عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أسطورة حرب العاشر من رمضان الذي لا يعرفه المصريون

أسطورة حرب العاشر من رمضان الذي لا يعرفه المصريون
أسطورة حرب العاشر من رمضان الذي لا يعرفه المصريون

كتب - عادل عبدالمحسن

يجب ألا تمر ذكرى حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، التي نعيشها هذه الأيام ولا نذكر اسمه، هو واحد من الأبطال الحقيقيين لهذه الحرب، ولم يأخذ حقه من الشهرة، إنه الدكتور محمود يوسف سعادة، نائب رئيس مركز البحوث القومي الأسبق، والذي أزاح الستار عن دوره في هذه الحرب لأول مرة الكاتب الصحفي الكبير صلاح منتصر يوم 16 ديسمبر 2013 بصحيفة الأهرام في عموده "مجرد رأي". وكان منتصر قد تلقى آنذاك رسالة من الدكتور شريف عمر أستاذ جراحة الأورام بجامعة القاهرة ويقول عمر في رسالته: أرجو أن تسمح لي أن أزيح الستار عن عمل بطولي عظيم قام به الراحل الدكتور محمود يوسف سعادة، الذي كان أستاذًا متألقًا في أكاديمية البحث العلمي. وهذه القصة ذكرها أبطال الدفاع الجوي فقد حدث أن واجه الفريق محمد علي فهمي قائد سلاح الدفاع الجوي نقص الوقود الخاص الذي يقوم بتشغيل سلاح الصواريخ الذي تعتمد عليه قواتنا في مواجهة الطائرات الإسرائيلية، بعد أن منعه الاتحاد السوفيتي عنا، ردا على إنهاء الرئيس السادات مهمة الخبراء السوفييت في القوات المسلحة. واتجه فهمي إلى المركز القومي للبحوث بعينة من الوقود المطوب وطلب من محمود سعادة محاولة كشف أسرار هذا الوقود وإلا خرجت الصواريخ من الحرب. وبعد خمسة أيام فقط فوجئ قائد الدفاع الجوي بالدكتور سعادة يبلغه أنه تمكن مع مساعديه من فك السر وإمكان إنتاج هذا الوقود محليا وتشغيل الصواريخ. وهكذا استمر هذا السلاح الأساسي يقوم بمهمته في حرب أكتوبر.



وأكد الدكتور شريف عمر أن الهدف من رسالته للكاتب الكبير صلاح منتصر لتسليط الضوء على بطل ظلت أعماله في السر، وثانيا ليأخذ حقه في تكريم وطنه الذي يستحقه في إطلاق اسمه على شارع أو مدرسة تحية لذكراه.

وبعد هذا المقال اهتمت المواقع الإلكترونية والصحف بدور هذا البطل في حرب العاشر من رمضان والموافق السادس من أكتوبر سنة 1973 حيث تناوله تفصيليا موقع المجموعة 73 مؤرخين الإلكتروني.

"الحضري" أشهر من العالم الذي أنقذ سماء مصر من الاستباحة الصهيونية

وبعيدًا عن إعادة سرد دور البطل العظيم في تصنيع وقود الصواريخ بعد امتناع الروس عن مد مصر به احتجاجا على طرد خبرائهم سنة 1972 اكتفى بسرد هذه الواقعة، والتي تتخلص في أن حادثًا مروريًا وقع أمام المنصة في طريق النصر سنة   2010 بين العملاق الذي يجهله المصريون وبين لاعب كرة القدم الدولي عصام الحضري، وهنا العهدة كما يقال على الراوي موقع المجموعة 73 مؤرخين الإلكتروني. وحاول شهود الواقعة تهدئة الموقف وعدم تصعيده لأنه حسب رأيهم أن عصام الحضري بطل قومي خدم مصر كثيرًا، بينما لا يعلمون من هو الطرف الثاني الدكتور محمود يوسف سعادة، وما أدراك من هو؟ ورغم مرور 5 سنوات على واقعة كشف دوره في حرب العاشر من رمضان، من خلال مقال الكاتب الصحفي الكبير صلاح منتصر، لم يتم تكريم هذا البطل بإطلاق اسمه على أي منشأة تعليمية أو حتى على شارع.

وبمناسبة مرور 45 عامًا على حرب أكتوبر العاشر من رمضان، تناولت صحيفة الوطن يوم 6 أكتوبر 2017 واقعة كيف تغلب فريق من مركز البحوث القومي بقيادة الدكتور محمود يوسف سعادة على واقعة عدم توافر وقود الصواريخ.

7 مهندسين كيمائيين يقودهم مايسترو مركز البحوث القومي

واحتوى التحقيق الصحفي الموسع الذي أجرته "الوطن" عن واقعة كيف نجح سعادة مع فريق من المهندسين الكيمائيين أن يوفر وقود الصواريخ المصرية، بعدما تلقى تكليفًا بذلك من المشير محمد علي فهمى، قائد قوات الدفاع الجوي الأسبق حتى سارع على الفور إلى تشكيل فريق بحثى من قسم الهندسة الكيماوية، يتكون من سبعة أفراد، ليبدأ مسيرة علمية امتدت لستة أشهر، سطر خلالها ملحمة علمية توجت بنصر أكتوبر، في ظل سرية تامة دفنت معه حتى رحيله عام 2011 ولم تكن أسرته تعلم شيئًا عن مشروع وقود صواريخ أكتوبر، إلا بعد قراءة الكتب التي تحدثت عن هذا الإنجاز القومي عقب رحيله، وتطالب الدولة بتخليد ذكراه تكريمًا له.

واستطاعت صحيفة "الوطن" أن تلتقي عددًا من أعضاء الفريق المشارك في مشروع إنتاج وقود الصواريخ وهم الدكتور السيد محمد حلمي خاطر، أستاذ باحث متفرغ بقسم الهندسة الكيماوية بالمركز القومي للبحوث، والذي قال: "إحنا كنا بنام في المركز بملابس متسخة بالوقود نعمل على مدار الأربع وعشرين ساعة دون كلل، وكان يكفينا النظر إلى وجه الدكتور سعادة لشحن طاقتنا".

وفي داخل غرفة صغيرة تكتظ بالمكاتب، التقى معد التحقيق الصحفي بصحيفة "الوطن" الدكتورة إلهام الزناتي، أول من حصل على دكتوراه في الهندسة الطبية في مصر وعضو الفريق البحثي لإنتاج وقود الصواريخ، والتي كانت في تلك اللحظة منهمكة في مراجعة أحد الأشكال البيانية لإحدى الدراسات التي تظهر على شاشة حاسوبها الصغير، لتبدأ في الرد على تساؤلات «الوطن» عن ذكرياتها مع أستاذها الدكتور سعادة.

وقالت: الدكتور سعادة أستاذي الذي أعتز به كثيرًا وأفخر بأنني عملت معه، ويكفي أنه أول من أدخل تخصص الهندسة الطبية في مصر كان «سعادة» عقب توليه رئاسة قسم الهندسة الكيميائية في الفترة من 1965 حتى عام 1977.

ووصفت «الزناتي» مشروع إنتاج الوقود لصواريخ حرب أكتوبر بالأيادي البيضاء التي تركها «سعادة» في تاريخ مساهمة العلوم في التاريخ المصري، من خلال الاعتماد على المجهودات الذاتية وفريق بحثي يتكون من مجموعة من المهندسين صغيري السن تحت قيادة «سعادة»، لنعمل في دوريات لا تنتهي على مدار الساعة ونجحت تجارب المعمل في تقطير الوقود المصري ليصبح مطابقًا للمواصفات المطلوبة.

 لم يلتفت إلى المحبط وسار في مهمته الوطنية حتى كللت بالنجاح

وتضيف «الزناتي» عن الدكتور سعادة، وذلك حسب ما نشرته الوطن أنه واجه انتقادات من بعض الأساتذة بالمركز وقتها، لإيقاف تنفيذ المشروع بدعوى أنه ملوث للمعمل لاستخدامه الوقود، وهي مبررات غير منطقية كان يقف وراءها مصالح شخصية، إلا أن «سعادة»، كما ذكرت «زناتي» لم يلتفت إليهم ليستكمل مسيرته.

ولفتت «الزناتي» إلى أن الفريق البحثي لم يتلق أي مكافآت على مشروع إنتاج وقود صواريخ أكتوبر، واكتفى بأنه شارك في ملحمة وطنية، خاصة أن وقت تنفيذ المشروع كانت البلاد معبأة بالروح الوطنية والحماسة، ما جعل حب البلاد والتفاني في إنجاح الحرب المكافأة الأكبر، التي كان يتطلع لها الجميع، وما زالت فخورة بالمشاركة في هذا المشروع.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز