عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

هشام شوقي يكتب: صاحبة الجلالة تودع عقود من ورق

هشام شوقي يكتب: صاحبة الجلالة تودع عقود من ورق
هشام شوقي يكتب: صاحبة الجلالة تودع عقود من ورق

دائما متمرده ، و الريشة فوق رؤؤس أبنائها ، عصيه لا تعرف سبيل للطاعة إلا في الحق ، كنت دائما أتابعها عن كثب أحلم بالولوج إلي قصرها المنيف، و أنا أقرأها كنت أتنفس رائحة الأحبار ، و كأنها عطر من العطور الباريسية ، و لما لا فهي صاحبة الجلالة ، و عندما حملت القلم و مارست العمل ، شعرت و كأنني ألتقي أجمل النساء ، و أرقهم علي الإطلاق ، ومع ثورة الاتصالات الحديثة ، أصبحنا جميعا نتساءل عن مستقبلها هل تظل ترتدي ثوبها الورقي الأنيق ، أما تودع عقود من ورق  لتخرج لنا هذه المرة عبر شاشات الكمبيوتر و الموبيل ؟



كان السؤال مطروح منذ ظهور شبكة الانترنيت ، و زاد بقوة مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي ، و تحول السؤال إلي إنذار شديد اللهجة مع إغلاق صحيفة السفير اللبنانية بعد تراجع عائدات الإعلانات  ، ثم أصبح هناك واقع جديد بعد قرار مجلس إدارة دار الحياة الذي انعقد في 27 و 28 مارس الماضي ، « عقد مجلس إدارة «دار الحياة» يومي 27 و28 آذار (مارس) 2018، اجتماعاتٍ تداول فيها أوضاع الدار، والمستجدات التي يشهدها الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، نتيجة تراجع الدخل من الإعلانات، والتحوّل في النشر الورقي إلى الرقمي، ما انعكس على كل المؤسسات الإعلامية والصحافية.

وحرصاً على استمرار مطبوعات الدار، جرى التأكيد مجدداً على إعادة الهيكلة، ليكون مكتب الدار في دبي لتوحيد كل الجهود في غرفة أخبار موحدة، من خلال دمج كل الإمكانات البشرية والمالية لتوفير المحتوى والمضمون لمنتوجات الدار الورقية والرقمية بجودة ونوعية ومصداقية ميّزتها لأعوام، ولا تزال.

وتبقى الطبعة الدولية لصحيفة «الحياة» عبر الموقع الإلكتروني وخدمة «الويب» نافذتها على العالم من خلال قاعدة انتشار إلكترونية، لتصل إلى قارئها ملتزمة نهجها الموضوعي وميثاقها الصحافي، محافظة على هويتها جريدة عربية ودولية، كما عوّدت القارئ على مدى ثلاثة عقود، وستبقى طباعتها ورقياً في بعض المناطق. أما حقوق موظفيها، فهي مضمونة وفق الإجراءات القانونية وأنظمة العمل السارية في كل بلد. »

هكذا كان نص القرار و الخطاب الموجه للقارئ ، توقف النسخة الورقية بالتأكيد خارج عن إرادة المؤسسة لكنه الموائمة و الضرورة لبقاء المؤسسة علي قيد الحياة ، خاصة و أنها مؤسسة صحفية خاصة تهدف للربح ، و هو أمر لا يعيب المؤسسات الصحفية فالصحافة رسالة و صناعة لها مقوماتها الاقتصادية ، حتي في ظل كونها «أون لاين» لأن هناك مواد صحفية يتم إنتاجها عبر جهد فكري و تقديمها يتطلب إنتاج صور و مواد فيديو ، و هي منتجات لها تكاليف مادية ، و عائد علي الاستثمار يجب وضعه في الاعتبار .

أن واقع الحال يفرض علينا أن نتعامل معه بمهنية شديدة ، خاصة مع معطيات الوضع الراهن لصناعة الصحافة التي تشير إلي ارتفاع أسعار الورق ، و بالتالي لا مناص من زيادة أسعار الصحف المطبوعة ، و هو ما يؤثر سلبا علي توزيع الصحف ، خاصة مع تشابه المحتوي بين مختلف الصحف ، فالخبر الذي تحصل عليه الصحيفة بعد جهد لم تعد تملكه لأكثر من دقائق خاصة في ظل وجود المواقع الالكترونية ، و شبكات التواصل الاجتماعي ،  أضف إلي ذلك ما يصاحب الخبر من تحليل في البرامج التليفزيونية ، و نشرات الأخبار في المساء ، ليصبح الخبر المنشور في صباح اليوم التالي «محروق» بلغة أهل المهنة ، فلماذا يدفع القارئ ثمن النسخة الورقية ؟ البعض يتحدث عن ذوي العادات ، المغرمين بقراءة النسخة المطبوعة خاصة من الشرائح العمرية،( فوق ال 40 عام ) ، حتي هذه الشريحة من القراء تتراجع بفعل زيادة الأعباء الخاصة بميزانية الحياة و التي تزيد مع التقدم في العمر لتذهب إلي مخصصات الأدوية .

أعتقد أنه أصبح علينا أن نتعامل مع الواقع بشكل احترافي ، ندرك أنه أصبح علينا التفكير في تقديم محتوي مختلف يخرج في دورية أسبوعية تحمل بين طياتها فنون لها طابع العمق في التحليل ، و القدرة علي تقديم محتوي يتناسب ، وقارئ يشتري الصحيفة من بهدف البحث عن تحليل معمق لما يجري حوله ، و رؤية مستقبلية .

وتقديم وجبة صحفية يومية علي «الأون لاين» تتناسب ، و طبيعة القارئ الباحث عن الخبر الشامل السريعة ، مستخدمين فيها أقل عدد ممكن من الكلمات ، مع الصور و الفيديوهات الحية ، إلي جانب قصص خبرية تحمل الطابع الخدمي الذي يبحث عنه القارئ بشكل يميز طبيعة و شخصية الموقع الالكتروني ، و لدينا نماذج استطاعت أن تنجح خاصة في المواقع المتخصصة التي تعتمد علي شريحة معينة من المستخدمين تخاطب أفكارهم .

أن التصارع الذي تشهده الساحة بين المواقع الالكترونية ، يجعل البعض يقع في أخطأ تتعلق بالدقة ، و العناوين التي تثير شهية القراء علي السوشيال ميديا ، يجب أن نتخلص منها لأن القارئ لا يغفر تلك الأخطاء و ينصرف بعد فترة عن متابعة تلك المواقع أو يحذفها من حساباته علي مواقع التواصل الاجتماعي ، علينا أن نفكر بشكل مهني ، ربما يتغير ثوب صاحبة الجلالة ، لكن علينا و نحن نقترب من ذلك التغير أن نحتفظ بعباءة المهنة ، و نحترم عقلية القارئ ، و نحترم تلك الريشة التي منحها لنا المتلقي . 

و للحديث بقية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز