل منهم وداعبهم وقبل ذهابه فجر اليوم دخل إلى حجرتهم على أطراف أصابعه.. قبلهم ثم مضى.. بعد صلاة الظهر كل يوم يجلس إبراهيم إلى الجنود يشرح لهم بعض الآيات وأسباب نزولها ويرد على استفسارات الرجال، كان يطلب من المسيحيين قراءة الأنجيل بإستمرار وفى قلب الموقع خصص قطعة من الرمال استخدمها المسلمون مسجداً واستخدمها المسيحيون كنيسة.. من فوق نفس الرمال توجه كل منهم إلى الله، في يوم الجمعة كان صوت إبراهيم يرتفع بخطبة الجمعة، ويؤم المصلين

وحرص على توفير جزء من الأمدادات قام بتوزيعه على المقاتلين صباح يوم العيد كترفيه، وفى 7 يناير فوجىء المسيحيون في الموقع به يوزع عليهم نفس الترفيه.. في أحد الأيام وزع برتقالة على كل أربع أفراد وفضل افراد موقع الملاحظة المواجه للعدو ألا يأكلوا برتقالاتهم أنما أمسكها أحد الجنود وراح يرميها في الفراغ ثم يتلقاها بيده مرات حتى يوحى لجنود العدو بوفرة الطعام في الموقع.

رأديو وسيلة أتصالهم بالعالم الخارجى

كان يوجد راديو جاء كهدية من قيادة الجيش الثالث مع أحد قوارب الأمدادات كان وسيلة الأصغاء إلى العالم الخارجى، حرص إبراهيم على أستخدام الراديو بحذر حرصاً على البطاريات فلم يفتحه إلا لسماع نشرات الأخبار والقرآن الكريم. بعد صلاة العصر يبدأ إبراهيم في المرور على الرجال مرة أخرى حتى ميعاد المغرب..بعد صلاة المغرب يبدأ الرجال في تناول الوجبة الثانية والأخيرة ثم يبدأ توزيع المقاتلين على خدماتهم الليلية، الساعة 7.45 يصغى الموقع إلى القرآن المذاع من صوت العرب، الساعة الثامنة يصغون إلى الرآن المذاع من مصر، ثم إلى نشرة الأخبار، الساعة التاسعة يبدأ إبراهيم في المرور على الخدمات الليلية مع الضباط ويستمر هذا المرور حتى الفجر، لم يكن إبراهيم وضباط الموقع يذوقو النوم ألا لمدة قصيرة لا تتجاوز ثلاث ساعات على امتداد اليوم كله.. كان إبراهيم يشعر بدوار بسبب قلة الأكل، كثيراً ما أعطى طعامه للجنود الذين يرى اعياءهم بادياً، كان الحدث الذي يرفع الروح المعنوية لدى الموقع حدوث اتصال لاسلكى من قيادة الجيش الثالث، حرص اللواء أحمد بدوى على تجنيد جميع أجهزة الجيش لإمداد موقع كبريت، وفى الجانب المقابل حرص إبراهيم على ألا يثقل على قيادة الجيش بالمطالب ونظرة واحدة إلى سجل الأتصالات اللاسلكية الخالدة بتلك الفترة تثير التأثر الشديد مهما انقضت السنون، كانت قيادة الجيش الثالث تلح في معرفة مطالب الموقع ويجيب إبراهيم عبد التواب.. طمأنونا أنتم عن أحوالكم..نحن بخير ويمكننا أن نتصرف.. كان إبراهيم عبد التواب روح موقع كبريت لا يزرع الصمود في النفوس فقط، أنما يزرع الحب ويعمق الإنسانية بين الرجال، كان متواجدا في حياة كل إنسان بالموقع، لا يطلب أداء عمل صعب إلا ويكون هو أول من يقوم به مهما كانت نوعية هذا العمل واستمر جهده الفذ متصلاً منذ بداية الحصار ولمدة 134 يوماً كاملاً وفى يوم 14 يناير 1974 قام العدو الاسرائيلى بتحريك بعض عرباته المدرعة في مواجهة الموقع وأمر إبراهيم عبد التواب بإطلاق النيران.فأصيبت عربة معادية إصابة مباشرة جن العدو، وبدأ يفتح جميع نيرانه على الموقع وكالعادة كان إبراهيم في الموقع المتقدم يوجه المدفعية عند الحد الأمامى وكانت الساعة العاشرة صباحاً إلا عشر دقائق عندما اتخذت دانة مدفع هاون عيار 81 مللى طريقها إلى تلك النقطة المتقدمة.

برقية من قيادة الجيش الثالث إلى موقع كبريت

" من هيئة عمليات القوات المسلحة إلى المقاتل سعد الدسوقى قائد موقع كبريت شرق، جميع القوات المسلحة تقدر فيكم روح البطولة والفداء وتحيى روح الشهيد عبد التواب، أملنا وثقتنا كبيرة في صمودكم وثباتكم تحيتنا لجميع رجالكم، إلى الأمام على طريق النصر "

تعاهد الرجال على الصمود قال كل منهم للآخر، هكذا اراد الشهيد العظيم ولابد أن نحقق له ما اراد، وكما اراد قاموا بدفنه على مستوى الأرض، احتضنه الرائد محمد سعد الدسوقى الذي خلفه في قيادة الموقع مددوه داخل الأرض التي كانت بالنسبة له شرف مصر.

وكانت الدانة التي استقرت إحدى شظاياها داخل جسد الشهيد العظيم آخر دانة تطلق على الموقع، فقد أنسحب العدو بعد أيام تنفيذاً لاتفاقية فصل القوات وبقى موقع كبريت إلى الأبد رمزاً للشرف والصمود.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز